بعد شهر صيام ساخن أفطر المصريون فى عيد تنسموا فيه أجواء الحرية وامتزجت فيه فرحة الفطر بفرحة التوفيق والوقوف على أعتاب دولة مدنية جديدة. فمع الصيام فى أيام الصيف الساخنة يشعر الإنسان بالانتصار على نفسه والقدرة على مغالبة التحديات والصبر على الجوع والعطش فى أصعب الظروف. ومع الصبر فى شهر الصوم فى الأيام الهاجرة يشعر المرء بالقدرة على قيادة نفسه والتحكم فى شهواتها والنجاح فى التغلب على الصعاب ومواجهة العقبات والصمود أمام التحديات. ومع الصبر فى مغالبة النوم بالقيام والتحكم فى تقليل ساعات النوم إلى أقل حد ممكن يشعر المرء بالقدرة على الإنجاز والمضى قدما فى اتجاه العمل والإنتاج. وهذا هو سر الفرحة التى يشعر بها الصائم فى لحظات فطره عندما يشعر بنجاحه فى التغلب على نفسه والصمود أمام حاجاتها الضرورية والتحكم فى شهواتها. وهى فرحة لا تقارن بها فرحة، وربما لا تتكرر مع الصائمين إلا فى لحظات الموت وساعة لقاء الله عندها يشعر الإنسان بثمرة الصبر فى الدنيا ويتلمس نتائج أعماله. وعلى مستوى المشهد السياسى شعر الناس مع انقضاء فترة مليئة بالأزمات وحافلة بالتحديات بفرحة بالانتصار والخروج بالوطن من عنق الزجاجة والمرور بالبلاد من مرحلة عاصفة. ومع الصبر على مواجهة التحديات الجسام خلال الشهور الماضية شعر الناس بثمرة صبرهم ونتيجة عزمهم على التغلب على هذه التحديات والوقوف أمامها. اليوم أصبحت مصر أمام مرحلة جديدة يحكمها رئيس مدنى منتخب يملك إرادته ويمتلك كامل صلاحياته ويسعى لبناء دولة جديدة على أسس من العدل والمشاركة الشعبية الكاملة. اليوم أفطرت مصر بعد مجاهدة طويلة للمصاعب ومقاومة ضارية للتحديات على واقع جديد يتنفس فيه المصريون الصعداء بعدما أصبحوا هم أصحاب القرار. اليوم يشعر المصريون بفرحة الانتصار بعد طول معاناة مع نظام فاسد مستبد ثم فى مرحلة انتقالية شاقة متزامنا مع فرحتهم بفطرهم بعد شهر صيام شاق وساخن.