"متطرف ويسعى إلى حرب أهلية وشق الصف الوطنى ومراهق يعمق الفتنة والفوضى ويصب الزيت على النار".. كلها توصيفات أطلقها خبراء سياسيون وحقوقيون وممثلو أحزاب وإعلاميون على تصريحات رجل الأعمال القبطى نجيب ساويرس –المؤيد للانقلاب العسكرى الدموى على الشرعية- والتى أعلن فيها نيته لدفع ميليشيات مسلحة للنزول لمواجهة تظاهرات الشعب الرافضة للانقلاب العسكرى والتى اعتبرها "وقف حال".. وأبدى استعداده فى حال عجز الجيش والشرطة عن مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية، لاستخدام العنف فى مواجهة هذه التظاهرات. فى البداية شن الدكتور محمد عبد اللطيف -أمين عام حزب الوسط والقيادى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب- هجوما حادا على تصريحات نجيب ساويرس، رجل الأعمال القبطى، والتى حرض خلالها على العنف، بعدما فشلت السلطة الانقلابية فى التصدى لمظاهرات الشعب المصرى الرافضة للانقلاب. وقال -خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده التحالف ظهر أمس بمقر الوسط بالمقطم-: "دعوة ساويرس هى دعوة للعنف، وهى دعوة إرهابية للمواطنين وكارثية، وهو ما يعبر عن فقدانه الثقة بالجيش والشرطة، إلا أنها هى دعوة للبلطجة والعنف"، مطالبا بمحاسبة "ساويرس"، وأن تتم محاكمته سريعا، وتساءل: "باسم من يتحدث ساويرس، باسم حزبه أم باسم الأقباط الذين من بينهم حركة "مسيحيون ضد الانقلاب"؟". بدوره، وصف الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، دعوة "ساويرس" بأنها صوت طائفى يهدد بإشعال الأوضاع من خلال سكب مزيد من الزيت على النار، مؤكدًا أن سلمية التحالف التى هى أقوى من الرصاص فعلا، خاصة أنه استشهد وأصيب واعتقل منا الآلاف، ولم نخرج عن السلمية، التى بها سنسقط هذا الانقلاب الدموى. واتهم حاتم أبو زيد -المتحدث الإعلامى لحزب الأصالة- رجل الأعمال القبطى نجيب ساويرس بالسعى لحرب أهلية، مضيفًا: "إن "ساويرس" المثير للجدل قام بترديد المغالطات حول ضآلة أعداد المتظاهرين"، لافتا إلى أن "ساويرس" متهرب من الضرائب فى عهد الرئيس المختطف الدكتور محمد مرسى، وهو الأمر الذى دخل طى النسيان عقب الانقلاب. وقال "أبو زيد" -عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"- إنه من المعلوم لدى أوساط عديدة مطالبة "ساويرس" لأمريكا للتدخل من أجل إسقاط الرئيس المنتخب الدكتور مرسى، وبخلاف المعلومات المتداولة حول تمويله الانقلاب وفض اعتصامى رابعة والنهضة، علاوة على تأييده للمخلوع حسنى مبارك أيام ثورة يناير، وقيامه بعد ذلك بركوب الصف الثورى عن طريق تمويله عددًا من الأحزاب، وعددًا من القنوات والصحف فيما يشبه تأسيس شركة قابضة للأحزاب والإعلام". من جانبه انتقد عمرو عبد الهادى –عضو جبهة الضمير، والقيادى بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية - تصريحات ساويرس ووصفها ب"الطائفية"، مؤكدا أن هذه التصريحات تثبت علاقة نجيب سويرس ب"بلاك بلوك و"بلاك ووتر" أيام حكم الدكتور محمد مرسى الرئيس الشرعى. وأضاف عبد الهادى -فى مداخلة هاتفية لقناة الجزيرة- أن هذه التصريحات تفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول علاقة الكنيسة بالجماعات المسلحة، مضيفا أن ساويرس "متطرف" يدعو إلى شق الصف الوطنى، وعلى الرغم من أن ثورة يناير لم تفضحه إلا أن انقلاب يوليو فضحه وكشف حقيقته أمام الرأى العام. وأوضح عبد الهادى أن دعوة ساويرس للقوى الليبرالية للنزول لمواجهة التيار الإسلامى تأتى فى نفس إطار تصريحات المشير طنطاوى والمجلس العسكرى السابقة إبان مذبحة بورسعيد، مؤكدا أنها تأتى فى نفس السيناريو المنسق لجر البلاد لحرب أهلية طائفية لإتاحة الفرصة أمام الغرب للتدخل فى مصر. أما نيفين ملك –عضو المكتب التنفيذى بحزب الوسط وعضو جبهة "الضمير"- فأكدت أن الثورة المصرية ضد الانقلاب العسكرى لن تتحول إلى حرب طائفية كما يريدها البعض لكسب الدعم الغربى. وقالت ملك –عبر صفحتها على موقع "فيس بوك"-: "يريدونها حربا طائفية ليستخدموا ورقة حماية الأقليات أمام العالم الغربى.. ولكنكم لن تستطيعوا؛ لأن وعى هذا الشعب سيتجاوز مخططاتكم وسيعبر هذا الجيل الثائر بسلميته كل الفخاخ، وسيحافظ على سفينة الوطن سالمة وسط ظلمات المكائد المفخخة". بدوره انتقد الدكتور سيف الدين عبد الفتاح -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- تهديدات "ساويرس" باستخدام العنف فى مواجهة الثوار السلميين، مؤكدا أنه تجاوز كل الخطوط فى تصريح لا يصدر إلا من مراهق يعبث بالكلام. وقال عبد الفتاح فى تدوينة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "لا يساورنى أدنى شك فى أن أول الأشخاص الذين سيفرون خارج البلاد كما فعلوا من قبل فى حالة حدوث احتراب أهلى لا قدر الله هو نجيب ساويرس نفسه! الذى تتناثر كلمات الحرب من فمه بكل سهولة وسيولة وكأنه يتحدث عن السلام مثلًا". وأضاف عبد الفتاح: "مطلوب من جميع العقلاء -إن وُجدوا- أن يتبنّوا خطاب العقل والوطنية، أنا لا أطعن فى وطنية أحد لأننى لا أقبل أن يطعن أحد فى وطنيتى، ولكن كل من يدعو للحرب واستباحة العنف فى الشوارع إنسان غير أمين على مستقبل هذا البلد، لن يستطيع أحد أن يعيش فى مأمن إذا حدث هذا، وهؤلاء الذين يتغلفون بشعارات الوطنية بينما هم دعاة حرب لن نجدهم بيننا فى أوقات الشدة". متفقًا معه فى الرأى أكد أحمد فهمى -الباحث السياسى- أن تهديد "ساويرس" يدل على التقدم الذى تحرزه الثورة فى الشارع، وهو يقدم سيناريوهات مقلقة للرأى العام ليمنعه من التعاطف مع الحراك الثورى الذى اقترب من تحقيق النصر. وقال فهمى عبر حسابه على موقع "تويتر": "يأتى تهديد ساويرس خارجًا عن السياق ودون فائدة، لأنه يعلم تماما أن أى تصعيد فى الشارع ينتج عنه إضافة أطراف جديدة، سيحقق أهداف الثوار، وسيغير من الشكل العام للصراع الذى يسعى الانقلابيون لحصره بداخله". واختتم فهمى تغريدته مؤكدا أن استراتيجية الحراك الثورى فى التصعيد تضع الانقلابيين فى مأزق، فهم يعلمون أن مواجهة التصعيد بالتصعيد، ستحقق مقصود الثوار، ومن ناحية أخرى، فإن عدم مواجهتهم للتصعيد الثورى، سيفتح الطريق لإضعاف الانقلاب. من جهته انتقد الناشط الحقوقى هيثم أبو خليل -مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان- تصريحات "ساويرس"، مؤكدا أنه بذلك يبعث برسالة طائفية تعمق الفتنة والفوضى. وقال أبو خليل عبر حسابه على موقع "تويتر": "رسالة ساويرس وتهديده بمواجهة الحراك الثورى فى الشارع إذا عجزت قوات الجيش والشرطة رسالة مقصودة فى هذا التوقيت المدهش لمزيد من صب الزيت على النار". وأوضح أبو خليل أن هدف رسالة "ساويرس" فى هذا التوقيت قبل أيام من التصويت على "وثيقة الانقلاب" هو أن تتطور الأحداث بهجوم ضد الأقباط، واختتم قائلًا: "فعلًا.. مصر أفضل كثيرًا دون ساويرس وهيكل!!" فيما أكد محمد القدوسى الكاتب الصحفى، أن "ساويرس" هو أحد أوراق العسكر لإظهار أن مصر تعانى من حرب أهلية لإعطاء تبرير لتدخل الجيش وحمايته مصر، مشيرًا إلى أن هذه الحجة هدفها إقناع المجتمع الدولى بالانقلاب وكذلك وضع غطاء قانونى للإسراف فى قتل مؤيدى الشرعية. وقال القدوسى، خلال اتصال هاتفى لفضائية أحرار 25: إن نجيب ساويرس يسعى لأن تكون مصر دولة طائفية عن طريق إلغاء هويتها الإسلامية، نافيا مزاعمه بأن المسيحيين يتعرضون للطائفية والقهر فى مصر، وتساءل: كيف يدعى ساويرس الطائفية بينما هو يعد من أغنى أغنياء العالم ولم يمارس أحد ضده أى طائفية فى أى وقت؟. كما قال الإعلامى أيمن عزام -المذيع بقناة الجزيرة مباشر مصر-: "إن تصريحات ساويرس تهدف إلى نزعة ثأرية طائفية، بهدف إثارة الحمية الدينية عند المسلمين". وقال عزام فى تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"-: "ساويرس لا يهدد بحرب أهلية أو طائفية، فهو أضعف وأجبن من أن يهدد، لكنه يقذف بشرارة لهب بإيعاز من سلطة الانقلاب بهدف إثارة الحمية الدينية عند الثوار السلميين، لتتحول سلميتهم السياسية إلى نزعة ثأرية طائفية، وهذه أمنية الانقلابيين ليجدوا مسوغا ومبررا لتنفيذ خطة التفويض لمواجهة الإرهاب المزعوم". وأضاف عزام "إذا كان هناك رد (وهو واجب وفرض عين بالضرورة)، فلا أجد ردا يقض مضجع هذا الفاجر، ويقضى على حياته دون إطلاق رصاصة واحدة (فثمنها خسارة فيه وفى الانقلابيين جميع)، لا أجد ردا وافيا لمكنون شرور نفس هذا القزم من مقاطعة (موبينيل) مقاطعة كاملة مهما كان الثمن".