قال الباحث خالد فؤاد المتخصص في شئون الطاقة وقضايا الشرق الأوسط إن التطور الأخير بشأن ترسيم مصر واليونان حدودهما البحرية أرادت به مصر إعطاء الحق لليونان تخطي الاتفاقية التركية الليبية ومنح مسوغ للكيان الصهيوني وقبرص واليونان بإنشاء خط للغاز East Med، وفق ما أعلنوه قبل شهور وصولا إلى أوروبا، فضلا عن خسارتها موقعها كمنصة إقليمية في المستقبل، وما يتبع ذلك من خسائر اقتصادية وفقدان لنفوذ ودور جيوسياسي مهم في منطقة شرق المتوسط. واستدل "فؤاد" على ذلك في تقرير نشره له موقع قناة "TRT" عربي، بعنوان "ماذا خسرت مصر بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع اليونان؟"، بقوله: "إذا كنا نريد أن نتصور حجم الاستثمارات التي يمكن أن تخسرها مصر بسبب الاتفاقية الموقعة مع اليونان فإننا بحاجة إلى النظر إلى الاتفاقات المبدئية التي توصلت إليها مصر في فبراير الماضي مع كبرى شركات النفط والغاز العالمية (Exxon Mobile – Chevron – Shell – BP – Total)، التي من المفترض أن تقوم بالتنقيب والاستكشاف والحفر في المياه العميقة أمام السواحل الغربية لمصر في عدة مناطق، من ضمنها نفس المنطقة التي أصبحت تحت السيادة اليونانية بعد توقيع الاتفاقية، وهو ما يعني خسائر لاحتياطات غاز محتملة في تلك المياه كان يمكن أن تمنح مصر مكاسب اقتصادية هائلة". أما الدليل الثاني الذي ساقه على تحقق هذه الخسارة كان من "الرفض المصري المستمر منذ سنوات لترسيم الحدود البحرية مع اليونان بسبب إهدار الرؤية اليونانية مساحة ضخمة من المناطق الاقتصادية الخالصة المصرية". وأضاف متعجبا "وهو ما تم التنازل عنه بعد موافقة مصر على ترسيم الحدود البحرية مع اليونان وفقًا لقانون البحار ووفقًا للرؤية اليونانية، وهو ما يعني خسارة مصر مساحات مائية هائلة في منطقة واعدة بالثروات تسعى أغلب دول المنطقة للحصول على أي مساحة مائية مهما كانت صغيرة فيها تمكنهم من التنقيب عن النفط والغاز. تهديد معلن وقال الباحث إنه من "التهديدات الرئيسية للاستراتيجية المصرية هي مشروع خط غاز East Med الذي تسعى إسرائيل إلى الشروع في إنشائه بجدية، إذ يبدأ الخط من إسرائيل ويصل إلى أوروبا مرورًا بقبرص واليونان وإيطاليا". ويلقى الخط دعمًا من الاتحاد الأوروبي الذي يراه كأحد مصادر الغاز البديلة التي يسعى إليها في سبيل التقليل من الاعتماد على الغاز الروسي الذي يسيطر على أكثر من ثلث واردات الغاز لأوروبا، ويعد خط East Med تهديدًا واضحًا ومباشرًا للمصالح المصرية، إذ يعني في حال تم إنشاء الخط خسارة مصر دورها المستقبلي كمنصة إقليمية لتصدير الغاز الطبيعي في شرق المتوسط. وحذر من أنه ليس من مصلحة مصر بأي حال من الأحوال إنشاء وإنجاز خط East Med، وهو الأمر الذي جعل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا تتوافق مع المصلحة المصرية، لأن الاتفاقية تمنع مرور خط East Med لاستكمال طريقه إلى أوروبا إلا بموافقة الجانب التركي، وهو أمر يبدو صعبًا في ظل الأزمات التي لم تحل بين تركيا من جهة وبين اليونان وقبرص من جهة أخرى. وخلص الباحث إلى أن التنازل الجديد "سيناريو متكرر منذ اتفاقية تيران وصنافير وإعلان مبادئ سد النهضة التي تم فيها إهدار حقوق مصر التاريخية والتفريط في مقدرات الوطن". وختم قائلا "يبدو أن تلك السيناريوهات لن تتوقف وستكون قابلة للتكرار ما دامت استراتيجية النظام المصري تعاني من ارتباك وتخبط في تحديد الأولويات التي تتعلق بالأمن القومي المصري، وفي الاختيار بين تحقيق مصالح مباشرة لمصر أو الانحياز إلى مصالح حلفاء النظام المصري في المنطقة".