يترقب قطاعات واسعة من الكيان الصهيوني انطلاق انتفاضة فلسطينية جديدة ردا على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وآخرها اقتحام مدينة "جنين" الثلاثاء 07 مارس، وقتل ستة فلسطينيين، وإصابة نحو 26 آخرين. وكانت وزارة الصحة بالسلطة الفلسطينية قد أعلنت الأربعاء (08 مارس 23م)، ارتفاع عدد قتلى ومصابي اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين، أمس، إلى ستة قتلى و26 مصابًا، بينهم إصابات خطيرة. كما اقتحم الأربعاء نحو مائتي مستوطن المسجد الأقصى مجددًا، من جهة باب المغاربة، في حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي، حيث أدوا طقوس اليوم الثاني من عيد المساخر اليهودي. وتسود المخاوف بين الأوساط الصهيونية خشية اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة؛ ودعا قادة شرطة سابقون في كيان الاحتلال، الأربعاء، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى عزل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، معتبرين أنه يسعى إلى "تفجير انتفاضة ثالثة" بإصداره تعليمات بهدم المنازل الفلسطينية في القدسالشرقية خلال شهر رمضان المقبل. وفي رسالة وقّعها 5 قادة سابقين و33 من كبار مسؤولي الشرطة السابقين موجهة إلى نتنياهو، قالوا إنه "يجب عزل بن غفير من منصبه ونقله إلى أي موقع آخر". وأشاروا إلى أن زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف يتدخل في عملية صنع القرار ويستغل الأحداث والشرطة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية. كما "يتصرف بشكل يتعارض مع السلطات التي يمنحها له القانون".وقادة الشرطة السابقون الموقعون على الرسالة هم: شلومو أهارونيسكي، وآساف حيفيتس، وروني الشيخ، ورافي بيليد، وموشيه كرادي. ولفتوا في رسالتهم إلى أن بن غفير "أمر ضباط الشرطة بمواصلة تنفيذ أوامر الهدم في القدس حتى خلال فترة رمضان"، موضحين أن "هذه خطوة لا تقل عن إلقاء عود ثقاب مضاء في برميل من البارود"، الأمر الذي من شأنه في أحسن الأحوال "تفجير الانتفاضة الثالثة"، وفي أسوأ الأحوال إشعال نيران غير ضرورية في العالم الإسلامي خارج حدود البلاد، بحسب الرسالة. وحذر القادة من أن "تجاوز أولويات الشرطة لتلبية الاحتياجات السياسية للوزير قد يكون له تكلفة أمنية غير ضرورية".وقبل يومين، أعلن بن غفير أنه أوعز إلى الشرطة الإسرائيلية بهدم المنازل الفلسطينية في القدسالشرقية خلال شهر رمضان. وعادة ما تمتنع الشرطة الإسرائيلية عن تنفيذ أوامر الهدم خلال شهر رمضان لتفادي تفجير مواجهات مع الفلسطينيين. ويعتبر بن غفير من أبرز داعمي الاستيطان في القدسالشرقية خصوصا، والضفة الغربية عموما. إضراب بالضفة وردا على هذه الاعتداءات الصهيونية المتكررة، عم الإضراب الشامل محافظاتفلسطين، الأربعاء، استجابة لدعوات فصائل وقيادات فلسطينية، تداول صحفيون فيديوهات توضح حجم الدمار بمخيم جنين، الذي خلفه الاقتحام. وتم استهداف منزل بصاروخين على الأقل خلال الاقتحام، حسبما أوضحت وكالة أنباء السلطة الفلسطينيةبرام الله. وشيَّع آلاف المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، الأربعاء، جثامين الشهداء الستة الذين قتلوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي. وجرى تشييع الجثامين في مدينتي جنين ونابلس. وفي جنين، انطلق موكب تشييع جثامين محمد وائل غزاوي (26 عاما)، و طارق زياد مصطفى ناطور (27 عاما)، و زياد أمين الزرعيني (29 عاما)، ومعتصم ناصر صباغ (22 عاما)، ومحمد أحمد خلوف (22 عاما)، من أمام مستشفى "سليمان" الحكومي، وصولا إلى وسط المدينة، ومن ثم شُيع كل واحد منهم إلى منطقة سكنه. ووفق شهود عيان، رفع المشيعون أعلام فلسطين، مرددين هتافات منددة ب"الانتهاكات" الإسرائيلية، فيما أطلق مسلحون النار في الهواء تعبيرا عن الغضب. وفي نابلس، انطلق موكب تشييع عبد الفتاح حسين خروشة (49 عاما)، من أمام مستشفى "رفيديا" الحكومي، وصولا إلى وسط المدينة، ومن ثم إلى مسقط رأسه في مخيم عسكر القديم شرقي المدينة. وكانت حركة حماس قد دعت جماهير الشعب الفلسطيني في محافظة نابلس للمشاركة في تشييع الشهيد القسامي خروشة. وبينت حماس أن مسيرة التشييع ستنطلق من أمام مستشفى رفيديا، بعد صلاة الظهر، مؤكدة على الحضور دعما لمسيرة الجهاد والمقاومة. والقسامي خروشة أسير محرر أمضى في سجون الاحتلال 9 سنوات، واستمر آخر اعتقال له لمدة (40) شهراً، تحرر منه بتاريخ 13/12/2022. وزفت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، "الشهيدين القساميين المجاهدين عبد الفتاح خروشة ومعتصم صباغ، وإخوانهما أبطال التصدي للعدوان على جنين". وقامت عناصر من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح و"كتيبة بلاطة" بحمل جثمان الشهيد على الأكتاف ورددوا شعارات مشيدة به في مخيم عسكر. وأمام مسجد مخيم عسكر الكبير احتشد آلاف المشيعين ورفعوا رايات حركة حماس الخضراء فيما هتفوا: "يا أبو فارس يا نوارة دمك مش رح يروح خسارة"، "تحية من جبل النار لأبو فارس هالمغوار". وذكر شهود عيان ومشاركون في التشييع أن أجهزة الأمن الفلسطينية أطلقت قنابل الغاز وقنابل الصوت على المشيعين في نابلس، حيث سقط جثمان الشهيد على الأرض. وأظهرت فيديوهات متنوعة محاصرة مجموعة من المشيعين فيما قامت سيارة جيب عسكرية تابعة لقوات الأمن الوطني باعتراض الشارع الذي كان للجنازة أن تمر منه. كما أظهرت الفيديوهات إطلاق قنابل من الغاز السام باتجاه مجموعات المشيعين. خيانة السلطة وذرا للرماد في العيون، قال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، محمد اشتية: «للشعب الفلسطيني الحق في مواصلة نضاله لإنهاء الاحتلال، ونيل حريته، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس». وطالب اشتيه العالم ب«إدانة إرهاب الاحتلال ومعاقبته على جرائمه المتواصلة». لكن اعتداء عناصر أجهزة السلطة الأمنية على جنازة الشهيد خروشة مثل برهانا جديدا على الدور القذر الذي تمارسه السلطة لخدمة الاحتلال. و وقالت حركة "حماس" إن "الاعتداء على المشيّعين لجثمان الشهيد عبد الفتاح خروشة واعتقال عدد منهم، تجاوز لكل الخطوط الحُمر، بالوقوف ضد إرادة الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية، ونطالب بمحاسبة المتورطين والمسؤولين عن هذا العمل الجبان والمُدان، بما يضمن وقف سياسة القمع والتنكيل". وفي سياق متصل علق وليد العوض، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، على ما جرى مع جثمان الشهيد معتبرا ما فعلته الأجهزة الأمنية في نابلس من قمع لجنازة منفذ عملية حوارة "الشهيد عبد الفتاح خروشة" مدانا وغير مقبول على الإطلاق يتطلب التحقيق الفوري. وأدانت حركة الجهاد الإسلامي بشدة اعتداء أجهزة الأمن الفلسطينية ووصفت السلوك بالمشين والخارج عن التقاليد الوطنية الأصيلة ويمثل انحطاطا أخلاقيا ووطنيا. وعمّ الإضراب الشامل أرجاء محافظاترام الله وسلفيت والخليل وقلقيلية وطولكرم حدادا على أرواح شهداء مجزرة جنين، وأغلقت المحال التجارية أبوابها، تنديدا بمجزرة الاحتلال في جنين. وكانت مدن الضفة الغربية وقراها ومخيماتها قد شهدت مسيرات حاشدة بناء على دعوة مجموعات "عرين الأسود" بعد ساعات منتصف الليل، حيث انطلقت مسيرات في عدة مدن ومناطق بالضفة المحتلة بينها رام الله، ونابلس، وقلقيلية، وبيتا، وطولكرم، والخليل. كما واندلعت اشتباكات مع قوات الاحتلال في نابلس، فجر اليوم، بعد ساعات من المجزرة في مخيم جنين والمسيرات التي انطلقت في عدة مناطق بالضفة المحتلة تلبية لنداء مجموعات "عرين الأسود". وأعلنت مجموعات "عرين الأسود"، في تصريح صحافي، أن مقاوميها شاركوا في الاشتباكات مع قوات الاحتلال خلال اقتحامها المنطقة الشرقية من نابلس. وفي سياق متصل، قالت كتيبة طولكرم "الرد السريع" إن مقاتليها أطلقوا النار من "نقطة صفر" تجاه منازل المستوطنين في مستوطنة "بيت حيفر"، ضمن الرد على مجزرة مخيم جنين.