جاء انقلاب 3 يوليو ليكون كاشفا بل فاضحا لكثير من المواقف الديكورية الهشة والمزيفة، فكما ظهر المتحولون والمخادعون والمطبلين بعد ثورة يناير المجيدة من إعلاميين ومثقفين وساسة ومحللون، ظهرت أيضا منظمات التزييف وتغييب الوعي بعد الانقلاب ولعل أبرزها تلك المنظمات التي يطلق عليها "حقوقية" والتي طالما صدعت الرؤوس بالحديث عن حقوق الإنسان ووصل بها الأمر إلى المتاجرة بدماء من قتل غدرا بسلاح العسكر والداخلية ممن لم يكونوا منتمين للتيار الإسلامي وليس "جيكا" و"الحسيني أبو ضيف" من ذلك بعيد". مارست غالبية المنظمات الحقوقية المصرية دورا مشبوها خلال فترة حكم أول رئيس مدني منتخب بعد أن تمتعت خلال العام الذي حكم فيه بكامل الحرية في النقد والتقصي وتوجيه الاتهامات، حتى نجح الانقلاب في عزل الرئيس المنتخب لتتحول هذه المنظمات إلى دكاكين للعسكر، وأعمتها بيادة العسكر عن صور الدماء والأشلاء والتعذيب والحرق والاعتقالات وسائر الانتهاكات التي أصبح من الصعب حصرها تحت حكم العسكر وليس آخرها مجازر الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس وأبو زعبل…. إلخ وفي تقرير إخباري نشرته قناة الجزيرة على موقعها الإلكتروني "الجزيرة نت" أشارت أن قامات حقوقية مصرية كان ينظر إليها على أنها كبيرة سقطت بمجرد الصيحة الأولى لانقلاب الثالث من يوليو وأخذوا أماكنهم في جوقة المطبلين للنظام الجديد وفق حقوقيين آخرين، مبررين ما يقترفه، ومؤيدين عسكرة المجتمع والدولة. لم تثير مشاهد مذبحتي فض اعتصامي رابعة والنهضة أي انتباه لدى هذه المنظمات ولم يحرك موت أكثر من ألفي وخمسمائة شخص في هذا الفض ساكنا لديها حتى أن أحد أشهر أدعياء الدفاع عن حقوق الإنسان وهو رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الاجتماعية سعد الدين إبراهيم خرج علينا ليشيد بعملية الفض، ويقول إنها التزمت "أعلى المعايير الدولية المعتمدة" في فض الاعتصامات، وهو توصيف شاطره فيه عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر حافظ أبو سعدة. ويشير تقرير الجزيرة إلى واقعة جرف قوات من عناصر الأمن المصري جثث معتصمي رابعة والنهضة في الرابع عشر من أغسطس الماضي والتي تملص حقوقيون عديدون من التعليق عليها الحادثة. ولأن الانقلاب في نظر هذه المنظمات يجُب ما قبله فقد انبرت 150 منظمة حقوقية للمطالبة بترشيح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، مشيرة إلى أن المرحلة الحالية بمصر تتطلب وجود "قيادة عسكرية"، وهو الدور الذي استنكره بعض الحقوقيين، مشيرين إلى أن الدور الرئيس للمنظمات الحقوقية هو الجوانب القانونية والحقوقية، وليس العمل السياسي. ونقل التقرير عن الخبير القانوني إبراهيم بكري وصفه لتلك المنظمات بأنها فقدت مصداقيتها و"تحولت إلى دكاكين تعمل لصالح العسكر، وتخلت عن وظيفتها الأساسية في حماية الحقوق والحريات". واتهمها بازدواجية المعايير وبأنها غير نزيهة "فإذا كان المسحول أو المعتقل أو المقتول إسلاميًا لاذت هذه المنظمات بالصمت، بينما إذا تعرض شخص آخر لأي نوع من الاعتداءات، وكان ينتمي لأي فصيل غير إسلامي تحركت هذه المنظمات تستنكر".