"الدولار يوصل 100 جنيه ولا البلد يضربها زلزال يجيبها الأرض ؟" هكذا روجت لجان السفاح السيسي على مواقع السوشيال ميديا، ووضعت زلزال تركيا والذي هو فعل إلهي ومشيئة ربانية بحتة، في مقارنة مع فشل الجنرال السيسي والذي أوصل مصر إلى الحضيض في كل شيء، وبات الفقر راية ترفرف في سماء مصر. في الوقت الذي لم يتسول فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مليما من الخارج، رغم الخسارة الفادحة جراء الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبتركيا، بل خرج أمام الشعب التركي وتحدث معهم قائلا "سنبني كل بيت تهدم ونزرع كل غصن احترق فثقوا بدولتكم" في الوقت الذي لا يترك السفاح السيسي مناسبة ولا فرصة إلا وينثر إحباط الموت من حوله بقوله "إحنا 100 مليون بقول كدا للدول اللي بتسمعنا وبيقولوا ليه مبتدوش حقوق للناس، حقوق إيه أنا مش لاقي آكل مش عارف أعلم مش عارف أعالج مش عارف أسكن مش عارف أشغل".
رئيس منتخب أم منقلب فاشل؟ شهدت الجمهورية التركية، منذ تأسيسها، تدخلات عديدة للجيش في الحياة السياسية من خلال 4 انقلابات عسكرية، اثنين منها أديا لتغيير الحكومة دون سيطرة الجيش على مقاليد الحكم. وفي 15 يوليو من عام 2016 وقعت محاولة انقلاب فاشلة أعقبتها تغيرات كثيرة شهدتها البلاد، فماذا حدث خلال السنوات الخمس الأخيرة؟ أغلق العسكريون المتمردون الشوارع في أنقرةوإسطنبول، وكُلفت القوات الخاصة باعتقال الرئيس رجب طيب أردوغان الذي كان من المفروض أن يكون اعتقاله تتويجا لانقلابهم. فقد هاجم رجال القوات الخاصة، وهم يطلقون النيران ويلقون القنابل اليدوية، الفندق الذي كان يقيم به الرئيس، وهو فندق كلوب توربان الفخم في منتجع مارماريس الساحلي جنوبتركيا، وهم مسلحون ببنادق آلية وقنابل يدوية، وقتلوا اثنين من حراسه. وكان هؤلاء الرجال يبحثون عن شخص بعينه – الرئيس رجب طيب أردوغان – الذي كان يقضي عطلة في فيلا خاصة ملحقة بالفندق المذكور، ولكنهم كانوا متأخرين بعض الشيء، فبعد وصول بلاغ من مصدر ما، تم نقل الرئيس التركي من المنتجع بطائرة مروحية. وما أن وصل إلى مطار دالامان، حتى استقل طائرة خاصة أقلته إلى إسطنبول، وقام قائد الطائرة بتمويه هويتها بحيث ظهرت لنظام الرادار وكأنها طائرة مدنية عادية. وبعد الساعة الثالثة فجرا، ظهر الرئيس أردوغان خارج مطار أتاتورك في إسطنبول وسط هتافات مؤيديه وأنصاره فشل الانقلاب، وخرج الرئيس رجب طيب أردوغان من المحنة أكثر قوة مما كان، ولقد مثلت تلك الليلة بالنسبة لكثيرين من الأتراك ولادة جديدة للجمهورية التركية المعاصرة، وبث الرئيس أردوغان أثناء سفره من مارماريس إلى إسطنبول رسالة مصورة نقلها التلفزيون التركي ، حث فيها المواطنين على الخروج إلى الشوارع ومواجهة المحاولة الانقلابية. واستجاب الأتراك لدعوة أردوغان بقوة، وقتل 265 شخصا في المواجهات التي جرت بين المواطنين والانقلابيين، فقد ألقى البعض بأجسادهم أمام دبابات الانقلابيين لمنعها من التحرك، بينما تعرض آخرون لنيران الانقلابيين على جسر البوسفور في إسطنبول في محاولتهم لدحر المتآمرين، وبحلول الفجر، تبين أن المحاولة الانقلابية قد بات بالفشل. وكتب مارك لوين في بي بي سي يقول إنه "للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923، نجح الشعب في الوقوف بوجه دبابات العسكر، فقد شهدت تركيا في العقود الماضية 4 انقلابات عسكرية ناجحة، ولكن أردوغان نجح في منع نجاح انقلاب خامس". وعقب فشل المحاولة الانقلابية، تجمع الملايين في تظاهرات ليلية، هاتفين باسم أردوغان ومنشدين نشيد حملته الانتخابية، وفي غضون ساعات، تحول أردوغان من رئيس كاد يفقد السيطرة على بلاده إلى زعيم لا يمكن يقهر. نال ثقة شعبه. منذ أن قاد رجب طيب أردوغان حزب العدالة والتنمية عام 2002 وفوزه بالحكم في تركيا، أثبت أنه قائد نزيه ومحنك سياسيا، وذو شخصية كاريزمية، متفانيا ومخلصا لبلده ويحترم شعبه. وطالما تمتع القائد بالنزاهة والشرف وعدم استغلال منصبه السياسي ودوره القيادي في ظلم شعبه أو انتهاك حقوقه أو نهب ثروات بلاده كلما نال تقدير شعبه ونال ثقته به. طيب رجب أردوغان أثبت على مدى السنوات بأنه رجل يضع مصلحة بلده وشعبه فوق أي اعتبار، لذا حقق نجاحا ملموسا ومشهودا على المستوى الاقتصادي والسياسي، علاوة على المكانة الدولية التي حققتها تركيا بقيادته. فمنذ الأزمة المالية التي حلت بتركيا بين عامي 1999 و2002 بسبب قرض صندوق النقد الدولي الذي قدمه لتركيا عام 2001 في عهد حكومة "بولنت أجاويد" أدى إلى ارتفاع حجم المديونية الخارجية، وارتفاع العجز في الميزانية واختلال عمل البنوك التركية وإغلاق الآلاف من الشركات التجارية، وانخفاض استثماراتها، وارتفعت البطالة فيها إلى مستويات مرعبة بسبب إغلاق الشركات والمصانع.
رؤية حل الأزمة لكن حزب العدالة والتنمية وقبل انتخابه قدم رؤيته لحل الأزمة من خلال رجل الاقتصاد الثاني في تركيا "عبد الله غول" واستطاعت تركيا تحقيق إنجازات اقتصادية كبيرة منها: ارتفع دخل الفرد السنوي من 3500 دولار عام 2002، إلى 17468 ألف دولار حسب إحصاءات برنامج الاقتصاد التركي لعام 2013، ووصلت صادراتها من 36 مليار دولار أمريكي واستمرت في الارتفاع إلى أن وصلت 140 مليار دولار عام 2013، ومن المتوقع لها أن تصل إلى 500 مليار دولار هذا العام 2023، العام الذى ستحتفل به تركيا بالذكرى المئوية لقيام الجمهورية التركية. ارتفعت قيمة الليرة التركية منذ عام 2002، من مليون ونصف ليرة مقابل الدولار الأمريكي، إلى أن صارت 2 ونصف ليرة تركية مقابل الدولار عام 2014، وارتفع عدد الشركات الأجنبية المستثمرة في تركيا من5400 شركة عام 2002، إلى أكثر من 37 ألف شركة أجنبية عام 2014. وانخفضت نسبة البطالة من 38 بالمئة، إلى 2 بالمئة فقط، وارتفع الناتج القومي الإجمالي من 230 مليار دولار أمريكي في العام 2002 إلى 820 مليار دولار خلال العام 2013. تم افتتاح أكثر من 125 جامعة في تركيا، ازداد النمو الاقتصادي في عهد أردوغان 5 بالمئة، بين عامي 2002 و2013، تحتل تركيا الآن المرتبة السادسة عشرة في ترتيب الاقتصاديات على مستوى العالم، وتحتل مدينة إسطنبول المرتبة 27 على مستوى العالم من حيث المدن الأكثر تأثيرا على مستوى العالم. بقدوم حزب العدالة والتنمية إلى الحكم ازدادت ثقة الشعب التركي بالحزب، وازدادت ثقة الشعب في انجازاته بقيادة أردوغان، فقد فاز حزب العدالة والتنمية في ثلاثة انتخابات نيابية، وفي ثلاثة انتخابات للمجالس المحلية، أردوغان نال ثقة شعبه في انتخابات ديمقراطية نزيهة، ونال ثقة برلمان بلده وحين حدث الانقلاب عليه كانت المعارضة بكل أحزابها أول المدافعين عنه، ووقفوا بجانبه ضد انقلاب عسكري دبرته جهات تركية معارضة لأردوغان وبتعاون مع استخبارات دولية.