دعت منظمة هيومن رايتس ووتش مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إنشاء آلية دولية مستقلة لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر، والإبلاغ عنها، والتحقيق في الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، بما فيها الإخفاء القسري، والتعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء. وناشدت المنظمة شركاء مصر الدوليين وقف نقل الأسلحة إليها وفرض عقوبات على الأجهزة الأمنية والمسؤولين الأكثر ضلوعاً في الانتهاكات المستمرة. يقول نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، جو ستورك، إن أجهزة الأمن المصرية ترتكب انتهاكات جسيمة بشكل روتيني وتخفيها دون عقاب. مؤكدا أن إنشاء آلية أممية مستقلة لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر والإبلاغ عنها أمر في غاية الأهمية لرفع ثمن الانتهاكات الصارخة التي ترتكبها السلطات". وانتقدت هيومن رايتس ووتش الثلاثاء 07 سبتمبر 2021م ممارسات عناصر الشرطة و"قطاع الأمن الوطني" التابعين لوزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، وقالت إنهم قتلوا في السنوات الأخيرة عشرات "الإرهابيين" المزعومين في جميع أنحاء البلاد بإعدامات غير قانونية خارج نطاق القضاء. وفي تقرير للمنظمة في 80 صفحة بعنوان "تعاملت معهم القوات: عمليات قتل مشبوهة وإعدامات خارج القضاء على يد قوات الأمن المصرية"، خلص إلى أن المسلحين المزعومين الذين قُتلوا في ما يسمى "اشتباك مسلح" لم يُشكّلوا، في حالات كثيرة، خطراً وشيكاً على قوات الأمن أو غيرها عندما قُتلوا، وبعضهم كانوا أصلاً محتجزين. وتعليقاً على ذلك، قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، جو ستورك: "منذ سنوات وقوات الأمن المصرية تُنفّذ إعدامات خارج القضاء، مدعية أن الرجال قُتلوا في تبادل لإطلاق النار. حان الوقت للدول التي تُقدم الأسلحة والمساعدة الأمنية لمصر أن توقف هذه المساعدة وتنأى بنفسها عن هذه الانتهاكات المروعة". وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنها وجدت أن وزارة الداخلية أعلنت، بين يناير 2015 وديسمبر2020، مقتل 755 شخصاً على الأقل في 143 حادثة إطلاق نار مزعومة، واعتقال مشتبه فيه واحد فقط. وذكرت أن بيانات الوزارة "حددت هوية 141 قتيلاً فقط، واستخدمت عبارات مكررة وجاهزة مسبقاً تقدّم تفاصيل شحيحة". ولفتت إلى أن جميع البيانات ادعت تقريباً أن المسلحين المزعومين بدأوا إطلاق النار أولاً، ما دفع قوات الأمن إلى الرد بإطلاق النار. وأضافت المنظمة أن السلطات زعمت أيضاً أن جميع القتلى مطلوبون بتهمة "الإرهاب"، وأن معظمهم ينتمون إلى "الإخوان المسلمين". وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" أنها لم تجد ما يشير إلى أن السلطات فتحت أي تحقيقات جادة أو ذات مغزى في أي من الحوادث، ولم يُستدع أي من أفراد العائلات لتقديم إفادته، داعية النائب العام حمادة الصاوي إلى استبعاد نيابة أمن الدولة العليا من الإشراف على التحقيقات المتعلقة بسلوك قوات الأمن وانتهاكاتها. وثمة تحليلات ودراسات عديدة تؤكد أن رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي هو المجرم والمتهم الأول في نزيف الدم المصري، واستدلت على ذلك بمواقف السيسي التي تدينه؛ فقبل 7 سنوات سربت فضائيات معارضة للانقلاب مقطع فيديو للسيسي عندما كان وزيرا للدفاع وقبل انقلابه المشئوم في 30 يونيو 2013م، يحذر فيه من انفصال سيناء إذا تم استخدام العنف وسيلة لمواجهة الأزمة بها قائلا: «ممكن نحاصر رفح وبئر العبد والشيخ زويد ونخرج أهلها منها، ثم ننسف المنازل، وإذا خرجت نار نواجهها بمائة نار؛ لكن إذا قتل 3 أبرياء؛ فأنت بذلك تشكل عدوا لك ولبلدك، وهذا ممكن يؤدي إلى انفصال سيناء كما انفصل جنوب السودان». هذا الكلام الموزون الذي يتمتع بحس وطني وأمني وسياسي على قدر كبير من الصحة والتوازن، بات من الماضي عندما كان السيسي وزيرا للدفاع في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي. فالسيسي بعد الانقلاب ليس هو السيسي قبله؛ فقد قاد انقلابا دمويا سفك فيه دماء الآلاف وزج بالرئيس المنتخب وأركان حكومته في السجون، وهو من يترك ذئابه تنهش ليس في سيناء وحدها بل في كل مصر وزج بعشرات الآلاف في السجون والمعتقلات بتهم ملفقة، وأعدم المئات بمحاكمات سياسية تفتقد إلى أدنى معايير العدالة، وترك الإهمال الطبي ينهش في مئات آخرين بالسجون حتى فارقوا الحياة. وفي سيناء تأسس في عهده تنظيم "ولاية سيناء"، ردا على جرائمه مليشياته. واتسعت رقعة المواجهة المسلحة حتى تحولت إلى حرب مفتوحة، تستنزف الآلاف من الضباط والمسلحين والمدنيين الأبرياء؛ فمن المسئول؟ من أباد "رفح" وهجر أهلها قسرا؟ ومن دمر المساجد والمدارس والمزارع ؟ أليس هو السيسي؟! ألا يعلم السيسي أن العنف المفرط يولد الثأر الأعمى؟ ألم تحول سياساته الدموية قطاعا عريضا من أهالي سيناء إلى مشروعات انتحار ثأرا لذويهم الذين مزقتهم قواته أو ثأرا لمنازلهم ومزارعهم التي دمرها السيسي؟ أم أنه يريد فعلا انفصال سيناء وفق مخططات صفقة القرن التي لا تزال قائمة رغم خروج ترامب من عالم السياسة؟! الأرقام تؤكد أن السيسي هو المجرم الأول؛ فقد وثقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان خلال الفترة بين يوليو 2013 ويوليو 2018، مقتل (4010) مدنين بسيناء منهم 3709 قال عنهم الجيش إنهم قُتلوا نتيجة مواجهات أمنية، والبقية قتلوا بصورة عشوائية، ودون فتح تحقيق في أي واقعة. وفي أبريل 2019، أظهر تحليل أجرته وكالة رويترز لبيانات الداخلية المصرية على مواقع التواصل أو التي نشرتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في الفترة من أول يوليو 2015 حتى نهاية 2018، أنه لم يبق على قيد الحياة سوى ستة فقط من المشتبه بهم من بين 471 رجلا في 108 وقائع، أي أن نسبة القتلى بلغت 98.7%، بخلاف اعتقال أكثر من 7 آلاف آخرين؛ فكيف يستمر الصراع المسلح حتى اليوم؟ وكيف يفشل الجيش والشرطة رغم هذه الأرقام؟ أم أن سياسات السيسي وإجرام مليشياته حول قطاعا عريضا من أهالي سيناء إلى عدو للنظام؟!