- الانقلابيون يجندون كل إمكانات الدولة ومواردها والخزانة العامة لتسويق خارطة طريقهم - الانقلاب يقدم رشوة انتخابية لحشد البسطاء والفقراء للتصويت ب"نعم" فى الاستفتاء - الانقلاب غيّب الحدود الفاصلة بين المال العام والخاص لترويج دستوره الباطل - الشعب سيقاطع استفتاء انقلابيا سيزوَّر ولن يترتب فى حال تمريره حل الأزمة - الرشاوى الانتخابية تستهدف تمرير أول خطوة فى خارطة الانقلاب وهى الاستفتاء - الوعى الثقافى والسياسى للأسرة المصرية الفقيرة وأبنائها تغير ولن يضحك عليهم الانقلاب - الانقلابيون يحاولون بكل الطرق إضفاء شرعية على خارطة الطريق والاستفتاء - الفارق كبير بين إشباع الإنسان لحاجته المادية وتغيير معتقداته الانقلاب الدموي - الرشوة الانتخابية لن تؤثر على مواقف المواطنين ورؤاهم واتجاهاتهم - الأخطر هو تزييف العقل عن طريق إعلام "كاذب" وأساليب دعائية ماكرة - خبراء: الرشاوى الانتخابية التى يقدمها الانقلاب تهدف إذلال الشعب رغم أن المال ماله - درية شفيق: استخدام الفقر والكراتين لحشد الناس أداة مشينة تدين الانقلابيين - بسيونى حمادة: خطة لحشد المجتمع للوصول لصندوق الاستفتاء والتصويت بنعم - حسام عقل: سلطة الانقلاب تستخدم ضرائب المصريين فى الترويج للمشروع الانقلابى
استنكر خبراء سياسيون تزايد عمليات توزيع القوات المسلحة لكراتين المواد التموينية من الزيت والسكر والفول بعدة مناطق، خاصة القرى والمدن الفقيرة بالصعيد وسيناء والسويس، وذلك مع اقتراب موعد التصويت فى الاستفتاء على دستور الانقلاب العسكرى الدموى، مؤكدين أنها سياسة لا تندرج إلا تحت بند واحد هو الدعاية الانتخابية والرشوة الانتخابية التى تستهدف حشد البسطاء للتصويت بنعم، كخطوة أولى يترتب على تمريرها خطوة تالية وهى ترشيح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى للرئاسة، رافضين ما وصفوه بتجنيد كل إمكانات الدولة ومواردها والخزانة العامة فيها للتسويق والترويج لسلطة الانقلاب والمشروع الانقلابى وخارطته، حيث تغيب الحدود الفاصلة بين المال العام والخاص. وأوضح الخبراء فى تصريحات ل"الحرية والعدالة" أن استغلال البسطاء أمر مشين، حيث تتعامل معهم سلطة الانقلاب كمتسولين وليس أصحاب حقوق فى عيش كريم وسكن وعمل كريم، وليس كرتونة يدفع ثمنها دافعو الضرائب وتؤخذ من جيوب المواطنين، مشددين على أن حسابات الانقلاب خاطئة وأن الفقراء لن تتأثر اتجاهاتهم التصويتية تجاه الاستفتاء أو ترشح السيسى بل يتزايد الحراك الشعبى والطلابى ضد الانقلاب. وبينوا أن الانقلاب اتخذ حزمة من الدعاية الماكرة باحتكار الرأى والمعلومات والإعلام وتزييف العقل والوعى مع إنفاقه على أتباعه من المثقفين للترويج لنفسه، لافتين إلى أنه بالنهاية سيقاطع الشعب استفتاء سيزور لا محالة ولن يترتب فى حال تمريره حل أزمة الانقلاب بل ستظل عزلته الدولية قائمة ومناهضته داخليا متصاعدة وعلى أشدها من جميع الشرائح. كراتين القوات المسلحة قام أفراد من القوات المسلحة بأنفسهم بتوزيع كراتين زيت وسكر وعدس على المواطنين الفقراء فى أكثر من مناسبة وتوقيتات مختلفة وأماكن متفرقة وفيما يلى بعض النماذج: فى 17 ديسمبر الجارى، قال محمد فؤاد الشندويلى -وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بحكومة الانقلاب بأسيوط-: إن محافظة أسيوط بالتعاون مع القوات المسلحة قامت بتوزيع 78 ألف كرتونة غذائية لحالات الضمان الاجتماعى والأسر الأولى بالرعاية. وفى 12 من ديسمبر الجارى، تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعى صورة للكاتب الصحفى مصطفى بكرى وهو يوزع معونات تحمل اسم القوات المسلحة، على الفقراء فى إحدى القرى الفقيرة، الأمر الذى أثار تساؤلات رواد "فيس بوك" و"تويتر"، وعلقوا على الأمر بأن بكرى أصبح متحدثا غير رسمى للقوات المسلحة، فيما ذهب البعض إلى أن بكرى يستغل معونات الجيش فى الدعاية لنفسه قبل انتخابات مجلس الشعب القادمة فى 7 ديسمبر الجارى، قامت القوات المسلحة ببنى سويف بتوزيع كراتين تضم سلعا تموينية على الأسر الفقيرة بقرية بهبشين، وأثار توزيع الجيش للكراتين التى بها -زيت وسكر- ومكتوب عليها "يسقط حكم العسكر" وعدد من العبارات الأخرى الرافضة للانقلاب سخرية العديد من النشطاء وأهالى قرى مركز ناصر بمحافظة بنى سويف التى تم توزيع الكراتين بها. فى 11 نوفمبر الماضى، قال المفوض العام لشركة غزل ونسيج مدينة المحلة بالغربية المهندس إبراهيم بدير إن الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع النائب الأول لرئيس الوزراء قرر إرسال 20 ألف كرتونة مواد غذائية لتوزيعها على عمال شركة غزل المحلة. وقامت إدارة الشركة بتعليق منشورات على مداخل ومخارج الشركة تفيد ذلك. وفي14 أكتوبر الماضى، قام العقيد أمير عبد الفتاح سلام -المستشار العسكرى لمحافظة بنى سويف- بتوزيع كراتين غذائية إهداء من القوات المسلحة إلى أبناء المحافظة من المحتاجين والفقراء احتفالا بقدوم عيد الأضحى المبارك، وتم توزيع حصة قدرها 1500 كرتونة يوميا تم توزيعها بكل مراكز المحافظة السبعة، ووزعها هو بنفسه. و فى 13 أكتوبر 2013، أعلن مصدر عسكرى مسئول، عن قيام أفراد قوات حماية المواطنين التابعة للقوات المسلحة، بتوزيع 100 ألف كرتونة هدايا عينية ومساعدات لأهالى محافظة دمياط قبيل أيام عيد الأضحى المبارك، وتضمنت كرتونة مكتوبا عليها اسم القوات المسلحة المصرية وشعارها إلى جانب مواد تموينية من الشاى والسكر والمكرونة والأرز والزيت. فى 12 أكتوبر الماضى، وزعت القوات المسلحة 1000 كارتونة لمحدودى الدخل بمحافظة بورسعيد تحمل مواد غذائية تحتوى على سمن وعدس وأرز وسكر وفول وحبوب ومكرونة بمناسبة عيد الاضحى المبارك، وقال مصدر عسكرى إن هذه المواد الغذائية يتم توفيرها دائما للفقراء والمحتاجين كنوع من المساعدة لهم من القوات المسلحة، مشيرًا إلى أن التوزيع بدأ بناء على كشوفات من الشئون الاجتماعية ومن خلال توزيع كوبونات لهذا الغرض. وفى نهاية سبتمبر الماضى، وزعت القوات المسلحة آلاف الكراتين الغذائية على فقراء قرية دلجا بمحافظة المنيا، بعد أن أعلنت القوات المسلحة عن عزمها إرسال قافلة غذائية إلى فقراء قرية دلجا مع التأكيد أنها لن تكون القافلة الأخيرة، ولكن أهالى دلجا بالمنيا نظموا مسيرة حاشدة للرد على المساعدات التى وزعها الجيش والتى تتمثل فى سلع تموينية "زيت وسكر". وكان أهالى دلجا قد أخذوا المساعدات لأنها من أموالهم على حد تعبيرهم، ولكنهم خرجوا بالكراتين فارغة وكتبوا عليها "وزع زيت ووزع سكر برضو هيسقط حكم العسكر". وأيضا بنهاية سبتمبر الماضى، وصلت 6 سيارات للقوات المسلحة محملة بمواد غذائية أمام قسم شرطة كرداسة بمحافظة الجيزة، من أجل توزيعها على أهالى المنطقة، وقامت القوات المسلحة بوضع هذه الكراتين الغذائية بدار مناسبات عباد الرحمن بشارع الوحدة بمنطقة كرداسة، استعدادا لتوزيعها على الأهالى. دعاية انتخابية وحول ظاهرة الكراتين المتزايدة بالتزامن مع الاستفتاء ودعوات ترشيح عبد الفتاح السيسى أكدت الدكتورة درية شفيق -أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان- أن توزيع القوات المسلحة لكراتين المواد الغذائية لا يصنف ولا يندرج إلا تحت بند واحد هو الدعاية الانتخابية التى تستهدف أول خطوة فى خارطة الانقلاب وهى تمرير الاستفتاء ثم يليه خطوات أخرى، فهم لا يشغلهم الآن إلا تمرير مسودة الانقلاب بنعم والحشد لإظهار وجود إقبال جماهيرى لوسائل الإعلام العالمى، ولذلك تتصور القوات المسلحة أن البسطاء سيصوتون بنعم بعد أخذ هذه الكراتين وهذا تصور خاطئ وغير صحيح، فهذا النوع من الدعاية التى تستهدف إغراء البسطاء ظنا أنهم فى غفلة، ولم يدرك الجيش بعد أن ثقافة الأسرة المصرية الفقيرة وأبنائها تغيرت، فأبناؤها من طلاب بالمدارس والجامعات والأب والأم موجودون يوميا فى حراك يومى بالشوارع والجامعات والمدارس والمحافظات، والطالب ينقل لأسرته الحقيقة، وارتفع بالفعل الوعى الثقافى والسياسى لهؤلاء جميعا، واستخدام الفقر والكراتين لحشد الناس أداة مشينة تدينهم وتشينهم ولن تكون فى صالحهم. وقالت "شفيق" إن القوات المسلحة ليس لديها مشكلة فى تمويل هذه الدعاية بشراء الكراتين فلديهم جزء من ميزانية الدولة ولا أحد يحاسبهم! كذلك هناك رأسماليون فاسدون لا يمانعون فى تمويل الدعاية الانتخابية لخارطة الطريق، ومنهم من مول حملة "تمرد" فلن يغلبوا فى تمويل كرتونة زيت وسمن وسكر، وشددت على أن هذه الدعاية لن تفيد وأن هناك توقعا بناء على إحصائية تقول إن 80% من الشعب يرفضون الاستفتاء وإما سيقاطعون أو سيصوتون بلا، ولن يذهب إلا أقل من 20%. ودعت "شفيق" التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورافضى الانقلاب إلى توثيق اللجان وهى فارغة بلا مشاركين بالاسم والوقت ثم نشرها إعلاميا للرأى العام ووكالات الأنباء العالمية لكشف حقائق نسب المشاركة الهزيلة، لافتة إلى امتناع منظمة الرئيس الأمريكى الأسبق "كاتر" عن متابعة الاستفتاء على دستور الانقلاب، لأنها واثقة مسبقا أن النتيجة سيتم التلاعب فيها لتخرج بنعم. حشد مجتمعى حول توزيع القوات المسلحة كراتين تموينية فى عدة محافظات وقرى قبيل الاستفتاء وبالتزامن مع دعوات متصاعدة لترشيح السيسى رئيسا، أكد الدكتور بسيونى حمادة -أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بجامعة القاهرة- أن هناك خطة لحشد المجتمع كله للوصول لصندوق الاستفتاء والاتجاه للتصويت بنعم لإضفاء شرعية على خارطة الطريق والاستفتاء لأن نجاحه يعنى نجاح السيسى ويدعمه الآن ولاحقا، فهناك علاقة وثيقة بينهما.. والنخبة المحيطة به ترى أن ترشحه للرئاسة مرتبط بنجاح الاستفتاء، ونجاحه مرتبط بحشود الناس وحشدهم لصناديق الاستفتاء، والحشد يأخذ صورا كثيرة. وأضاف "حمادة" أن الدعوة للمشاركة بنعم أخذت صورًا مختلفة منها احتكار المعلومات والآراء والاتجاهات فى اتجاه واحد من قنوات إعلامية وصفية تصب فى اتجاه واحد، ثانيا هناك ربط زائف بين نجاح الاستفتاء ونجاح ثورة 25 يناير، فى حين أنه العكس؛ نجاح الاستفتاء يقضى عليها، وقد جاء الاستفتاء بسلطة انقضت على ثورة 25 يناير، هناك الربط الزائف لتزييف العقل أيضا بالربط بين ما يسمى ب30 يونيو وثورة يناير رغم أن 30 يونيو ثورة مضادة عليها. وقال "حمادة" إن الأخطر برأيه فى الدعاية الانتخابية هو استغلال حاجة الناس إلى توفير المواد التموينية والمأكل والزيت والسكر والشاى، مؤكدا أنه على دراية بأن الجيش والشرطة ورجال أعمال حين يوزعون الكراتين فهم راغبون فى تمرير الاستفتاء، واستغلوا حاجة الناس خاصة فى الصعيد وسيناء والسويس لتأكيد معنى "أن الشعب لم يجد من يحنو عليه" فيجدون صدى ما لتوزيعها فى المناطق الفقيرة أملا فى أن يأخذها الناس وتلبى حاجة لديهم فهؤلاء فقراء غير قادرين بحاجة لإشباع احتياجات أطفالهم وأهليهم فلن يرفضوها لتسد جوعهم وتقيهم البرد، وللأسف الدعاية الانتخابية بكراتين توزعها القوات المسلحة تنفق عليها الدولة من جيوب المواطنين. ونبه إلى أنه لا يتوقع أى ترشيد فى نفقات الرشاوى الانتخابية فمن يدفع رشوة لا يخطر بباله أصلا فكرة الترشيد، ولو أن من ينفقها فكر بترشيد فكان أولى توفير نفقات استفتاءٍ الشعب يرفضه، وللأسف ما ينفق على كراتين الزيت والسكر والتموين هو من أموال الناس، وكأنهم متسولون، وهذه إساءة مع المواطنين البسطاء، لأنه يعطيهم رشوة ليست من جيبه الخاص بل من جيب الدولة، ولو أن هناك تطبيقا لعدالة اجتماعية وتكافؤ للفرص لما مدوا أيديهم لهذه الكراتين بعد إذلالهم للحصول عليها وتحويل المواطن من صاحب الحق إلى فقير يتسول صدقة، بينما الأولى بالدولة أن توفر له حياة كريمة وحقوقا ومستحقات وعملا وسكنا ودخلا يكفيه وطعاما يكفيه عزيزا مكرما، أما توزيع الكراتين بهذه الطريقة فشكل من أشكال الإذلال وهذا وضع ما كان يجب أن نقبله بعد ثورة 25 يناير، هذه الرشاوى الانتخابية أذلت الشعب رغم أن المال مال الناس وهى حق لهم بخدمات ومرتبات، مضيفا أن هذا إنفاق من جيوب الغلابة وتدفع ويصرف على الدعاية الانتخابية من ميزانية الدولة، ورجال الأعمال فالجيش والشرطة لن ينفقا من جيوبهما. ولكن السؤال برأى أستاذ الإعلام السياسى: هل من الممكن أن تؤثر هذه الرشوة الانتخابية الممثلة فى كراتين مواد غذائية توزعها القوات المسلحة؟ وهل تؤثر على الصوت فى الاستفتاء؟، والإجابة: لا لن تؤثر، فهناك فرق كبير بين إشباع الإنسان لحاجته المادية وبين تغيير معتقداته ورؤاه تجاه الاستفتاء وخارطة الطريق، فمن ينتوى التصويت بنعم سيصوت، ومن يرفض الاستفتاء سيظل على موقفه حتى بعد حصوله على المواد التموينية، سيأخذ هذه الرشوة ويرفض المسودة الانقلابية، أى أن الزيت والسكر لن يؤثر على موقف الشخص المبدئى ولن تغير رؤى واتجاهات الناس، وبكل الأحوال لا علاقة ولا تأثير بين الرشوة الانتخابية وبين الجوانب المادية واتجاهات التصويت. وشدد "حمادة" على أن توزيع القوات المسلحة لكراتين تموينية بالطبع دعاية انتخابية مبكرة ورشوة انتخابية، ولكن الاستفتاء نفسه لا يلبى احتياجات المواطنين وصادر من لجنة غير شرعية انقلابية، وتوقيته جاء والشارع يعانى أعلى درجات الاحتقان وانقسام حاد فى التوجهات السياسية، ومن ثم سواء تم تمريره أم لا هناك احتقان، فالانقلاب يعرف وجهته، وأيا كان موقف الناس فالنتيجة بنعم، والقضية ليست بتزوير ورقى بل الأخطر تزييف العقل البشرى عن طريق إعلام تزييف العقل والوعى، وماكينة إعلامية تطلق صواريخ وآليات باتجاه محدد، لافتا إلى أن هذه المسودة وحتى إن مررت لن تحقق الاستقرار ولن تنقلنا إلى تقدم اقتصادى، لأنها لا تعكس حالة مجتمعية وتوازنا لذلك لا قيمة لها. وكشف "حمادة" أن من أخطر الأساليب والوسائل المبتكرة لتعليب الوعى بمعنى يعطيك شيئا مغلقا معلبا جاهزا حتى لا تفكر فيه وتأخذه كما هو وهذا هو نمط الدعاية القائمة الآن، فهناك فرق بين الإعلام الحقيقى الذى يدعوك للتفكير بينما ما نشهده هو أساليب ماكرة دعائية للدعوة للاستفتاء وهو ليس بإعلام بل أساليب دعائية ماكرة تخاطب العواطف وليس العقل، ولا تدعو للتفكير وتخلق ارتباطات بين وقائع بشكل زائف، استخدام الدعاية الدينية والربط بين التصويت بنعم وبين التأييد من الله، وذلك جاء على لسان شيخ العسكرى المفتى السابق على جمعة حيث قال: "قولوا نعم للاستفتاء والله معكم ويؤيدكم" وهذا يعكس تناقض وازدواجية المعايير، كانت هناك نخبة تتمسح بالليبرالية وفصل العمل السياسى عن الدعوى، وأقاموا الدنيا حين وجهت دعوات تربط بين السياسى والدين، هم أيضا الآن يدعون لغزوة الاستفتاء. ووصف ما يجرى كله من الانقلاب هو هزل فى موضع الجد، والجد هو إعادة النظر فى كل ما جرى وفى الحراك الثورى وحراك التحالف الوطنى لدعم الشرعية والقوى الثورية وفيما تم بعد 3 يوليو من أجل عودة الأمور لنصابها أى للشرعية بكل ما تعنيه كلمة الشرعية من معنى، والاستجابة لانتفاضة الشباب والعمال والطلاب، بينما ما يحدث مجرد ديكور لإعطاء انطباع للمجتمع الدولى أن ما وقع ليس انقلابا بدليل إجراء استفتاء، ولم تعى سلطة الانقلاب أن المجتمع يرفضها، والحقيقة أن الدساتير لا تفرض من فوق وإلا ستسقط على الأرض فالدساتير تبنى بمناخ طبيعى ببيئة صالحة كنبت أخضر. تسويق المشروع الانقلابى بدوره، يرى الدكتور حسام عقل -رئيس المكتب السياسى لحزب البديل السياسى- أنه لا شك أن النظام الانقلابى يحاول بأقصى ما يستطيع أن يوظف إمكانات وموارد الدولة المصرية للترويج والتسويق لمشروعه الانقلابى بكل بنوده وكذلك للترويج لخارطة الطريق والاستفتاء والترويج لترشيح الفريق السيسى للرئاسة، وترصد الملايين الآن من أجل تسويق هذا الانقلاب الفاشل فى تقديره فى الداخل والخارج، ويدخل فى ذلك ضمنا الترويج العلنى لترشيح السيسى رئيسا عن طريق بعض الجهات والكيانات المشكلة حديثا فى ظروف غامضة، والتى لا عمل لها إلا الترويج للفريق السيسى رئيسا وكذلك الترويج للموافقة الآلية على الدستور الانقلابى دون تروى أو تساؤل او حتى مراجعة. وأكد "عقل" أن توزيع الكراتين للدعاية الانتخابية للاستفتاء وترشيح السيسى رئيسا هى بالتأكيد من خزينة الدولة المصرية ومن قوت الشعب، فالانقلاب أدى لغياب الحد الفاصل بين المال العام والمال الخاص والمال الحزبى وخزانة الدولة، فلابد أن يكون هناك فواصل بينهم، بينما الآن يتم تجنيد إمكانات الخزانة المصرية رسميا للمشروع الانقلابى بأبعاده الأيديولوجية والحزبية ، وهو ما نلحظه كذلك فى عشرات اللافتات التى تنتصب على الطريق الدائرى وفى الشوارع والميادين والتى بدأت بمرحلة مبكرة أثناء نقاش مسودة الانقلاب وبنودها، ويكشف التسويق باستخدام الكراتين التموينية والدين فى السياسة أن كل ما انتقدته القوى المدنية والمسماة بالمدنية تيار يسارى أو ليبرالى تصنعه الآن مضاعفا فى الترويج لخارطة الطريق. وحذر -رئيس المكتب السياسى لحزب البديل- من أن سلطة الانقلاب تستخدم ضرائب المصريين فى الترويج للمشروع الانقلابى والتسويق له بتوزيع كراتين وإعلانات وجوائز وغيرها، فالخزانة المصرية وعاء واحد يأتى من موارد عدة من ضمنها دافعى الضرائب، فكأنها تأخذ من ضرائبنا التى ندفعها نحن وتستخدمها لإلغاء الإرادة الشعبية من خلال عملية القرصنة السياسية والإجهاز على ستة استحقاقات انتخابية. ونبه إلى أنه يدخل فى إطار الترويج للانقلاب من ميزانية الدولة ما حدث أخيرا من منح بعض المثقفين جوائز وأوسمة دون أسباب ودون مناسبات واضحة، فلسنا فى موسم جوائز الدولة، ومن ذلك منح وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ل13 مثقفا معظمهم أيد الانقلاب وصوت لخطواته غير الدستورية، والجوائز بالتأكيد من خزينة الدولة المصرية وقيمة الوسام الواحد 260 ألف جنيه. وحول مدى تأثير الكراتين التموينية التى توزعها القوات المسلحة على الاتجاهات التصويتية للناخبين أكد "عقل" أن الأزمة السياسية أعمق بكثير من مسألة تمرير الاستفتاء، وحتى بفرض نجاح السلطات الانقلابية فى فرض دستورهم اللقيط الذى وضعته بالإجراءات الأمنية وبتكميم الأفواه فإن الأزمة تظل باقية والرفض الشعبى ما زال شاملا وساريا وعمليات الاستباحة ما تزال مستمرة والغضب الطلابى على أشده، ومن ثم فإن دستورهم لن يحل هذه الأزمة مطلقا لأنها أزمة توافق وطنى وأزمة نظام عسكرى عجز حتى الآن عن أن يسوق نفسه فى الداخل والخارج. ونبه "عقل" إلى أنه يتوقع عمليات تزوير واسعة لتمرير الاستفتاء وأنه واثق من أن خبراء التزوير الذين عهدناهم فى فترة الحزب الوطنى المنحل عادوا لركوب ظهر المرحلة وهم مهرة وخبراء فى تزييف إرادة الجماهير ومن ثم فبعض فتاوى علماء السلطة التى تدفع المصريين وفقا للتصويت بنعم فضلا عن الاستعانة بجيوش المزورين الذين لديهم خبرات واسعة من حصاد مرحلة الحزب الوطنى المنحل، وكل هذه العوامل قد تسهم فى إخراج مسودتهم فى الإطار الذى أراده الانقلابيون، لكن هذا لا يحلحل الأزمة ولا يخرج الانقلاب من عزلته.