لا يفوت نظام الانقلاب فرصة لاستنزاف المصريين وقطع عيش الأرزقية والحرفيين، بل يبحث في كل الدفاتر القديمة لتقليب مواجع شعب يعيش أكثر من 60% من أبنائه تحت خط الفقر وفق تقارير صادرة عن البنك الدولي . توفيق أوضاع المصانع واحدة من المواجع التي يستغلها السيسي لنهب ما يتكسبه بعض أصحاب المهن والحرفيين والأرزقية، حيث يطالبهم بالتقنين والاندماج في الاقتصاد الرسمي، وذلك من أجل فرض الرسوم والضرائب عليهم وفي النهاية قطع "لقمة عيشهم" .
رخصة مؤقتة حول هذه الكارثة زعم محمد عبد الملك رئيس القطاع المركزي للمكتب الإقليمي بجهاز تنمية المشروعات، أن عملية توفيق أوضاع المصانع غير الرسمية تسري فقط على المصانع والمشروعات الصناعية التي تم تأسيسها قبل يوليو 2020. وقال "عبد الملك" في تصريحات صحفية إن "المشروعات الصناعية التي يتم تأسيسها بعد تاريخ يوليو 2020 يجب أن تحصل على جميع التراخيص والمستندات والاشتراطات اللازمة لبدء التشغيل، محذرا من أنه في حالة ضبطها من قبل الجهات المختصة، سوف يتم إغلاقها فورا ولن يسمح لها بتوفيق أوضاعها". كما زعم أن حكومة الانقلاب ترغب في عمل المنشآت الصناعية بشكل رسمي، ولن تعطي فرصة لإنشاء منشآت صناعية حديثة مخالفة للقوانين والاشتراطات الصناعية. وأشار "عبد الملك" إلى أن توفيق أوضاع المصانع غير الرسمية وفقا لقانون 152 لعام 2020 للمشروعات المتوسطة والصغيرة، يتم بمنحها رخصة مؤقتة لتسيير أعمالها لمدة 5 سنوات حتى إصدار الترخيص النهائي، زاعما أن هذه الرخصة تعفي صاحب المنشأة من أي عقوبات أو غرامات وتمنع إغلاقها.
تسهيلات فيما زعم رجب محروس مستشار رئيس مصلحة الضرائب أن القانون الجديد للمشروعات المتوسطة والصغيرة 152 لسنة 2020 يمنح تسهيلات لأصحاب المصانع التي توفق أوضاعها عند الحصول على تمويلات مالية من البنوك وجهات التمويل. وقال "محروس" في تصريحات صحفية إن "التمويلات والقروض البنكية تعد من أهم الأدوات اللازمة لتوسيع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من حجم أعمالها؛ زاعما أن القانون الجديد منح إعفاء من رسوم الدمغة للمصانع الغير رسمية التي توفق أوضاعها عند الحصول علي قروض من البنوك". كما زعم أن من ضمن الحوافز التي منحها القانون عند تقنين المصانع الغير رسمية، تحصيل رسوم جمركية لا تتعدى قيمتها 2% من جميع السلع التي يتم استيرادها للمشروع، والإعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية الناتجة عن تصرف في الأصول، والإعفاء من الضريبة العقارية والإعفاء من ضريبة الدمغة عند الحصول على قروض بنكية ومنع خضوعها لضريبة توزيعات الأرباح الناتجة عن نشاط شركات الشخص الواحد، والإعفاء من رسوم توثيق مستندات المشروع في الشهر العقاري.
إجراءات معقدة كشفت دراسة عن تأثير تطبيق قانون تيسير إجراءات منح تراخيص المنشآت الصناعية ولائحته التنفيذية على النشاط الصناعي؛ بهدف تحسين جودة العمل الحر وتحسين مناخ الأعمال لصغار رجال الأعمال أن 36٪ من إجمالي العينة التي تم بحثها، من المصانع لم تستخرج السجل الصناعي نظرا لوجود تعقيدات ومشكلات عديدة تواجهها في سبيل استخراجه . وأشارت الدراسة التي أجراها اتحاد الجمعيات الاقتصادية إلى أن من أهم هذه المشكلات ، فرض رسوم مُبالغ فيها حيث تقدر الرسوم تبعا لمساحة الأرض وإجراءات روتينية معقدة وبطء الإجراءات والربط بين رخصة التشغيل ومعيار الجدية، ولابد من الحصول على رخصة التشغيل قبل الحصول على السجل الصناعي، بجانب تعقيدات في تجديد السجل أو السمة التجارية أو تغيير النشاط عند تخارج أو دخول شركاء وغياب مكاتب مفوضة وموظفين مؤهلين لتلبية احتياجات المستثمرين بالمحافظات والمناطق الصناعية، وضعف تأهيل مسئولي البيئة والدفاع المدني يعرقل استخراج رخصة. وأوصت الدراسة بتحفيز المنشآت القائمة قبل توفيق أوضاع المصانع غير المرخصة من خلال إنشاء ادارة متخصصة تقوم على تيسير إجراءات توفيق الأوضاع وإقناع المستثمرين بذلك . وأوضحت أنه يمكن تحفيز القطاع غير الرسمي من خلال مجموعة إجراءات منها، إصدار تشريع خاص بالمشروعات الصغيرة يتضمن حوافز وتيسيرات، وتيسير الاشتراطات وإجراءات توفيق الأوضاع بما يتناسب مع حجم المشروع الصغير ومتطلباته، ومنها على سبيل المثال رسوم مقايسات وتخفيض جميع الرسوم المطلوبة للحصول على الترخيص وتخفيف اشتراطات التأمين الاجتماعي، بحيث تشجع أصحاب الأعمال الصغار على تسجيل العاملين لديهم لدى التأمينات الاجتماعية.
بيروقراطية في المقابل قال الدكتور رشاد عبده، خبير اقتصادي إن "بيروقراطية حكومة الانقلاب والرسوم والضرائب التي لا تنتهي هي التي تعرقل دمج الاقتصاد غير الرسمي مشيرا إلى أن هذا يدفع الشباب والصناع ذوي الخبرة الجيدة إلى العمل بدون ترخيص بعيدا عن أعين حكومة الانقلاب ولذلك يتزايد عدد الشركات التي تعمل دون تسجيل. وأضاف «عبده» في تصريحات صحفية ، أن حكومة الانقلاب أعلنت عن توفير قروض للشباب بفائدة لا تزيد على 5٪ ورصد لها نحو 200 مليار جنيه، لكن خرج علينا محافظ البنك المركزي منذ سنتين قائلا إننا "قررنا إعطاء ربع المبلغ فقط ما يعكس عدم إقبال الشباب على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مؤكدا أن أغلب من تقدموا بطلبات التمويل هم رجال الأعمال وأولادهم". وطالب بتنظيم دورات لتأهيل الشباب على كيفية كتابة دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعات والدراسات التسويقية والدراسات الفنية والبحث عن الدعم الفني ودراسة السوق والمنافس والأقاليم الاقتصادية وهي ميزات وسمات معينة لكل إقليم مثل السجاد اليدوي في سوهاج والحرير الطبيعي في أخميم .
نجاحات كبيرة وقال الدكتور وائل النحاس خبير اقتصادي إن "المصانع غير المرخصة تسجل نجاحات كبيرة من حيث الانتاج والتسويق وتحقيق هامش ربح من خلال تسعير المادة الخام واستهداف المستهلك بالإضافة إلى امتلاك خبرة الصناعة، لكنها تفتقد أهم عنصر وهو الجودة على عكس واقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي ما زالت تواجه عقبات. وأوضح «النحاس» في تصريحات صحفية أن دمج وتقنين الاقتصاد غير الرسمي يتطلب الكثير من التدريب والتمويل والعمل بطريقة رسمية داخل مصانع أكبر وعمل حوافز تشجيعية مثل الإعفاء الضريبي لفترة معينة والبحث في الإنتاج وربط وعمل تعاقدات معهم بدلا من الاستيراد من الخارج . وأشار إلى أن القاهرة الكبرى تنتشر فيها مصانع في صناعات مختلفة مثل صناعات البلاستيك والحُصر في شبرا الخيمة وورش الأحذية والشنط الجلدية والمواد الكيمائية في منطقة باب الشعرية وصناعات المواد الغذائية بأنواعها في منطقة بسوس علاوة على صناعة الدباغة والجلود في «عين الصيرة» التي تم نقلها إلى الروبيكي . وأكد «النحاس» أن الصناعات القديمة داخل القاهرة الكبرى اختفت ، حيث كانت تتخصص منطقة شبرامنت وشبراخيت في صناعة الزجاج لكنها اندثرت، لأنها صناعة تتطلب مساحات كبيرة خاصة أنها ملوثة للبيئة وهناك صناعات تحتاج لرفع الكفاءة علاوة عن مصانع إعادة تدوير الزيوت وبيعها بسعر رخيص للمطاعم بمنطقة عين شمس.
جيل جديد يقول الدكتور عبدالرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إن "المشكلة تتمثل في كيفية دعم المصنع الصغير وتغيير أسلوب طرح إنتاجه ليتمكن المصنع الصغير من اقتحام الأسواق القريبة وتوفير المادة الخام وتسهيلات الإقامة لإنجاح المشروعات حتى لا تخدم كبار التجار والمصنعين ". وطالب عليان فى تصريحات صحفية بضرورة إيجاد جيل جديد من المصنعين من خلال توفير البيئة الحاضنة سواء «العمالة – التدريب- رءوس الأموال- المادة الخام- التسويق الجيد – مدن سكنية » مع تركيز احتياجات الدولة من الممارسات والمناقصات من إنتاج هذه المصانع كعامل تحفيزي. وأشار إلى أن المعاناة من غلاء المصروفات الإدارية عائق آخر بعكس العالم كله الذي يمنح حوافز تشجعية فضلا عن إيجاد نظام بقواعد أساسية تسهل أدوات الترخيص وجهاتها.