تراصّت الفواتير التي سيدفعها شعبنا نتيجة صمته على تمكن المنقلب السيسي من سدة الحكم، منذ يوليو 2013، ومن أبرز هذه الفواتير فواتير المياه التي تم رفع أسعارها، وهو النتيجة الطبيعية لضياع حصة مصر من مياه النيل بسبب الانقلاب، إضافة إلى مشروعات العصابة الفنكوشية لتحلية المياه، وحظر مزروعات حيوية على الفلاحين وإلزامهم بطرق الري بالرش أو التنقيط. لم تجن مصر خلال السنوات السبع العجاف سوى الاستمرار في مفاوضات عبثية على الطريقة الصهيونية في أوسلو ومدريد وكامب ديفيد، فيوم الثلاثاء، شاركت عصابة الانقلاب- التي أضاعت حقوق مصر في مياه النيل بتوقيع قائد الانقلاب في 2015 على اتفاق الخرطوم- في استئناف المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي، رغم تأكيد المتحدث أن الدعوة تأتي في ذات اليوم الذي أعادت فيه السلطات الإثيوبية تأكيد اعتزامها السير قدمًا في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، وهو الأمر الذي يتنافى مع التزامات إثيوبيا القانونية الواردة بإعلان المبادئ، ويلقي بالضرورة بظلاله على المسار التفاوضي. وشاركت العصابة ومثلها وزير خارجية الانقلاب رغم أن الدعوة للمشاركة كانت قبل يومين فقط، بمعنى أنها جاءت متأخرة للغاية، وهو ما يعني بحسب مراقبين عدم تحديد إطار زمني للمفاوضات، وهو ما يساوي مزيدًا من المماطلة والتنصل من الالتزامات الواردة بإعلان المبادئ عام 2015، طبقًا لبيان المتحدث. منظومة دفاع جوي وسعت أديس أبابا لدى الجانب الروسي منذ وقت مبكر للحصول على منظومة دفاع جوي مناسبة قادرة على حماية مشروع سد النهضة من أي تهديدات، وتعمل كردع استباقي تجاه أي مخططات تستهدف المساس بجسم السد، متوقعة أن تكون إثيوبيا قد أكملت نشر منظومة من طراز "بانتسير إس-1" (Pantsir-S1) قبل حوالي شهر من الآن. وكشفت صحيفة "السوداني" عن قيام الجيش الإثيوبي بنشر منظومة دفاع جوي جديدة روسية الصنع بالقرب من موقع سد النهضة. وقال مراقبون إنه رغم التحذير من عدم حيادية الوسطاء الأوروبيين، وأن مصالحهم وسجلهم الاستعماري يسبقهم، إلا أن الانقلاب واصل غيه، وأعلن ثقته في دخول بريطانيا كمنسق بملف سد "النهضة". وأضافوا أنه مع بدء العد التنازلي لموعد ملء سد النهضة الإثيوبي، يتصاعد التوتر في تلك الأزمة الممتدة منذ العام 2011، خاصة في فشل جميع المفاوضات السابقة، رغم تدخل جهات دولية كان آخرها الولاياتالمتحدة والبنك الدولي. وقالت السفارة البريطانية بالقاهرة، في بيان لها الثلاثاء، إن مصر وبريطانيا اتفقتا على تعزيز التنسيق بملف سد النهضة. واستغرب المراقبون من مزاحمة الملف الليبي ملف سد النهضة خلال اجتماع السيسي، الثلاثاء، بما يمسى "مجلس الأمن القومي"!. وأشاروا إلى أنه في المقابل يركز رئيس وزراء اثيوبيا آبي أحمد أولوياته على ملء السد في موعد حدده بالشهر القادم، وأنه لا رجعة فيها وأنه تحقيقا لذلك بعث برسائل قبوله المفاوضات ليناور بها بحسب ما قال وزير الري السابق محمد نصر علام. وقال آبي أحمد، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة البرلمانية لمجلس النواب الإثيوبي، إن مشروع سد النهضة لن يعود بالضرر على أي طرف، وأن بلاده لا تسعى لإلحاق الأذى بالآخرين. وتخطط أديس أبابا لبدء ملء سد النهضة في موسم الأمطار لهذا العام، والذي يتزامن مع حلول يوليو المقبل. اتفاق واشنطن ونهاية فبراير الماضي، وقعت مصر بالأحرف الأولى، على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة برعاية واشنطن ومشاركة البنك الدولي. واعتبرت القاهرة هذا الاتفاق "عادلا"، وسط رفض إثيوبي، وتحفظ سوداني، وإعلان مصري في منتصف مارس. وفي يونيو الجاري، أعلن آبي أحمد عن أنه لا رجعة في بناء سد النهضة، إضافة لتصاعد التوتر من سعي إثيوبيا لبدء ملء سد النهضة الشهر المقبل، فيما رفض السودان ملء سد النهضة دون اتفاق ثلاثي، وكشف عن أن مشاكل فنية بشأن سد النهضة، ولكنه يمكن حلها بحسن النوايا، ولأول مرة كشف الوزير المصري السابق محمد نصر علام أن "إسرائيل تتلاعب سرا في أزمة سد النهضة". الانقلاب وسنوات عجاف وبحسب التقرير، ففي سبتمبر 2011 خلال فترة حكم المجلس العسكري، اتفق رئيس الوزراء عصام شرف مع نظيره الإثيوبي على تشكيل لجنة لدراسة آثار سد النهضة على دولتي المصب. وكان فارقا قبل السنوات السبع العجاف إعلان الرئيس محمد مرسي أنه لا حل لمشكلة سد النهضة إلا بحرب أو عمل عسكري يعوض فيه المصريين أي ماء تنقص من دمائهم. وفي مايو 2013، انتهت اللجنة من دراسة آثار السد، وقدمت تقريرها للرئيس محمد مرسي، الذي بحثه مع القوى الوطنية، وتوقفت المفاوضات مع إثيوبيا بعد إعلان الانقلاب. وفي يونيو 2014م، طلب عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، من رئيس وزراء إثيوبيا استئناف المفاوضات والاستعانة بالمكاتب الاستشارية لدراسة آثار السد، ورشحت مصر مكتبا استشاريا هولنديا، بينما رشحت إثيوبيا مكتبا فرنسيا. وفي مارس 2015م، وقعت الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، إعلان مبادئ سد النهضة، واتفقت على التعاقد مع مكتبين فرنسيين لتقديم الدراسات الفنية، وأشار البند الخامس من الاتفاقية إلى احترام المخرجات النهائية للدراسات دون الالتزام بها. وفي سبتمبر 2017م، اجتمعت اللجنة الفنية للدول الثلاث في السودان لمناقشة الخلافات حول نتائج بنود التقرير الأولي للجنة. وفي أكتوبر 2017م، عادت المفاوضات مرة أخرى في أديس أبابا، وزار وزير الري بحكومة الانقلاب موقع السد، وعبر عن قلقه لاكتمال 60% من أعمال البناء في السد. وفي 13 نوفمبر 2017م، أعلنت حكومة الانقلاب عن فشل المفاوضات حول سد النهضة؛ نتيجة رفض إثيوبيا تقرير المكتب الاستشاري، وأكدت إثيوبيا والسودان أن "التقرير الاستشاري غير ملزم" والسيسي يعرب عن قلقه على حصة مصر. وفي أغسطس 2019م، أعلنت حكومة الانقلاب أنها ستقوم بتحمل إنشاء محطات تحلية مياه البحر، وأنها رصدت مبدئيا لذلك 70 مليار جنيه، مدعية أنها سلمت الجانب الإثيوبي الرؤية المصرية بشأن عملية ملء وتشغيل سدّ النهضة. وفي سبتمبر 2019 اعترف السيسي أمام الأممالمتحدة بفشل مفاوضات سد النهضة. وفي أكتوبر 2019، تم اجتماع للجنة الثلاثية لمفاوضات سد النهضة دون التوصل لنتائج. أبرز محطات النزاع بشأن #سد_النهضة#السودان #مصر #إثيوبيا pic.twitter.com/CSo2geX7Fp — الجزيرة مباشر (@ajmubasher) October 6, 2019 استمرار الفشل في 2020 وفي 9 يناير 2020، أعلنت الري عن انتهاء الاجتماع الرابع دون اتفاق. وفي 12 يناير 2020 استبقت إثيوبيا اجتماع واشنطن بالترحيب بجنوب إفريقيا وسيطا في مفاوضات سد النهضة. وفي 15 و16 يناير 2020، عُقد اجتماع وزراء الخارجية والري في واشنطن لتقييم مفاوضات سد النهضة والتوصل لاتفاق مبدئي يتضمن 6 نقاط تتعلق بكيفية الملء والتشغيل. وفي 26 فبراير 2020، أعلنت إثيوبيا عدم المشاركة في الاجتماعات المقررة لتوقيع الاتفاقية النهائية في واشنطن، ولكن الانقلاب يوقع منفردا على مسودة الاتفاقية الخاصة بسد النهضة. وفي 3 مارس 2020 أعلنت إثيوبيا منفردة بدء المرحلة الأولى من عملية الملء بحلول يوليو متوقعة حجز 4.9 مليار متر مكعب بنهاية الشهر. وفي 5 مارس 2020 تحفظت حكومة السودان على قرار الجامعة العربية الداعم لمصر في قضية سد النهضة. وفي 1 أبريل 2020 جدد رئيس وزراء إثيوبيا التصريح باعتزام بلاده ملء خزان سد النهضة في موسم الأمطار المقبل، الذي يتزامن مع الفترة بين يونيو وسبتمبر المقبلين، كما أعلن وزير المياه الإثيوبي إنهاء 72.4% من إنشاءات سد النهضة، ويؤكد أن الأعمال في المشروع "تجري على قدم وساق".