حالة الركود والكساد التي تخيم على الأسواق المصرية، أدت إلى تراجع أسعار بعض السلع والمنتجات حيث اضطر التجار في عدد من القطاعات إلى حرق الأسعار في محاولة لجذب المشترين وإنقاذ بضائعهم التي باتت مهددة بالتلف مع ضعف القوة الشرائية لأغلب المصريين الذين أنهكتهم قرارات نظام الانقلاب الدموى بقيادة عبد الفتاح السيسي برفع أسعار السلع والخدمات منذ عام 2014 وحتى الآن. وكشفت مؤشرات اقتصادية تراجع الطلب على عشرات السلع بنسب تخطت 50 في المائة، وهو ما اضطر عدد من الشركات إلى النزول بالأسعار، رغم ارتفاع تكاليف التشغيل من أجل توفير سيولة نقدية لتسديد فوائد القروض البنكية أو لإعادة توجيهها لمشروعات أخرى تعوض جزءًا من خسائرهم. يشار إلى أن مؤشرات حديثة للبنك الدولي أظهرت أن نحو 60 في المائة من إجمالى عدد المصريين يعيشون تحت خط الفقر.. وطبقًا لتقرير مؤشر الجوع العالمي، الذي يصدر سنويًا عن المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، جاءت مصر في المرتبة 61 بين 119 دولة، ويعتمد التقرير على البيانات الأولية لمنظمات أممية منها الفاو والصحة العالمية، واليونيسف، والبنك الدولي. كان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن انخفاض أسعار بعض السلع والمنتجات الزراعية واللحوم والدواجن والأسماك إضافة إلى الملابس والأحذية، وقال الجهاز إن مجموعة الفاكهة تراجعت بنسبة 10.4%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 4.4%، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 2.7%، مجموعة الخضروات بنسبة 2.6%، مجموعة الملابس والأحذية بنسبة 0.3%، مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 0.3%. بعض المطبلاتية والجهلة اعتبروا أن ذلك إنجازا جديدا من إنجازات السيسي الوهمية رغم أن تراجع الأسعار يهدد بتوقف الكثير من الأنشطة لأن المنتجين لن يستطيعوا مواصلة تحمل الخسائر، وبالتالى سيتوقفون عن الإنتاج ما يهدد ب"خراب بيوت" ومجاعة غير مسبوقة فى مصر. انكماش الأسواق من جانبه أكد مصطفى عبد السلام خبير اقتصادى أن أسواق مصر تنكمش يومًا بعد يوم، والكساد والركود يسيطران عليها، وعمليات البيع والشراء شبه قاصرة على السلع الضرورية كالأغذية والأجهزة المنزلية والكهربائية، مشيرا إلى أن مخازن المصانع مكدسة بالسلع، في ظل ضعف الطلب وضعف أسواق التصدير خاصة ليبيا والعراق والسودان، وانخفاض الطلبات الجديدة وتراجع فرص العمل والتوظيف. وقال عبد السلام فى تصريحات صحفية إن بعض المصانع ومؤسسات الإنتاج تغلق أبوابها وتطفئ أنوارها وتوقف تدريجيًا ماكيناتها وتروسها في ظل تكدّس الإنتاج وصعوبة تصريفه وتسويقه وبيعه، مؤكدا أن المصانع تواجه صعوبة في توسيع أنشطتها وأسواقها وفتح منافذ جديدة للبيع وقبلها إضافة خطوط إنتاج حديثة، والنتيجة إغلاق مزيد من المصانع والشركات الإنتاجية أبوابها وطرد عمالها أو على الأقل تقليص رواتبهم، لتنضم إلى آلاف المصانع المتعثرة منذ سنوات والتي تجاوز عددها 6 آلاف مصنع. وأشار إلى أن أسباب حالة الكساد والركود كثيرة، أبرزها سياسات حكومة الانقلاب التي تسببت في انهيار القدرة الشرائية لأغلب المواطنين، وسحب ما تبقى من سيولة نقدية كانت متوافرة لديهم، وتراجع معدل الادخار عقب تعويم الجنيه في نهاية العام 2016، وزيادة كلفة الإنتاج بسبب رفع أسعار الوقود والكهرباء والرسوم والضرائب بشكل مستمر. وأوضح عبد السلام أن هناك عوامل أخرى تزيد من الركود والكساد، منها زيادة معدل الفقر والبالغة أكثر من 32% من إجمالي عدد السكان، وهو ما يعني وجود أكثر من 32 مليون فقير وانتشار الفقر المدقع مع قفزات الأسعار التي لا ترحم ملايين الأسر، وانهيار عدد المنتمين إلى الطبقة المتوسطة التي كانت وقود الطلب على الأسواق والسلع، والمحرك الرئيسي في معادلة الاستهلاك. ولفت إلى أن انكماش الأسواق يحدث رغم ضخامة سوق المستهلكين والذي يتجاوز مائة مليون نسمة، كما يتعمق يومًا بعد يوم مع ضعف الطلب من قبل المستهلك، مؤكدا أن انكماش الأسواق يصاحبه ضعف أنشطة القطاع الخاص الذي يوفر نحو 70% من فرص العمل خاصة للشباب. وخلص عبد السلام إلى القول بأن تراجع أسعار بعض السلع لا يعود إلى توافر المعروض منها، أو إلى تحسن دخول المصريين ورفع المستوى المعيشي، وإنما إلى كساد الأسواق وضعف القدرة الشرائية، محذرا من خطورة ذلك على الاستثمار والصناعة والأسواق وفرص العمل والتشغيل والصادرات. القوة الشرائية ويرى الدكتور محمد جاب الله، خبير اقتصادى أن انخفاض أسعار بعض السلع يرجع إلى عاملين رئيسين الأول هامشى يتمثل في انخفاض الدولار، والثاني رئيسى وخطير وهو انخفاض الاستهلاك نتيجة لعدم المقدرة على الشراء فى الأساس. واعتبر جاب الله فى تصريحات صحفية أن هذا التراجع أمر خطير للغاية، لانه قد يكون نذيرًا لحالة من الكساد في الأسواق، إن لم يتم تداركها، مشددا على ضرورة العمل على تفاديها. وقال: كان هناك تخوف مما يعرف بالركود التضخمى، إلا أن الأمر تفاقم، وجاءت أرقام التضخم الأخيرة مزعجة للغاية، وتنذر بحدوث كساد فى الأسواق. كساد عظيم وحذر فتحى الطحاوى، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية من أن الأسواق تتدهور أوضاعها يوما بعد الآخر، بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية، وثبات الأجور وتدنيها. وشدد الطحاوى فى تصريحات صحفية على خطورة الركود والكساد على الاقتصاد في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن الحكومات في كل الدول تعمل على تلافى أي مؤشرات تؤدى إلى زيادة الكساد وزيادة معدلات الركود حتى لا تتعرض التجارة لخطر من جراء هذا الإقفال التجارى. وأضاف: تصل هذه المخاطر من معدلات الركود المرتفعة إلى عدم قدرة العاملين في التجارة على سداد التزاماتهم، وبالتالى ضعف الموارد التي تدخل إلى الدولة وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات من جانب الدولة نفسها، مشيرا إلى أن مصر ليست في حالة حرب أو تعانى من كوارث طبيعية تجعلها تصل إلى هذا النوع من الكساد "العظيم". ووصف الطحاوى الوضع الحالى ب"المخيف" بسبب تراجع الحركة في السوق. إحجام المستهلكين وكشف عبد العزيز السيد رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية عن ارتفاع معدلات الركود في القطاع بشكل كبير منذ فترة طويلة، مؤكدا أن معدلات الركود في المبيعات وصلت إلى 30% على أقل تقدير. وأرجع السيد فى تصريحات صحفية هذه المعدلات المرتفعة إلى ضعف القوى الشرائية وارتفاع الأسعار ما أدى إلى إحجام المستهلكين عن الشراء بكميات كبيرة والاقتصار على الضروريات وعلى كميات محددة. وأوضح أن الالتزامات الملقاة على كاهل المواطنين من مصاريف يومية ومعيشية كبيرة في ظل ارتفاع الأسعار هي السبب في ضعف الإقبال.