وافقت لجنة الشئون التشريعية ببرلمان الانقلاب على مشروع قانون مقدم من حكومة السيسي بشأن تعديل بعض أحكام قانون الفصل بغير الطريق التأديبي والذي يهدف إلى عزل الموظفين المنتمين فكريا إلى الجماعات "الإرهابية" عن العمل في جميع الجهات والمؤسسات التابعة للدولة. وحسب المذكرة الإيضاحية التي تقدمت بها حكومة الانقلاب فإن مشروع القانون المشبوه يستند في فلسفته ومضمونه ومحتواه على المادة 237 من دستور الانقلاب الذي جرى تعديله في إبريل 2019م والتي "ألزمت الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره، وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات. وتنظيم القانون أحكام إجراءات مكافحة الإرهاب، والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه، وبسببه". وأضافت المذكرة أن "الدولة المصرية تخوض حربًا شرسة ضد الإرهاب، والعنف، والتطرف، مع الأخذ في الاعتبار أن الإرهاب يبدأ بفكر شاذ مسموم، ينشره أتباعه ومعتنقوه من الضالين والمضلين، والذين يخدعون به غيرهم؛ فتتشكل بذلك حاضنة فكرية فاسدة للإرهاب والعنف. ومن غير المقبول أن تكون الجهات التابعة للدولة مسرحًا لعرض الآراء والأفكار المتطرفة، وساحة للاستقطاب الفكري، أو بيئة خصبة تستغلها الجماعات الإرهابية لتجنيد أتباعها". وشددت على ضرورة إبعاد الموظفين المنتمين فكريًا للجماعات الإرهابية عن العمل في الجهات التابعة للدولة، لما يشكله ذلك من خطر داهم على الصالح العام، والمجتمع، زاعمة أن "تجفيف منابع هذا الفكر لا يقف عند حد مواجهة مروجيه من العاملين في الجهاز الإداري الدولة فقط، وإنما تستدعي مواجهتهم بصورة أوسع، وأكثر شمولًا". غير دستوري وقال المهندس أسامة سليمان، محافظ البحيرة السابق، إن مشروع القانون يتنافى مع المنطق والعقل والدستور وصحيح القانون ويعد نوعا من أنواع التنكيل بالمواطنين، متسائلا : كيف يمكن أن يكون كل ما يشغل تفكير أعضاء برلمان السيسي هو التنكيل بالموظف خارج إطار القانون وبالمخالفة للقانون رقم 10 لسنة 1972. وأضاف سليمان، في مداخلة هاتفية لبرنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر، أن هناك طرقا عديدة لمعاقبة الموظفين، أما أن تلجأ حكومة الانقلاب إلى معاقبة الموظف على فكره أو انتمائه فهذا أمر غير قانوني، وكان الأولى بها محاسبة الفاسدين في الجهاز الإداري للدولة. وأوضح محافظ البحيرة السابق أن الدستور نص على أن المواطنين سواء يتساوون ولا تمييز بينهم بسبب الدين أو الانتماء السياسي، وإذا كان الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين أو حركة السادس من إبريل أو غيرها هو انتماء سياسي فلا يصح مخالفة الدستور وفصل الموظفين. وأشار سليمان إلى أن مصر لم تعد دولة بالمفهوم الصحيح تحت حكم السيسي فليس هناك احترام للدستور أو القانون، مضيفا أن القانون يستند إلى تحريات الأجهزة الأمنية التي أودت بحياة آلاف الأبرياء وأدخلتهم المعتقلات، وتحدى أن يأتي أي عضو في برلمان السيسي او حكومته بتعريف محدد للإرهاب. ولفت إلى أن المجازر التي ارتكبها السيسي وأجهزته الأمنية في مصر منذ الانقلاب هي أصل الإرهاب، مضيفا أن السيسي مرعوب من أي حراك شعبي قد يطيح به ويجعلهم يتسابقون لوضع مثل هذه القوانين لإرضاء أسيادهم ويذهب بالدولة إلى أن تصبح شبه دولة كما قال السيسي. https://www.facebook.com/ajmubasher/videos/396985611335822/ إهدار للعدالة بدوره قال عادل سليمان، المحامي والناشط السياسي، إن القانون تحدث عن الكيانات الإرهابية لكن نظام السيسي يصنف كل من يعارض النظام بأنه ينتمي إلى جماعة إرهابية دون تحديد اسم الجماعة او دور الشخص التنظيمي داخل هذه الجماعة حتى. وأضاف سليمان أن الروتين الحكومى منذ القدم كان يقوم على فكرة تقنين الإجراءات لكن الآن بعد أن أصبحت يد الحكومة أقوى من القانون يتم دسترة القوانين وتعديلها كما حدث عندما أصدر السيسي قوانين تتيح له التدخل في السلطة القضائية والأجهزة الرقابية وبعد إصدار القانون تم تعديل الدستور ليتماشى مع القانون. http://https://www.facebook.com/ajmubasher/videos/358448935263388/ ونص مشروع القانون على "اتخاذ إجراءات العزل بالنسبة للمخاطبين بأحكامه من وحدات الجهاز الإداري الدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والجهات المخاطبة بأحكام قانون الخدمة المدنية، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والعاملون الذين تنظم شؤون توظيفهم لوائح خاصة؛ من دون المساس بما قد يكون مقررًا لبعض الفئات من ضمانات دستورية في مواجهة العزل". وتسري أحكام القانون على جميع الموظفين في مواقع العمل والإنتاج، التي تملك الدولة توجيهها، إما لكون الدولة هي المالكة لها، أو بوصفها المساهم الرئيسي فيها، وصاحبة القرار، بدعوى أن "هذه المواقع ذات أثر عميق في تشكيل الوعي العام، وتوجيه أفكار الشباب والنشء، على غرار المؤسسات الجامعية والتعليمية التابعة للدولة". وأدرج القانون حالة جديدة لأحوال فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي، وهي حالة "من يدرج منهم على قوائم الإرهابيين، وفقًا للقانون رقم 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ إذ إن إدراج الشخص على قوائم الإرهابيين بقرار من السلطات القضائية يقتضي بحكم اللزوم خطورته على أمن الدولة، وسلامتها، ويستوجب تخليص المؤسسات التابعة للدولة منه طيلة فترة الإدراج". كما أجاز تعديل القانون لرئيس الانقلاب أن يفوض السلطة الأدنى مباشرة -ممثلة في رئيس مجلس الوزراء- في إصدار قرار الفصل، تخفيفًا للعبء الإداري في ضوء اتساع رقعة الجهات المخاطبة بالقانون، مع حذف عبارة "وتكون له فيها ولاية القضاء كاملة، والفصل في الدعوى خلال سنة على الأكثر من تاريخ رفعها"، بذريعة أن "العبارة صارت لا محل لها في ظل اختصاص مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبي، وسلطة المحكمة في وقف التنفيذ وصرف المرتب كله أو بعضه، إذا كان القرار صادرًا بالفصل". كذلك، حذف التفرقة القائمة بين شاغلي الوظائف القيادية، وما دونها من الدرجات الوظيفية في مواضع القانون القائم، إطلاقًا لسلطة القضاء في وزن ملابسات كل حالة، وتقدير ظروفها المحيطة، وإنزال الحكم المناسب في ضوء اعتبارات المصلحة العامة فقط، ودونما قيد على سلطة المحكمة؛ إذ لا تلازم حتميًا بين المستوى الوظيفي للعامل، ودرجة الخطورة التي يمثلها، والتي قد تستدعي فصله بغير الطريق التأديبي.