رغم الاتهامات الملفقة التي وجهتها الأذرع الإعلامية للانقلاب العسكري منذ استلام الرئيس محمد مرسي للسلطة، بأن "مرسي" والإخوان يعتزمون تطبيق توريق عوائد قناة السويس، ما اعتبرته الأذرع تهيئة لبيع القناة بشكل مقبول وذلك برهن عوائدها ومن ثم قرارها وسياساتها لأصحاب الوثائق والسندات التي ستصدر بضمان عوائد القناة؛ جاء تأكيد جهات رسمية إلى اتجاه حكومة الانقلاب إلى توريق عوائد قناة السويس، حيث كشف أسامة الجوهري، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء، الأحد الماضي، تفاصيل خطة زيادة موارد من النقد الأجنبي إلى نحو 300 مليار دولار في 2030، عبر مجموعة من الطرق ومنها توريق 20-25% من عائدات الدولارية للدولة، والتي وردت في الوثيقة التي أصدرها مجلس وزراء الانقلاب، السبت الماضي، وثيقة بعنوان: "أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري خلال السنوات الست المقبلة" وأشارت ضوابط الوثيقة إلى أن هناك مدرستين في الرأي بشأن عملية التوريق؛ حيث يرى فريق أن التوريق خط أحمر لا يجب الاقتراب منه، في حين يرى الرأي الآخر أن التوريق يعتبر حلا لمواجهة الأزمة الضاغطة الحالية. وقال الجوهري، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "كلمة أخيرة" الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على قناة "أون تي في" : إن "مركز المعلومات حدد هامشا معينا حال تفكير الدولة في عملية التوريق، لضمان استدامة الاقتصاد". وردا على سؤال الحديدي، هل تطرح هذه الوثيقة توريقا من 20-25% من عائدات قناة السويس؟، قال الجوهري: «لا، الوثيقة لم تذكر هذا النص على الإطلاق، الوثيقة قالت إنه لا بد من النظر في عملية توريق العوائد المتنوعة للدولة من النقد الأجنبي». وتابع رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار: «في دول قدرت عمل توريق على تحويلات العاملين في الخارج». عملية التوريق والتوريق هو عملية مالية يتم فيها إصدار صكوك تحمل قيمة أصول تدر عائدا، وتباع بعد ذلك إلى المستثمرين. يشار إلى أن الجهات التي تدر عوائد دولارية متزايدة، هي قناة السويس فقط، بجانب عوائد متناقصة، كما السياحة وتحويلات المصريين بالخارج والتصدير، وهي عوائد غير مستقرة أساسا، وهو ما يعني أن التوريق لا محالة سيطال قناة السويس، وسيكون كخطوة تمهيدية يطال ربع القناة، وصولا إلى رهنها كلها، في صورة صكوك، كما كان يرنو الاحتلال البريطاني منذ زمن، حتى يحققه السيسي اليوم، لفشله في إيجاد حلول لأزماته الاقتصادية. ووفق الخبير الاقتصادي والوزير السابق زياد بهاء الدين، فإن فكرة طلب قروض بضمان عوائد قناة السويس، فكرة خطيرة، وقال خلال لقاء مع الإعلامي خيري رمضان، إنه "يبدي اعتراضه تماما، على الفكرة، بشأن قيام الدولة بالاقتراض من الأسواق الدولية بضمان عوائد قناة السويس من أجل سداد أقساط الدين الخارجي المستحقة على مصر في العامين القادمين". وأضاف بهاء الدين، بمقال له في "المصري اليوم"، مؤخرا، أن الفكرة عبارة عن دخول فى ترتيب مالي مع مؤسسات تمويل أجنبية ما يسمى «التوريق» securitization – والذي بموجبه تقترض الدولة عن طريق إصدار سندات دولية مقابل التنازل عن نسبة من عوائد قناة السويس لعدة سنوات قادمة، ويؤدي هذا الترتيب إلى توفير مبلغ كبير فورا يمكن به سداد أقساط الديون الحالة مقابل التنازل عن جزء من عوائد القناة لعدد السنوات المتعاقد عليها. وأضاف بهاء الدين :"أصدقائي لهم منطق بسيط وله وجاهة في الحماس للفكرة؛ أن الضرورات تبيح المحظورات، وإن كان الاقتراض بضمان عوائد قناة السويس من المحظورات السياسية والشعبية، فإن التهديد الذي يشكله الدين العام الخارجي على استقرارنا الاقتصادي ضرورة يجوز معها اللجوء لحلول استثنائية، ويمضي أصحاب هذا الرأي في طرح السؤال الحاسم وهو ، وإن لم يكن من عوائد القناة المستقبلية، فما البديل لسداد أقساط الدين الحالة قريبا؟. مضيفا : "الواقع أن اعتراضي على الفكرة ليس مصدره فقط الاعتبارات السياسية والعاطفية، وإن كان لا بأس من أخذها في الحسبان، لأن مشاعر الناس ورفضهم الشعبوي لرهن عوائد قناة السويس جديرٌ بأن يؤخذ في الاعتبار، بل أضيف إلى ذلك أسبابا أخرى، تجعلني في صف المعترضين على توريق عوائد القناة: أولا: أن مثل هذا الاقتراض سوف يتيح للدولة وبسهولة نسبية مئات الملايين من الدولارات تضاف إلى ديوننا الخارجية المتضخمة بالفعل وهذا مقلق، لأنه مهما كانت النية متجهة لاستخدام مثل هذا القرض الجديد لسداد أقساط الديون الحالة فقط، فإن جانبا منها قد يجد طريقه لاستخدامات أخرى في مشروعات لا تأتي بعوائد سريعة، بما يزيد من مشكلة الديون المتفاقمة أصلا. ثانيا: لأن هناك بديلا حقيقيا وواقعيا لرهن عوائد قناة السويس من أجل سداد أقساط الدين الخارجي، وهو إصلاح المسار الاقتصادي إصلاحا جذريا، مثل هذا الإصلاح لو جرى تنفيذه بسرعة، يمكن أن يزيد من حصيلة السياحة خلال العام الجاري، ويضيف بضعة مليارات لحصيلة الاستثمار الأجنبي المباشر، ويشجع المزيد من تدفق مدخرات العاملين في الخارج، وهذا كله يساهم في توفير نقد أجنبي. مردفا بالقول: "الأهم أن هذه إصلاحات ضرورية، ولابد من الأخذ بها، إن عاجلا أم آجلا، وإرجاؤها استنادا إلى قدرتنا على توريق عوائد قناة السويس قد يجعلنا نقف في ذات الموقف بعد عام أو اثنين، وبعد استنفاد حصيلة توريق عوائد القناة، الأفضل ألا نستند إلى هذا الحل السحري العاجل، بل نمضي في طريق إصلاح المسار الاقتصادي فورا، لأنه وحده القادر على إخراجنا من عثرتنا بشكل نهائي ومستدام.". ثالثا: ويخشى من أن الاعتماد على «التوريق» كمصدر سهل نسبيا وسريع لتدبير أموال نسد به احتياجات الإنفاق الداخلي والخارجي يتسع ولا يعود استثناء، فيتبع توريق عوائد قناة السويس المزيد من توريق عوائد أخرى مستقبلية جمارك، ضرائب، فواتير كهرباء وماء وغيرها من المدفوعات المضمونة لاحقا، ما يخرج الدين العام أكثر عن السيطرة. أما رابعا وأخيرا، فإن الاقتراض بضمان عوائد قناة السويس يعني حرمان الخزانة المصرية من مصدر أساسي ومستمر لتدفق الموارد الأجنبية مستقبلا، بما يعني حرمان موازنات الأعوام القادمة من مصدر مستقر للعملة الأجنبية. واختتم زياد بهاء الدين مقاله بالدعوة إلى البعد عن توريق عوائد القناة ، قائلا: "دعونا إذن لا نلتفت بعيدا عن ضرورة إصلاح المسار الاقتصادي، ولا نبحث في حلول للخروج من الأزمة قد تعطل أو ترجئ الأخذ بالإصلاح المنشود، خاصة أن له بعض البوادر المشجعة، مثل: اعتماد وثيقة ملكية الدولة، والإعلان عن إرجاء المشروعات الكبرى التي لم يتم البدء في تنفيذها، وقرب انضباط سوق الصرف، أما اللجوء لمزيد من الاقتراض لسداد الديون الحالة، فلن يخرجنا من أزمتنا، بل قد يرجئها قليلا قبل أن تعود ثانية وبضراوة أكبر، لا بديل عن إصلاح المسار الاقتصادي مهما كانت كلفته الحالية، ثم دعونا أخيرا نُنصت للرأي العام الكاره للتعرض لقناة السويس أوعوائدها". هجوم إماراتي على رافضي التوريق وكانت وسائل إعلام إماراتية شنت هجوما إعلاميا على جماعة الإخوان المسلمين، مؤخرا، ووصف موقع العين الإماراتي، الحديث عن توريق عوائد قناة السويس، بأنه إشاعات إخوانية، على الرغم من أن الإخوان المسلمين ومنابرهم لم تنطق بكلمة حول هذا الموضوع، وأن من أثاره هو مجلس الوزراء المصري ووثيقة الاتجاهات الاقتصادية لولاية السيسي الثالثة، والتي نشرت رسميا السبت الماضي. وهو ما يشير إلى أن مخططا إماراتيا متستترا وراء الهجوم، حيث كانت العديد من التقارير الاقتصادية تناولت في أوقات سابقة، نية الإمارات لتأجير قناة السويس، لمدة 50 سنوات قادمة، مقابل ضخ 200 مليار دولار لمصر، وهو ما عادت وسائل إعلام ونفته لاحقا، ويبدو أنه كان جس نبض للمصريين، الذين يمارس عليهم آلاعيب إماراتية ودولية بالتعاون مع عساكر السيسي منذ الانقلاب العسكري، الذي كان قد مهد لذلك وروج الاتهامات لنظام الرئيس مرسي بأنه سيبيع قناة السويس لقطر، وذلك للتمهيد للانقلاب العسكري عليه.