دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى إيقاف إقامة صلاة الجمعة والجماعات في أي بلد بدأ فيه تفشي وباء كورونا. وقال الاتحاد، في بيان له، إن إيقاف صلاة الجمعة والجماعات في البلدان التي بدأ فيها تفشي وباء كورونا يستمر إلى حين السيطرة عليه وتجاوز مرحلة الانتشار والخطر. وأضاف البيان "بما أن هذا الفيروس الفتاك ينتقل من الأشخاص المصابين به إلى غيرهم بكل أشكال الاختلاط والتحازي والتماس، فإن كل التجمعات تصبح مجالا وسببا محتملا لانتقال الفيروس في أثنائها". وأشار البيان إلى أن "إقامة صلاة الجمعة والجماعة في ظل الاحتمال الفعلي والجدي لمخاطر انتشار الفيروس لا يلزم شرعا ولا يجوز". من جانبه قال وزير الأوقاف بحكومة الانقلاب محمد مختار جمعة: إن الوزارة نسقت مع المشيخة العامة للطرق الصوفية، وتم الاتفاق بينهما على الاكتفاء بخطبة الجمعة التي خصصت للحديث عن الإسراء والمعراج يوم 25 من رجب. ودعا جمعة إلى عدم إقامة فعاليات جماهيرية أو احتفالية في ضوء تعليمات الأوقاف بقصر عمل المساجد في الوقت الحالي على الصلاة وخطبة الجمعة، وبما لا يزيد على 15 دقيقة. وأكد جمعة الحرص على إعلاء المصلحة الوطنية، والتحرك في ضوء فقه النوازل والأولويات والمقاصد العامة للتشريع. بدوره قال الدكتور علي القرة داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن الفتوى قائمة على عنصرين أو كفتي ميزان: الكفة الأولى هي العقيدة والإيمان بالله تعالى، انطلاقا من قوله عز وجل "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، والثانية هي الأخذ بالأسباب في كل ما يمكن وفق قول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار"، وأيضا قوله "لا يورد ممرض على مصح"، كما جمع الرسول الكريم الكفتين في حديث واحد حين قال "لا عدوى ولا طيرة، وفر من المجزوم كما تفر من الأسد". وأضاف، في حواره مع برنامج "المسائية" على قناة "الجزيرة مباشر"، أن أمانة الاتحاد ناقشت هذه المسألة، ووجدت أنه ينبغي أن يكون لها المبادرة باعتبارها إحدى مرجعيات العالم الإسلامي، فأجاز الاتحاد توقف الشعائر حال انتشار الفيروس في بلد من البلدان خشية انتقال العدوى. وأوضح أن ما شجع الاتحاد على إصدار الفتوى ما حدث في كوريا الجنوبية، عندما أهملت الكنيسة انتشار العدوى وكانت تعقد الاجتماعات، ما أدى إلى انتشار الوباء داخل الكنيسة، مضيفا أن هذه الأسباب من الله سبحانه وتعالى، ولا تفرق بين مسلم وكافر، وبين مسجد وكنيسة، مضيفا أن الوباء حين ينزل لا يفرق بين أحد، فطاعون عاموس حصد أرواح كبار الصحابة مثل أبو عبيدة الجراح، وعدد كبير من صحابة رسول الله، ما دفع عمر بن الخطاب إلى اصطحاب المرضى إلى عمق الصحراء والجبال، ومن نجا عاد به إلى المدينة. وأشار إلى أنه عندما تتعارض مصلحة النفس والبدن مع عبادة الله سبحانه وتعالى يتسامح ويقدم مصلحة البدن والصحة على العبادة؛ وفقا لقوله تعالى "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"، مضيفا أن الدعاء من سنن الله لكنه وحده لا يكفي ولا بد من الأخذ بالأسباب. ولفت إلى أهمية أن يؤدي المسلمون صلاة القنوات باعتبار كورونا من النوازل، وأيضا التضرع إلى الله كي يرفع البلاء والوباء عن البشرية جمعاء، مضيفا أن هناك أدعية مأثورة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لرفع البلاء، منها "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"، وقراءة سور الإخلاص والمعوذتين. وأوضح القرة داغي أن الأماكن المقدسة ليست محصنة من الإصابة بالأوبئة، وقد ورد حديث واحد بخصوص الطاعون وهو خاص بالمدينة، وما عدا ذلك قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث بصحيح مسلم: إن جميع الأوبئة الأخرى تصل إلى المدينة أو مكة وكل الأماكن حسب قدر الله. ولفت إلى أن من مات بالوباء أو الطاعون بشرط نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن يصبر وألا يخرج حتى لا يصيب غيره، كتب له أجر الشهادة.