كان لافتا، وربما مستفزا، للكثيرين ظهور الممثل أحمد مكي في صورة ترويجية بجانب إحدى مدرعات الشرطة وبالزي المميز لقوات العمليات الخاصة، مشاركا في الجزء الثاني من مسلسل "الاختيار" والذي يتناول مجزرة فض اعتصام رابعة العدوية التي راح ضحيتها مئات الشهداء بين قتيل برصاص العسكر او محترق بالنيران التي اشعلوها في خيام المعتصمين رافضي الانقلاب. ويشارك كريم عبد العزيز مع أحمد مكي الجزء الثاني من المسلسل الذي تموله عصابة الانقلاب عبر جهاز الشئون المعنوية للجيش، واصطف أغلب الفنانين المصريين الأكثر شهرة خلف انقلاب السفاح عبد الفتاح السيسي مناصرة وتأييدا، رغم الكلفة الأخلاقية الكبيرة لدعم عصابة عسكرية ارتكبت مجازر وتعديات واسعة على حقوق الإنسان. هذا الحضور اللافت سواء من "مكي" أو "كريم" أو للفنانين في دعم عصابة الانقلاب ومناهضة ربيع المصريين، أثار الكثير من اللغط الذي تحول إلى انتقاد واستياء في أوساط النشطاء والحقوقيين. السيسي راضي عنكم..! وبالطبع، استنكر الإعلامي الأكثر تطبيلا للانقلاب أحمد موسى الهجمة التي تعرض لها "مكي" من جمهور السوشيال ميديا والحقوقيين والرافضين، زاعما أن المسلسل سوف "يفضح المعتصمين الإرهابيين في رابعة"، على حد قوله. وزعم خلال حلقة برنامج "على مسئوليتي"، المذاع على فضائية وزارة الداخلية "صدى البلد" أن: " كريم عبد العزيز وأحمد مكي سوف يقدمان عملا دراميا تاريخيا يجسد ملحمة شهداء الشرطة الأبرار الذين قتلوا على يد الخونة من جماعة الإخوان الإرهابية"، ووصف المنتقدين لمسلسلات العسكر والتي تمجد الانقلاب بأنهم "في حالة من الهيجان والغليان بعد نشر الفنان أحمد مكي صورته في كواليس المسلسل". وسخر الذراع الإعلامي للمخابرات من رافضي الانقلاب بالقول: "انتوا عندكم هيجان وهتموتوا من مكي عشان نشر صوره .. احنا بقى هننشر الصور والفيديوهات التي تثبت انكم عناصر إرهابية مسلحة"؛ قائلا: "لم يكن اعتصام سلمي ولكن كان مسلح". مجرد ادوات من جهته اعتبر الفنان الرافض للانقلاب وجدي العربي أن أغلب الفنانين المصريين أدوات بيد عصابة العسكر "المنقلبة على الثورة"، حيث يرى أن معظم المنتسبين لقطاعات الفن والإعلام والرياضة في مصر باتوا مسخّرين لخدمة العسكر ودعم مواقفهم، يستخدموهم أدوات "ناعمة" لإرضاء القوى الإقليمية والدولية. وذهب "العربي" إلى أن السبب الحقيقي وراء دعم الممثلين للأنظمة الديكتاتورية هو اعتقادهم أن ذلك يصب في صالح الحفاظ على مصالحهم ومكاسبهم، وأن أي مسؤول "ديمقراطي" -وخاصة الإسلاميين منهم- سيضر بتلك المصالح. وكتبت الناشطة الحقوقية منى سيف: "أتمنى ده يبقى أي كلام، لأن د16ه مستوى من البجاحة وعمى الروح، إنهم يعملوا عمل "فني" يتباهى بأكبر مذبحة تمت في بلدنا في تاريخها المعاصر، وأكبر فجيعة عامة، وأكبر لحظة استقطاب وعنف دمر مجتمعنا وحمل المستقبل بكم دم وظلم مروع، واللي في يوم من الأيام هاتبقى على رأس قايمة الجرائم، اللي بتفسر ليه السيسي بيدرس تاريخه مع بينوشيه وأمثاله". وعلق الناشط أحمد فيدا: "تزييف التاريخ عمل أساسي من أعمال النظم الاستبدادية المجرمة، ومش أول ولا آخر عمل مبني على كده". ومن المقرر أن تتناول حلقات "الاختيار 2" أحداث عام 2012 و2013 وحتى عام 2020، وقام مخرج المسلسل بيتر ميمي بالتصوير على مدار الأيام الماضية على طريق مصر- اسكندرية الصحراوي، محاكيا اعتصام رافضي الانقلاب من المصريين في ميدان رابعة العدوية عام 2013، وهو الاعتصام الذي جاء احتجاجا على الانقلاب العسكري على الشرعية والانتخابات والرئيس والبرلمان والدستور. وفي أعقاب الانقلاب، عارض بعض الفنانين عصابة السفاح السيسي، وسط تأييد واسع بين أبناء الوسط الفني للانقلاب، ومن بين هؤلاء الذين رفضوا الانقلاب العسكري وجدي العربي، وهشام عبد الله، ومحمد شومان، وهشام عبد الحميد، ثم انضم إليهم من عارضوا سياسات السيسي خالد أبو النجا وعمرو واكد. واضطروا جميعا لمغادرة مصر؛ بسبب الملاحقة الأمنية، واستقر معظم الذين غادروا مصر في تركيا، حيث تتواجد القنوات التلفزيونية المصرية المناهضة للانقلاب.