في ظل الإهمال وتجاهل حقوق المواطنين والفوضى والبلطجة التي تعيشها مصر في عهد الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي انتشرت معامل التحاليل والعيادات الطبية المضروبة وغير المرخصة والتي لا تتوافر فيها الاشتراطات الصحية والعلاجية. هذه المعامل والعيادات تحولت إلى وسيلة لإنهاء حياة المواطنين، خاصة البسطاء، بدلا من أن تكون أداة لمساعدتهم على الشفاء؛ وذلك بسبب غياب رقابة وزارة الصحة بحكومة الانقلاب على هذه الأماكن وتدهور المنظومة الصحية فى البلاد. فى هذا التقرير نرصد عددا من المعامل والعيادات المضروبة التى تسببت فى الكثير من الكوارث للمواطنين. أولا في مدينة حلوان بالقاهرة، شنت مواقع التواصل الاجتماعي حملة على شخص يدير أكثر من 30 معملا بحلوان، وتبين أنه لا يوجد داخل المعامل متخصص ولا طبيب ويديرها عدد من حاملي الدبلومات، مما ترتب عليه عمل تقارير خاطئة. وفي مخالفة صارخة شارك صاحب تلك المعامل ضابط شرطة ليستغل نفوذه في عدم قيام الأجهزة الرقابية بدورها، وقام ضابط الشرطة بحماية المعمل ومالكه، وتدخل في عدد من الأزمات وإنهاء مشاكلهم مع المترددين على المعمل. نتائج خاطئة يقول مجدي طلبة أحد زبائن هذه المعامل، إن نتائج التحاليل خاطئة، ويتم إعطاء أدوية خاطئة، تسببت في وفاة عدد من الأشخاص. وأشار إلى أنه رغم تقديم عدة شكاوى إلا أن مسئولى وزارة الصحة لا يقومون بدورهم الرقابي، كما أن الجميع يخشى التقدم ببلاغات خوفا من بطش أصحاب المعامل الطبية، خاصة بعد إيهام مالك تلك المعامل أعضاء مجلس نواب السيسي، أنه سيقدم خدمات لأهالي دائرتهم مخفضة السعر، وزعمه بأنه نجح فى استقطاب بعض مديرى الهيئات والمؤسسات الحكومية والنقابية وعمل بروتوكولات مع تلك المعامل المشبوهة مستغلا تلك الاتفاقات فى إيهام البسطاء بأنه يقوم بتلك الخدمات للتغطية على أفعاله غير القانونية، لإعطاء تلك المعامل مشروعية ليس لها وجود. وتبين للأهالي أن أحد هؤلاء الأطباء الذى يقوم بالاستعانة بهم يعرف بأنه أستشاري مخ وأعصاب، رغم أنه خريج كلية آداب قسم علم نفس. وفي مدينة "6" أكتوبر، كشف الأهالي عن حلاق، وزوجته يقومان بإدارة عدد من العيادات ومعامل التحاليل، وانتحاله صفة طبيب، رغم أنه لم يستكمل دراسته بكلية العلوم. هذه الواقعة كشفها ممرض يُدعى عزيز كامل بعدما التحق بالعمل مع الحلاق في عيادات بمنطقة "ابني بيتك" بمدينة أكتوبر، وكعبيش بفيصل، وكان يستعين بممرضين وطلبة طب، وكانوا يوهمون المرضى أنهم أطباء متخصصون. وأضاف أن الحلاق كان يكشف على النساء كمتخصص أحيانًا، وطبيب باطنة في أحيان أخرى، وكان عاملون معه يقومون بأخذ عينات من المرضى؛ لتحليلها ويعطون نتائج وهمية لعدم وجود طبيب بالمعامل. وفي المحلة الكبرى، حرر مواطن محضرًا؛ يتهم فيه معملا شهيرا بالإهمال، وقيامه باستخراج نتيجة تحليل وهمية للغدة لزوجته بنفس بياناتها على غير الحقيقة، وتبين أنها أجرت عملية بناءً عن تحليل خاطئ تم إصداره من المعمل. وتلقى قسم أول المحلة الكبرى، بلاغا من عادل قادوس يتهم فيه معملا؛ باستخراج نتيجة تحليل وهمية لغدة زوجته بنفس بياناتها على غير الحقيقة. وذكر الشاكي في البلاغ أن زوجته قامت بإجراء تحليل للغدة منذ 3 شهور قبل ولادتها، وكانت النتيجة طبيعية، ثم فوجئ برسالة من المعمل منذ أيام تعلمه بموعد استلام نتيجة التحليل الثانية، ومدونة بنفس بياناتها، وأيضًا الطبيب المعالج مؤكدين قيامهم بسحب عينة في ذات اليوم على خلاف الحقيقة، رغم عدم إجرائها أى تحاليل أخرى في المعمل. وفي بني سويف، أصبحت معامل التحاليل هدفًا لكل راغبي التربح والكسب السريع، من خلال الاستيلاء على أموال المرضى وذويهم، وانتشرت هذه المعامل بمدن ومراكز المحافظة بشكل عشوائي، ويمتلكها حاصلون على دبلومات صنايع ويديرها غير مختصين وسط انعدام الدور الرقابي لاجهزة وقطاعات صحة الانقلاب. وفي الإسكندرية، تم إصدار قرارات غلق إدارية، بغلق 8 معامل تبين أنها تعمل بدون تراخيص، وإنذار 12 معملًا أخرى؛ لوجود مخالفات تتمثل في: عدم وجود عقود تداول نفايات خطرة، ووجود كيماويات منتهية الصلاحية، وعدم الالتزام بتخصص المعمل، وعدم وجود طبيب لسحب العينات. أجندات أجنبية! حول المعامل المضروبة، قال إيهاب سمير، أخصائي تحاليل طبية، أنه لا توجد رقابة على معامل التحاليل، مؤكدا أن هناك معامل لا يتم معاينتها وفحصها إن كانت مطابقة للمواصفات أو غير مطابقة. وقال "سمير" فى تصريحات صحفية، إن نتائج التحاليل أصبحت غير دقيقة مما نتج عنه أخطاء في تشخيص الأمراض، وأصبح من المعتاد ظهور نتائج متضاربة بين معمل وآخر لنفس المريض وفي فترة زمنية قصيرة؛ مما يعرض المواطنين للخطر. وأشار الى أن التحاليل الطبية لها رسالة علمية، إلا أنها أصبحت مهنة يتكسب منها من ليس له علاقة بالعلم، وهؤلاء لا يلتزمون بالمعايير، ويعملون بصورة عشوائية ويعتمدون على أجهزة طبية متهالكة مشكوك في صحة ما يخرج عنها من نتائج يعتمد عليها الأطباء، مما ينعكس سلبًا على علاج المرضى. وحذر سمير من أن تكون تلك المعامل تدار وفقا لأجندات أجنبية، للقضاء على صحة المصريين، مؤكدا أن من يديرون هذه المعامل مافيا، لهم أهداف أكبر من مجرد الحصول على الأموال، تتمثل فى تدمير صحة المصريين. وكشف أحمد القفاص المحامي بالاستئناف العالي، إن هناك عشوائية في إجراءات افتتاح المعامل، واختيار فرق العمل بها من غير المؤهلين. وأكد القفاص فى تصريحات صحفية، أن هناك تلاعب بالقانون رقم 367 الصادر في عام 1954، والمنظم لمهنة إجراء التحاليل الطبية، مشيرا إلى أن هذا القانون يشترط وجود طبيب بالمعمل، لكن لأن أغلب الأطباء البشريين لا تكون لديهم رغبة في العمل بالتحاليل، يلجأون إلى تأجير تراخيصهم للفنيين مما يجعلهم يقعون تحت طائلة قانون الكسب غير المشروع.