مع تزايد معدلات الفقر بسبب الارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات، بالإضافة إلى استنزاف جيوب المصريين بالرسوم والضرائب التى لا تتوقف؛ أصبح المجتمع المصرى فى عهد الانقلاب مهددا بالتفكك والانهيار؛ حيث تزايدات معدلات الطلاق بصورة غير مسبوقة لتصل إلى حالة طلاق كل دقيقتين بسبب عدم قدرة الزوج على الإنفاق على أسرته أو توفير متطلباتها اليومية. ومع تزايد المهمشين والذين يعيشون تحت خط الفقر فى عهد الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي إلى أكثر من 60% من اجمالى المصريين، بالإضافة إلى أن التداعيات السلبية لجائحة كورونا أضافت نحو 5ر12 مليون مصرى إلى قائمة من يعيشون تحت خط الفقر، كان الحل الوحيد أمام هذه الجيوش الفقيرة هو تطليق الزوجات أو الابتعاد عن الأسر والاختفاء عن الأنظار؛ وهو ما سيجعل من المجتمع المصرى فى النهاية مجرد مجموعات من المشردين وأطفال الشوارع؛ وهذا ما تسعى إليه عصابة العسكر حتى تضمن لنفسها التربع على كرسى السلطة أطول فترة ممكنة. ووفق إحصائيات رسمية، تحتل مصر المرتبة الأولى عالميا في الطلاق، إذ يتم إشهار حالة واحدة كل دقيقتين وبمعدل يزيد على 651 حالة طلاق يوميا. وكان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، قد كشف فى آخر إحصائية عن معدلات الزواج والطلاق فى مصر أن عدد حالات الطلاق، بلغ 225 ألف حالة فى 2019 مقابل 201 ألف حالة فى 2018. وأكد الجهاز أن هناك حالة طلاق تحدث كل 2 دقيقة و20 ثانية، وفى الساعة 27 حالة، أما اليوم فيشهد 651 حالة، وفى الشهر أكثر من 7000 حالة طلاق ". وأشار إلى أن هناك 24 حالة طلاق مقابل كل 100 حالة زواج يوميا تقع فى مصر، مؤكدا أن أعلى نسبة طلاق تحدث بين الرجال والنساء فى الفئة العمرية من 30 إلى 35 سنة، وتقل بين أعمار 18 : 20 سنة، وتعتبر الأقل فوق ال65 سنة. ولفت الجهاز إلى أن الطلاق بسبب الخلع نسبته كبيرة، حيث تم رصد أكبر نسبة أحكام طلاق نهائية بسبب الخلع بعدد 10500 حالة، موضحا أن نسبة الطلاق فى الريف أقل من الحضر. من جانبه كشف شوقي علام مفتي العسكر أن دار الافتاء تتلقى شهريا ما يتراوح بين 4000 و4800 قضية طلاق. وزعم علام فى تصريحات صحفية أن أغلب قضايا الطلاق تندرج تحت أسباب عدم وعي الأزواج، وعدم فهم حقوق الأزواج وخلل في الثقافة الزوجية. واعتبر أن هناك رعونة من الأزواج في إيقاع الطلاق تحت أسباب تافهة، محذرا الزوج من النطق بهذه الكلمة أبدا إلا إذا لم يكن هناك علاج للمشكلة بين الزوجين نهائيا وفق تعبيره. وأضاف علام: "ننصح المأذون عندما يذهب الزوج ليطلق أن يبحث المشكلة وينصح الزوجين، وقد يأتي زوج تقول الوثائق إنّه طلق 3 تطليقات، لكنه يقول أنا لم أقصد ذلك، وفي هذه الحالة تتقيد دار الإفتاء بالوثيقة الرسمية التي تثبت الطلاق بحسب تصريحاته". ضيق العيش فى المقابل قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، إن ارتفاع معدلات الطلاق، يرجع لأسباب متعددة منها، استهانة الناس بأمر الطلاق واستخدامه في غير ما شرع له؛ موضحا أن الطلاق شرع نعمة من الله عز وجل لعلاج حالة زوجية ميئوس من علاجها، قال تعالي: " وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، وأعرب لاشين فى تصريحات صحفية، عن أسفه لأن الناس يستخدمون الطلاق في كل صغيرة وكبيرة، فيحلف به الرجل أو يعلق الطلاق على شيء، في الوقت الذي لا يستحق الأمر هذا الحلف بالطلاق وتعليقه، فبينما هو يفعل ذلك يفاجأ الزوجان بإنهاء الحياة الزوجية بينهما على غير رغبة منهما ولا إرادة ولا اختيار، إنما سبب ذلك الاستهتار والاستهزاء بآيات الله عز وجل. وأرجع كثرة الطلاق إلى ضيق العيش وقلة الرزق وندرة الموارد؛ إذ يعجز الرجل في ظل ذلك عن توفير متطلبات البيت وقد يكون غنيا لكنه يبدد المال على كيفه ومزاجه وعلى المشروبات المحرمة ويترك البيت ومن فيه عالة يتكففون الناس فتطلب الزوجة الطلاق. وأشار لاشين إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت وراء تزايد معدلات الطلاق؛ حيث من خلالها تتعرف المرأة على رجل آخر يغريها بكلام معسول وبحياة زوجية أشبة بجنة الله عز وجل، فتقع المسكينة ضحية لهذا النصاب، وتتمرد على زوجها وعلى بيتها وأولادها، ويفاجأ زوجها بطلبها الطلاق تحت تأثير الشيطان الذي تعرفت عليه عن طريق الإنترنت. وأوضح أن معالجة ظاهرة تفشي الطلاق يكون بالتوعية الدينية والثقافة الإسلامية على كافة المستويات من الإذاعة المرئية وغير المرئية والمساجد ومراكز الشباب والجامعات وعقد ندوات فكرية لهذا الغرض. وحذر لاشين من ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن الطلاق، وهى العزوف عن الزواج، موضحا أن هذه الظاهرة ساهم في وجودها شيوع التحلل والإباحية ،وشوهد ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي، ووجود صور عارية وأفلام إباحية على هذه الوسائل، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الزواج ارتفاعا يعجز عنه الشاب. دور الإعلام وأكد الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوى في الأزهر سابقا، إن زيادة معدلات الطلاق نتيجة متوقعة في العصر الذي نعيش فيه نتيجة البعد عن المفهوم الديني الحقيقي للزواج والأسرة. وقال اسلام فى تصريحات صحفية، ان الميثاق الغليظ ميثاق الزواج جعله الله رابطا مقدسا، وجعل الطلاق أبغض الحلال، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة"، من أجل الحفاظ على وحدة الأسرة، ومنح الزوجين أكثر من فرصة لمراجعة نفسيهما. وأضاف أن تزايد معدلات الطلاق يرجع بجانب البعد عن الدين إلى تردي الأوضاع الاقتصادية التي تثير المشاكل بين الزوجين، وأيضا الخطاب الإعلامي البائس الذي يشجع المرأة على فعل كل شيء دون نظر إلى العواقب، وتسهيل موضوع الطلاق، وهو ما ينذر بكارثة. وطالب إسلام بزيادة الوعي الديني للأسر ونشر ثقافة الزواج والأسرة في الإعلام، وتشجيع عمل المنظمات الخيرية، وقيام دولة العسكر بواجبها فى توفير حياة كريمة للمواطنين، وتحسين مستوى معيشتهم، وإصلاح القوانين بما يتفق مع الشرع. أجندة سياسية وقالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن ارتفاع معدلات الطلاق وكذلك العزوف عن الزواج يرجع إلى أزمة قيم تواجه المجتمع المصري فى عهد الانقلاب، وكذلك عدم فهم الزواج واعتباره للاستمتاع فقط وليس لبناء أسرة تكون نواة للمجتمع، بالإضافة إلى تراجع دور الجهات المعنية بالأمر كالإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية والثقافية. وأكدت سوسن فى تصريحات صحفية، أن تزايد حالات الطلاق ليس سببها العامل الاقتصادي فحسب بل كل العوامل السابق ذكرها، لافتة إلى أن العامل الاقتصادى ليس صاحب التأثير الأول بل غياب القيم والمفاهيم السليمة وأساليب التنشئة وأنانية الطرفين وعدم تحمل المسئولية كلها أسباب أدت إلى زيادة ظاهرة الطلاق. وأشارت إلى أن هناك اختراقا ثقافيا أدى إلي التفكك الأسري، فلقد عاني الغرب في الفترات الماضية من هذا التفكك الأسري ولكنه الآن تدارك الأمر وبدأ في تصحيح أخطائه. وحذرت سوسن من أن هناك صفحات متخصصة ومنصات موجودة بالفعل على ساحة الإعلام والميديا هدفها تفكيك المجتمع وتنفيذ أجندة سياسية، في غياب تام وخمول للمؤسسات المعنية بذلك لعدم وجود خطط فعلية للمواجهة على المدى البعيد.