شارك آلاف الأشخاص في السودان في تظاهرات حاشدة ضد الحكم العسكري أمس السبت رغم انقطاع خدمة الإنترنت والهاتف. في الوقت نفسه، قالت مصادر ل "ميدل إيست آي" إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يعتزم الانسحاب من اتفاق تقاسم السلطة الذي أبرمه في 21 نوفمبر مع الجيش، والتنحي عن منصبه وسط استمرار العنف من قبل السلطات ضد المتظاهرين المناهضين للانقلاب. وشارك الآلاف في تظاهرات في شوارع العاصمة الخرطوم حيث سار المتظاهرون في القصر الرئاسي رافعين الأعلام السودانية داعين الجيش إلى "العودة إلى ثكناته"، وأطلق المنظمون على المسيرة اسم "مسيرة مليونية". وأطلقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع لتفريق بعض الاحتجاجات، بينما تم قطع خدمات الإنترنت والهاتف. وكانت شبكة الإنترنت قد قطعت قبل ذلك لمدة شهر واحد بعد انقلاب 25 أكتوبر، الذي أطاح فيه قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بالحكومة المدنية العسكرية الهجينة واحتجز حمدوك لفترة وجيزة تحت الإقامة الجبرية. ومنذ ذلك الحين، نظمت الأحزاب المدنية والنشطاء عدة احتجاجات شعبية ضد الحوار أو الشراكة مع البرهان.
تفكير في الاستقالة وحتى عندما أعاد البرهان تعيين حمدوك في 21 نوفمبر وفقا لاتفاق وعد بإجراء انتخابات في 2023، استمرت الاحتجاجات في الوقت الذي اتهمه فيه العديد من أنصار رئيس الوزراء بخيانة الحركة المؤيدة للديمقراطية من خلال توفير الشرعية لقادة الانقلاب العسكري. وقد واجهت قوات الأمن الاحتجاجات بالعنف، ما أدى حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 48 شخصا، وفقا للجنة الأطباء. وقبل المليونية بيوم واحد حذرت نقابة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من تعطيل خدمات الإنترنت، قائلة إن هذا من شأنه أن يشكل "جريمة وانتهاكا آخر يضاف إلى انتهاكات أخرى يرتكبها قادة الانقلاب" وأن الخطوة تهدف إلى "إخفاء جرائمهم". و قد أفادت وكالة أنباء رويترز التي اقتبست عن مسؤول بشبكة الاتصالات أن عملية قطع خدمات الاتصال بالإنترنت والهاتف تلك قد بنيت على قرار من قبل المؤسسة الوطنية الرسمية للاتصالات. وكان حمدوك قد قال يوم الثلاثاء لشخصيات السياسية إنه ينوي الاستقالة وسط ردود فعل شعبية على صفقته مع الجيش. وتضمن الاتفاق إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتشكيل حكومة تكنوقراطية. وكان مصدران مقربان من حمدوك أكدا السبت ل"ميدل إيست آي" أنه لا يزال ينوي الاستقالة "في القريب العاجل". وقال أحد المصادر إن "رئيس الوزراء يشعر بإحباط شديد خصوصا بعد تكرار أعمال العنف ضد المتظاهرين وتصاعد إجراءات قطع الإنترنت والاتصالات الهاتفية ورسائل الرسائل القصيرة". وأضافت المصادر أن رئيس الوزراء حاول الاستقالة قبل يومين إلا أن عددا من السياسيين تدخلوا وأقنعوه بالتراجع. "هناك عدد من الخلافات بين حموك والجيش، وبينه وبين الحركات الثورية حول مشاركتها في الحكومة"، وفقا لمصدر آخر، موضحا أن مشاركة القوى السياسية في الحكومة المقبلة تنتهك اتفاق نوفمبر مع الجيش. لعبة القط والفأر وشهد يوم الأحد الماضي، 19 ديسمبر، مظاهرة حاشدة قدرت بالآلاف، بمناسبة الذكرى الثالثة لبدء مظاهرات حاشدة أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير، وقامت قوات الأمن بحملة صارمة ضد الاحتجاج، ما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل، في حين قالت الأممالمتحدة إنها وثقت 13 حادثة اغتصاب في 19 ديسمبر وحده. وفي يوم السبت، حاول العديد من المتظاهرين دخول القصر، ولكن الشرطة وقوات الدعم السريع شبه العسكرية فرقتهم باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وقال شهود عيان إن القتال بين قوات الأمن والمتظاهرين في الشارع "كاد أن يندلع حتى وقت متأخر من بعد الظهر، ما أدى إلى إصابة بعض المتظاهرين بجروح خلال أعمال العنف." وقال عبد الحليم عثمان، 45 عاما، إن المتظاهرين يعتزمون الاعتصام أمام القصر الرئاسي حتى إسقاط الجيش الذي يقوده البرهان. وقال في حديث مع "ميدل إيست آي": "هذه المعركة بين القط والفأر في الشارع ستنتهي بانتصار المحتجين وإلا سنموت أمام القصر". وقال متظاهر آخر يدعى عمار حسن من أم درمان إن آلاف المتظاهرين عبروا الجسر الذي يربط الخرطوم بمدينة أم درمان التوأم، وانضموا إلى المتظاهرين أمام القصر. وقد تم نشر أفراد من قوات الدعم السريع والشرطة وعناصر أمنية أخرى بشكل مكثف في الخرطوم منذ وقت مبكر قبل اندلاع المظاهرات، وأغلقت القوات الطرق والجسور الرئيسية والطرق المؤدية إلى القصر الرئاسي ووسط الخرطوم وشوارع المطار. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "سونا" أن محافظة الخرطوم أغلقت الجسور مساء الجمعة. ونقلت الوكالة عن لجنة تنسيق الأمن في المقاطعة قولها " إن الابتعاد عن السلام والاقتراب والتعدي على المواقع السيادية والإستراتيجية في وسط الخرطوم يعد انتهاكا للقوانين ". وأضاف البيان "سيتم التعامل مع الفوضى والانتهاكات". وحث فولكر بيرتيس، مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى السودان، السلطات على "حماية" الاحتجاجات. وقال بيرتيس يوم السبت "إن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان"، مضيفا أن هذا يشمل "الوصول الكامل" إلى الإنترنت. "ولا ينبغي اعتقال أي شخص بسبب اعتزامه الاحتجاج السلمي".
حماية المتظاهرين ودعت الأممالمتحدة السلطات السودانية إلى حماية المتظاهرين، وقال فولكر بيرثيس، رئيس بعثة الأممالمتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان (يونايتمس)، على تويتر: "أحث السلطات السودانية وقوات الأمن على حماية المظاهرات". وحث بيرثيس السلطات السودانية على استعادة خدمة الإنترنت، قائلا:"إن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان ويشمل ذلك الوصول الكامل إلى الإنترنت".