وصف كبير المعلقين السياسيين بصحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية "بيتر أوبورن" الاستفتاء على وثيقة الانقلاب بأنه وصمة عار وغير ديمقراطي. وتحت عنوان" استفتاء مصر وصمة عار"، اليوم الإثنين، قال أوبورن: إن غدا هو الخطوة الأولى في خريطة الطريق، والغرض الأساسي من هذا الاستفتاء هو تعزيز قبضة- الخانقة بالفعل- قوات الجيش والأمن في النظام السياسي المصري. وأوضح أوبورن أن عملية الاستفتاء على مشروع هذا الدستور الانقلابي في مصر لا يمكن وصفها بالديمقراطية، وذلك فى ظل وجود آلاف من الملصقات التي تحث المصريين على التصويت بنعم؛ لكن خلال زيارتي إلى القاهرة الأسبوع الماضي لم أشاهد ملصقًا واحدًا يحث المصريين على التصويت ب لا"؛ مشيرا إلى أن سبب موقفه ذلك يأتي من تقرير يثير القلق بشدة أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان. وأشار الكاتب البارز إلى أن عمليات الاعتقال ضد النشطاء المعارضين للدستور، مع توجيه تهمة "محاولة قلب نظام الحكم"؛ كما أشار إلى إعلان حزب المعارضة الرئيسي "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية "بلا دليل"، لافتًا إلى أن هناك عدة تقارير أشارت، اليوم، إلى أن حزب مصر القوية، والذي يصف نفسه بالليبرالي قد اضطر لتعليق حملاته بسبب الاعتقالات الأخيرة. وعلل الكاتب ما يحدث بقول الجنرال السيسي: إن نجاح تصويت هذا الأسبوع سوف يرخص له الترشح للرئاسة في الانتخابات في وقت لاحق هذا العام، هذا شرير جدا". واختتم الكاتب قائلا: إن علاقة كل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره البريطاني ويليام هيج بالمجلس العسكري في مصر ما زالت تتسم بعدم التوازن وبالغرابة بشكل متزايد، مضيفا "لقد حان الوقت للاستيقاظ لتدارك ما يحدث". جدير بالذكر أن أوبورن قد نشر مقالا الأسبوع الماضي تحت عنوان "قد ندفع جميعا ثمن سحق الديمقراطية في مصر"، قال فيه: إنه في الزيارة الأخيرة لمصر وجد أن التظاهر ممنوع بموجب القانون، كما عاد إلى المشهد كثير من الممارسات، مثل الاختطاف والتعذيب، كما عادت الشرطة إلى ممارساتها القمعية، وانتقلت مقاليد الأمور إلى أيدي الجنرالات؛ مؤكدا أن المجلس العسكري في القاهرة عازم على تكرار أخطاء الماضي. ورأى أوبورن أن من يدير الأمور فعليا في مصر هو وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، الذي تنتشر صوره في كل مكان بالعاصمة، واصفا المستشار عدلي منصور بأنه "دُمية". وأوضح الكاتب أنه في الوقت الحالي، من يحتج يعاقب بالسجن، كما أصبح الخطف شائعا، والتعذيب أمر روتيني، علاوة على قتل المتظاهرين بالرصاص، وذلك كله "بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس مرسي في 3 يوليو من العام الماضي". ويتساءل الكاتب أمام ذلك التوسع في السلطات من جانب المجلس العسكري: "ماذا عن جماعة الإخوان المسلمين التي فازت بالرئاسة في انتخابات حرة ونزيهة قبل 18 شهرا فقط؟"، ويرد "في يوم عيد الميلاد، استخدم المجلس العسكري المادة 86 من قانون العقوبات لحظر الجماعة على أنها منظمة إرهابية." وعن التحديات التي يواجهها أنصار الشرعية والإخون، قال أوبورن: "أي شخص يحضر واحدة من مسيرات احتجاج الإخوان يواجه الآن خمس سنوات في السجن، ولم يعد يمكن لأنصارها الظهور على شاشة التلفزيون في الواقع، ويسمح فقط لأولئك الذين يتفقون مع وجهة النظر الرسمية". وأضاف أوبورن أنه لم يحاول مقابلة أي من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وقال: إن ذلك لم يكن فقط حرصا منه على سلامته أو كي لا يلقى نفس مصير صحفيي قناة الجزيرة المحتجزين فقط، بل أيضا حرصا على مصير أولئك الذين كان سيلتقي بهم من قيادات الإخوان. وألقى الكاتب الضوء على وضع الرئيس محمد مرسي بالقول: "الرئيس مرسي أنا أفضل أن أدعوه بهذا الاسم، فالانقلاب العسكري الذي أطاح به لم يكن مجرد غير قانونية ولكن غير أخلاقي أيضا" مضيفا "هو في السجن، كان من المفترض أن يواجه تهما ملفقة في محكمة في القاهرة، أمس، ولكنه لم يظهر، وألقت السلطات باللوم في هذه الظروف الغامضة على سوء الأحوال الجوية، رغم أن الطقس على ما يرام في الإسكندرية، حيث مرسي في السجن، وفي القاهرة أيضا". وذكر أوبورن أنه منذ عودته من مصر وهو يحاول أن يجد مبررا لموقف الدول الغربية التي لم تقل كلمة "انقلاب عسكري"، بل واعترفت فورا بالنظام الجديد؛ علاوة على موقفها من المطالبات بالضغط على الحكومة المصرية في التحقيق في عمليات قتل عمد بالرصاص والجرافات لأكثر من ألف من أنصار الرئيس محمد مرسي. لكنه أشار إلى أنه لم يجد أي مبرر سوى أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا تعولان على أن وجود الجيش في سدة الحكم هو الحل الأسرع لاستقرار البلاد، بيد أنه شكك في أن يثبت هذا الافتراض صحته على المدى الطويل، وأضاف أن ذلك قد يؤثر في مصداقية شعارات دعم الغرب لمبادئ العدالة والديمقراطية.