في مصر تتوالى أعياد المرأة في مارس، بدءًا من #اليوم_العالمي_للمرأة (8 مارس) ثم #يوم_المرأة_المصرية (16 مارس) ثم #عيد_الأم (21 مارس). خلال هذه الفترة، تتصاعد وتيرة الصراع وتزداد حدة تنكيل سلطات الانقلاب بالمرأة المصرية، حيث اعتقلت منهن المئات بتهم ملفقة، ويقبع العديد منهن في السجون تحت وطأة الحبس الاحتياطي الذي يفني أعمارهن خلف القضبان. تدفع النساء المصريات منذ سنوات ثمنًا باهظًا للمعارضة السياسية، أو حتى قرابتهن من معارضين سياسيين. تنديد حقوقي ونددت منظمات حقوقية عدة بالتنكيل بالنساء في مصر في خضم الصراع السياسي، كان آخرها الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، التي أصدرت تقريراً بعنوان "المنفي أو السجن"، رصدت خلاله تأثير ما وصفته ب"السياسات القمعية لنظام السيسي"، وكيف أدت إلى نفي مدافعات عن حقوق الإنسان وصحافيات وناشطات وحرمانهن من حقهن في العودة. وخلص التقرير إلى أن "الاستهداف الأمني للمعارضات والمعارضين السياسيين أضحى سياسة ممنهجة منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم في عام 2014، حيث أسس لحكمه بأكبر مجزرة عرفتها مصر في تاريخها الحديث، وهي الفض العنيف لاعتصامي رابعة والنهضة، وما تبعهما من قمع لجميع أشكال المعارضة السياسية، مما دفع مجموعات كبيرة من المعارضين السياسيين إلى المنفى للهروب من الاضطهاد والاستهداف، وباتوا محرومين من حقهم في العودة إلى الوطن". ورصد التقرير أبرز أنماط الانتهاكات التي تعاني منها السجينات السياسيات في مصر، ومنها الاحتجاز التعسفي، والحبس الاحتياطي المطول، والإخفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي، بالإضافة إلى الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، والأعمال الانتقامية ضد الأهل، وأخيرًا التعنت في استخراج وتجديد جوازات السفر والأوراق الثبوتية. وشدد التقرير على أن العنف الجنسي يُستخدم منهجياً ضد المعارضات في مختلف أماكن الاحتجاز، حيث تعرض بعضهن للاغتصاب والتحرش والتجريد من الملابس، وغيرها من الانتهاكات والتهديدات، مشيراً إلى أن السلطات القضائية والأمنية تستخدم عدة آليات سالبة للحريات ضد المعارضات كالتدابير الاحترازية والمتابعة الأمنية، حيث يتعرضن فيها لتحقيق غير قانوني وتهديد وترهيب. أبرز المعتقلات المنكل بهن تعد عائشة الشاطر التي اعتقلت من منزلها بالتجمع الخامس في الأول من نوفمبر 2018، ليجري إخفاؤها لمدة 21 يوما في مقر الأمن الوطني بالعباسية، قبل أن تظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية، محبوسة في زنزانة انفرادية وصفتها في إحدى جلسات المحكمة بالمقبرة، كما مُنعت من الزيارات منذ اعتقالها، وحُرمت من حقها الطبيعي في رؤية أطفالها. أما هدى عبد المنعم (61 سنة)، العضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، فجرى التنكيل بها في زنزانة انفرادية لفترة، ومنعت عنها الزيارات الاعتيادية والاستثنائية منذ القبض عليها، وخاصة بعد الأزمات الصحية المتتالية التي تعرضت لها خلال فترة حبسها التي قاربت على ثلاث سنوات. أصيبت عبد المنعم، بوعكة صحية خطيرة في محبسها تضاف إلى المشاكل الصحية التي تعاني منها، ومن بينها ارتفاع ضغط الدم، وتجلط الأوردة في إحدى ساقيها، ورغم ذلك لم تحصل على أدويتها، لتتوقف إحدى كليتيها عن العمل وتتضرر الأخرى. وتدفع سيدة الأعمال، حسيبة محسوب، شقيقة وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية السابق، محمد محسوب، ثمن معارضة شقيقها للنظام المصري، إذ يتواصل حبسها احتياطياً منذ نحو أربع سنوات. إذا كانت المنظمات النسوية المصرية تحتفل السبت (8 مارس) بيوم المرأة العالمي، فقد كان الأحرى بها أن تتحد خلف مطلب الإفراج عن سجينات الرأي اللاتي حُبسن بسبب تعبيرهن عن آرائهن، وبسبب أدوارهن الحقوقية والسياسية السلمية، واللاتي يتعرضن للموت البطيء داخل السجون، كما تحرم الكثير منهن من رعاية أطفالهن. وقد كان دورهن الطبيعي في هذه اللحظات هو تجهيز مائدة الإفطار لأسرهن في بيوتهن، لكنهن بدلا من ذلك يتعرضن للتعذيب المادي والمعنوي في محابسهن عقابا لهن على نشاطهن من أجل الوطن.