الضعف الدبلوماسي والسياسي الذي تعانيه مصر في ظل حكم السيسي على المستوى الخارجي، رغم التجبر والقهر المتبع ضد الداخل سياسيا واقتصاديا وأمنيا، يضع الكثير من التحديات ويجلب المزيد من التهددات المفضية لتآكل مكانة مصر وتقزيمها وتحويلها لدولة خائرة القوى يتلاعب بها البعيد والقريب، مثلما يحدث الآن من قبل إثيوبيا وأمريكا وإسرائيل والإمارات والسعودية. ولعل دعوة إثيوبيا الدول الإفريقية ودول حوض النيل للتوقيع على اتفاقية "عنتيبي" استخفاف جديد بمصر ومفاقمة أزمة سد النهضة وأزمة المياه التي تهدد بجفاف وتصحر مصر. ومؤخرا، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" الدول التي لم توقع أو تصادق على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل المعروفة باتفاقية عنتيبي إلى سرعة التوقيع أو التصديق عليها. جاء ذلك خلال الزيارة التي يقوم بها "آبي أحمد" لأوغندا وشهدت توقيع بعض دول الحوض على الاتفاقية قبل 11 عاما. وجاءت دعوته بعد 4 أيام من دعوة مماثلة أطلقها وزير الدولة في الخارجية الإثيوبية رضوان حسين، مؤكدا التزام بلاده بالاستفادة العادلة والمنصفة من مياه النيل، بالتشاور الوثيق مع دول الحوض. وتأتي دعوة آبي أحمد لتعميق فكرة تقاسم مياه النيل، وهو الأخطر من سد النهضة ، إذ ترى إثيوبيا وبتشجيع من إسرائيل أن كمية المياه الواردة إلى مصر كبيرة وغير عادلة بالنسبة لدول حوض النيل. ومن ثم فإن من حق الدول الاستحواذ على حصصها في حوض النيل ومن يريد مياها إضافية فوق حصته التي قد لا تتجاوز 20 مليار متر مكعب فقط ، فعليه بالشراء ودفع الثمن وهي من ضمن أفكار البنك الدولي والتي تسعى لتحقيقها إسرائيل من أجل وصول مياه النيل لصحراء النقب التي تحتلها. يشار إلى أنه "في مايو 2010، وبعد محادثات استمرت أكثر من 10 سنوات، قررت 5 من دول منابع النهر هي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا التوقيع في مدينة عنتيبي الأوغندية على اتفاقية الإطار القانوني لحوض النيل المعروفة إعلاميا باتفاقية عنتيبي. وبموجب تلك الاتفاقية تنتهي الحصص التاريخية لمصر والسودان (55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان) وفقا لاتفاقيات 1929 و1959، ومنحت القاهرة والخرطوم مهلة عام واحد للانضمام إلى المعاهدة". وقد نقلت اتفاقية عنتيبي النفوذ على نهر النيل من دولتي المصب إلى دول المنبع، فبخلاف رفضه تضمين الاعتراف باتفاقيتي عام 1929 و1959 اللتين تقسمان مياه النيل بين مصر والسودان فتح الاتفاق الباب لإعادة تقسيم حصص المياه بين دول الحوض بما يراعي نسبة إسهام كل منها. وأدخلت الاتفاقية مفهوم توزيع المياه العادل بشكل فعلي للمناقشات المتعلقة بحوكمة النيل للمرة الأولى، والأهم أن الاتفاق ألغى ضمنيا الحظر التاريخي على دول المنبع لإقامة منشآت على ضفاف النيل قد تعوق تدفق مياهه لدول المصب، كما ألغى الفيتو المصري على تلك المشروعات، فلم تعد موافقة القاهرة شرطا للمضي قدما فيها. وكانت كل من القاهرة والخرطوم قد رفضتا الاتفاقية واعتبرتاها "مخالفة لكل الاتفاقيات الدولية". وأعلنت الدولتان أنهما ستخاطبان الدول المانحة للتنبيه على عدم قانونية تمويل أي مشروعات مائية، سواء على مجرى النيل أو منابعه، وإقناعها بعدم تمويل مشروع سد الألفية سد النهضة. ورغم ذلك وبالمخالفة لموقف مبارك ومن بعده الرئيس محمد مرسي، ذهب السيسي ليوقع اتفاقية المبادئ مع إثيوبيا لبناء سد النهضة. الاتفاق الذي منح السد الشرعيية والتمويل، وتحتج به إثيوبيا حاليا. وهو ما يضع مصر على المحك بعد فشل كل المخاولات الدولية في إخضاع إثيوبيا لاتفاق منظم لعمليات الملء وإدارة السد ، وسط عجز مصري عن استخدام القوة العسكرية لإخضاع إثيوبيا وضمان الحقوق المصرية.