كشفت تناقضات حكومة الانقلاب أن القاهرة ما زالت تتخوف من مد خط الغاز العربي من سيناء مرورا بالأراضي السورية تحت إمرة نظام بشار الأسد وصولا إلى لبنان، بلا ضمانات قانونية أو قرار صادر عن الإدارة الأمريكية، حيث لا تكفي التطمينات الشفهية لاعتبارها مستثناة من قانون حماية المدنيين المعروف باسم ( قيصر). فالتناقضات الانقلابية تتبع التناقضات الأمريكية حيث تدعم واشنطن منظمة "قسد" تدريبا وتسليحا وبيئة آمنة في أبوظبي، في الوقت الذي تصنفها فيها تركيا منظمة إرهابية، في أن حين واشنطن تحارب الإرهاب في سوريا، فأمريكا قررت إيقاف خط الغاز العربي الذي كان سينقل الغاز من عسقلان الفلسطينية (استخراج الاحتلال الصهيوني) مرورا بمصر وفق اتفاق تصدير الغاز الذي وقعه السيسي ونتناياهو قبل نحو 4 أعوام عبر الأراضي السورية المحتلة من عصابة الأسد وصولا للبنان. خط الغاز الطبيعي جاهز وكشف العميد ركن أحمد رحال -المنتمي لجيش بشار- أن "خط الغاز العربي جاهز في دمشق مقطوع من القاهرة، وأن القاهرة تقول إن هناك عقوبات أمريكية بالتعامل مع نظام أسد، ونريد ضمانات مكتوبة لا شفهية للإعفاء من قانون قيصر". ومنذ وقت مبكر في 2014، رصد ثوار سوريا دعما عسكريا بالأسلحة والضباط من السيسي إلى جيش بشار في مواجهة ثوار سوريا، وهو ما تجدد أيضا في يوليو 2020، بعدما كشف ناشطون سوريون عن احتفاء جيش بشار بالأسلحة التي صدرها لهم السيسي وكتب قتيبة ياسين @k7ybnd99 عن بلاغ قدمه إلى الحكومة الأميركية وقال "السيسي يرسل للأسد ذخيرة من صنع معامل الشرق بمحافظة الشرقية، تدفع ثمنها الإمارات وتُنقل بطائرات شحن مصرية إلى مطار حماة على أساس أنها قطع غيار". وطالب بتطبيق قانون قيصر الذي أعلنته واشنطن وقال "أنا وأنتم وشعب سوريا ومصر يعرف أن هذا الكلام صحيح، ونطالبكم بفتح تحقيق به تحت بند قانون قيصر" وإلى الآن لا يبدو أن القانون سيأخذ مجراه حيث لم يُفتح تحقيق بهذا الشأن. https://twitter.com/Ahmadmuaffaq/status/1284401724405485568 تناقضات "البترول" تضارب التصريحات كانت واضحة داخل وزارة البترول بحكومة الانقلاب، بين وزير البترول طارق الملا الذي أعلن جاهزية مصر مد خط الغاز العربي داخل الأراضي السورية الواقعة تحت سيطرة جيش بشار، لبدء ضخ الغاز العربي إلى لبنان عبر الأردنوسوريا. أما المتحدث باسم الوزارة، حمدي عبدالعزيز، فقال إن "مصر تسعى للحصول على ضمانات من واشنطن للإعفاء من عقوبات قانون قيصر عند بدء توريد الغاز إلى لبنان عبر سوريا". وأضاف "لبنان يعمل في هذا الاتجاه، ومصر ستبدأ بضخ الغاز بمجرد أن تُستوفي كل الأوراق والإجراءات". ونظرا لملف مصر المشين أمام واشنطن في حقوق الإنسان، أشار إلى أن "لبنان هو من يتحاور مع الإدارة الأمريكية في هذا الشأن". وتابع "كل دولة تعمل من جانبها لإنهاء هذه الإجراءات، ونحن من جانبنا جاهزين لمد الغاز، لأننا نصدر للأردن بالفعل، ويتبقى الجزء الخاص بسوريا ومراجعة خط الغاز بها، وهو جزء تقوم به سوريا، وهناك جزء خاص بالبنك الدولي لأنه من سيتحمل التمويل، ولبنان يتحدث مع البنك الدولي". باحث معارض وقال الباحث السياسي صدام الجاسر إن "مصر تدرك بمعرفتها بالتعامل الأمريكي أن عدم حصولها على ضمانات حقيقية، سيعرضها لخطر العقوبات وفق قانون قيصر مستقبلا". وأضاف "الجاسر" في تصريحات صحفية، "إذا لم تحصل القاهرة على ضمانات حقيقية من واشنطن حول مشروع الغاز العربي، فإن المشروع سيتحول إلى سيف مسلط على رقبتها ورقبة كل من سيشارك به، قد تستخدمه أي إدارة أمريكية للضغط على القاهرة بحجة انتهاك قانون قيصر". تطمينات شفهية ونقل وزير الطاقة والمياه اللبناني، وليد فياض، عن كبير مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية لأمن الطاقة أموس هوكشتاي أن "الوسيط الأمريكي الجديد في عملية التفاوض غير المباشر بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية". وأضاف أن "الإدارة الأمريكية أصدرت رسالة تطمين تؤمّن حماية المشروع والفرقاء المشاركين فيه من تداعيات عقوبات قانون قيصر". المراقبون قالوا إن "الولاياتالمتحدة الأميركية أعطت تطمينات فقط، بأنها لن تعاقب أي دولة بموجب قانون قيصر للمشاركة في مشروع خط الغاز العربي، لكن لا يوجد شيء موثق ومكتوب أو ضمانات حقيقية. واستبعد "الجاسر" إمكانية منح الولاياتالمتحدة "وثائق مكتوبة" للقاهرة بشأن ضمانات عدم تعرضها لعقوبات مستقبلية وفق "قيصر". وأضاف أن قانون قيصر تم إقراره عبر مجلس الشيوخ الأمريكي، وليس عن طريق الرئيس الأميركي، وهو قانون مرتبط بوزارة الدفاع الأميركية، وهذا ما يخيف القاهرة ويجعلها بموقع المتردد بهذا المشروع، قد ينتهي مشروع الغاز بسبب طلب القاهرة لهذه الضمانات.
خط الغاز ويعتبر مشروع "خط الغاز العربي" من أهم مشاريع نقل الغاز في الشرق الأوسط، ويعود تاريخ إحداثه إلى عام 2000، إذ كان يمثل نقطة تحول وبداية لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا مرورا بالأردنوسوريا. ويبلغ طول خط الغاز العربي نحو 1200 كيلو مترا، يمتد من منطقة العريش إلى طابا في مصر، ومن ثم إلى العقبة، ومنها إلى رحاب في الأردن، ومن رحاب مرورا بجابر إلى حمص بسوريا، فمنطقة دير عمار في لبنان، بقدرة استيعابية تبلغ 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا.