سعر الذهب اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025.. عيار 18 يسجل 4701 جنيها    بعد تصريحات ترامب.. ماذا يعنى تصنيف السعودية حليف رئيسى من خارج الناتو؟    اتصال هاتفى بين وزير الخارجية ونظيره الفرنسى يتناول التطورات الإقليمية    النيابة الإدارية بالمطرية تتحرك بعد واقعة تنمر على تلميذة ولجنة عاجلة للتحقيق    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    اعتماد تعديل مشروع شركة إعمار مصر للتنمية في المقطم    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستقبل المستشار التعليمي التركي وتبحث سبل التعاون الأكاديمي    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيطالي الأوضاع في غزة والسودان    بيراميدز يعلن موعد المؤتمر الصحفي لفريق ريفرز يونايتد النيجيري    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    أولوية المرور تشعل مشاجرة بين قائدي سيارتين في أكتوبر    الداخلية تكشف تفاصيل مشاجرة بين قائدى سيارتين ملاكى بالجيزة    محمد حفظي: العالمية تبدأ من المحلية والفيلم الأصيل هو اللي يوصلنا للعالم    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    محافظ المنوفية يشهد فعاليات افتتاح المعمل الرقمي «سطر برايل الالكتروني» بمدرسة النور للمكفوفين    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    نور عبد الواحد السيد تتلقى دعوة معايشة مع نادي فاماليكاو البرتغالي    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لأدب الطفل تحت عنوان "روايات النشء واليافعين" بدار الكتب    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    الإحصاء: معدل الزيادة الطبيعية في قارة إفريقيا بلغ 2.3% عام 2024    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    موعد مباراة بيراميدز القادمة.. والقنوات الناقلة    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 6 عناصر شديدة الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه | صور    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلخانات العسكر تتحدى "حقوق الإنسان".. و"الموت البطيء أهم إنجازات الانقلاب

"السجون المصرية مقابر جماعية للأحياء" كانت تلك العبارة هي النتيجة التي خلصت إليها المنظمة العربية لحقوق الإنسان حول الأوضاع المزرية لمعتقلي الرأي والسياسة ورموز المعارضة وقادة التيار الإسلامي وشباب الحركات الثورية داخل زنازين الانقلاب العسكري، جراء حملات التعذيب الممنهجة والانتهاكات المتكررة والأوضاع الإنسانية المتردية والحرمان من تلقي العلاج، حتى بات العقوبة الأبرز التي يعايشها الجميع خلف الأسوار هي "الموت البطيء".

ممارسات مليشيات الداخلية داخل السجون لا تختلف كثيرًا عن نظيرتها في الشوارع والميادين حيث السحل والقتل والاغتصاب والترويع والمداهمات تحت مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنًا وربما لعب دور شرطي الأمن في مسرحية الحرب على الإرهاب، واكتفت المنظمات الحقوقية في الداخل باستنكار على استحياء والخارج بإدانات واسعة لم تلق آذانًا صاغية، وبمباركة من حكم البيادة وشعب 30 يونيو.

إلا أن الوضع خلف أسوار العسكر يتفرد بالتعذيب الممنهج بالكهرباء وهتك العرض والضرب والكلاب دون تفرقة بين قاصر أو شيخ، والحرمان من الحياة بالعزل والحبس الانفرادي والحرمان من الطعام والعلاج، في مشهد يعيد للأذهان ممارسات الذراع الأمني في دولة العسكر منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى شبيحة حبيب العادلي، والتي تحولت إلى عقيدة راسخة في أدبيات الجهاز الأمني، فجرت براكين الثورة لدي الشعب المصري في 25 يناير.

ثقوب في الثوب الميري

وفي محاولة لذر الرماد في العيون، رفع الملس القومي لحقوق الإنسان قبل نحو عام تقرير مأساوي عن وضع المعتقلين لداخل السجون لقائد الانقلاب الفاشي عبد الفتاح السيسي، فضلاً عن ممارسات الداخلية داخل الأقسام وفي الأكمنة والتمركزات بحق المواطنين استنادًا إلى القوانين سيئة السمعة التي سنها الانقلاب؛ من أجل ترسيخ أركان دولة القمع من التظاهر إلى الكيانات الإرهابية إلى التوسع في الاشتباه السياسي، مطالبة بإعادة هيكلة الجهاز القمعي ومراجعة عقيدته الفاشية، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حيًّا ولكن لا حياة لمن تنادي.

بعد مرور أكثر من شهر على اغتصاب السفاح الانقلابي عبد الفتاح السيسي نسخة من التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، تواصل وزارة الداخلية، التي كانت السبب الرئيسي في اندلاع ثورة 25 يناير 2011، والتي اتخذت من عيد الشرطة شرارة لانطلاقها، تجاهل كل التوصيات والتقارير الصادرة إليها من المنظمات الحقوقية المستقلة بل ومن المجلس القومي لحقوق الإنسان ذاته، والتي كان على رأسها إعادة هيكلة الوزارة.

الأذرع الإعلامية الموالية لحكم العسكر والتي تقتات من حصاد «رز» بلاد النفط، وفي إطار السجال الدرامي مع داخلية الانقلاب، اعتبرت ممارسات عصابة مجدي عبدالغفار ومن قبله محمد إبراهيم، تفتح "أبواب جهنم" على السيسي وتسحب من رصيده الشعبي بتعنتها الشديد وغير المبرر مع منظمات حقوق الإنسان المستقلة ووسائل الإعلام والصحافة، خاصة ممن يعلو صوتهم لفضح الانتهاكات والتجاوزات غير المحدودة التي تحدث داخل الجهاز الشرطة ووزارة الداخلية.

وشددت صحف الانقلاب التي فتحت النار في أكثر من مناسبة على انتهاكات الداخلية في إطارر تصفية الحسابات وتبادل الاتهامات ضمن حملات «ثقوب في الثوب الميري»، على أن ممارسات الشرطة بابًا يجلب على مصر انتقادات دولية على المستوى الحقوقي في العديد من المحافل وأمام المجتمع الدولي.

منظمات "نكرة"

أكد ناصر أمين مدير مكتب الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان أن التقارير الحقوقية الصادرة عن المجلس القومي لم تلق أي اهتمام من مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن عدم الاعتداد بتلك التقارير وعدم وضع ما ورد بها من توصيات في الاعتبار يؤثر بدرجة كبيرة على مصداقية الحكومة.

واستنكر الحقوقي المؤيد لحكم العسكر تجاهل الدولة لتلك التقارير الت تفضح ممارسات الداخلية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، مشددًا على أن تلك التقارير ليست مجرد حبر على ورق، ويجب التعامل معها بمزيد من الجدية واتخاذ الدابير اللازمة لإجراء تحقيقات عاجلة وعادلة، حتى لا يحدث مستقبلاً ما لا يحمد عقباه.

وحذر عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المعين من قبل سلطات الانقلاب من تكرار ما حدث في 25 يناير بعد تجاهل دولة المخلوع انتهاكات الداخلية والتعامل معها باعتبارها من ضروريات الحفاظ على الأمن حتى خرج الشعب ثائرًا في يوم احتفالات الشرطة، مشيرًا إلى أن إهمال التوصيات الصادرة للمجلس يسيء إلى مصر بالخارج ويجعل القضاء المصري غير محل تقدير بطبيعة الحال.

لا يمكن اعتبار مساعي ناصر أمين بأنها خالص من أجل حقوق الإنسان أو اعتراضا على الانتهاكات التي تطول معارضي النظام الذي ينتمي إليه، بقدر ما تندرج نحو تبييض وجه الحكم العسكري في الخارج وتقديم صورة جمالية حول اهتمام النظام القمعي بحقوق الإنسان والترويج كذبا إلى استقلالية القضاء والمؤسسات الحكومية، فضلاً عن تصفية الحسابات مع قيادات الداخلية.

ولا يمكن لمن لم يلتفت لتقارير المنظمات الحقوقية المصنوعة على عين العسكر، أن ينظر إلى نظيرتها غير الحكومية والمستقلة وبالطبع الإقليمية والدولية، لذلك لا يمكن أن يستبشر المعتقلين خيرًا بفرج على يد الانقلاب في الأفق المنظور، حتى وإن كان من باب الوجاهة وال"شو" الإعلامي.

وحتى عندما عرج "أمين" للحديث عن مجزرة رابعة العدوية والنهضة والتي خلفت آلاف الشهداء والمصابين، واستنكر مرور عام على مطالب فتح تحقيق قضائي مستقل دون تحريك ساكن، اعتبر أن هذا خطر على الدولة المصرية ويعطي انطباعًا للدول الأخرى والمؤسسات الدولية العاملة في مجال القضاء الجنائي الدولي بأن النظام القضائي المصري غير راغب في التحقيق في الانتهاكات التي تقع على أراضيه، ولم تكن الحقيقة أو الحقوق هي الهدف من وراء تلك التقارير والتوصيات.

نظرة الدولة إلى منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان باعتبارها كيانات غير شرعية وتعمل لصالح أجندات خارجية، يمكن أن يكون أحد مسوغات القمع لدي سلطة الانقلاب، وهو ما أكد عليه وليد فاروق - مدير الجمعية المصرية للدفاع عن الحقوق والحريات - أن الدولة ترى أن وجود المنظمات الحقوقية في مصر غير شرعي، وبالتالي تتعامل معها على أنها نكرة ولا تأخذ بالتوصيات التي تصدرها.
وشدد فاروق - في تصريحات صحفية - على أن عدم فتح تحقيقات قضائية جادة في العديد من الانتهاكات الصادرة من رجال وزارة الداخلية هو تقصير من المنظمات الحقوقية نفسها، مشيرًا إلى أن بعض المنظمات تكتفي بالتقارير الصادرة عنها وتعتبرها بلاغًا للنائب العام دون تقديم بلاغ رسمي، فضلاً عن أن تحريات الشرطة حول قضايا التعذيب تأتي منقوصة لتغل يد النيابة.

وتمسك مدير الجمعية المصرية للدفاع عن الحقوق والحريات بضرورة إعادة هيكلة وزارة الداخلية بشكل واضح باعتبارها الطرف الأساسي والرئيسي في جميع التقارير الحقوقية التي ترصد الانتهاكات، موضحا أن لشرطة بنيت خلال 30 عامًا على كيفية تعذيب المواطنين للحصول على اعترافات، ونحتاج وجود آليات رقابية داخلية داخل جهاز الشرطة قوية لمحاسبة المخطئ، وليس فقط محاسبة الضباط إداريًا داخل الوزارة والذي يعد تعتيمًا على الانتهاكات. الحقوقيون في مصر على اختلاف توجهاتهم أجمعوا على أن انتهاكات الشرطة أثر على ثقة المواطنين في الدولة بشكل واضح وكانت شرارة ثورة 25 يناير، إلا أن مصر الانقلاب لا تختلف كثيرًا عن دولة المخلوع مبارك ويبدو أن سلسال القمع تتوارثه الداخلية وزيرًا خلف الآخر منذ محمد محمود وزكي بدر وحسن الألفي وحتى حبيب العادلي وأحمد جمال الدين ومحمد إبراهيم.

القتل البطيء

منظمة العفو الدولية اعتبرت أن تفشي التعذيب في مصر، والقبض والاعتقال التعسفيين مؤشر على تراجع كارثي لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن ما يصل إلى نحو 40 ألف شخص اعتقلوا أو وجه إليهم الاتهام خلال السنة الماضية في سياق حملة قمعية كاسحة.

ورأت المنظمة أن "نظام العدالة الجنائية المصري غير قادر على تحقيق العدالة أو غير راغب في ذلك، ودعت لتوجيه رسالة صارمة إلى عبد الفتاح السيسي بأن الاستهتار بحقوق الإنسان لن يمر ولن يمضي دون عقاب.

وأكدت "العفو الدولية" أنها جمعت أدلة دامغة تشير إلى أن التعذيب يمارس بشكل روتيني في أقسام الشرطة وفي أماكن الاحتجاز غير الرسمية، حيث يستهدف أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" ومؤيديهم به على وجه الخصوص وتمارسه قوات الجيش والشرطة على حد سواء، بما في ذلك في المقار التابعة لجهاز الأمن الوطني، وفي العديد من الحالات بغرض الحصول على اعترافات أو لإكراه المعتقلين على توريط آخرين.

ومن بين أساليب التعذيب التي رصدتها المنظمة، طرق استخدمها أمن الدولة في عهد مبارك، وتشمل هذه استخدام الصعق بالصدمات الكهربائية والاغتصاب وتكبيل أيدي المعتقلين وتعليقهم من الأبواب بعد فتحها، وغيرها من الأساليب الفاشية التي تمتاز بها سجون مصر وجعلتها قبلة لمعتقلي الغرب على غرار معتقلات "جوانتانامو" و"أبو غريب" و"تدمر".

ونددت منظمة العفو الدولية بتكرار حالات الوفاة نتيجة التعذيب داخل مراكز الاحتجاز المصرية، مشيرة إلى عشرات المعتقلين الذين لقوا حتفهم داخل سجون العسكر خلال الأشهر الماضية دون تحقيقات جادة ودون مساءلة أي من الضالعين في تلك الحوادث.

وقالت حسيبة حاج صحراوي - نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية - إنه لا يمكن للسلطات المصرية مواصلة التستر على الانتهاكات المتفشية لحقوق الإنسان بأقسام الشرطة، خاصة أن عددًا من وقائع التعذيب حتى الموت موثقة في تقارير الطب الشرعي.

ووفقًا لمنظمات حقوقية مصرية ودولية, اعتقلت السلطات المصرية منذ الانقلاب عشرات الآلاف من المعارضين أكثرهم من جماعة الإخوان المسلمين، ولا يزال قرابة 40 ألفًا على الأقل في السجون، وكشفت البيانات عن وفاة 121 شخصًا منذ بداية العام الماضي جراء التعذيب وظروف الاحتجاز القاسية في السجون المصرية.

بدورها، أعرب عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان ببريطانيا مصطفي عزت، عن أسفه من اتسام المجتمع الدولي الحكومي بقدر كبير مما أسماه العمى مع الانتهاكات والجرائم التي تحدث بمصر.

وقال عزت إنه لا يوجد بالشارع المصري من يعول على مثل هذه المنظمات، فالحسم بالتأكيد لن يكون إلا بأيدي المصريين، موضحا أنه بالنسبة للمنظمات العاملة بالشأن الحقوقي في العالم والتي عملت حتى ولو ليوم واحد بمصر، فأنها تعلم جيداً حجم الانتهاكات والقتل والتشريد والتعذيب الذي يقوم به النظام المصري، حيث أصبح أمرًا واضحًا لكل الشعوب والمنظمات الحقوقية التي أطلعت على الملف المصري.

وأشار الحقوقي إلى أن السجون المصرية أصبحت مقابر جماعية للأحياء من خلال القتل البطيء حيث يتم منع المعتقلين من تلقي العلاج ويتم تعذيبهم حتى الموت أو الإصابة بعاهات مستديمة، حيث أن بعضهم فقد السمع والبصر وبعضهم خرج على قبره مثل القيادي الإخواني الراحل الدكتور فريد إسماعيل والفلاحجي وغيرهما الكثير من المعتقلين المقتولين.

واعتبر عزت أن النظام المصري الحالي لا يحترم الإنسانية ولا يفهم غير لغة القتل سواء في الشوارع برصاص الشرطة أو بأحكام الإعدامات من خلال تنفذيها سريعًا أو قتلهم بالإهمال الطبي والتعذيب في السجون والأقسام وخاصةً قسم شرطة المطرية، مشيرًا إلى أن عدد حالات المعتقلين المتوفين داخل السجون المصرية بسبب الإهمال الطبي والتعذيب منذ انقلاب 3 يوليو بلغ 174 قتيلاً ثلثهم سياسيون والثلثان الآخران جنائيان.

من جانبها، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان السلطات المصرية بعدم اتخاذ خطوات جادة لتحسين وضع السجون المكتظة، ما يتسبب في وقوع حالات وفاة، مشيرة إلى أن عددًا من المحتجزين توفوا بعد تعرضهم للتعذيب أو سوء المعاملة فيما يبدو في حين توفي كثيرون فيما يبدو إثر احتجازهم في زنازين مكتظة إلى حد كبير أو لعدم تلقيهم الرعاية الطبية الكافية لأمراض خطيرة.

عام من الانتهاكات

منظمة "هيومان رايتس ووتش" أصدرت –مطلع الشهر الجاري- تقريرًا بمناسبة مرور عام على استيلاء عبدالفتاح السيسي على الحكم، حمل عنوان "عام من الانتهاكات تحت حكم السيسي" محملاً بالعديد من اﻷرقام واﻹحصائيات.

وفي عنوان فرعي، تحدث التقرير عن "الرئيس الذي يستمد دعمًا غربيًا بينما يستمر في التخلص من مكتسبات حقوق اﻹنسان"، وتحدثت المنظمة عن الحصانة التي تحظى بها قوات اﻷمن تحت حكم السيسي والذي "يحكم بقرارات يصدرها في غياب برلمان منتخب"، بعد ذلك يبدأ التقرير رصده للانتهاكات التي شهدتها عملية فض اعتصام رابعة العدوية، والتي "تسببت في مقتل أكثر من 900 شخص في يوم واحد" بحسب التقرير.

وأشار التقرير إلى تعرض 41000 شخص إما لاعتقال أو اتهام أو محاكمة بناء على أسباب سياسية من قبل السلطات المصرية راصدا أعمال العنف والاعتقالات التي تقوم بها الشرطة والتي تصاعدت بشكل كبير منذ أكتوبر 2014، ورصد عددًا من الانتهاكات مثل ما حدث في يناير 2015، حين لقي 25 شخصًا مصرعهم في أحداث تزامنت مع الاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة، ثم مقتل 20 مشجعًا كرويًا في الشهر التالي لهذه الواقعة بعد أن أطلقت الشرطة عليهم الغاز المسيل للدموع وهم محبوسون داخل ممر حديدي.

وتناول التقرير استمرار القضاء في حبس المعارضين على ذمة القضايا التي يحاكمون فيها لفترات طويلة جدًا بينما يتم السماح بإخلاء سبيل الضباط وأفراد اﻷمن المتهمين بكفالات، ويضرب مثلًا بحالة 494 متهمًا تم القبض عليهم أثناء أحداث مسجد الفتح في رمسيس في أغسطس 2014، وهم قيد الاعتقال من وقتها وحتى اﻵن بينما تتم محاكمتهم.

ووفقًا للتقرير، فإن وزارة الداخلية قد أعلنت في يوليو 2014 أن 7389 شخصًا تم القبض عليهم في اﻷحداث التي تلت عزل مرسي ما زالوا محبوسين احتياطيًا.

لم تعلن وزارة الداخلية عن أي تحديثات منذ أعلنت هذا الرقم، لكنها قالت أول أمس، السبت، أن 200 طالب محتجز لديها سيؤدون امتحانات الثانوية العامة. وفي معرض حديثه عن حالات الوفاة التي حدثت أثناء الاحتجاز، تحدث التقرير عن توثيق أجراه بعض الناشطين ومنظمات حقوق اﻹنسان خلص إلى وفاة 124 معتقلاً على اﻷقل منذ أغسطس 2013 وحتى اﻵن، مشيرًا إلى ما أعلنته مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل في ديسمبر 2014 عن مقتل حوالي 90 شخصًا في أقسام الشرطة في هذا العام فقط.

وكان مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب قد أصدر تقريرًا في الشهر الماضي أشار فيه إلى مقتل 23 شخصًا وهم في حوزة الشرطة، وألقى باللوم على قوات اﻷمن ﻷن اﻷسباب توزعت بين اﻹهمال الطبي والتعذيب.

وأبرز التقرير عن جملة أحكام اﻹعدام التي يجري توزيعها بشكل جماعي في مصر والتي وصلت إلى 547 حكمًا على اﻷقل، وعلى الرغم من أن مصر قضت عامين ونصف العام بعد الثورة دون تنفيذ أي أحكام إعدام، إلا أن السلطات قامت بتنفيذ حكم اﻹعدام في 27 شخصًا منذ تولى السيسي الرئاسة. بالنسبة للمحاكمات العسكرية، أشار التقرير إلى قرار السيسي بتوسيع نطاق القضاء العسكري ليشمل كل "المنشآت العامة والحيوية" لمدة عامين، ومنذ إصدار ذلك القرار، أحالت النيابة العامة حوالي 2280 شخصًا على اﻷقل للمحاكمات العسكرية، طبقًا ﻹحصاء أجرته المنظمة من تقارير إعلامية.

وفي مايو، حكمت محكمة عسكرية على 6 أطفال بالسجن لمدة 15 عامًا تبعًا لما أعلنه المجلس القومي لحقوق اﻹنسان ونقله التقرير.
وكشف تقرير "هيومان رايتس واتش" عن تقرير أصدرته وزارة الخارجية اﻷمريكية بتفويض من الكونجرس عن الوضع السياسي في مصر والذي قال إن هناك "العديد من المبادرات التنفيذية والقوانين الجديدة واﻹجراءات القضائية التي تم اتخاذها والتي تحد بشدة من حرية التعبير والصحافة وحرية التنظيم والتجمهر السلمي".

"الداخلية بلطجية" هو الشعار الذي لازَمَ الثوار قبيل الثورة وفي الميدان وبعد الثورة، وأجمع عليه الجميع من مختلف التيارات من أقصى اليمين إلى أقصي اليسار؛ ما يؤكد على إجماع الشعب على ضرورة إعادة هيكلة تلك المنظومة النفعية القمعية التي نخر الفساد أساسها ورسخ القهر على جدرانها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.