مع الانهيار الاقتصادي وتراجع الدخول وانخفاض القوة الشرائية وارتفاع الأسعار وحالة الركود التي تعاني منها الأسواق المصرية في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لمعدل التضخم في مصر خلال العام المالي الجاري ليرتفع في المتوسط بنسبة 21.6%، مقارنة بتوقعات سابقة صدرت في يناير الماضي عند 14.8%. وتوقع الصندوق أن يرتفع متوسط معدل التضخم في مصر خلال العام المالي 2023-2024 إلى 18% مقابل توقعات سابقة بارتفاع بنسبة 8.7%. كان معدل التضخم السنوي في إجمالي الجمهورية قد قفز خلال شهر مارس الماضي إلى 33.9% مقابل 32.9% في فبراير الماضي، مدفوعا بزيادة أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 62.7% كما قفز في المدن خلال مارس الماضي إلى 32.7% مقابل 31.9% في فبراير الماضي. في هذا السياق حذر خبراء من استمرار ارتفاع معدلات التضخم المحلي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع التضخم العالمي وتوقعات تباطؤ النمو . وطالبوا بضرورة تفعيل الأدوات الرقابية في الأسواق لمواجهة أية ارتفاعات غير مبررة في الأسعار، مشددين على ضرورة الدفع نحو استخدام بدائل محلية تغني عن الاستيراد في ظل فروق العملة الضخمة.
إملاءات الصندوق من جانبه أرجع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خزيم ارتفاع معدل التضخم ، إلى زيادات الأسعار خلال الشهرين الماضيين، مشيرا إلى أن هذه الزيادات لن يتحملها سوى المواطن المصري الذي لم يعد في استطاعته تحمل المزيد من أعباء الركود التضخمي الذي يشهده الاقتصاد حاليا. وقال خزيم في تصريحات صحفية: إن "حكومة الانقلاب تنفذ املاءات صندوق النقد الدولي بطريقة عمياء وصماء دون نظر إلى عواقب وخطورة تلك القرارات على المجتمع". وحذر من أن إملاءات صندوق النقد ستؤدي إلى احتقان شديد للطبقة الوسطى وزيادة معدلات الفقر التي وصلت إلى نسب قياسية تاريخية خلال الشهور الأخيرة. وأشار إلى استمرار توظيف منظومة السيسي، في توظيف الأجهزة الأمنية والمعتقلات والقمع لتمرير السياسات المدمرة لقروض صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن تلك السياسيات قادت مصر إلى حالة من التضخم المركب الخارج عن السيطرة، وقضت على قيمة العملة المحلية أمام الدولار، وأدخلت الجنيه في دوامة هبوط قد تصل لأرقام فلكية مع الفقدان الكامل لإدارة السوق من جانب البنك المركزي، وسط نقص شديد بالسلع الأساسية . وأوضح الشاذلي أن نظام الانقلاب كأي منظومة مدينة فاشلة بلا أدوات إنتاج ولا صناعة واصل رهن الأصول بالبورصات العالمية، وبيع المصانع والمؤسسات الهامة لدول أجنبية، ومستثمرين غير معروفين، ما يستدعي تجربة الاحتلال الاقتصادي المقنع للبلاد، وتحكم منظومات أجنبية بحياة وقوت المصريين. وشدد على أن منظومة الاقتصاد المسموم تمكنت من أركان البلاد وأوصلت المواطن لحالة من الفقر، وغياب الخدمات الأساسية، والغذاء، والدواء، وتنذر بكارثة إنسانية وشيكة . وأكد الشاذلي أنه لا سبيل لإنقاذ مصر والمصريين من ذلك الثقب الاقتصادي والاجتماعي الأسود؛ إلا بتغيير سياسي شامل وفوري، يتبعه إعادة هيكلة كاملة للمنظومة الاقتصادية، مع اعتبار كامل لإسقاط جزء من المديونيات، ومراجعة التعاقدات الأجنبية، وإعادة هيكلة القروض .
الفائدة وقال الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بالجامعات المصرية: إن "التضخم يقيس مستوى الأسعار في السوق، مشيرا إلى أن أي متغير يحدث في سعر السلعة يزيد من نسبة التضخم". وأضاف عبده في تصريحات صحفية أن التضخم يتأثر كثيرا بحالات الطقس، فعند وجود موجة حارة أو باردة ترتفع أسعار السلع في الأسواق كالفواكه والخضروات، مما ينعكس تدريجيا على التضخم . واوضح أن التضخم يتأثر أيضا بسعر الفائدة ، فعندما يزداد سعر الفائدة التي تطرحها المؤسسات المالية، يتوجه الأفراد مباشرة إلى تلك المؤسسات، وهذا بدوره يقلل من نسبة التضخم . وأشار عبده إلى أن انخفاض معدل البطالة أيضا يسهم في انخفاض معدل الفقر عن طريق توافر فرص عمل للمواطنين.
التسعير العشوائي وتوقع الخبير المصرفي طارق متولي استمرار تحقيق معدلات تضخم مرتفعة في ظل تراجع قيمة الجنيه والاضطرابات العالمية، فضلا عن تباطؤ الاقتصاد العالمي ونمو التجارة العالمية وهي تداعيات ستنعكس على تكلفة الإنتاج والاستيراد . وأكد متولي في تصريحات صحفية أن التسعير العشوائي لبعض السلع وراء زيادة التضخم بصورة كبيرة بخلاف فارق العملة.
الأدوات الرقابية وطالب الخبير الاقتصادي د. خالد الشافعي بتفعيل كافة الأدوات الرقابية وتوقيع جميع العقوبات الواردة في القوانين التجارية المصرية لمنع التجار من المغالاة في الأسعار ووقف الزيادات الغير المبررة في بعض السلع. وقال الشافعي في تصريحات صحفية: إن "هذه الاجراءات سوف تسهم في إبقاء التضخم عند معدلاته العادلة الناتجة عن فرق سعر الاستيراد بالدولار مقابل الجنيه، محذرا من أنه بخلاف ذلك سيواصل التضخم ارتفاعه بشكل كبير الفترات المقبلة".
الصناعة الوطنية وقال محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية: إن "الأمل الوحيد يتمثل في تعزيز قدرات الصناعة الوطنية بدلا من استيراد التضخم وعدم القدرة على تدبير العملة وتحايل البعض من أجل الاستيراد بسعر مرتفع للدولار". وشدد المهندس في تصريحات صحفية على ضرورة تبني مبادرة تسهم في توفير بدائل صناعية محلية تعيد المصانع للعمل بكامل طاقتها مما يسهم في وفرة السلع في الأسواق. وكشف أن الغرفة أطلقت بالفعل مبادرة تساعد الصناع من خلال جمع الجهات الإدارية والتمويلية في لجنة واحدة لسرعة تذليل العقبات، ومن ثم بدء التعامل الرسمي مع صناعات صغيرة ومغذية بشكل رسمي ما يسهم في توفير بديل عن المستورد، وضرب مثلا بالمسامير التي نستورد منها أطنانا سنويا، وهناك بدائل محلية جيدة يمكن الاعتماد عليها.