مدارس التربية والتعليم تحولت في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي إلى ساحات للبلطجة واستعراض العضلات والمشاحنات والاشتباكات بالسلاح الأبيض ، ووصلت المأساة إلى وقوع جرائم قتل وخطف وهتك عرض، وهذا يؤكد انهيار المنظومة التعليمية بسبب محاولات عصابة العسكر سحب البساط من تحت أقدام التعليم المجاني وتطفيش أولياء الأمور وتنفيرهم من المدارس الحكومية ودفعهم إلى نقل أبنائهم إلى مدارس خاصة لا يستطيعون دفع رسومها في ظل موجات الغلاء المتتالية التي تطحن المصريين وتعمل على تجويعهم . وتسبب العنف المدرسي على مستوى كل محافظات الجمهورية، سواء كان ذلك العنف في صورة هجوم أو أي ممارسات عنيفة لفظية أو بدنية على أي شخص موجود داخل النظام المدرسي، في تشويه المناخ العام للمدرسة، وانتشار الخوف بين الطلاب، وانعدام الأمن داخل المدارس وتدهور العملية التعليمية . كان طالب بالصف الثالث الثانوي بمدرسة موسى عبدالشافي الثانوية المشتركة بمركز دكرنس التابع لمحافظة الدقهلية قد قام بالاعتداء على مديرة المدرسة أثناء اليوم الدراسي. بدأت أحداث الواقعة حينما قامت مديرة مدرسة وتدعى "ف.س" للإشراف على ري قطعة أرض يتم زراعتها تابعة للمدرسة فوجدت طالبا بالصف الثالث الثانوي متغيبا عن المدرسة منذ بداية العام الدراسي يدخل ناحية الأرض التابعة للمدرسة ومعه موتوسيكل ومجموعة من الطلاب قرب وقت خروج الطالبات، فتوجهت إليه وعاتبته للتواجد وقت خروج الطالبات بقصد معاكستهن وطلبت منه الدخول للمدرسة إلا أنه اعترض وسبها بشتائم وألفاظ خادشة، ثم اعتدى عليها بالضرب حتى سقطت مغشيا عليها وتم نقلها فورا للمستشفى. وأكد التقرير الطبي المبدئي إصابة مديرة المدرسة بكدمة بالساعد الأيمن وأخرى بالساعد الأيسر وكدمة أعلى الصدر من الأمام وخدوش بأعلى الظهر من الخلف وخدش بالرقبة من الأمام وخدوش بالخد الأيمن وكدمة أسفل العينين وخدش بجانب العين اليمنى.
العنف الأسري حول هذه الأزمة قالت الخبيرة التربوية الدكتورة ولاء شبانة إن "انتشار العنف بين طلاب المدارس يرجع إلى التربية الخاطئة من جانب الأسرة وعدم التعامل بمبدأ التربية الإيجابية، مطالبة أولياء الأمور والمعلمين والتربويين بأن يعلموا أن التربية علم لا يستهان به ، وأننا يجب أن نلتزم بقواعده حتى ينشأ جيل سوي ينفع نفسه وبلده. وأضافت د. ولاء شبانة في تصريحات صحفية أن من أهم أسباب العنف لدى الطفل هو "العنف الأسري" الذي يمارس بين الأب والأم سواء كان عنفا لفظيا أو جسديا، وكذلك الفوضى في المنزل وعدم استقراره وإهمال الأطفال مشيرة إلى أن هذه الأجواء تولد الشعور بالعنف لدي الطفل وتجعله يحاول أن يمارس هذا الدور على أصدقاء المدرسة. وأشارت إلى أن الاستخدام الخاطئ للسوشيال ميديا وتأثير مشاهد العنف التي يشاهدها الأطفال عليهم ومحاولتهم تقليد الشخصيات التي يشاهدونها، يؤدي إلى تعلمهم السلوك العنيف وممارسته في المدارس، موضحة أنهم لا يستطيعون أن يقلدوا هذه المشاهد داخل المنزل لوجود الأبوين لكن في المدرسة الساحة تتسع لهم لممارسة مثل هذه السلوكيات . وكشفت د. ولاء شبانة أنه في حال استدعاء الأهل للتحدث معهم حول مشاكل الطفل لا يستوعبون أن ابنهم يمارس العنف داخل المدرسة ، لأنهم لا يرون مثل هذه التصرفات في المنزل ومن هنا تحدث الفجوة الكبيرة بين الآباء والأبناء.
كثافة الفصول وشددت على أن دور الأهل أساسي في تكوين شخصية الأبناء ، مطالبة الأبوين بالتحدث مع الأبناء ومتابعة المحتوي الذي يشاهدونه ومراقبة تصرفاتهم ومعرفة أصدقائهم. واشارت د. ولاء شبانة إلى أن السبب الثاني لانتشار العنف في المدارس هو صعوبات التعلم، لأنه في الغالب لا يدرك المعلم أن الطفل يعاني من صعوبات تعلم ويبدأ المعلم في توجيه الاتهامات للطفل بأنه محدود الذكاء وأنه لا يستطيع فهم الدروس بجانب اتهامه بالكسل، وبالتالي يتعرض للتنمر ما يؤدي إلى الشجار مع زملائه، مؤكدة أنه نتيجة لذلك يصبح الطفل شديد العصبية وتتحول سلوكياته إلي عدوانية، لذلك يجب أن يكون المعلم مؤهلا للتعامل مع الأطفال واختلاف قدراتهم العقلية، وعدم توجيه الاتهامات للأطفال بأنهم محدودو الذكاء وغير ذلك مما يتترك اثرا نفسيا لديه مدي الحياة. وأكدت أن الزيادة العددية داخل الفصل والمدرسة تخلق حالة من الفوضى والعصبية خاصة في المراحل الأولي من التعليم، وهذا يحتم ضرورة العمل على الحد من الكثافة العددية، محذرة من أن للعنف في المدارس عواقب وخيمة طويلة الأجل على حياة الأطفال ومستقبلهم ومستقبل المجتمعات التي يعيشون فيها. وطالبت د. ولاء شبانة بعد التسامح إزاء العنف المدرسي ، موضحة أن الحقيقة المؤلمة لكثير من الأطفال هي أن المدارس تعرضهم للعنف مما يحرمهم من حقوقهم بما فيها الحق في حياة خالية من العنف والحق في التعليم كما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل.
شخص عدواني وقال الدكتور علاء الغندور استشاري التأهيل النفسي والسلوكي، إن "العنف الجسدي داخل المدرسة الذي يتمثل في ضرب الطلاب بعضهم البعض أو من خلال المعلم عن طريق إلحاق الضرر الجسدي باستخدام أداه مثل العصا لتنفيد العقاب للطلاب يتسبب في ألم نفسي كبير داخل نفسية الطالب ويحوله إلي شخص عدواني ". وأضاف الغندور في تصريحات صحفية أن العنف اللفظي، من خلال التنمر واستخدام ألفاظ وتوجيه الكلمات القاسية أو السخرية والاستهزاء يجعل الطالب المعتدي عليه يحاول الدفاع عن نفسه بطريقة مثلها أو أكثر منها ، وهو ما يؤدي إلى وقوع أحداث العنف التي نشاهدها من وقت إلى آخر . وشدد على ضرورة تواجد أخصائيين نفسيين واجتماعيين بالمدرسة لعلاج المشكلات التي تحدث داخل المدرسة، وأن يكون هناك عقاب قاسٍ للمعلم الذي يمارس العقاب الجسدي أو اللفظي ضد الطلاب، وأيضا يكون هناك عقاب قاس للطالب الذي يعتدي علي زملائه أو يتنمر عليهم. وطالب الغندور بضرورة إخضاع المعلمين إلى دورات تأهيل قبل البدء في ممارسة التعليم للطلاب حتى يتمكنوا من السيطرة على الطلاب داخل المدرسة، ويتم توعية الطلاب بضرورة الالتزام بقوانين المدرسة وآداب الحديث وتعليمهم كيفية التعامل مع الآخرين.