مصطفى بدرة: السياسة النقدية للدولة مرتبطة بالاقتصاد والتصنيع وائل النحاس: اتخاذ قرارات شاملة لتجنب حدوث أزمات في السوق المصرفي أحمد خزيم: لن نستطيع القضاء على التضخم إلا برفع معدلات التنمية أكد اقتصاديون أن سعي الدولة لخفض معدلات التضخم لن يتم إلا بالاعتماد على الزيادة الإنتاجية، والعمل على استقرار سعر الصرف، موضحين أن عملية خفض قيمة الجنيه والتي تتم بصورة "ناعمة"، خلال الفترات الماضية، عن طريق خفض هامشي للجنيه أمام الدولار بصورة يومية، وذلك مع استهداف خفض معدلات التضخم هي معادلة صعبة، تتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات يأتي في مقدمتها وجود آليات تضمن زيادة الإنتاج وضخ مزيد من الاستثمارات، بجانب التوسع في برامج الدعم المقدمة للمواطنين. وأعلن صندوق النقد خلال الأيام الماضية عن اتفاق مع مصر على مستوى الخبراء بشأن البرنامج الجديد، وذلك بعد جولات عديدة من المفاوضات، حيث يطالب صندوق النقد بضبط سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية، الأمر الذي ينتج عنه تعويم كامل للجنيه للوصول لنقطة التوازن والسعر العادل، إضافة لوقف أي مبادرات بفائدة مدعمة، ووضع مستهدف للتضخم، الأمر الذي زاد من مخاوف الاقتصاديين من أن عدم تحمل الأسواق القيام بتعويم كامل في ظل المعاناة الحالية للمواطنين من التضخم المرتفع. السياسة النقدية أكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن ضبط السعر، يتم وفقا للوضع الاقتصادي في الوقت الراهن، موضحا أنه يتم بشكل تدريجي تخفيض قيمة الجنيه ومنذ فترة، وذلك بصورة شبه يومية، حتى وصلنا الان إلى سعر الدولار الذي يحوم حول 19.70 جنيه، موضحا أن ذلك يكون عبارة عن مردود وقياس للموارد النقدية من العملة الأجنبية التي تدخل البلاد، وتغطي جزءا من الاحتياجات الخاصة بالدولة. وتابع الخبير الاقتصادي، أننا في انتظار قرض صندوق النقد الدولي، والذي سيتيح سداد بعض من العجز المالي، والأمر الآخر هو زيادة الاستثمارات المباشرة التي تأتي عن طريق الشراكات أو غيرها، مضيفا أنه عندما تدخل أموال يتم صرف جزء منها على المتطلبات والمصروفات التي نحن بحاجة إليها في هذا التوقيت، وحتى الآن لا نعلم متى تنتهي هذه المصروفات، فليس هناك توقع دقيق حول متى ينتهي هذا الأمر، وخاصة أن الدولار في ارتفاع على جميع أموال العالم، وطالما الدولار في ارتفاع تنخفض حميع عملات العالم. وأوضاف "بدرة"، أن التضخم هو جزء كبير منه تم استيراده من الخارج، وفي هذه الظروف لا نستطيع تغيير العناصر الخارجية، مؤكدا أن معدلات التضخم المرتفعة لن تتوقف إلا عندما تنتهي هذه الأزمة العالمية ويتم وضع حد للأزمة الروسية الأوكرانية، ويكون هناك تحسن في الوضع الاقتصادي العالمي، مضيفا أنه مثال على الأزمة العالمية الحالية، هو اتفاق أوبك بلس على حفض إنتاج النفط، الأمر الذي سيؤدي بطبيعة الأمر إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط، مما يزيد من الوضع الحالي الصعب للاقتصاد العالمي. وأوضح أن السياسة النقدية للدولة مرتبطة بالاقتصاد والتصنيع، والاستغناء عن جزء من الاستيراد من الخارج لتوفير العملة الصعبة، بجانب زيادة حركة التشغيل وغيرها من العناصر، مشددا على ضرورة وجود آلية تعمل على زيادة حصيلة الاستثمارات، لتحفيز المستثمر يجب توضيح شريحة الضرائب وعملية الفحص، ويجب أن تكون كل الأمور واضحة منذ بداية نشاطه الاقتصادي، وكذلك يجب ان يكون هناك شفافية بصورة أكبر فيما يخص بعض السياسات، بجانب العمل على توطين الصناعة، والتي تتطلب وجود قوانين محفزة، وكذلك وجود حزمة من المحفزات لكل مُصنع، بدأ من تقديم الأوراق وحتى خروج المنتج النهائي، وأن يكون صندوق دعم الصادرات أكثر فعالية ونشاط، ويتم صرف حافز التصدير بصورة مباشرة وعدم التأخير في ذلك، ووجود آلية ثابتة لصياغة هذا الأمر، وكذلك يجب تقديم محفزات لمن يستورد مكونا من مكونات الصناعة. معاناة بالأسواق وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن الدولار هو عملة مقومة بتم تسعير جميع الأشياء وفقا لها، وبالتالي عند ارتفاع سعر الدولار سينتج عن ذلك بطبيعة الأمر ارتفاع أسعار جميع المنتجات على صورة تضخم، موضحا أن الأسواق المالية تتعامل بأسعار يتم احتساب فيها سعر الدولار أكبر بكثير من السعر الرسمي، وهذا سبب ارتفاع أسعار السلع في الأسواق,
وأضاف أنه خلال الفترات الماضية قامت الدولة بعمل ما يسمي ب"التعويم الناعم"، وهو ارتفاع قيمة الدولار بهامش بسيط بصورة دورية، وآن الأوان الآن أن يتم التعويم الحاد، لمنع نزيف العملة المحلية، ووقف الارتفاع المستمر للدولار والقضاء على السوق الموازية ومنع تواجدها، مشيرا إلى أن سعر الدولار في السوق المحلي مرهون بتوقيت اتخاذ قرار التعويم، أو سيتم استبعاد هذه الفكرة كليا، قائلا إن التأخير ينتج عنه التسعير العشوائي للدولار، والجميع قام بالتحوط بارتفاع مقبل في الأسعار. وأضاف الخبير الاقتصادي، أن الأسواق تعاني بصورة كبيرة من الغلاء وارتفاع سعر الدولار، مما جعل الكثيرين يتخلون عن الدولار مقابل سعر الفائدة، وبالتالي يجب اتخاذ قرارات بصورة كبيرة لتجنب حدوث أزمات في السوق المصرفي. وتابع الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد غير الرسمي هام جدا، يجب أن نرى أخطاءنا حول هذا القطاع ويتم معالجتها، ونسعى أن الفترة المقبلة تتطلب الاهتمام بكل الموارد التي نمتلكها للحفاظ على المخزون الاستراتيجي للسلع في الأسواق، بجانب التوسع في برامج الدعم للمواطنين لتخطي هذه الأزمة العالمية. وأضاف أن سعر الدولار يصعب توقع سعره في المرحلة المقبلة، ويختلف في الأزمة الحالية، عن الأزمات العالمية الماضية، موضحا أن المواطنين خلال الأزمات الماضية كان لديهم فوائض أموال ساعدهم على الصمود حتى انتهت الأزمة، ولكن الوضع يختلف كثيرا في الأزمة الحالية، موضحا أنه حتى إذا تم التعويم، فالوفرة المالية المتوقعة ليست كبيرة، قائلا، إن الوضع الحالي يتحدد حسب ظروف الأسواق، وأي حسابات ودراسات ستكون غير دقيقة، نظرا للتقلبات الشديدة في الاقتصاد العالمي خلال هذه الفترة. زيادة الإنتاج ومن جانبه، أكد الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن هناك 4 أنواع من التضخم، فهناك التضخم الأصيل وهو زيادة الطلب مع نقصان العرض، وهناك التضخم المكتوم، والذي نعاني منه، وهو استخدام الهندسة المالية وقياسات التضخم والاعتماد على السندات والقروض تحت مسمى الاستثمارات المباشرة، موضخا أن التضخم هو حالة ناشئة عن زيادة الأموال في غياب الإنتاج، مؤكدا أن الأصل في الاقتصاد هو زيادة الناتج القومي، ووجود إنتاج صناعي وزراعى وغيره. وتابع الخبير الاقتصادي، أنه في ظل غياب العملية الإنتاجية أو الناتج المحلي سيزداد الوضع الحالي، موضحا أنه عند مضاعفة الناتج المحلي لن تكون فوائد القروض أمرا مزعجا، ويجب ألا تزيد على 60% من الناتج المحلي، ويجب وضع روشتة لإعادة هيكلة الاقتصاد المحلي تعتمد على تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإلغاء فكرة الاستحواذات، وتشجيع الاستثمار في الإنتاج بدلا منها، وتبني فكرة تطوير المصانع، مضيفا أنه على المدى الطويل، يجب أن يتم وضع بعض المشروعات القومية الإنتاجية مثل المنطقة اللوجيستية والتكنولوجيا للشراكة مع الدول الرائدة في هذه المجالات مثل الصين أو الهند وغيرها، بدلا من التوسع في مشروعات التطوير العقاري. وتابع أنه لن نستطيع القضاء على التضخم إلا إذا زادت معدلات التنمية وليس النمو، وزيادة معدلات التنمية يجب التوسع في التصنيع والإنتاج والتشغيل، وزيادة دخول المواطنين، فالعمل على إيجاد حلول للوضع الراهن يعتمد على زيادة العملية الإنتاجية وتبسيط الإجراءات، مؤكدا أن هناك 5 أنواع من الاقتصاديات، منها الزراعي والتصنيع الزراعي، حيث يجب وضع رؤية كاملة للنهوض بهذا القطاع وزيادة قيمته المضافة، وبالنسبة للاقتصاد الصناعي فيجب الاهتمام بالصناعات الاستخراجية، وهناك الاقتصاد البحري والذي يتطلب أن يتم النظر إليه، فهو من أهم الاقتصاديات خلال هذه الفترة والتي من الممكن أن تزيد الحصيلة الدولارية، وبجانب ذلك فهناك الاقتصاد السياحي وهو لابد أن يدار بفكر إبداعي وبعيدا عن النمطية، وهناك أيضا الاقتصاد الخدمي وهنا يجب استغلال وجود 54 دولة إفريقية يجب غزو أسواقها وانتشار فروع البنوك المصرية وشركات المقاولات بها، قائلا: إنه إذا لم نستطع تصدير منتجات على المدى القصير فيجب تصدير الخدمة المتمثلة في البنوك وشركات التأمين وشركات المقاولات. وشدد على ضرورة الاستفادة من المزايا النسبية التي نمتلكها لتشجيع التصنيع، ويجب وجود قوانين ميسرة وبيئة حاضنة للعملية الإنتاجية، ويتدخل البنك المركزي لتسهيل دخول مستلزمات الإنتاج للحفاظ على الصناعة الوطنية، والتي هي حائط صد أمام الأزمات للحفاظ على الاقتصاد الوطني.