تعرف على آخر موعد للتقديم بموقع التنسيق الإلكترونى لتقليل الاغتراب    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    سعر الدولار اليوم الأحد 17-8-2025 أمام الجنيه المصري فى منتصف التعاملات    وزير السياحة: نساند المؤثرين وصناع المحتوى الرقمي ونقدر دورهم في الترويج للمقاصد السياحية    التعليم العالي: انطلاق أولى فعاليات التدريب لطلاب مبادرة كن مستعدا بجامعات مصر    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    محافظ القاهرة: بعض سكان مدينة معا أنشأوا أكشاكا وسرقوا كهرباء وتم إزالتها    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    عاجل| صرف 1000 جنيه منحة المولد النبوي لهذه الفئات    بكتيريا قاتلة مرتبطة بصابون أطباق تحصد حياة رضيعين فى إيطاليا والسلطات تحقق    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    حماس: مصادقة رئيس الأركان الإسرائيلي على خطط احتلال مدينة غزة إعلان لبدء موجة جديدة من الإبادة    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    تقارير: لانس يرغب في ضم مصطفى محمد    المجر تحتل المركز السابع فى بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عاماً    على خطى بالمر.. هل يندم مانشستر سيتي وجوارديولا على رحيل جيمس ماكاتي؟    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    الجوازات تواصل تسهيل خدماتها لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "محاولة خطف طفل" بالقاهرة    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    أمن قنا يكثف جهوده لضبط مطلقي النيران داخل سوق أبودياب    قبل الجنازة بساعات.. الفنانون يودعون مدير التصوير تيمور تيمور برسائل مؤثرة    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    الليلة.. افتتاح الدورة الثالثة من ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    25 باحثا يتناولون تجربة نادي حافظ الشعرية بالدراسة والتحليل في مؤتمر أدبي بالفيوم    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة NILE وتنجح في أول تغيير لصمام أورطي بالقسطرة بالسويس    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يتفقد مستشفى القنطرة غرب المركزى    الأونروا :هناك مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع الجماعي إلى جانب العنف والانتهاكات المستمرة في غزة    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للثانوية العامة والكليات المتاحة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع الإمارات ويتابع تنفيذ فرع جامعة الإسكندرية بأبوظبي    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    إصلاح الإعلام    فتنة إسرائيلية    صفقات الأهلى الجديدة قنبلة موقوتة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    «ميلعبش أساسي».. خالد الغندور يهاجم نجم الزمالك    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    "زيزر صنع فارق وتريزيجيه لم يقدم المنتظر"..نجم الزمالك السابق يعلق على أداء الأهلي ضد فاركو    نتنياهو: لا اتفاق مع حماس دون إطلاق الأسرى دفعة واحدة ووقف الحرب بشروطنا    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد سيد يكتب: من أخلاق المؤمنين في الشدائد والمحن

من صفات المؤمنين وقت الشدائد أنهم يقومون على الحق لا يضرهم من خذلهم، وإن بقي العبد وحيدا، يرى أحدهم الخير كل الخير أن يلقى الله موفيا بذمته وعهده ولو كان وحده: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء: 84]
{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129]
كل امرئ بما كسب رهين، يحمل همّ نفسه، وما سيسأل عنه وما يقوله يوم القيامة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة: 105]
كذلك من صفات المؤمنين: التراحم فيما بينهم، وهي في وقت الشدة آكد ولا مبرر للتفريط في هذا بأي حجة، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد، وقد كان فيها ما كان، يذكره الله عز وجل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]
وفي وصفه تعالى للمؤمنين بالشدة على الكافرين لم ينس سبحانه أن يصف بالرحمة فيما بينهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]
ففي هذه الأوقات العصيبة ما أحوج العبد لود أخيه، ورفقه به، وحنانه، فلعلها تكون آخر لحظات بينهم في الدنيا، ولعلها تكون سببا في تثبيت الإيمان في قلبه، أو دحر وسواس للشيطان، أو بث الطمأنينة في نفسه ودفع الخوف.. خرج صلى الله عليه وسلم في غزو، فلم ينس أن يسأل جابر بن عبد الله عن زوجه، وينصحه بالزواج من بِكر تداعبه، وكان يستسمح الناس قبل القتال حتى عاتبه أحدهم في وكزة وكزها له حتى كشف له صلى الله عليه وسلم عن بطنه ليقتص منه، فقبّله الصحابي!
وقد وصفه الله عز وجل في القرآن: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 128]
ومن أهم صفات المؤمنين وقت الشدة المفاصلة على الحق، وعدم القبول إلا بإثبات الحق كاملا دون انتقاص أو تمييع.. فهذا هو الخليل إبراهيم عليه السلام، وقد جعله الله أسوة للنبي والمؤمنين في هذا الأمر، يتبرأ من قومه، ومما يعبدون من الله، حتى يعبر عن موقفه بألفاظ قوية واضحة تحمل دلالات المفاصلة الكاملة على ما اختلفوا فيه، واقرأ معي هذه الآيات: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) } [الممتحنة: 4، 5]
إن تزعزع أهل الحق عما هم عليه، والقبول بحل يميع القضية، ويضيع ما فيها من وضوح الحق وقوته، يفتن أهل الباطل؛ إذ يترك لهم أن يقولوا لأنفسهم: لو كانوا على الحق لثبتوا عليه، ولما تزعزعوا عنه "رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا"، وهو مثل ما قاله موسى عليه السلام لقومه لما نكل فرعون بهم وزاد في طغيانه وتجبر، دعاهم إلى التوكل على الله والمضي في أمرهم قائلا: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [يونس: 85]
لقد جاءت كلمات القرآن في هذا الشأن قوية شديدة، لا تحتمل سوى الثبات المطلق على الحق، والمفاصلة عليه، والتحذير الشديد من التفكير في الركون إلى الباطل أو الاقتراب منه، فقال الله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)} [الإسراء: 73 - 75].
ولقد ضرب الله مثلا قاسيا بأولئك الذين يقبلون حلولا تفسد نقاء الحق، ونصاعته، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28)} [محمد: 25 - 28].
ومن صفات المؤمنين وقت الشدائد والمحن: تحري الصدق والإخلاص مع الله عز وجل، فإن كل امرئ مرهون بعمله، وإنما الأعمال بالنيات، وربما يقف الرجلان في الصف الواحد وما بينهما ما بين السماء والأرض!
إن الإخلاص لله عز وجل لهو أشد ما يحتاجه العبد في هذه اللحظات العصيبة التي تمر بها الدعوة إلى الله، فيا خسار من يصيبه أذى، أو يبذل جهدا، أو يقتل.. ثم يقال له: فعلت كذا ليقال كذا.. وقد قيل!
يا خسارته.. خسر نفسه، وخسر أجره،.. ونعوذ بالله من هذه الحال.
إن هذا يقتضي بالضرورة أن يصلح العبد من دوافعه قبل العمل، ولا ينجرف مع الناس في الزحام، فليس عند الله زحام، ولا يتوارى عن الله عز وجل أحد "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ"، ويقتضي كذلك أن يحرص على نيته من الاختلاط، والتشويش أثناء العمل، بالمراءاة، وحب الظهور، أو بعد العمل بالحديث عنه.
إن هذا يعني بكل أسف: خسارة الدنيا والآخرة، فلا عاش يتمتع بسنوات الحياة المعدودة، ولا غادر الدنيا شهيدا أو مجاهدا.. بل يناله النصب في الدنيا، وخسارة المال والمنصب والأولاد، ثم يأتي يوم القيامة فلا يقيم له الله وزنا.. والعياذ بالله.
كذلك الصدق مع الله، فمن غلبه عذر فليعلم أن الله مطلع عليه، ومن اضطر لعمل فيه ظهور أو شهرة فليعلم أن الله مطلع على قلبه يعلم السر وأخفى، ومن وقع في خطأ فليعلم أن الله ناظرٌ إليه.. وليكن شعاره "معذرة إلى ربكم" لا إلى الناس.. فإن ظن الله يقبل عذره استغفر الله ومضى في أمره، وإلا.. فما جدوى أن يقبل كل من في الأرض عذرك والله يعلم غير ذلك؟!!
لما خرج المسلمون مع رسول الله إلى تبوك: تخلف ثلاثة من خيرة الصحابة، فلما عاد الجيش، اعتذر المنافقون بالأعذار الكاذبة، وصدق هؤلاء مع الله وأقرّوا خطأهم، فكانت النتيجة أن وُقِّعت عليهم بعد الغزوة عقوبة خصام المسلمين لهم خمسين يوما، فلما انتهى الأجل نزل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، يؤكد الله لهم أن الصدق هو نجاتهم، وإن وقعت عليهم عقوبة فلقد كانت تطهيرا لهم، أما أولئك الذين كذبوا ونافقوا فقد نزل فيهم قول الله تعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)} [التوبة: 95، 96].
وأهم ما ينبغي على المؤمن الاستفادة به من هذه المحن هو: حسن الرجوع إلى الله رب العالمين، تلك الوظيفة والمهمة التي خُلقنا لأجلها، وأقيمت الدنيا بأسرها لها.. أن نرجع إليه عابدين طائعين مسبحين ذاكرين عفوه ورحمته، طامعين في كرمه وجوده.. كلما كان البلاء يشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد الله عز وجل يذكره بالوظيفة التي خُلِق من أجلها "عبادة الله" فيقول تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)} [طه: 130].
وكلما تأخر النصر جاء التثبيت من الله عز وجل ثم أمره بالالتفات إلى ما خُلِق له، تأمل قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55].
فلنكثر من ذكر الله عز وجل، ولا تكون هذه الأحداث مبررا أو سببا لنا في التقصير في العبادة، بل هذه أوقات العبادة، ورحم الله جيش القادسية وقد وصفهم سعد بن أبي وقاص لعمر بن الخطاب: كانوا إذا جنّ الليل دووا بالقرآن كدوي النحل، ثم هم آساد بالنهار، فهذا الجهاد الذي أقامنا الله عز وجل فيه، إذا صحت فيه النية، فهو لأجل التمكين لعبادة الله في الأرض، فهيا نبدأ بأنفسنا، ونري الله عز وجل من أنفسنا خيرا، وإقبالا عليه، ورجوعا له، لعله سبحانه يقبل دعوة باك متضرع وقت السحر ما لا يقبله من ألف عامل بالنهار.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.