في مشهد يعكس الوجه الدموي لنظام السفاح عبد الفتاح السيسي، أدانت 13 منظمة حقوقية مصرية ودولية التصاعد المروع للانتهاكات داخل مجمع سجون بدر، لا سيما في مركز بدر 3، الذي تحول إلى مسلخ بشري تُسلب فيه أبسط الحقوق وتُزهق الأرواح بالإهمال الطبي والتعذيب، في غياب كامل لأي رقابة أو مساءلة. وأكدت المنظمات، في بيان مشترك اليوم الأربعاء، أن الانتهاكات الجسيمة داخل بدر 3، من الحرمان شبه الكامل من الزيارات إلى منع إدخال الطعام والملابس والتريض، تتحدى بشكل فج الدستور المصري وقوانين السجون، وتضرب عرض الحائط بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
القتل بالإهمال… محمد هلال شهيد جديد في سجل الجرائم برزت جريمة القتل البطيء عبر الإهمال الطبي بوفاة المعتقل محمد هلال، الذي لفظ أنفاسه في 8 أبريل/نيسان 2025 بمستشفى القصر العيني، بعدما تدهورت صحته في محبسه، وسط اتهامات بتعرضه للتعذيب الوحشي. احتجاجات السجناء الغاضبة على مقتله قوبلت بحملة قمع عنيفة شملت الاعتداء الجسدي ورش الزنازين بخراطيم المياه، ومنعهم جماعيًا من التريض، في سياسة انتقامية تعكس وحشية إدارة السجن.
تفشي محاولات الانتحار… عندما يدفع القهر السجناء للموت وحذرت المنظمات من تصاعد محاولات الانتحار بين المعتقلين، كصرخة يأس أخيرة ضد بطش السيسي وأجهزته. إحدى هذه المحاولات كادت تودي بحياة سجين حاول شنق نفسه بعد حرمانه لأسابيع من زيارة أسرته، وبدل أن يجد التفهم، واجه تهديدًا صريحًا من ضابط أمن وطني قال له: "موت نفسك يبقى أحسن"، قبل أن يُلقى به في زنزانة التأديب.
وثقت المنظمات عدة محاولات أخرى تنوعت بين الشنق، قطع الشرايين، إحراق الذات، وتناول جرعات زائدة من الأدوية، ما يكشف الانهيار النفسي التام داخل هذا المعتقل الجحيمي.
دعوات لتحرك دولي عاجل طالبت المنظمات المجتمع الدولي والآليات الأممية، خاصة المقرر الخاص بالتعذيب، بالتحرك العاجل لوقف المذبحة الصامتة التي تجري خلف أسوار السجون المصرية، وضمان حق المعتقلين في الحياة والكرامة.
15 قتيلاً في 4 أشهر: السجون تتحول إلى غرف إعدام بطيئة في تقرير آخر، كشفت مؤسسة جوار للحقوق والحريات عن وفاة 15 معتقلاً خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025 بسبب الإهمال الطبي والتعذيب، مؤكدة أن ما يحدث هو سياسة قتل ممنهجة بحق المعارضين.
شملت قائمة الضحايا أسماء مثل المهندس عبدالسلام محمود صدومة (سجن الجيزة المركزي)، ومحمد سليم سلمي (تعذيب في مركز شرطة قليوب)، وسعد السيد مدين (سجن برج العرب)، ومتولي أبو المجد سليمان (سجن جمصة)، وأحمد جبر (المستشفى الجامعي بالإسكندرية بعد الإهمال داخل السجن)، إضافة إلى آخرين قضوا بنفس الطريقة البشعة.
الطفل محمد عماد: ضحية أخرى لجريمة لا تسقط بالتقادم وسلطت مؤسسة جوار الضوء على مأساة الطفل المعتقل محمد عماد إبراهيم (16 عامًا)، الذي اعتُقل قسرًا وعُذب، رغم معاناته من ربو حاد يهدد حياته، دون أن يُسمح له بالعلاج. اعتقاله دون إذن قضائي، وإخفاؤه قسرًا، ثم الزج به في قضية ملفقة، يعكس مدى انحدار نظام السيسي إلى درك استهداف الأطفال في انتهاك فج لكل القوانين والأعراف الإنسانية.
القضاء ذراع للبطش… محاكمة 54 مصرياً بتهم ملفقة على صعيد آخر، وفي مشهد يُكمل صورة القمع الشامل، أحالت نيابة أمن الدولة العليا 54 مواطنًا إلى المحاكمة الجنائية بزعم الانضمام إلى جماعة إرهابية، في القضية المعروفة ب"خلية الشرقية"، استنادًا إلى تحريات أمنية لا تقوم على دليل مادي.
الدفاع عن المعتقلين أكد غياب أي أدلة ملموسة، معتمدًا على أن القضية مبنية بالكامل على روايات الأجهزة الأمنية، في انتهاك جسيم لمبادئ المحاكمات العادلة.
إجرام بلا حدود ما يجري في سجون السيسي ليس مجرد تجاوزات فردية، بل هو نهج دولة اختارت تحويل السجون إلى مقابر جماعية، وقتل المعارضين ببطء بالإهمال الطبي والتعذيب الممنهج، في محاولة لترهيب شعب بأكمله وكسر إرادته.
وما تفضحه المنظمات الحقوقية ليس سوى غيض من فيض، فآلاف المعتقلين يقبعون في ظروف لا تليق إلا بجحيم السجون النازية، بينما يواصل النظام ارتكاب جرائمه معتقدًا أن الصمت الدولي سيحميه من حساب الشعب والتاريخ.