على عكس قرار وزراء الخارجية العرب الأحد 7 مايو الجاري بإعادة دمشق لعضوية الجامعة العربية، اعتبر مراقبون أن ذلك يعد بمثابة "المكافأة" لنظام الأسد الذي ارتكب مجازر بحق شعبه طوال سنوات الحرب، لافتين إلى أن الأسباب التي أدت لاستبعاد النظام من الحضن العربي لا تزال قائمة. فبدوره، عبر "الائتلاف الوطني" السوري في بيان صحفي عن رفضه واستيائه من قرار إعادة نظام الأسد إلى الجامعة العربية ، وقال الائتلاف الوطني: "نؤكد أن القرار يعني التخلي عن الشعب السوري وعن دعم مطالبه المحقة، وهو إهدار لتضحياته العظيمة عبر 12 عاما من الثورة على الظلم والإرهاب والاستبداد، معتبرا أن القرار يعزز نظام الأسد وإيران في سورية يعني بالضرورة استمرار المعاناة الإنسانية لملايين السوريين، ويؤدي إلى مزيد من الوحشية والإرهاب والدموية من قبل النظام وحليفيه تجاه الشعب السوري". وأكد "الائتلاف" "ضرورة الانتقال السياسي الكامل في سورية وفق القرار الدولي 2254 وتقديم الأسد ومجرمي نظامه للمحاسبة والمحاكمة". وشدد الائتلاف الذي يكونه عدة منظمات سورية على أن ثبات الشعب السوري على مبادئه ومطالبه المحقة واستمراره في ثورته حتى الوصول إلى سورية الجديدة، سورية الحرية والكرامة والديمقراطية والاستقلال". واعتبر موقع "المجلة" الممولة سعوديا وتصدر في العاصمة لندن، أن القرار سيدخل حيز التنفيذ اعتبار من يوم 7 مايو الجاري، عقب موافقة جميع وزارء خارجية الدول العربية، وذلك استنادا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وهدأت الجبهات نسبيا منذ 2019، وإن كانت الحرب لم تنته فعليا، وتسيطر القوات الحكومية حاليا على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع بفضل دعم حليفين رئيسيين، إيران وروسيا. وأودى النزاع في سوريا بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشرد أكثر من نصف سكان سوريا داخل البلاد وخارجها، كما أنه حول البلاد إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية، وترك كل ذلك أثره على الاقتصاد المنهك جراء الدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحتية والمصانع والإنتاج. وبدأ التحول رسميا عندما زار بشار الأسد حاكم أبوظبي محمد بن زايد في 19 مارس، واعتبرت الزيارة المعلنة على أنها أحدث إشارة على أن الديكتاتور السوري يُعاد تأهيله رويدا رويدا عن طريق نظرائه في المنطقة. وتبدأ سوريا مشاركة وفودها في اجتماعات الجامعة، مع تسجيل بعض الدول تحفظها على القرار، وعلق المتحدث باسم جامعة الدول العربية جمال رشدي، إن "وزراء الخارجية العرب اتخذوا قرارا بشأن عودة سوريا للجامعة خلال اجتماعهم الطارئ". وفي تصريحات للخارجية الأميركية قالت: "نتفهم سعي الشركاء للتواصل مع الأسد للضغط عليه لحل الأزمة، وشككت في استعداد الأسد لحل الأزمة السورية". وأضافت واشنطن أنها "لا تعتقد أن سوريا تستحق العودة إلى الجامعة العربية في هذه المرحلة". ورأت وزارة الخارجية العراقية في بيان أن دبلوماسية الحوار ومساعي التكامل العربي التي تبناها العراق كان لها جهد حقيقي في عودة سوريا للجامعة العربية. أما وزير خارجية السيسي فقال: إن "مراحل الأزمة السورية أثبتت أنه لا يوجد حل عسكري لها وأنه لا يوجد غالب أو مغلوب في الصراع". ورأى سامح شكري أن السبيل الوحيد للتسوية في سوريا هو حل سياسي بملكية سورية خالصة دون إملاءات خارجية. وزعم شكري أن معاناة سوريا تفاقمت نتيجة تعثر التوصل إلى تسوية سياسية، داعيا المجتمع الدولي وكافة أطراف الأزمة السورية إلى الوفاء بالتزاماتهم تجاه سوريا وشعبها. وكان دبلوماسي لم يكشف عن هويته أدلى بتصريح سابق لشبكة "سي إن إن" الإخبارية قائلا: إنه "إذا تمت الموافقة على عضوية سوريا، فمن المحتمل جدا أن يترأس رئيس النظام السوري بشار الأسد، وفد بلاده خلال القمة العربية التي تحتضنها الرياض في يوم 19 مايو الجاري". وكشف أن السعودية والأردن من أكثر الدول الداعمة لخيار عودة سوريا للجامعة الدول العربية، فالرياض تريد تعزيز مناخ الاستقرار في المنطقة، وعمّان تريد تعزيز الاستقرار على حدودها. وتعترض بعض الدول على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، منها؛ قطر والكويت والمغرب معللة ذلك بعدم إزالة الأسباب التي أدت لعزلها، أو تعليق عضويتها. موقع "المجلة" السعودي أشار إلى أن الجامعة أبلغت وزير خارجية بشار الأسد فيصل المقداد السبت، بمضمون مسودة القرار، من قبل عدد من وزراء خارجية الدول العربية الذين أجروا سلسلة اجتماعات وزارية خلال الأسابيع الأخيرة، لتنسيق مواقفهم وضمان الإجماع على القرار داخل جامعة الدول العربية. وخلال الأسابيع الماضية، جرت تحركات عربية لإعادة سوريا للحضن العربي من خلال الاجتماع التشاوري الذي عقد في عمّان مطلع مايو، وسبقته محادثات استضافتها مدينة جدة بين مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق. وعقب اجتماع جدة بأيام زار وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، العاصمة دمشق، في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاما. وسبق هذه الرحلة زيارة وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، إلى المملكة. مواقف حركات سوريا وقالت 14 حركة سياسية واجتماعية سوريا: إن "عودة نظام بشار إلى أحضان الجامعة العربية نشرته جماعة الإخوان المسلمون في سورية عبر حسابها أنها رغم ترحيبها باستعادة الدول العربية دورها في تحقيق الأمن والسلام في سورية، إلا أنها أكدت بحسب البيان أن النظام ماض في نهجه الإجرامي والتخريبي تجاه شعبه وأشقائه وجيرانه، وأنه لم يقدم أي مبادرة إيجابية في التعاطي مع القرارات العربية والدولية ذات الصلة، ومن ذلك الخطوات الفورية المطلوبة في وقف استهداف المدنيين -خصوصا في المخيمات، وإطلاق سراح المعتقلين، ولم يحقق أي خطوة في اتجاه الانتقال السياسي". ودعت الحركات إلى وقف التطبيع مع هذا النظام، وبذل كل جهد لإرغامه على الانتقال السياسي الذي يحقق طموحات الشعب السوري وتضحياته الجسام، وضمان الحماية لأبناء الشعب السوري. ومن بين الهيئات السورية الموقعة ، حركة التحرير والبناء، ومركز الشرق العربي لندن، والمجلس الإسلامي السوري، والحزب الوطني للعدالة والدستور وعد، وجماعة الإخوان المسلمين في سورية، ومركز إدراك للدراسات والاستشارات، واللجنة السورية لحقوق الإنسان، لندن، وجمعية حقوق الإنسان السورية في أسطنبول، والمركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، ورابطة أدباء الشام، ورابطة سجناء تدمر، والهيئة السياسية في حماة، والهيئة الشرعية في حماة، ونادي حماة الاجتماعي. ومن أبرز الشخصيات الموقعة الدكتور رياض حجاب، رئيس وزراء سورية الأسبق، والمحامي الحقوقي الأستاذ هيثم المالح، والدكتور أحمد طعمة، رئيس وزراء الحكومة المؤقتة الأسبق، وأسعد مصطفى، وزير الزراعة السوري الأسبق، ومحيي الدين هرموش، وزير الداخلية في الحكومة السورية المؤقتة، وأ.د. عبدالعزيز الدغيم، رئيس جامعة حلب الحرة ونحو 11 آخرين. فظائع النظام وسرد البيان الذي خاطب ملوك ورؤساء الدول العربية سعي المعارضة لمبادرات قابلها النظام بالصد والالتفاف والافتراء في حين أزهق مئات الآلاف من الشهداء، وتسبب في نزوح الملايين مهجرين وآلاف المعتقلين والمغيبين. وقالت: إن "النظام بسط السيطرة على سورية، واستجلب لذلك الميليشيات الإرهابية الأجنبية إلى الأرض السورية، واستدعى القوات الأجنبية الإيرانية والروسية، مهددا وحدة وسلامة سورية، ومعرضا أمنها والمنطقة العربية إلى الخطر، وقد أدى كل ذلك إلى موجات من النزوح والتهجير دفعت لخروج ما يقرب من نصف سكان سورية منها طلباً للحياة والنجاة، وقد قامت دول الجوار مشكورة بتحمل العبء الأكبر في استضافة هؤلاء اللاجئين". وأضافت أن النظام السوري عمد إلى تهديد أمن وسلامة جيرانه من الدول العربية، من خلال تحوله إلى أكبر مصنع للمخدرات والكبتاغون وتهريب الأسلحة في العالم، ومحاولاته الممنهجة لإرسالها إلى الدول العربية وغيرها، مؤكداً على نهجه التدميري تجاه المنطقة وأبنائها، وليس تجاه سورية وحدها. وأوضحت أن النظام السوري استقدم الميلشيات الشيعية إلى سورية تهديدا للأمن القومي العربي، حيث يسعى النظام من خلاله إلى تغيير التركيبة الديمغرافية لسورية العربية. وكانت دول عربية عدة على رأسها السعودية أغلقت سفاراتها وسحبت سفراءها من سوريا، احتجاجا على تعامل النظام السوري عام 2011 مع انتفاضة شعبية تطورت إلى نزاع دام دعمت خلاله السعودية وغيرها من الدول العربية فصائل المعارضة السورية. وعلقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا لديها في نوفمبر 2011. ووافقت 10 دول عربية على إعادة علاقاتها الرسمية مع الأسد، واتخذت 8 دول أخرى خطوات للمراجعة قبل إبداء قرارها الأخير، بينما ظلت 3 دول على موقفها الرافض من إعادة علاقاتها مع سوريا. ويأتي موقف الدول العربية هذا على مشارف اجتماع طارئ بالجامعة العربية الأحد بشأن سوريا ومقعدها المجمد منذ 2011. وتدفع 10 من الدول الأعضاء 22 عضوا في مربع إقامة علاقات رسمية مع بشار الأسد، ويدفع بعضها بقوة لتمثيلها بقمة القادة في 19 مايو الجاري، وفق رصد الأناضول. فيما تتخذ 8 دول أخرى بالجامعة خطوات مراجعة غير مسبوقة بشأن مسار استئناف تلك العلاقات تتركز على حلول لمختلف أوجه الأزمة إنسانيا وسياسيا وأمنيا، بينما ترفض 3 دول علنا السير لتلك الخطوة باعتبار عدم تغير الأسباب التي أدت للتجميد.