أكَّد خبراء وسياسيون أوروبيون وأمريكيون أن صفقة القرن مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني من بلاده وتشريده فى دول أخرى . وعلى عكس مطبلاتية العسكر الذين ينافقون قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي ويروجون لأكاذيب الانقلاب، قال الخبراء إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، المعروفة باسم صفقة القرن، ستبوء بالفشل وستزيد من تأجيج الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين . وكشفوا عن أن "صفقة القرن" المزعومة لم تتطرّق إلى القضايا المُلحّة مثل: إقامة دولة فلسطينية مستقلّة على حدود 1967، وعاصمتها القدسالشرقية، عودة البلدات والقرى الفلسطينية المُحتلّة من إسرائيل، وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإزالة المستوطنات اليهودية غير القانونية. وأشار الخبراء إلى أن خريطة الدولة الفلسطينية المُقترحة فى صفقة القرن أشبه بسطح كعكةٍ مُفتّتة. وطالبوا بإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المستمر منذ عام 1967. مشددين على ضرورة حصول الفلسطينيين على حقهم في تقرير مصيرهم لإقامة دولة مستقلة وديمقراطية. نصف دولة من جانبه وصف مايكل لينك، مقرر الأممالمتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، خطة السلام الأمريكية- التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب- بأنها زائفة ولا تقيم سوى دولة ونصف دولة. وأوضح لينك أن الخطة الأمريكية تقوض بشكل كامل حق الفلسطينيين في تقرير المصير، مشيرا إلى أنها تقدم حلا لإقامة دولة واحدة (إسرائيل) ونصف دولة (فلسطين). وقال إن الخطة تتضمن إقامة دولة فلسطينية في صورة أرخبيل، تربطه جسور وأنفاق بلا مطار ولا ميناء بحري، مع جعل مدينة القدسالمحتلة عاصمة موحدة مزعومة لإسرائيل. واعتبر المسئول الأممي أنَّ الخطة غير متوازنة، وتميل لصالح جانب واحد من الصراع، والدولة الفلسطينية- وفق ما يعرف ب"صفقة القرن"- ستصبح في حال قيامها كيانًا جديدًا تماما في سجلات العلوم السياسية الحديثة. وشدد لينك على أن الخطة ليست وصفة لسلام عادل ودائم، والدولة الفلسطينية ستكون أرخبيلا متناثرا من أراض غير متجاورة تحيط بها إسرائيل من كل الجوانب، دون حدود خارجية، ولا تتمتع بمجال جوي ولا تمتلك حق تشكيل جيش للدفاع عن أمنها. وأضاف أن الخطة تتجاهل عمليا كل مبدأ رئيسي للقانون الدولي، وستقلب النظام الدولي القائم على القواعد رأسا على عقب، وسترسخ بشكل دائم القهر المأساوي للفلسطينيين الموجودين على الأرض. وانتقد لينك السماح لإسرائيل بضم 30% من أراضي الضفة الغربية، وإضفاء الشرعية على 240 مستوطنة إسرائيلية وفق الخطة الأمريكية. وقال إن القانون الدولي يحظر ضم الأراضي الفلسطينية، بدءا من ميثاق الأممالمتحدة عام 1945، موضحا أنه منذ عام 1967 أعلن مجلس الأمن هذا المبدأ الأساسي في 8 مناسبات فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي، وكان آخرها في ديسمبر 2016 عندما شدد المجلس على عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة. غير مقبولة وأدان السيناتور الأمريكي، بيرني ساندرز، اقتراح الرئيس دونالد ترامب بشأن "خطة السلام" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووصفه بأنه "غير مقبول". ودعا ساندرز، في تغريدة له على موقع "تويتر"، إلى إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المستمر منذ عام 1967. مؤكدا أن ما يسمى "خطة السلام"، سيزيد من حدة الصراع بين الدولتين، لأنه يجب أن يحصل الفلسطينيون على حقهم في تقرير مصيرهم لإقامة دولة مستقلة وديمقراطية. وشدد في الوقت نفسه على ضرورة إقامة دولة إسرائيلية آمنة. واعتبر السيناتور الأمريكي اليهودي، أن الترويج لتلك الخطة بدون إرساء اتفاق سلام عادل ودائم ويتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة، يعد غير مقبول. صفقة فاشلة وأكد “جيرار أرو”، سفير فرنسا المنتهية ولايته لدى الولاياتالمتحدة، أن “صفقة القرن” محكوم عليها بالفشل 99%. وقدّم أرو، في مقابلة نشرتها مجلةThe Atlantic الأمريكية رؤيته لجاريد كوشنر، صهر وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يعد مهندس “صفقة القرن” وقال: “أنا مقرب من جاريد كوشنر. ويجب أن نعلم أنه كلما دارت هناك مفاوضات بين طرفين في تاريخ البشرية، فرض الأقوى شروطه على الأضعف". وأوضح أرو أن ترامب يملك قدرة استثنائية للتأثير على الإسرائيليين لدفعهم لتقديم تنازلات، حتى لو لم يستخدم هذا النفوذ في السابق . وتابع أن الرئيس الأمريكي أكثر شعبية بين الإسرائيليين من رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو، ويعول كوشنر على ذلك في خطته. واعتبر أن واشنطن في جهودها الرامية لتطبيق “صفقة القرن” قد تواجه مشاكل ملموسة بسبب اعتقاد الإسرائيليين أن التوصل إلى حلول ليس في مصلحتهم، موضحا أن الوضع القائم يرضي الإسرائيليين تماما، حيث يسيطرون على الضفة الغربية وليسوا مضطرين إلى منح الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية. وأعرب “أرو” عن قناعته بأن إسرائيل لن تقدم على تجنيس الفلسطينيين، مما سيكون بمثابة اعتراف رسمي بأنها “دولة فصل عنصري”، كما هو الأمر حاليا في الواقع . وفي رؤيته لشخصية كوشنر، أشار السفير الفرنسي إلى أن صهر ترامب “ذكي للغاية لكنه لا يمتلك الجرأة، ولا يعرف التاريخ”، موضحا أن كوشنر، بسبب عقلانيته المفرطة وانحيازه الواضح إلى الإسرائيليين، لا يدرك أن الفلسطينيين، إذا خُيّروا بين الاستسلام أو الانتحار، يختارون الثاني. خداع أمريكي وقال «يوسى ميكلبيرج»، باحث سياسي: إن موقف الولاياتالمتحدة وما تتخذه من قرارات وسياسات يختلف مع ما كانت تنادى به من الوصول لصفقة فى عام 2019 تمثل نهاية للصراع العربي الإسرائيلي، مشيرا إلى أن صفقة القرن التى أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجرد إشارات غير واضحة عما قد يستلزم لعقد الصفقة وتلميحات حول محتوياتها، ومتى سيتم الإعلان عنها. وأضاف: بدلا من إعداد خطة مدروسة تضمن الالتزام بالحد الأدنى لمتطلبات كلا الجانبين، تم تقديم خطة سلام لا تعتبر حتى نصف ناضجة. والأسوأ من ذلك، ما أصبح واضحا الآن هو أن الخطة، على هذا النحو، غير موجودة، مؤكدا أن ما تقترحه واشنطن هو أمر مخادع وليس هناك فرصة أن يتم الاعتراف بأى فلسطيني يطمح إلى دولة مستقلة قادرة على البقاء. وتابع: اعتدنا منذ تولى ترامب الرئاسة، على أن نهج واشنطن فى السياسة الخارجية لم يسبق له مثيل من حيث الجوهر والأسلوب. ولكن مع الوقت، تتكشف السياسات المجنونة التى تتبعها إدارة ترامب فى التعامل مع الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. فهى لا تسعى إلى معاهدة سلام، بل من المرجح أن هذه السياسات ستؤدى إلى المزيد من إراقة الدماء. إنها سياسة تسير فى الاتجاه المعاكس، وعندما يتم طرحها فى الأخير، ستصبح أمرا واقعيا بسبب الظروف الموجودة على أرض الواقع. وبالنسبة إلى اثنين من أكثر القضايا الجوهرية مستقبل القدس واللاجئين الفلسطينيين فإن واشنطن بالفعل متحيزة ضد أى مفاوضات مستقبلية، وهذا ستنتج عنه أضرار جسيمة يصعب إصلاحها. مدينة القدس وأشار ميكلبيرج إلى أن كلتا القضيتين أثبتتا صعوبتهما فى الماضي، ودائما ما كانت المفاوضات بشأنهما تنتهى إلى طريق مسدودة ومع ذلك، منذ 25 عاما، عالج مجموعات السياسيين والخبراء والمحامين الدوليين ومنظمات المجتمع المدنى هاتين المسألتين وتوصلوا إلى حلول إبداعية ومبتكرة فى مواجهة التحديات المعقدة التى تفرضها. ولكن حينما تظهر الحاجة إلى منهج دبلوماسى دقيق وهادئ، فإن إدارة ترامب تتحرك وكأنها ثور فى متجر صينى غير مراعية لجميع الحساسيات التى يتضمنها هذا الصراع. وأوضح أن الأمر بدأ بقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والذى كشف الخطوات الأحادية التى تتبعها هذه الإدارة وتحيزها الواضح إلى الجانب الإسرائيلى، وازدرائها التام للمصالح والحساسيات الفلسطينية. هذا لا يعنى أن القدس لا يمكن أن تكون عاصمة لإسرائيل وموقع جميع السفارات الأجنبية ولكن هذا لا بد أن يتحقق فقط عندما يتم الاعتراف بجزء من المدينة فى نفس الوقت كعاصمة لدولة فلسطينية مستقلة. وقال ميكلبيرج: أعقب قرار نقل السفارة إلى القدس، إغلاق القنصلية الأمريكية العامة، والتى كانت تعمل كسفارة فلسطينية فعلية تغطى شئون الفلسطينيين. بل وإدماج القنصلية فى السفارة الجديدة فى القدس. معتبرا ذلك بمثابة بيان سياسى صادر عن الولاياتالمتحدة حول واحدة من أكثر القضايا الأساسية تعقيدا، والتى يدعى كوشنر أنها مفتوحة للتفاوض. ويصبح واضحا أن السياسات الأمريكية تجاه القدس تم ربطها بالحكومة الإسرائيلية، على أن تكون القدس هى العاصمة الأبدية والموحدة للدولة اليهودية فقط. ولفت إلى أن محاولات تقويض عملية السلام لم تتوقف عند هذا الحد. فكان القرار المتعلق بالقدس مجرد واحد من سلسلة من الإجراءات التى اتخذتها واشنطن والتى أعطت إشارة للفلسطينيين أن المفاوضات تعنى الانصياع إلى المطالب الإسرائيلية المنقولة إليهم من خلال العاصمة الأمريكية. وعلى ذلك جاء إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، والذى ترك السلطة الفلسطينية دون تمثيل دبلوماسى هناك وأنهى قناة اتصال رئيسية مع الولاياتالمتحدة؛ مع قطع المساعدات المالية عن المستشفيات فى القدسالشرقية؛ والتشريعات الغامضة التى توقف جميع الأموال للسلطة الفلسطينية . وأكد ميكلبيرج أن موقف إدارة ترامب تجاه اللاجئين الفلسطينيين. يحول دون أى عملية سلام ناجحة، حيث شككت هذه الإدارة فى وضع ما يقرب من 5.5 مليون لاجئ مسجلين لدى الأونروا، لأنهم «فقط» ينحدرون من سلالة اللاجئين الأصليين. ووصل الأمر إلى قطع كل دعمها المالى لهذه المؤسسة التابعة إلى الأممالمتحدة.