في أكبر زيادة خلال 22 عاما، وكما كان متوقعا على نطاق واسع، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي، أمس الأربعاء، سعر الفائدة القياسي لأموال ليلة واحدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وما لبثت دول خليجية، مثل قطروالإمارات والسعودية، أن اتخذت خطوة مشابهة. وفي قرار اتخذه بالإجماع، حدد البنك النطاق المستهدف لفائدة الأموال الفيدرالية بين 0.75% و1%، وهي أعلى نقطة منذ تفشي جائحة كورونا قبل عامين، فيما من المرجح أن تعقبه زيادات إضافية في تكاليف الاقتراض ربما بنفس القدر، وهذا ما أكده رئيسه جيروم باول، في مؤتمر صحفي، قائلا إن "زيادات إضافية بمقدار 50 نقطة أساس ينبغي أن تكون على الطاولة في الاجتماعين القادمين لمجلس الاحتياطي الفيدرالي"، كما نقلت عنه "رويترز". وشدد باول على أن "تركيزنا الرئيسي هو خفض التضخم ليعود إلى 2%"، بينما أعلن البنك في بيان أنه سيبدأ تقليص حيازاته من السندات، الشهر المقبل، كخطوة إضافية في معركته لخفض التضخم. وبحسب "أسوشييتد برس" تعد الخطوة "تصعيدا من مجلس الاحتياطي لمعركته في سبيل مكافحة أسوأ تضخم منذ 40 عاما، من خلال رفع سعر الفائدة القياسي قصير الأجل بمقدار نصف نقطة مئوية الأربعاء، في خطوة تشير إلى المزيد من الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة في المستقبل". وأعلن البنك أيضا أنه سيبدأ في خفض ميزانيته العمومية الضخمة البالغة 9 تريليونات دولار، والتي تتكون أساسا من سندات الخزانة والرهن العقاري. زادت هذه الحيازات بأكثر من الضعف بعد أن ضرب ركود جراء كورونا، حيث اشترى الاحتياطي الفيدرالي تريليونات من السندات، لمحاولة خفض معدلات الاقتراض طويلة الأجل، بينما سيكون لتقليل سندات بنك الاحتياطي الفيدرالي تأثير في زيادة تكاليف القروض في جميع أنحاء الاقتصاد. ومن المرجح أن يؤدي تشديد قيود الائتمان من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع معدلات القروض للعديد من المستهلكين والشركات بمرور الوقت، بما في ذلك الرهون العقارية وبطاقات الائتمان وقروض السيارات. ومع تسارع أسعار المواد الغذائية والطاقة والسلع الاستهلاكية، فإنّ هدف الاحتياطي الفيدرالي هو تهدئة الإنفاق- والنمو الاقتصادي- من خلال زيادة تكلفة الاقتراض للأفراد والشركات. وهو يأمل في أن يؤدي ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى إبطاء الإنفاق بما يكفي لترويض التضخم ولكن ليس بقدر التسبب في الركود. وبلغ التضخم، وفقا للمقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، 6.6% الشهر الماضي، وهي أعلى نقطة في 4 عقود. وتسارعت وتيرة التضخم بفعل مزيج من الإنفاق الاستهلاكي القوي واختناقات العرض المزمنة والارتفاع الحاد في أسعار الغاز والغذاء، والتي تفاقمت بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا. واعتبارا من أول يونيو المقبل، قال البنك إنه سيسمح بما يصل إلى 48 مليار دولار من السندات حتى تنتهي مدتها دون استبدالها، وهي وتيرة قد تصل إلى 95 مليار دولار بحلول سبتمبر. وبوتيرة سبتمبر، ستتقلص ميزانيته العمومية بنحو تريليون دولار سنويا. وقبل قرار البنك المركزي، قفزت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين إلى أعلى مستوى في أكثر من 3 سنوات. ومنذ بداية العام صعد العائد على سندات الخزانة لأجل عامين، وهو الأكثر حساسية لتوقعات أسعار الفائدة الأمريكية، أكثر من 200 نقطة أساس. وارتفع، الأربعاء، إلى 2.844%، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2018، وغير بعيد عن المستوى النفسي المهم البالغ 3%، علما أن المرة السابقة التي لامس فيها العائد لأجل عامين هذه النسبة كانت في يونيو 2008. ومن ناحية أخرى، تخطى عائد سندات الخزانة القياسية لأجل 10 أعوام مستوى 3% لثالث يوم على التوالي ليصل إلى 3.011%، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2018. فيما أغلقت الأسهم الأمريكية على ارتفاع حاد بعدما سجلت ارتفاعا متأخرا يوم الأربعاء، عقب إعلان البنك المركزي زيادة أسعار الفائدة. ووفقا لبيانات أولية، ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز500 بمقدار 124.97 نقطة أو 2.99% ليغلق عند 4300.45 نقطة، في حين ارتفع مؤشر ناسداك المركب 398.73 نقطة أو 3.17% إلى 12962.49 نقطة. وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 927.75 نقطة أو 2.8% إلى 34056.54 نقطة. كما ارتفعت أسعار النفط عند الإغلاق، حيث سجل سعر برميل عقود برنت ارتفاعا بمقدار 5.17 دولارات، أو ما نسبته 4.93%، ليبلغ 110.14 دولارات في ختام التعاملات أمس الأربعاء.
الذهب والمعادن وقفز الذهب 1% في الجلسة السابقة بعد بيان باول، واستقر الدولار قرب أدنى مستوى في أسبوع بلغه في الجلسة السابقة مما زاد جاذبية الذهب للمشترين في الخارج. وارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس؛ فعند الساعة 01:02 بتوقيت جرينتش، زاد سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.9% إلى 1898.06 دولارا بعد صعوده 1% في وقت سابق من الجلسة. وارتفعت العقود الأمريكية الآجلة 1.4% إلى 1894.2 دولارا. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، صعدت الفضة 1.1% إلى 23.19 دولارا، والبلاتين 0.6% إلى 997.19 دولارا، والبلاديوم 0.8% إلى 2274.43 دولارا.
العملات العربية على الطريق وعقب الخطوة الأمريكية سارع مصرف الإمارات المركزي إلى اتخاذ قرار بزيادة سعر الفائدة الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس، وهي بداية شبه أكيدة في سلسلة من القرارات المشابهة التي تتخذها عادة المصارف المركزية، لا سيما في دول الخليج. كما رفع مصرف قطر المركزي سعر الفائدة الرئيسي للإيداع 50 نقطة أساس إلى 1.5%، وسعر فائدة إعادة الشراء 50 نقطة أساس إلى 1.75%، وسعر فائدة الإقراض 25 نقطة أساس إلى 2.75%. كذلك، زاد البنك المركزي السعودي أسعار الفائدة الرئيسية 50 نقطة أساس، وقال، في بيان له، إنه قرر رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) ومعدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) بواقع نصف نقطة مئوية إلى 1.75% و1.25% على الترتيب. وأوضح أنّ هذه الخطوة تأتي "إتساقاً مع هدف البنك المركزي السعودي في المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي".
اثار كارثية على مصر ويمثل رفع الفائدة على العملة الأمريكية خطرا داهما على الدول التي تعتمد على الأموال الأجنبية الساخنة والاقتراض بشراهة وعلى رأسها مصر. ومن المتوقع أن يؤدي القرار الأمريكي لارتفاع تكلفة الديون وقفزات بالتضخم ودفع بعض الأسواق والبورصات لاضطرابات كبيرة. ووفق تقديرات إستراتيحية، فإن أكثر 10 دولا ستتضرر من القرار، هي: مصر واليمن وسورية والعراق ولبنان والأردن والسودان والمغرب وتونس وليبيا. ومع ارتباط الاقتصاد المصري بمليارات الدولارت من الديون والتي تقدر حاليا بنحو 410 مليار دولار، باتت التبعية للخارج أكثر ارتباطا، وتقلص الاستقلال الوطني، ومع بدء أمريكا تحريك الفائدة على عملتها وقعت الكارثة للاقتصاد المصري في مارس الماضي. ومع قرار البنك الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة على الدولار الأمريكي في مارس الماضي تفاقمت أزمة الجنيه المصري، كما أدى إلى انسحاب الاستثمارات من مصر واتجاه حائزي السندات وأذون الخزانة إلى أمريكا، بوصفها اقتصادها أكثر استقرارا وفائدة الممنوحة مناسبة، عن الاقتصاد المصري والأسواق الناشئة، وهو ما ضرب الاقتصاد المصري في مقتل وتجلى مبدئيا في قرار البنك المركزي المصري رفع الفائدة على الجنيه بمقدار 100 نقطة أساس. ومع الانهيار المتسارع للعملة المصرية ، وصل سعر الدولار بالسوق المصري إلى نحو 18.52 جنيها للدولار الواحد. مع توقعات بزيادات مفتوحة المدى إثر تراجع قيمة الجنيه واستمرار أزمة السيولة المالية وعجز ميزان المدفوعات وتراجع التصدير وتوقف عائدات السياحة. ومع هروب الاستثمارات من مصر وتراجع قيمة الجنيه، من المقرر منطقيا انطلاق جملة من الزيادات الجديدة في الأسعار ترهق المصريين بشكل أكبر وتكرس الفقر والعوز الاقتصادي والاجتماعي وسط سياسات حكومية أكثر جشعا، تحمل المستهلك والتجار المسئولية وتجنب النظام أية مسئولية. ووفق الباحث الاقتصادي مصطفى عبد السلام، فقد أطلقت البنوك المركزية العالمية ماراثون زيادة سعر الفائدة على عملاتها الرئيسية، فقد رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي" سعر الفائدة على الدولار ربعا في المائة ، في مارس الماضي، لأول مرة منذ نهاية 2018، مطلقا بذلك سلسلة من الزيادات المتوقعة التي سترفع العائد على العملة الأمريكية إلى نحو 2% وربما أكثر خلال العام الجاري. وتكمن خطورة القرار في أن الفيدرالي بدأ مشوار الزيادة التي يبدو أنها لن تتوقف قريبا خاصة مع توقعات بزيادة التضخم إلى 10% في الولاياتالمتحدة وهو المعدل الأعلى في تاريخ البلاد، وأن عدد مرات زيادات سعر الفائدة قد يكون في حدود 6 مرات خلال العام الجاري حسب توقعات بنوك استثمار أمريكية كبرى، بل إن بنك "جي بي مورجان" الاستثماري رفع رقم الزيادة إلى 9 مرات. وحول تأثيرات الزيادة يرى "عبد السلام" أن للخطوة الأمريكية تأثيرات على كل دول العالم التي ستكتوي بتلك الخطوة؛ فزيادة سعر الفائدة الأمريكية ستكون لها انعكاسات سلبية على اقتصادات الدول العربية والناشئة حيث ستؤدي الخطوة إلى نزوح الأموال من تلك الاقتصادات إلى الاقتصاد الأمركي حيث الاستقرار المالي والاقتصادي، والاستفادة كذلك من العائد المرتفع على الدولار والسندات الأمريكية التي تتسم أيضا بالأمان إلى جانب العائد الاستثماري المناسب. وهذه الزيادة سيترتب عليها أعباء مالية ضخمة ممثلة في قفزات في تكلفة الدين المحلي والخارجي، وربما وجود صعوبة في الحصول على قروض من الأسواق الدولية. وبالطبع فإن أي زيادات في الموازنة العامة قد تدفع الحكومات إلى مزيد من التقشف وزيادة الأسعار. وهو ما يصب في النهاية في جيب الغلابة من نهب أموالهم عبر الزيادات السعرية والفقر والجوع، وهو ما يؤكد فشل نظام السيسي في إدارة الاقتصاد المصري، وتحميل المصريين أعباء اقتصادية إضافية. ما يعني زيادة أسعار كل السلع والخدمات وزيادة أعداد الفقراء والجوعي الذين زاد عددهم في مارس الماضي بأكثر من 10 مليون مصري، وهو ما يعني اتساع اعداد الحوعى والفقراء في مصر فيي ظل توحش عسكري وانهيار اقتصادي.