اندلعت احتجاجات في جميع أنحاء البلاد ضد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للمرة الأولى يوم الخميس بعد توقيعه على اتفاق مع الجيش السوداني الأسبوع الماضي، بحسب ما أفاد موقع "ميدل إيست آي". وأنهت الصفقة فعليا الإقامة الجبرية المفروضة على حمدوك وأعادته إلى السلطة. وانضم عشرات الآلاف إلى الاحتجاجات ضد حمدوك والجيش، حيث شبه المتظاهرون رئيس الوزراء بالجيش. وجاءت الاحتجاجات بعد أن أعاد اللواء عبد الفتاح البرهان حمدوك إلى منصبه بعد الإدانة الدولية والاحتجاجات الجماهيرية ضد الاستيلاء على السلطة في 25 أكتوبر، الذي أدى إلى إعلان برهان حالة الطوارئ، والإطاحة بالحكومة، وإنهاء فترة انتقالية لمدة عامين إلى الحكم المدني. إلا أن عودة حمدوك أثارت غضب الشارع السوداني حيث اتهمه المحتجون بارتكاب الخيانة، وتعهدوا بمواصلة الاحتجاج ضد الحكومة الانتقالية. وردد المتظاهرون شعارات "الشعب يريد إسقاط النظام" و"السلطة للشعب، والحكومة المدنية هي خيار الشعب" واحتشد المتظاهرون في العاصمة الخرطوم وفي مدينة أم درمان المجاورة لمعارضي الجيش وحمدوك. وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس إن "قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في أم درمان وولاية شمال كردفان الوسطى وشمال دارفور، وأكد شهود عيان ل"ميدل إيست آي" استخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية ضد المحتجين، مما أدى إلى وقوع بعض الإصابات". كما أكدت مصادر طبية أن عدة أشخاص أصيبوا في أم درمان وبحري، ولكن لم يتم التحقق من العدد بعد، وأكد آخرون أن قوات الأمن اعتقلت المحتجين في واد مدني ونيالا وأماكن أخرى. وقال حسن محمد، وهو متظاهر يبلغ من العمر 30 عاما في حي محطة الأربعين في الخرطوم، إنه "لا فرق بين البرهان وحمدوك". وأضاف محمد "لقد قتل البرهان المتظاهرين واستولى على السلطة واختطف الثورة، وحمدوك وقف إلى جانبه عندما وقع على الاتفاق الذي سيبقيهما في السلطة". وقد عبر زعيم الاحتجاج محمد أنور عن نفس المشاعر عندما قاد المظاهرات في حي المحطة الأربعين في الخرطوم. وتحدث أنور إلى آلاف الأشخاص في المنطقة واصفا التحالف بين الجيش والحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون بأنه امتداد لحكم الرئيس السابق عمر البشير الذي أُطيح به في أبريل 2019 بعد انتفاضة شعبية. وقال أنور "نحن نتمسك باللاءات الثلاثة، التي لا تمثل شراكة ولا حل وسط ولا مفاوضات، لأننا تعلمنا الدرس من النسخة الأولى من تقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين". وفي شمال الخرطوم، هتف المتظاهرون "البرهان فاسد " وقالوا إنه "وصل إلى السلطة من قبل النظام المخلوع " في إشارة إلى أشخاص مرتبطين بالحاكم المخلوع البشير. وجاءت الاحتجاجات في إطار حملة على مواقع التواصل الاجتماعي نظمت يوم الخميس لتظاهرة "يوم الشهداء" في ذكرى المحتجين ال 42 الذين قتلوا في حملة القمع التي أعقبت الانقلاب. كما نظم المحتجون اعتصاما في ميناء بورتسودان حيث كان عمال الميناء يعتزمون الإضراب لمدة ثلاثة أيام في المدينة وتعهد كبار أعضاء لجنة عمال الميناء بإغلاق الميناء لدعم الاحتجاجات في الخرطوم. وقال حمدوك، الذي عاد إلى السلطة يوم الأربعاء بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية من قبل الجيش، إنه "دخل مجددا في مفاوضات مع الجيش لوقف المزيد من إراقة الدماء وعدم تبديد مكاسب العامين الماضيين". وتعهد اتفاق جديد وقعه العسكريون وأعضاء الحكومة الانتقالية المدنيون بتحديد موعد أول انتخابات حرة في السودان في يوليو 2023. وكان 12 وزيرا من أصل 17 دعوا إلى تشكيل حكومة مدنية قد استقالوا يوم الاثنين ورفضوا إستراتيجية حمدوك في التعامل مع الجيش. وقال فولكر بيرتيس، مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى السودان الذي ساعد في التوسط بين الفصائل العسكرية والمدنية بعد الانقلاب، يوم الأربعاء إن "المظاهرات كانت اختبارا آخر لمصداقية الاتفاق". وحث السلطات على السماح للمظاهرات بالمضي قدما دون إراقة دماء أو اعتقالات تعسفية.