مدارس مصر تحولت إلى أماكن للفوضى والبلطجة والعنف في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي ، ولم يعد للتعليم فضلا عن التربية أي اهتمام ، فالمدارس تشهد أحداث عنف وصلت إلى القتل والسحل والسرقة والبلطجة والسطو المسلح حتى البنات انخرطت في هذه الجرائم وهذا تطور غير مسبوق في المجتمع المصري ، لكنه نتيجة طبيعية لممارسات عصابة العسكر التي أفسدت المجتمع وأبعدته عن قيمه وتقاليده بل وأبعدته عن دينه وعقيدته. وفي ظل الإهمال الذي تعاني منه مدارسنا انتشرت ألعاب الموت مثل الخنق وتقطيع الجسم المعروف بالcutting و«تشارلي» بين الطلبة والطالبات، وتسبب هذا في إصابة طالبتين في مدرسة بإمبابة بحالة هياج عصبي . كان نشطاء موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، قد تداولوا منشورا يتضمن تضرر سيدة من قيام طالبة بإحدى المدارس بمنطقة الزاوية الحمراء بالقاهرة بالتعدي على شقيقتها بالضرب باستخدام سلاح أبيض وإصابتها بجرح قطعي في الوجه ، مناشدة الأطباء علاجها لعدم قدرة الأسرة على تحمل نفقات العلاج ،وتبين أن الطالبة استخدمت «كاتر» لإصابة زميلتها بسبب خلافات سابقة بينهما وأمام إحدى المدارس الابتدائية بمنطقة سنهور القبلية بالفيوم، تعرضت طالبة للإصابة في عينها اليمنى نتيجة لهو أحد زملائها بعصى خشبية، ما أدى إلى استئصال عين الطفلة بقسم الرمد بأحد المستشفيات بالقاهرة.
أسلحة بيضاء
حول مشكلة العنف داخل المدارس قال محمد مسعود مدرس لغة عربية بالمرحلة الثانوية، إن "هناك كثيرا من المشاجرات التي تحدث بين الطلبة ،خاصة أنهم في مرحلة المراهقة، مشيرا إلى أن الأمر داخل بعض المدارس الحكومية يصل لاستخدام أسلحة بيضاء، وفي حالة تدخل المدرسين أو المشرفين لفض المشاجرات ينتظر بعض الطلاب زملاءهم خارج المدرسة لاستكمال المشاجرة". وأكد مسعود في تصريحات صحفية أن هذه السلوكيات قد تكون بسبب تقليد بعض الممثلين الذين يقدمون أدوار البلطجة، وهي سلوكيات خاطئة وظاهرة زادت كثيرا في الفترة الأخيرة. وأوضح مصطفى سيد مدرس دراسات اجتماعية بالمرحلة الإعدادية بإحدى المدارس الخاصة بالجيزة، أن سلوكيات العنف تكون بين الطلبة وبعضهم البعض، بسبب رغبتهم في فرض سيطرتهم على الآخرين وإحساسهم بأنهم أقوياء، بالإضافة إلى التنافس والغيرة بينهم، معتبرا أن السبب الرئيسي في هذا العنف هو التنمر الذي يولد الحقد والكراهية داخلهم، فيبدأ الموضوع بمزاح ثم يتطور إلى مشاجرة وعنف. وأضاف سيد في تصريحات صحفية، لتفادي هذه الحالة المنتشرة من العنف يجب تربية الأبناء منذ الصغر على كراهية التنمر، وعدم التمييز.
مسئولية مشتركة
واعتبرت الدكتورة إنشاد عز الدين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، أن مسئولية هذه الظاهرة مشتركة بين المدرسة والمعلمين والمنزل معا، مشيرة إلى أن أولياء الأمور يقع عليهم عبء توعية أبنائهم بخطورة العنف وضرورة تربيتهم على التعامل بشكل لائق مع زملائهم في الدراسة، لأنهم يقضون معهم أوقاتا أكثر من منازلهم. وأكدت د.إنشاد في تصريحات صحفية أن الطلبة أيضا عليهم دور مهم وهو عدم رد العنف بالعنف، بل إبلاغ إدارة المدرسة لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد المشاغبين، حتى لا تحدث إصابات بينهم. وشددت على أهمية وجود الإخصائي النفسي والاجتماعي في المدرسة مع انتشار ظاهرة التنمر التي زادت بشكل لافت بين الأطفال والمراهقين والشباب. وأشارت د.إنشاد إلى وجود عوامل أخرى لانتشار ظاهرة العنف في المدارس منها ثقافة المجتمع، وبعض وسائل الإعلام التي تكرس العنف من خلال السينما والتليفزيون والسوشيال ميديا، والإحساس بالقهر والظلم، والجهل، مع ضعف التواصل مع الطلاب، وهناك عوامل تربوية تساعد على تنمية العنف والتطرف لدى الطلبة، مثل عدم رغبة الطلاب في مواصلة الدراسة، وإهمال حصص الأنشطة من رسم وكتابة وإبداع، والرياضة التي تخلق روح المنافسة وتنمي الأخلاق.
سلوك عدواني
وكشفت الدكتورة بثينة عبدالرؤوف الخبير التربوي، أن العنف المدرسي سلوك عدواني من الطفل يحدث للأسف في المدرسة التي هي بيت الطالب الثاني ، ويشكل ضررا كبيرا على المناخ المدرسي ويعرقل دور المدرسة في إتمام العملية التعليمية، موضحة أن انتشار هذه الظاهرة يرجع إلى المشكلات المرتبطة بالأسرة مثل التنشئة الخاطئة والإهمال والقسوة والتفرقة بين الأبناء وفقدان الحنان والعطف، وكثرة الأولاد، والإفراط في التدليل، وعدم الاهتمام بأخلاقيات الطفل وتدينه . وحذرت د. بثينة في تصريحات صحفية من أن هذا العنف يؤثر على الطلاب، ما أدى إلى حدوث عنف مضاد يؤدي إلى تدني المستوى التعليمي والغياب المتكرر والتسرب من التعليم. وأشارت إلى أهمية الحوار مع الطفل، فأحيانا يكون عنف الطفل رد فعل وليس فعلا، كأن يكون مظلوما في البداية واضطر للدفاع عن نفسه أحيانا والعنف ليس من طبعه، وهنا يجب أن يكون للمدرسة والمشرفين والإخصائي الاجتماعي دور في تقويم سلوك الطلبة مع تنمية مهاراتهم الإبداعية.
اجتماع أسري
وطالبت داليا الحزاوي، رئيس اتحاد أولياء أمور مصر، الأسر بمتابعة أحوال أبنائهم، مشيرة إلى أن انشغال الأسر عن الدور المنوط بها في تربية الأبناء نتيجة ضغوط الحياة، وهذا كان سببا لتراجع سلوكيات الأبناء. وشدد داليا الحزاوي في تصريحات صحفية على ضرورة أن يكون هناك اجتماع أسري كل فترة لتفقد أحوال الأبناء، مضيفة أن الإعلام له دور في تشكيل الأخلاق، حيث شهدت السينما والتليفزيون انحدارا في المحتوى الفني من خلال تقديم نماذج البلطجية كنجوم، مع تفعيل دور الأنشطة الطلابية والمدرسية لتنمية مهارات الأبناء في المواهب التي يمتلكونها. وأشارت إلى ضرورة توقيع عقوبات على الطفل المخطئ وألا يعفى من المسئولية، خاصة في حال ارتكابه بعض الجرائم الخطرة تجاه الآخرين.