أجرى الأربعاء 9 فبراير2022م، قائد القيادة المركزية الأمريكية كينيث ماكينزي مباحثات مع وزير الدفاع بحكومة الانقلاب الفريق أول محمد زكي، حيث أكد ماكينزي "حرص بلاده على دعم علاقات الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المستمر بين بلاده وبين مصر"، بحسب ما جاء في بيان عسكري مصري. وكان ماكينزي أجرى زيارة خاطفة للقاهرة بمشاركة وفق من قيادات الجيش الأمريكي، وبحسب بيان للمتحدث العسكري المصري فإن اللقاء تناول عددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز علاقات التعاون العسكري والتدريبات المشتركة بين القوات المسلحة لكلا البلدين. وكان في استقبال الوفد الأمريكي وزير الدفاع والفريق أحمد خالد قائد القيادة الاستراتيجية والمشرف العام على التصنيع العسكري المصري وعدد من قادة القوات المسلحة وسفير الولاياتالمتحدة الأميركية وملحق الدفاع الأميركي بالقاهرة. ويحظى ملف الأمن الإقليمي منذ اتفاقية كامب ديفيد سنة 1978م بأولوية قصوى من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ ذلك أن الهدف الرئيس من هذه العلاقات هو ضمان أمن "إسرائيل" والعمل على دمجها في المنطقة من خلال حث الحكومات العربية على تطبيع العلاقات مع تل أبيب بدلا من العلاقات السرية الجارية في دهاليز الغرف المغلقة. وركزت تصريحات ماكينزي على حرص بلاده على دعم علاقات الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المستمر بين البلدين، معرباً عن تطلع الولاياتالمتحدة الأميركية إلى أن تشهد المرحلة المقبلة مزيدًا من التدريبات المشتركة لتبادل الخبرات وتعظيم القدرات التدريبية في المجالات العسكرية المختلفة بين القوات المسلحة المصرية والأميركية". من جانبها، أعلنت القيادة المركزية الأميركية ومقرها البحرين عن زيارة قام بها أفراد طاقم المدمرة التي تعمل بالصواريخ الموجهة "يو إس إس" جيسون دنهام (DDG 109) إلى ميناء برنيس المصري على البحر الأحمر، لمدة ثلاثة أيام. وقالت إن "الزياة إلى أحدث قاعدة بحرية مصرية على البحر الأحمر تعكس علاقة الأسطول الخامس الأميركي القوية بالبحرية المصرية". وحسب بيان القيادة الأميركية قال قائد المدمرة ميخائيل كايزر: "إن الحضور في أحد أحدث مرافق البحرية المصرية فرصة رائعة لطاقم حاملة الطائرات الأميركية جيسون دنهام للقاء وجهًا لوجه مع نظرائهم المصريين، بينما نعمل على تعزيز الأمن البحري في البحر الأحمر". وتغطي منطقة عمليات الأسطول الأميركي الخامس ما يقرب من 2.5 مليون ميل مربع من المياه وتشمل الخليج العربي وخليج عمانوالبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي. ويتكون الامتداد من 21 دولة ويتضمن ثلاث نقاط اختناق حرجة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب في الطرف الجنوبي لليمن. وتتزامن هذه الزيارة الأمريكية مع حدثين مهمين: الأول، هو انطلاق تدريب بحري واسع بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية ومشاركة نحو 60 دولة، بينها الاحتلال الإسرائيلي، حيث تشارك "إسرائيل" للمرة الأولى في هذه التدريبات إلى جانب عدد من الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية معها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وباكستان وسلطنة عمان واليمن. وقالت البحرية الأميركية في بيان إن التدريب الدولي IMX، الذي بدأ في البحرين، ويستمر لمدة 18 يومًا، يضم تسعة آلاف فرد و50 سفينة من أكثر من 60 دولة ومنظمة مشاركة، مشيرًا إلى أن هذا أيضًا أكبر تمرين للأجهزة المسيرة عن بعد مع أكثر من 80 نظامًا لطائرات من دون طيار. وتشارك فيه أيضا كل من الإماراتوالبحرين اللتين أعلنتا في سبتمبر 2020 تطبيع العلاقات، في خطوة رفضها الفلسطينيون وصنّفت على أنها خروج عن الإجماع العربي الذي جعل حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني أساسا للسلام. الثاني، هو موافقة الحكومة الأمريكية على صفقة سلاح ضخمة لنظام السيسي تصل قيمته إلى نحو 2.5 مليار دولار تضم طائرات ورادارات. واللافت أن هذه الصفقة تمثل مكافأة أمريكية لنظام السيسي رغم اقتطاع نحو 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة، وهي أكبر بنحو 20 مرة من حجم المساعدات المحتجزة. وفي مؤتمر صحفي، تفادى المتحدث باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، الأسئلة حولهما. عندما سأل أحد الصحفيين: «ما الفائدة من حجب 130 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي في حين أنك تبيع (لمصر) سلاح بقيمة 2.5 مليار دولار؟»، وهو ما أجاب برايس بقوله: «إذا كان لدينا أي شيء لنضيفه على ذلك… سنعلمك». الملاحظة الثانية، أن البيان الأمريكي الذي أصدرته وزارة الخارجية تحدث عن الصفقتين باعتبارهما تدعيما للساحة الأمنية والإنسانية دون إشارة إلى الوضع العسكري؛ الأمر الذي يمكن تفسيره بأن الهدف من هذه الأسلحة الأمريكية هو تدعيم قدرات النظام العسكري في مصر على مكافحة ما يسمى بالحرب على الإرهاب. وهو ما يتفق مع التحولات التي طالت العقيدة القتالية للجيش المصري في سنوات ما بعد انقلاب 03 يوليو 2013م، تحت رعاية أمريكية مباشرة؛ فلم تعد إسرائيل وفق العقيدة القتالية الجديدة للجيش المصري مصدر تهديد في ظل توثيق العلاقات بين القاهرة وتل أبيب على نحو يمكن وصفه بالتحالف الذي تعزز بقوة في ظل رغبة السيسي في استرضاء واشنطن عبر البوابة الإسرائيلية. وقالت الخارجية الأمريكية في بيانين حول الصفقتين، إنها «ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي لا يزال شريكًا استراتيجيًا مهمًا في الشرق الأوسط»، موضحة أن الصفقتين سوف «يحسنا قدرة مصر على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية من خلال توفير الدعم الجوي لقواتها من خلال نقل الإمدادات والمعدات والجنود، وبالتالي تعزيز قدرتها على الساحة الأمنية والإنسانية». من جهة ثالثة، كان البيان الأمريكي صريحا للغاية في التأكيد على أن هاتين الصفتين تدعمان السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من جهة، ولن تخل هاتان الصفقتان بالتوازن العسكري القائم في المنطقة من جهة ثانية، ولن يكون لهما أي تأثير سلبي على الاستعداد الدفاعي للولايات المتحدةالأمريكية من جهة ثالثة. في تأكيد واضح على حرص واشنطن على ضمان التفوق النوعي لإسرائيل عسكريا على جميع دول المنطقة.