تمكن تنظيم «ولاية سيناء» التابع لتنظيم داعش الدموي من قتل اثنين من أهالي سيناء مساء الجمعة غرة إبريل 2022م، بدعوى تعاونهما مع أجهزة الأمن التابعة لسلطات الانقلاب العسكري في محافظة شمال سيناء. ووفقا لصحيفة "العربي الجديد" اللندنية نقلا عن مصادر قبلبية فإن التنظيم هاجم قرية الهميصة جنوب مدينة بئر العبد، ما أدى إلى مقتل المواطن حسن أبو معالي، ومواطن آخر لم يعرف اسمه، بدعوى تعاونهما مع الأمن. كما أصيب في الهجوم عدد من المواطنين جرى نقلهم إلى مستشفى بئر العبد النموذجي. اللافت في الأمر أن أجهزة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي الأمنية تحركت كعادتها متأخرة إلى مكان الهجوم بعدما تمكن الجناة المسلحون من الفرار. الجريمة تأتي في ظل تشكيل اتحادات قبلبية عديدة بدعوى دعم الدولة تحت رعاية الجيش والمخابرات والأمن الوطني. ويتسابق كل من نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي وأجهزته الأمنية من جهة وتنظيم ولاية سيناء من جهة أخرى في الفوز بجائزة الأعلى قتلا وإجراما ضد المصريين؛ وبالطبع لا يزال نظام السيسي يتفوق بفارق هائل؛ فرغم أن تنظيم "ولاية سيناء" دموي بطبعه بوصفه فرعا من تنظيم داعش الدموي، إلا أن سجل السيسي في القتل أكثر وحشية ودموية بخلاف اعتقاله لعشرات الآلاف من العلماء والدعاة الربانيين وشباب مصر الذين شاركوا في ثورة 25يناير. والسيسي وداعش وجهان لعملة واحدة؛ كلاهما مجرم بطبعه ويميل إلى العنف وفرض رؤاه بالبطش والإرهاب، وكلاهما يرفض التعايش المشترك مع مخالفيه ويمارس كلاهما التكفير ضد مخالفيه سواء على أرضية دينية كما في الحالة الداعشية، أو على أرضية سياسية ودينية كما يفعل نظام السيسي. وقد رصدت مجلة فورين بوليسي الأمريكية- في مقال نشر على موقعها في فبراير 2015م، مفارقة بين كلمتي "السيسي" و"داعش" باللغة الإنجليزية، قائلة: "لو قرأتها من اليسار إلى اليمين تصبح "داعش"، ISIS أما إذا قرأتها من اليمين إلى اليسار تصبح "سيسي"!. وبحسب تقرير صدر في يوليو 2018 بعنوان: "خمس سنوات من حرب مصر على الإرهاب"، عن معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، والذي يصدر تقارير دورية عن الأوضاع الأمنية في مصر، فإن قوات الأمن المصرية أعلنت رسميا (خلال الفترة من 2014 حتى منتصف 2018م) شن حوالي 3500 عملية أمنية، 40% منها في شمال سيناء. هذا في مقابل وقوع حوالي 2500 هجوم إرهابي في السنوات الخمس التالية للانقلاب. وقد أدت تلك العمليات إلى مقتل سبعة آلاف شخص 95% منهم في شمال سيناء، مع العلم أن قوات الأمن المصرية تواجه جماعة قد لا يتعدّى عدد أفرادها الألف. ومع ذلك، قتل سبعة أضعاف إجمالي المسلحين. كما قتل سبعمائة فرد من أفراد قوات الأمن المصرية في السنوات الثلاث التالية للانقلاب العسكري، وهو ضعف قتلى قوات الأمن المصرية خلال عقد الثمانينات، والذي شهد صراعا مسلحة بين النظام المصري والجماعات الدينية المسلحة. وقد وصل عدد قتلى قوات الأمن المصرية في شمال سيناء من يناير 2014 وحتى يونيو 2018 إلى 1226 فردا. ولا يعرف بالضبط عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا بسبب تلك المواجهات. وتقدر تقارير إعلامية عددهم بأكثر من ستمائة شخص في شمال سيناء وحدها من يوليو 2013 وحتى منتصف 2018. هذا بالإضافة إلى القبض على عشرات آلاف من المعارضين السياسيين والمشتبه فيهم ووضعهم في المعتقلات والسجون، وإزالة حوالي 6850 مبنى في رفح وترحيل عشرات آلاف من المواطنين. وينتهي عمرو مجدي الباحث في هيومن رايتس ووتش في تصريحات منشورة في إبريل 2021م على موقع درج إلى أن الدولة نظرت إلى أهالي سيناء وكأنهم مستوطنون غير شرعيين، كثيرون منهم يمتلكون الأراضي بالعقود الخضراء، التي كان يُعمل بها قبل قيام حكومة مركزية في مصر، وقبل إنشاء مصلحة الشهر العقاري منتصف العقد الماضي، شيء غير عادل أن تعتبر الدولة هذه العقود غير رسمية. ويعتبر عمرو مجدي أن الدولة بنزاعها مع تمرد مسلح صغير يصل عدده بين 1000 أو 2000 شخص خلقت أفضل بيئة يمكن أن تتمناها أي جماعة مسلحة، إذا فقدت عائلة مصدر رزقها وعيشها، لا يصعب تجنيدها في سياق متطرف، القوات المسلحة بهذا الأسلوب خسرت معركة كسب العقول والقلوب، وبالطبع معركتها العسكرية. ولهذه الأسباب اعتبرت صحيفة The Washington Post الأمريكية، ما يحدث في سيناء هو شكل من أشكال التمرد على ظلم الدولة المصرية، وأن سيناء تشهد حرباً أكثر ضراوة منذ 8 سنوات، لكن لا أحد يعرف عنها سوى القليل. وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها في يونيو 2019 إن قوات الجيش والشرطة المصرية فشلت مراراً في إخماد تمرُّد استمدَّ جذوره من الحرمان وغيره من أشكال الظلم داخل الدولة. وتذهب تفسيرات أخرى إلى أن نظام السيسي حريص على بقاء الحالة الداعشية والعمل على تضخيمها باستمرار وبث الروح فيها كلما خمدت من أجل تحقيق أهداف سياسية تتعلق بابتزاز الغرب واستجلاب دعمه، ومحليا بالتغطية على فشله وعدم قدرته على إدارة موارد الدولة بشكل صحيح وفعال، وكذلك التغطية على الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان وتهربه من الالتزام بهذه الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية. بفرض سياسات جائرة وقمع كل الأصوات المعارضة. ويستدل هؤلاء بالامتيازات التي يحظى بها قادة داعش في السجون المصرية والسماح باختلاطهم بالنزلاء السياسيين والجنائيين من أجل نشر أفكاره وتوسيع قواعده الذين يسمح بخروج بعضهم حتى تبقى الحالة الداعشية قائمة تؤدي دورها المرسوم لخدمة أجندة النظام وأجندة القوى الغربية الحريصة على استمرار حربها على الإسلام تحت لافتة الحرب على الإرهاب. وفي سبيل ذلك يتم دعم الاستبداد والطغيان العربي بدعوى حماية المنطقة والعالم من خطر الحركات والتنظيمات الإرهابية.