قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ، شيخ الأزهر ، إن فوضى الطلاق هي أحد مظاهر الفوضى في فهم النصوص الشرعية ، نظرًا لإقدام كثير من المسلمين على استباحة الطلاق في كل الظروف والأحوال ، حتى لو كانت الزوجة مسالمة ومحترمة لزوجها ، فبمجرد أن يميل قلبه إلى أخرى يطلقها حتى لأتفه الأسباب . وأوضح شيخ الأزهر ، خلال برنامجه الأسبوعي على الفضائية المصرية ، أنه ليس صحيحًا أن الإنسان حر في أن يطلق لأي سبب ، ف "الكمال بن الهمام" فيلسوف الفقه الحنفي ، عندما تطرق إلى الأسباب التي تبيح شرعًا الطلاق ، قال: "هي الحاجة إلى الخلاص - أي الافتراق - وذلك عند تباين الأخلاق" أي عند تباين الأخلاق والكره ؛ كأن تحتقره أو تتعالى عليه ، أي أن أخلاق الزوج فاضلة أما الزوجة فمصابة بأخلاق لا تطاق ، وفي هذه الحال لا يمكن للشرع أن يقول للزوج عليك أن تبقى في عذاب مستمر . كما أوضح شيخ الأزهر ، أن هناك نوعين من الكره بين الزوجين ، فهناك نوع لا يؤدي إلى الانحراف ، وقد شجع القرآن على تحمل هذا النوع وأغرى بالصبر عليه ، كأن تكرهها لكنها مؤدبة ولا تُسيء لك ، فيقول تعالى {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلُ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} ، وهذا الصبر مطلوب والزوج يدفع ثمنه ، لكن كل شيء في هذا الكون له مقابل ، يقول المولى - عز وجل -: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} . ولفت فضيلته : إلى أن النوع الثاني من الكراهية هو الكره الذي يتسبب في "البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى"، يقول تعالى: {إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} ، فهناك كره يمكن الصبر عليه وتستمر الأمور ، لكن هناك كره قد يدفع الشخص للانحراف والتجاوز في حق الطرف الآخر ، وهذا النوع مبيح للطلاق ، فالإسلام دائمًا يعطي ميزانا للأضرار ، والقاعدة هي أن "الضرر الأكبر يزال بالضرر الأصغر" ، والضرر الأكبر هنا هو انحراف الزوج إذا استمر مع زوجته ، بينما هناك ضرر أصغر وهو الطلاق، لذا نزيل الضرر الأكبر بالضرر الأصغر . وأشار شيخ الأزهر ، إلى أنه من الأسباب التي تبيح الطلاق شك الزوج في أخلاق الزوجة وسلوكها ، والطلاق الذي يقع بغير ضرورة يكون نكران نعمة وسوء أدب وإلحاق ضرر بالزوجة وأهلها وأولادها ، لذا يقول "ابن الهمام": والأصح في الإجابة على سؤال ما حكم الطلاق؟ هو حظره إلا لحاجة"، والمحظور في الأحكام الشرعية هو الذي إذا وقع يكون فيه إثم ، ودائمًا الحكم بالحظر أو الإباحة يدور مع علة الظلم وجودًا وعدمًا ، فهناك من يطلق ولا يعطي زوجته متعة ولا نفقة ويترك أولاده عالة عليها وعلى أبيها . وبين شيخ الأزهر ، إن لدينا الآن فوضى في استخدام الطلاق ، وفي نفس الوقت نريد التجديد في الخطاب الشرعي والديني ، فلماذا لا نحيي هذه الأفكار والآراء وهي موجودة في تراثنا الفقهي من اكثر من 700 سنة ، مؤكدًا أنه إذا أردنا أن نعالج مشكلة الطلاق ونحد منها ، فلابد أن نحيي هذا الفقه ، وقد راعينا هذا الجانب في صياغة مشروع الأزهر لقانون الأحوال الشخصية الذي أوشكنا على الفراغ منه .