على مدار السنوات الطويلة الماضية عانى أهالي سيناء من الظلم والإهمال والتهميش ، ومع بزوغ فجر ثورة يناير ، وانتخاب الدكتور محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب ،عمل الرئيس منذ أن وطأت قدماه قصر الرئاسة على استعادة حقوق أهالي سيناء كمواطنين مصريين وتم رصد 4 مليارات جنيه لتنفيذ مشروعات تنموية حقيقية..لكن الانقلابيين جاءوا علي أظهر الدبابات ليتحول حلم أهالي سيناء الي كابوس مرعب.. تم إغلاق جسر “السلام” الواصل بين ضفتي قناة السويس حتى الآن، ليبدأ مسلسل الإذلال الجماعي في صفوف السيارات الممتدة لعدة كيلومترات في انتظار دورها للعبور في المعديات القديمة،أما حظر التجوال فقد كان يبدأ في شمال سيناء في الساعة الرابعة عصراً، في تعسف ضد سيناء واستثناء من القواعد المعمول بها في أرجاء الجمهورية. وثق المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية انتهاكات فجة امتدت من سانت كاترين في جنوبسيناء إلى الخط الحدودي بمدينة رفح في أقصى الشمال الشرقي، شملت هذه الانتهاكات: محاولة قتل شيخ قبيلة القرارشة (الشيخ أحمد حسين الهريش) على يد قوة شرطة سانت كاترين، والتعدي عليه بالضرب والسب والقذف، وتهديد القبيلة بالتهجير القسري من أرضها التاريخية، وذلك إثر مشادة في محطة بنزين كان يتوسط الشيخ لحلها، كما امتدت الانتهاكات شمالاً ليتساقط المواطنون، من الرجال والأطفال والنساء، بالرصاص العشوائي الذي تبادر به قوات الجيش والشرطة في نقاط التفتيش والمرتكزات الأمنية دون داع، ثم يتراجع المتحدث العسكري عن زعمه غير الصحيح بإحباط محاولة لاغتيال قائد الجيش الثاني الميداني، في الحادث الذي قتلت فيه الطفلة آية سيد محمد (4 سنوات). انتقل الانقلاب في التعامل مع سيناء إلى مرحلة العقوبات الجماعية غير القانونية من أجل إقامة زمام حدودي مع قطاع غزة المحاصر ومع الأرض الفلسطينية المحتلة. وبدون أي سند قانوني أو أي حكم قضائي، تم نسف عشرات المنازل في مدينة رفح بالمواد المتفجرة دون إمهال ساكنيها أي فترة زمنية لإخراج متعلقاتهم وأثاثهم،كما قامت الجرافات التابعة للجيش باقتلاع آلاف أشجار الزيتون والفواكه والموالح التي تعد مصدر دخل وحيد لأصحابها، وذلك دون أي مستند قانوني أو حكم قضائي. وقد تطورت الانتهاكات بشكل خطير مع انطلاق الحملة العسكرية الموسعة قبل 100 يوم، أي يوم السبت 7 سبتمبر 2013، بهدف تطهير المنطقة الحدودية من الجماعات الإرهابية المسلحة، حيث انتهجت العمليات العسكرية العنف المفرط والعقوبات الجماعية العشوائية، بقصف المنازل بالطيران الحربي والدبابات، وإحراق بيوت الشعر وعشش الفقراء، وحرق أثاث المنازل، والسيارات غير المتورطة في أي نشاط غير قانوني. حرق اثاث المنازل أشار المركز المصري- على سبيل المثال لا الحصر- إلى قصف المنازل في قرى “المهدية” و”المقاطعة” و”الثومة” بمروحيات الأباتشي وقذائف “هيل فاير” أمريكية الصنع في الأيام الأولى من العمليات (7 – 12 سبتمبر). وكذلك قصف الدبابات والمدرعات للمنازل والمسجد في التجمع البدوي “أبو لفيتة” بقرية “الزوارعة” يوم 13 سبتمبر 2013، وذلك دون التحذير بالإخلاء، مما أسفر عن مقتل 4 أطفال وسيدتين داخل منازلهم المأهولة، فضلاً عن إصابات خطيرة عديدة. كذلك إحراق أثاث المنازل بعد تفتيشها وعدم وجود مضبوطات أو اعتقال مطلوبين في قرى: “الظهير” و”الجورة” و”المقاطعة” و”المهدية” في الأسبوع الأول والثاني والخامس من العمليات. بالإضافة إلى توثيق الصحافة الإقليمية والعالمية العديد من الانتهاكات الجماعية، ومن بينها الصحافة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة. وراح ضحية الانتهاكات الموسعة العديد من القتلى من الأطفال والنساء والرجال، فضلاً عن الاختفاء القسري المتكرر، ثم اكتشاف جثث بعضهم ملقاة على الطريق فيما بعد، كما وقع، على سبيل المثال، في منطقة “السبخة” بقرية “الشلاق” التابعة لمدينة “الشيخ زويد”، حيث عثر المارة على جثمان أحد أبناء قبيلة السواركة مع جثة أخرى مجهولة الهوية وعليهما آثار التعذيب، وذلك صبيحة الجمعة 1 نوفمبر، وقد تعددت روايات الشهود بأنه تم إلقاء الجثامين من مدرعة تابعة للقوات الانقلابية واضاف التقرير : لم تتوقف سياسات العقاب الجماعي العشوائي عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل قطع كافة شبكات الاتصالات في أرجاء محافظة شمال سيناء بصورة شبه يومية منذ بداية العمليات في 7 سبتمبر، حيث يتم تعطيل العمل بالبنوك والبريد وكافة الهيئات والمعاملات المعتمدة على شبكات الهواتف والإنترنت، وهو إجراء تعسفي غير قانوني ليس له قيمة أمنية في ظل اعتماد الجماعات المسلحة على شبكات اتصال دولية مرتبطة بالقمر الصناعي وشبكات من الاتصال اللاسلكي المحلي. كما استمر إغلاق عشرات المحلات في السوق الرئيسية بمدينة “الشيخ زويد” عدة شهور، حتى الآن، وذلك بدعوى تأمين قسم شرطة المدينة. وبفضل تلك الممارسات الوحشية من قبل الانقلابيين فإن النتيجة التي آلت إليها سيناء بعد 100 يوم من العمليات الموسعة المتواصلة هي إذكاء بذور الإرهاب وغرس نوازع الانتقام العنيف ضد سلطة الدولة وقواتها النظامية.