مع حرب التدمير التي تشنها دولة الصهاينة على قطاع غزة وحصار المدنيين العزل وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وهدم المنازل واستهداف المستشفيات والمدارس ودور العبادة، يطالب بعض الخبراء بضرورة محاكمة قادة الجيش الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية على تلك الجرائم التي يرتكبونها والإبادة الجماعية التي يعملون على تنفيذها بكل الأسلحة، ومن بينها الأسلحة المُحرمة دوليا ضد الشعب الفلسطيني. ورغم أن هذا المطلب منطقي وقانوني، إلا أنه يواجه صعوبات تحول دون تحقيقه على أرض الواقع، لأن إسرائيل منذ زرعها في المنطقة وهي ترتكب هذه الجرائم بدعم من القوى الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية وآوروبا، كما أن الأممالمتحدة ومجلس الأمن ومنظمة حقوق الإنسان تتجاهل هذه الجرائم ولا تتخذ أية قرارات ضدها، لكن الأهم من ذلك أن الطراطير والشياطين العرب الذي يقتلون شعوبهم صباح مساء، لا يجرؤ شيطان منهم أن يتقدم بدعوى ضد إسرائيل أمام الجنائية الدولية، ولا يستطيع أن يطلب عقد جلسة لمجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرارات ضد العربدة الصهيونية. لكن محاكمة قادة الكيان الصهيوني تفرص نفسها في الوقت التي تتواصل فيه المجازر والمذابح الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، فما مدى إمكانية تحقيق ذلك ؟ وهل من وسائل أخرى كأن يتقدم بعض المحامين بدعاوى أمام الجنائية الدولية موثقة بصور وفيديوهات لهذه المجازر ؟ تحالف عربي من جانبه كشف المستشار عمرو عبد السلام، المحامي بالنقض والإدارية والدستورية العليا، عن تدشين أول تحالف قانوني عربي، لرصد وتوثيق ما يثبت إدانة الاحتلال الصهيوني، وتقديمه أمام المحاكم الجنائية الدولية لمحاكمته في جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبونها ضد الفلسطينيين. وقال «عبدالسلام» في تصريحات صحفية: إن "التحالف الذي تم تدشينه؛ يضم عددا كبيرا من المحامين والقانونيين المتطوعين من مصر والسعودية والإمارات والسودان، وذلك لرصد وتوثيق انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين بقطاع غزة، ومحاكمة حكومة تل أبيب". وأكد أن التحالف القانوني العربي يعمل على إعداد ملف كامل عن جرائم الحرب المرتكبة من جانب جيش الاحتلال ضد المدنيين من النساء والأطفال والجرحى خلال استهدافه المستشفيات والمباني المدنية بالقطاع والتي راح ضحيتها المئات، تمهيدا للتقدم بها إلى المدعي العام بمحكمة حقوق الإنسان الأوروبي بستراسبورج بفرنسا، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، لبدء إجراءت التحقيق الدولي في الانتهاكات والمجازر الوحشية التي ارتكبها قادة الاحتلال في قطاع غزة، والمطالبة بمحاكمة كل من يثبت إدانته سواء من القيادات السياسية والعسكرية داخل إسرائيل أو من الدول الداعمة لجرائم الكيان الصهيوني مثل أمريكاوبريطانياوألمانيا. ووصف «عبدالسلام» جرائم جيش الاحتلال المدعوم لوجستيا من قبل دول العالم الكبرى التي تدعم تل أبيب مثل: أمريكاوبريطانياوألمانيا، بأنها جرائم إبادة جماعية ضد المدنين، الهدف منها الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية وإزالة الهوية الفلسطينية من الأذهان تحت ذريعة التطرف والرد على الاعتداءات، وهي إن دلت تدل على تعمد جيش الاحتلال ارتكاب هذه الجرائم، ليس في حق الأمة العربية والإسلامية فقط ولكنها في حق البشرية جمعاء. واستطرد، إننا نتصدى بكل قوة لجرائم جيش الاحتلال حتى نكشف إدانة تل أبيب ونقف على محاكمتها دوليا في جرائمها التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن فريق التحالف سيجوب المحافل الدولية حاملا ملف الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني مهما كلف الأمر. ملاحقة مجرمي الحرب وقال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي بالجامعات المصرية: إن "هناك العديد من الآليات القانونية والقضائية التي يمكن من خلالها محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، سواء عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة اعتبارا من السابع من أكتوبر الجاري في أعقاب طوفان الأقصى". وأوضح سلامة في تصريحات صحفية، أن هناك أكثر من 100 دولة في العالم تطبق مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يتيح للمحاكم الوطنية في هذه الدول ملاحقة مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية، ومرتكبي جرائم الإبادة الجماعية أيا كانت جنسياتهم، وبغض النظر عن جنسية الضحايا ، وبغض النظر أيضا عن مكان الإقليم الذي ارتكبت فيه هذه الجرائم. وأكد أن القادة الإسرائيليين سواء مدنيين أو عسكريين هم الأكثر ملاحقة في العالم بموجب هذا المبدأ، ولذلك قامت الاستخبارات الإسرائيلية بإعداد كشف بأسماء هؤلاء ولا يستطيعون السفر لأكثر من 100 دولة ممن تطبق الولاية القضائية العالمية، حيث إن أسماءهم مدرجة في ملاحقات قضائية وطنية في هذه الدول . واضاف "سلامة" بموجب ذات المبدأ حاولت بريطانيا في 2010 ملاحقة وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة "تسبني ليفني " التي همت بالسفر من مطار اللد في تل أبيب متوجهة إلى المملكة المتحدة ، وهنا قامت الاستخبارات الإسرائيلية بإنزالها من الطائرة خشية اعتقالها خاصة أنه كانت هناك دعوى قضائية جنائية ضدها لارتكاب جريمة حرب في قطاع غزة . وأشار إلى أنه يمكن لدولة فلسطين خاصة أنها عضو في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، أن تطالب المدعي العام بأن يقوم بضم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية الموثقة من جانب فلسطين، وتقديم الطلب كي يضم كافة الجرائم في قطاع غزة إلى التحقيقات الجنائية التي بدأها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في عام 2021. وحول العدوان الغاشم والقصف العشوائي والاستهداف الجائر لمستشفي المعمداني في غزة قال سلامة: إن "اتفاقية جنيف الرابعة لمعاملة المدنيين تحت الاحتلال عام 1949 في المادة 18 تحظر استهداف ليس المستشفيات فقط ، ولكن كافة الوحدات الطبية والصيدليات ومخازن تكديس الأدوية وعربات النقل الطبي وسيارات الإسعاف، وهناك ذات الحظر في المادة 12 في الملحق الإضافي الثاني لاتفاقية جنيف الصادرة عام 1977". معركة تحرير وأكد خبير القانون الدولي المستشار حسن أحمد عمر، أن القضية ليست في الملاحقة الجنائية فحسب، ولكن يعتبر غلاف غزة الذي هجمت عليه حركة حماس في هجمات طوفان الأقصى في 7 أكتوبر هو جزء من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة الذي تمتد حدوده بموجب قرار التقسيم من وادي لسان جنوب رفح ب120 كيلو إلى أشدود على البحر المتوسط ، ولكن تراجعت مساحته في أعقاب الاحتلال الإسرائيلي لغزة إلى 360 كيلو فقط، وهنا يكون ما فعلته حماس من هجمات هو جزء من الدفاع عن الأراضي المحتلة وهي معركة تحرير للأرض واستقلال شعب. وقال عمر في تصريحات صحفية: "جيش الاحتلال الذي توجه له جرائم الإبادة الجماعية وخطف رهائن تصل ل7 آلاف يتعين الإفراج عنهم فورا، ومحاكمة من قام باختطافهم علاوة عن الاستعانة بمرتزقة وتدريبهم لمقاتلة الفلسطينيين والسماح ببناء المستوطنات والتهجير، وهي كلها جرائم حرب تعاقب عليها المحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تملك تشكيل محكمة جنائية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب من الكيان الصهيوني". وقلل من أهمية تقدم روسيا بمشروع قرار إلى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، مؤكدا أن أمريكا ستفسد المشروع بموجب استخدام حق الفيتو، علاوة عن أن مجلس الأمن غير مختص بالنظر في القضية الفلسطينية منذ 1997 والجهة المختصة هي الجمعية العامة للأمم المتحدة منعقدة بصيغة الاتحاد من أجل السلام في الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة ، وكان من المفترض أن يتم التقدم بمشروع القرار إلى الجمعية العامة وليس مجلس الأمن، خاصة أن الأولى لا يوجد بها حق الفيتو ويحق لها ممارسة اختصاصات مجلس الأمن، ويحق لها أيضا تشكيل قوات طوارئ دولية لحماية الشعب الفلسطيني، كما جرى تشكيلها في انسحاب إسرائيل من أجزاء من سيناء في أعقاب العدوان الثلاثي عام 1956. وطالب " عمر" بتهجير 6 مليون إسرائيلي يهودي من فلسطين إلى ألمانيا كتعويض لمن قام هتلر بحرقهم، حيث أباد 6 مليون يهودي بتهمة الخيانة العظمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبذلك يتم حل القضية الفلسطينية ويرحل جيش الاحتلال إلى الأبد.