علي جمعة: 8 أسباب وراء انتشار الطلاق في المجتمع الإمام الأكبر: فوضى الطلاق بسبب الفهم الخاطئ للنصوص الشرعية الطلاق لا يباح إلا في الضرورة القصوى إنهاء العلاقة الزوجية بدون سبب كفران نعمة وسوء أدب ليس صحيحًا أن الإنسان حر في أن يطلق لأي سبب إذا أردنا علاج مشكلة الطلاق أو الحد منها فلابد من إحياء الآراء الفقهية القديمة انتشر «الطلاق» في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة وذكرت إحصاءات ارتفاع نسبة حالات الطلاق من 7% لتصل إلى 40% فى الخمسين عامًا الأخيرة فقط، وتجاوز إجمالي عدد المطلقات في مصر 2.5 مليون مطلقة، وتزداد النسبة يومًا تلو الآخر، حيث تقع حالة طلاق كل 6 دقائق، وتصدر محاكم الأحوال الشخصية 240 حكمًا بالطلاق يومًا. ونظرًا لأن «الطلاق يهدد الأمن الاجتماعي» الأمر الذي دفع علماء الدين إلى دراسة الظاهرة، وبيان أسبابها، وتقديم النصح للأزواج، وتوضيح الأحكام الشرعية الخاصة بالطلاق. وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن هناك 8 أسباب وراء حدوث الطلاق، منوهًا بأن 90% من حالات الطلاق بسبب الحالة الاقتصادية، واختلاف الأذواق بين الشاب والفتاة، ومشكلات العلاقة الجنسية، وتدخل الأهل، وعدم الإنجاب. وأَضاف «جمعة» في فتوى له، أن ضياع الأصول، والحب الطارئ لغير الزوجة، والحالات الطارئة مثل المرض أو الإصابة أو تغير الدين"، من أسباب الطلاق أيضًا، وهو ما يجب أن تتم معالجته بالسياسة وليس بالإجراءات والطلاق أمر إلهي. وأوضح: أولًا: المشكلات الاقتصادية، فاختلاف مستوى المعيشة بين الطرفين بعد الزواج يأتي على قائمة الأسباب التي تؤدي للطلاق، ثانيًا: اختلاف المشرب أي اختلاف الميول لدرجة لا تحتمل التوافق تحت أي ظروف، حيث يحب هو زيارة أهله كثيرًا، وهي لا تحب ذلك، يحب الخروج وهي لا تحب. وتابع: ثالثًا عدم التوائم الجنسي وهو الأمر الذي يتغاضى عنه الكثيرون، إذا كان السبب الوحيد الذي يؤرقهم، لذلك يأتي في المرتبة الثالث، رابعًا تدخل الأهل: من قبل الطرفين يؤدي إلى الطلاق في كثير من الحالات، وهو ما عالجته السينما المصرية كثيرًا. وواصل: خامسًا نسيان الناس للأصول، موضحًا: أن الناس تناست الأصول حيث نسيت البنت أصول دورها في رعاية البيت والأبناء، ونسي الوالد دوره في الإنفاق وتحمل المسئولية. وأكمل: سادسًا الحب الطارئ: أي دخول شخص آخر حياة أحد الزوجين خلال الزواج، وهو ما سهله انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، سابعًا:عدم الإنجاب من قبل الزوج أو الزوجة، مؤكدًا أن الإنجاب ليس بيد أحد إلا الله -عز وجل-، مذكرًا بقول الله تعالى: «لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ» (الشورى: 48 - 49)، ثامنًا: الحالة الطارئة: أي حدوث ظرف لم يكن موجودًا عند الزواج مثل «حادثة للزوج-مرض للزوجة». فوضى الطلاق: بدروه، أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن فوضى الطلاق أحد مظاهر الفوضى في فهم النصوص الشرعية، نظرًا لإقدام كثير من المسلمين على استباحة الطلاق في كل الظروف والأحوال، حتى لو كانت الزوجة مسالمة ومحترمة لزوجها، فبمجرد أن يميل قلبه إلى أخرى يطلقها حتى لأتفه الأسباب. ونبه «الطيب»، على أنه ليس صحيحًا أن الإنسان حر في أن يطلق لأي سبب، ف«الكمال بن الهمام» فيلسوف الفقه الحنفي، عندما تطرق إلى الأسباب التي تبيح شرعا الطلاق، قال: «هي الحاجة إلى الخلاص -أي الافتراق- وذلك عند تباين الأخلاق» أي عند تباين الأخلاق والكره؛ كأن تحتقره أو تتعالى عليه، أي أن أخلاق الزوج فاضلة أما الزوجة فمصابة بأخلاق لا تطاق، وفي هذه الحال لا يمكن للشرع أن يقول للزوج عليك أن تبقى في عذاب مستمر. وبيّن الإمام الأكبر، أن هناك نوعين من الكره بين الزوجين، فهناك نوع لا يؤدي إلى الانحراف، وقد شجع القرآن على تحمل هذا النوع وأغرى بالصبر عليه، كأن تكرهها لكنها مؤدبة ولا تُسيء لك، فيقول تعالى «فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلُ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» وهذا الصبر مطلوب والزوج يدفع ثمنه، لكن كل شيء في هذا الكون له مقابل، يقول المولى -عز وجل-: «إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا». ولفت إلى أن النوع الثاني من الكراهية هو الكره الذي يتسبب في «البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى»، يقول تعالى: «إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ»، فهناك كره يمكن الصبر عليه وتستمر الأمور، لكنّ هناك كرها قد يدفع الشخص للانحراف والتجاوز في حق الطرف الآخر، وهذا النوع مبيح للطلاق، فالإسلام دائمًا يعطي ميزانا للأضرار، والقاعدة هي أن "الضرر الأكبر يزال بالضرر الأصغر"، والضرر الأكبر هنا هو انحراف الزوج إذا استمر مع زوجته، بينما هناك ضرر أصغر وهو الطلاق، لذا نزيل الضرر الأكبر بالضرر الأصغر. أسباب تبيح الطلاق: وكشف شيخ الأزهر عن أنه من الأسباب التي تبيح الطلاق شك الزوج في أخلاق الزوجة وسلوكها، والطلاق الذي يقع بغير ضرورة يكون نكران نعمة وسوء أدب وإلحاق ضرر بالزوجة وأهلها وأولادها، لذا يقول "ابن الهمام": والأصح في الإجابة على سؤال ما حكم الطلاق؟ هو حظره إلا لحاجة"، والمحظور في الأحكام الشرعية هو الذي إذا وقع يكون فيه إثم، ودائمًا الحكم بالحظر أو الإباحة يدور مع علة الظلم وجودًا وعدمًا، فهناك من يطلق ولا يعطي زوجته متعة ولا نفقة ويترك أولاده عالة عليها وعلى أبيها. علاج مشكلة الطلاق: وبيّن الإمام الأكبر أنه لدينا الآن فوضى في استخدام الطلاق، وفي نفس الوقت نريد التجديد في الخطاب الشرعي والديني، فلماذا لا نحيي هذه الأفكار والآراء وهي موجودة في تراثنا الفقهي من أكثر من 700 سنة، مؤكدًا أنه إذا أردنا أن نعالج مشكلة الطلاق ونحد منها، فلابد أن نحيي هذا الفقه، وقد راعينا هذا الجانب في صياغة مشروع الأزهر لقانون الأحوال الشخصية الذي أوشكنا على الفراغ منه. وحدة الإرشاد الأسرى: بدروه، أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن دار الإفتاء أنشأت وحدة الإرشاد الأسرى، لأنها استشعرت أن قضية الطلاق لا تعد مشكلة اجتماعية وحسب بل هى بمثابة قضية أمن قومى، وأن تفكك الأسر المصرية بالطلاق يعنى ازدياد المشاكل الاجتماعية فى المجتمع. ونوه الدكتور شوقي علام، بأنه مع دراسة المسألة ومن خلال الإحصائيات يأتى شهريًا من يسألون عن الطلاق بدار الإفتاء 3400 سائل فى الشهر الواحد. وطالب مفتي الجمهورية، بضرورة تعميم التجربة من المتخصصين فى مختلف أنحاء الجمهورية، بعدما أثبتت نجاحها، مشيرًا إلى أن وحدة الإرشاد الأسرى حققت أهدافها المنوطة بها وما زالت بفضل الله، لأنها تعتمد على مجموعة من الخبرات والكفاءات المختلفة التى تشمل الجانب الشرعي، والنفسي، والاجتماعي، والمهارى، لتستوعب بذلك التنوع كل جوانب العلاقة الأسرية وما يحيط بها من مشكلات تحتاج إلى تحليل علمى دقيق لفهم الأسباب والدوافع والوصول إلى العلاج المناسب. وأردف: «ينبغى نشر التوعية والثقافات المهمة والرشيدة كتصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالطلاق مثل التسرع فيه عند ظهور توافه الأمور، فينغى أن يكون الطلاق هو الحل الأخير الذى يجب أن نلجأ إليه بعد استنفاد جميع الوسائل بمعنى الوصول إلى مرحلة لا يمكن أن تستمر فيها العلاقة الزوجية وهو ما يُعرف بالطلاق العلاجى، مع سلوك الطريق الشرعى فلا يتم الطلاق فى الحيض أو فى طهرٍ جامَعَ الزوجُ فيه زوجتَه فهو طلاقٌ بدعيٌّ محرم، وبِدعية الطلاق فى الحيض لا تستلزم عدم وقوعه، وإنما هو واقعٌ وصاحبه آثمٌ شرعًا؛ لمخالفته لأمر الشرع». الطلاق بدون سبب: لفتت دار الإفتاء المصرية، إلى أن الشرع الحنيف نهى الزوجة عن طلب الطلاق بدون سبب شرعي، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ [أي من غير عذر شرعي أو سبب] فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ». وذكر الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب آثمة شرعًا، ولو كان هناك سبب قوى بصورة لا تتحملها يجوز لها الطلاق «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»، لكن لو تمردت على زوجها بدون سبب فهي آثمة شرعًا. حالات تبيح الطلاق: وحدد الفقهاء الحالات التي تبيح للمرأة طلب الطلاق من زوجها، ومنها: أولًا: عدم قدرة الزوج على النفقة على زوجته وبيته، بسبب إعساره، ثانيًا: غياب الزوج عن زوجته مدةً طويلةً من الزمان، ولا يُعرَفُ أكان حيّا أم ميتًا، وثالثًا: وجود العيب الخَلقيّ شريطة عدم علم الزوجة بذلك العيب قبل زواجهما أو عدم رضاها به بعد علمها، رابعًا: الإضرار بالزوجة سواء بضربها أو بهجرها في الفراش بدون سبب. خامسًا: فسوق الزوج، ورفضه النصائح الموجهة إليه من زوجته وعدم صبرها على ذلك، سادسًا: تضرر الزوجة من سفر زوجها الطويل، فلها طلب الطلاق إذا خشيت على نفسها من الفتنة، وسابعًا: كره الزوجة لزوجها، ونفورها منه، وفي هذه الحالة تفتدي المرأة نفسها بالخلع.