في حلقة جديدة من مسلسل الموت البطيء داخل سجون المنقلب السفاح السيسى، أعلن مركز الشهاب لحقوق الإنسان عن انتحار المعتقل علاء جمال (29 عاماً) داخل زنزانته الانفرادية في سجن بدر 3، بعد تعرضه لسلسلة من الانتهاكات الممنهجة من قبل إدارة السجن وجهاز الأمن الوطني. ومع كل حادثة وفاة أو انتحار داخل سجون السيسى، منذ الانقلاب على أول رئيس منتخب فى مصر الدكتور محمد مرسى عام 2013يتجدد الجدل حول مصير آلاف المعتقلين الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية. ويبقى السؤال: إلى متى سيظل العالم يتعامل مع هذه الجرائم كأحداث عابرة؟ وهل تكون مأساة علاء جمال الشرارة التي تحرك المياه الراكدة، أم أن المزيد من الضحايا في الطريق؟
ووفقاً لبيان المركز الحقوقي، فإن جمال، وهو من محافظة المنيا، "تعرض للتنكيل، ومنع الزيارة، والاستيلاء على مقتنياته الشخصية"، فيما أفادت تقارير بأن ضابطاً بجهاز الأمن الوطني، يُدعى مروان حماد، كان قد منع الزيارة عنه لفترة طويلة، ما دفع المعتقل الشاب إلى التهديد بالانتحار احتجاجاً على هذه الإجراءات القمعية. https://www.facebook.com/login/?next=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fphoto.php%3Ffbid%3D1067703688737411%26set%3Da.617177607123357%26type%3D3%26ref%3Dembed_post تصعيد رسمي وعصيان داخل السجن رغم السماح بزيارة قصيرة له مؤخراً، إلا أن إدارة السجن رفضت إدخال الأطعمة والمستلزمات التي أحضرها له ذووه، مما أدى إلى تدهور حالته النفسية. وفي خطوة تصعيدية من الإدارة، وُضع جمال في الحبس الانفرادي عقب تهديده مجدداً بالانتحار، ليُعثر عليه مشنوقاً في زنزانته صباح اليوم.
هذا الحادث المفجع أثار احتجاجات واسعة بين المعتقلين في سجن بدر 3، الذين دخل بعضهم في إضراب عن الطعام، فيما أشعل آخرون البطاطين داخل الزنازين في مشهد احتجاجي نادر، ما دفع وزارة الداخلية إلى استدعاء قوات التدخل السريع لقمع التمرد.
انتهاكات ممنهجة ووفيات متكررة تأتي هذه الواقعة بعد أيام فقط من توثيق وفاة الشاب محمد هلال (32 عاماً) داخل وحدة العناية الفائقة بمستشفى قصر العيني، بعد نقله في حالة حرجة من نفس السجن، مصاباً بإصابات بالغة "يُشتبه في كونها ناتجة عن تعذيب شديد أو اعتداء بدني ممنهج"، بحسب منظمات حقوقية.
ووفق تقرير لمنظمة "نحن نسجل"، فإن هلال وصل إلى المستشفى في غيبوبة تامة، وخضع لعملية جراحية عاجلة لوقف نزيف داخلي في الجمجمة، مع وجود كسور في الجمجمة واليدين.
تعتيم رسمي وتجاهل قضائي يشهد سجن بدر 3، سيئ السمعة، تدهوراً مريعاً في الأوضاع الإنسانية، وسط تعتيم إعلامي متعمد وحرمان السجناء من حقوقهم القانونية، بما في ذلك العرض الدوري على القضاء للنظر في أمر تجديد حبسهم، وهو ما يُعد مخالفة صارخة للقانون والدستور المصري.
رسائل مسربة من داخل السجن، نقلها مركز "الشهاب"، كشفت عن تعرض السجناء ل"إهمال طبي جسيم، وتعذيب نفسي وبدني، وسوء معاملة، ومنع الزيارة والتريض، بالإضافة إلى تقييد وصول أصحاب الأمراض المزمنة إلى الرعاية الصحية"، في انتهاك مباشر للوائح السجون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
حقوقيون: هذه نتيجة طبيعية لمنظومة العقاب الجماعي علق الحقوقي المصري خالد إسماعيل، المدير السابق لإحدى المنظمات الحقوقية الدولية، على الحادث قائلاً:
"انتحار علاء جمال ليس حادثاً فردياً، بل نتيجة طبيعية لسياسة العقاب الجماعي والتنكيل النفسي التي تنتهجها الدولة تجاه عشرات الآلاف من المعتقلين، معظمهم لم يُدانوا في محاكمات عادلة".
وفي السياق نفسه، قالت هيومن رايتس ووتش في بيان سابق، إن سجون مصر باتت "مواقع للتعذيب والقتل البطيء"، مشيرة إلى أن "نظام السيسي يرفض بشكل منهجي الإصلاح أو التحقيق في أي من هذه الوقائع".
إلى متى يستمر الصمت الدولي؟ رغم توالي التقارير الدولية التي تدين انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ومنها تقارير للأمم المتحدة ومنظمات دولية ك"العفو الدولية"، يواصل النظام المصري تجاهل كل النداءات، بل ويعزز من سياساته القمعية، وسط دعم سياسي من بعض الحكومات الغربية.
وفي هذا السياق، تساءل مركز الشهاب عن "دور النائب العام محمد شوقي عياد في فتح تحقيق شفاف ومستقل"، مؤكداً أن الإفلات من العقاب هو ما يشجع الأجهزة الأمنية على التمادي في الجرائم.