شهدت الأراضي السورية هذا الشهر تصعيدًا متزايدًا من قبل إسرائيل، خاصة على حي المزة الواقع على الحدود اللبنانية، حيث تكثفت الهجمات الجوية والضربات البرية منذ بداية الحرب على غزة لتصل إلى 20 غارة إسرائيلية. استهدفت هذه الغارات مواقع ومناطق مأهولة بالسكان، حيث تقول إسرائيل إن هذه العمليات تأتي في إطار استهداف مواقع "حزب الله" اللبناني والميليشيات الإيرانية وشل قدراتها العسكرية داخل الأراضي السورية، من خلال ضرب المناطق الحدودية بين سورياولبنان، وخاصة المعابر الشرعية وغير الشرعية، وتتذرع إسرائيل بأن هذه المعابر تُستخدم لنقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى "حزب الله" اللبناني، مما يجعلها هدفاً مستمراً لضرباتها. تزايد الضربات على حي المزة لم يهدأ أكثر الأحياء رقيًا غرب العاصمة دمشق، وهو حي "المزة"، ولم يذق طعم الطمأنينة والسكينة منذ تزايد القصف الإسرائيلي على مبانيه المأهولة بالسكان، حيث تحولت بيوته إلى كتل من النار منذ نشوب الحرب في غزة وجنوب لبنان. شهد حي المزة منذ السابع من أكتوبر نحو 20 غارة إسرائيلية، كانت آخرها قبل يومين، حيث شنت طائرات إسرائيلية قصفاً استهدف مبنى سكنيًا، مما أدى إلى مصرع تسعة أشخاص مدنيين، بينهم نساء وأطفال، وإصابة 11 شخصًا آخرين. تداولت وسائل الإعلام وجود نائب قائد "فيلق القدس" رضا فلاح زاده داخل المبنى، وهو ما نفته السفارة الإيرانية في دمشق، كما نفت أن أيًا من المصابين أو المتوفين يحملون الجنسية الإيرانية. انقشع غبار الغارة عن تدمير ثلاثة طوابق، ومصرع عائلة بأكملها من بين القتلى، حيث لقي الأكاديمي اليمني شوقي حسين العودي، الذي كان يعمل مدرساً في العلوم الصيدلانية بالجامعة السورية الخاصة، وزوجته رهف قمحية من مدينة حمص، المتخصصة في أمراض الكلى، وبناتهم الثلاث مصرعهم. وفي المقابل، شهد الحي في الأول من أكتوبر قصفاً أدى إلى مصرع ثلاثة أشخاص، بينهم مقدمة البرامج في التلفزيون الرسمي السوري صفاء أحمد. من جهته، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ بداية شهر أكتوبر الجاري 20 استهدافًا إسرائيليًا للأراضي السورية، من بينها 18 استهدافاً جوياً و2 استهدافات برية، تسببت هذه الاستهدافات بتدمير وإصابة 16 هدفًا، وأسفرت عن مقتل 13 عسكرياً وإصابة 10 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. شهدت المناطق المستهدفة دمارًا واسعًا، خاصة في البنية التحتية الحيوية مثل الطرق والمباني السكنية، لم تقتصر الأضرار المادية على المواقع العسكرية فقط، بل امتدت إلى المناطق السكنية، وتزامنت الهجمات على سوريا مع ضربات مشابهة داخل الأراضي اللبنانية، حيث تستهدف إسرائيل مواقع "حزب الله" في الجنوب اللبناني. حي المزة شهدت منطقة المزة حوادث كثيرة خلال الفترة الماضية، حيث تضم مقرات أمنية وعسكرية عدة، إضافة لمقرات وأماكن سكن قيادات فلسطينية وإيرانية بارزة، وتجمع لعدد من السفارات والمنظمات الأممية. تعود تسمية "حي المزة" إلى كلمة يونانية تعني المرتفع عن مستوى سطح مدينة دمشق، كما يُقال إنها أخذت هذا الاسم نسبة إلى الطعم الحلو لفاكهة التين الشوكي التي اشتهرت بها بساتينها الواقعة خلف حي الفيلات الشرقية، حيث كان المارة يتذوقون الفاكهة ويقولون "مزة"، أي "طيبة". أما في اللغة الآرامية، فتعني الكلمة "الغلال والمؤونة"، كانت المزة قرية من قرى غوطة دمشق الواقعة غرب المدينة، وبدأت تكتسب أهمية بعد زيادة العمران فيها بعد الاستقلال من الانتداب الفرنسي، لتتصل بمدينة دمشق وتصبح إحدى ضواحيها الحديثة، وتُعد من أحدث وأرقى مناطق العاصمة. كما تتمركز في الحي هيئات مثل وزارة التعليم العالي والإعلام والقصر العدلي والقضاء العسكري والجمارك، إضافة إلى مؤسسات الاتصالات والإسكان والعديد من الكليات الجامعية وسكن الطلاب المعروف بالمدينة الجامعية، يضم الحي أيضاً العديد من المشافي، مثل "الأسد الجامعي" ومستشفى المواساة. يحتوي حي المزة أيضًا على مطار المزة، الذي ازدادت أهميته في العصر الحديث عندما أنشأ الفرنسيون فيه مطار المزة العسكري، الذي كان مطار دمشق الرئيسي قبل إنشاء مطار دمشق الدولي في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة، كما أقيم في الحي سجن المزة. منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية في هذا البلد، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى ل"حزب الله". كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة وتيرة استهدافها لنقاط قرب المعابر الحدودية بين سورياولبنان، التي عبرها خلال الأسبوع الأخير عشرات الآلاف هربًا من الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان. نادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنها تكرر أنها تستهدف ما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. يوم الأربعاء الماضي، قُتل أربعة أشخاص على الأقل، بينهم حسن قصير، صهر الأمين العام الراحل ل"حزب الله" حسن نصرالله، في غارة إسرائيلية على حي المزة. كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة استهدافها لنقاط قرب المعابر الحدودية بين سورياولبنان، التي عبرها عشرات الآلاف هرباً من الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان.