هبوط.. تجميد.. تمثيل.. مؤامرة .. قصاص، عبارات نسمعها كثيرا من المسؤولين عن الكرة المصرية مؤخرا والرابط الوحيد بينهم هو الكذب والتضليل. "واصل تكرار أكاذيبك على الناس ليل نهار بدون ملل، فتكرار الكذبة يحولها إلى حقيقة مع مرور الوقت" هكذا كتب جوزيف جوبلز وزير إعلام أدولف هتلر في شرحه لكيفية السيطرة على الشعوب. تكرار الكذبة يجعل المتلقي يصدق أنها حقيقة ويقول لنفسه "مش ممكن يكونوا بيكدبوا كل ده" هو ما يجعل المسؤولين الفاسدين يرددون أكاذيبهم ليل نهار بمساعدة وسائل إعلامهم "المضللة" لكي يصدقها الجماهير. أما في كرة القدم فيستطيع المسؤولون تضليل الرأي العام معتمدين على عدم دراية الكثيرون بقانون الفيفا بالإضافة لتعويلهم أنه لا يوجد من يبحث خلف قرارتهم كما اعتادوا منذ عقود. فخلال الأيام الماضية أشاع اتحاد الكرة (اللجنة المؤقتة) عبر وسائل الإعلام العمياء أنه لا توجد في قوانين الفيفا عقوبة تنص على هبوط المصري للقسم الثاني بعد أحداث بورسعيد وهو ما ردده الجميع خلفه دون وعي. تكرار الكذبة جعل بعض جماهير المصري وأعضاء مجلس الشعب عنهم يصدقها كما أنها جاءت على هوى الحكومة التي ترغب في إنهاء الموضوع بإرضاء الجميع دون موقف حاسم يصلح ما أفسدته قوانين النظام السابق "الحالي". ولجأ المسؤولون في مصر لابتكار عقوبة جديد من خيالهم تسمى تجميد المصري غير موجودة في لوائح الفيفا، وهو ما يمنح الحق للنادي البورسعيدي في الطعن على القرار والعودة مباشرة إلى المسابقة فور هدوء الأجواء. ولكن بالنظر إلى لائحة العقوبات المنشورة في موقع الاتحاد الدولي "فيفا" سنجد أن ما حدث في بورسعيد يستحق أقصى عقوبة وهي الهبوط أو الاستبعاد من الدوري كما نص القانون.
العقوبة فالمادة 58 من الفصل الثاني بقانون العقوبات بالفيفا ينص على أنه في حال قيام أي شخص داخل الملعب بالهجوم على منافسه وإهانة كرامته بهتافات أو لافتات أو إيذاء بدني يتم معاقبته بعقوبة تبدأ من الغرامة وتنتهي بالحرمان من الملعب. وخصصت الفقرة الثانية "ب" من اللائحة للحالات الخطيرة أو الهجوم العنيف (ما حدث في بورسعيد) والتي تتدرج العقوبات فيها من إقامة مباريات بدون جمهور أو خصم نقاط المباراة أو خصم نقاط من الفريق أو الاستبعاد من المسابقة نهائيا (الهبوط لدرجة أدنى). كما نصت الفقرة الثالثة على ضرورة حرمان هذا النادي أو الاتحاد من ملعبه لعامين على الأقل في حال حدوث عمل إجرامي يمس كرامة الإنسان عليه (طالع صورة العقوبة على اليسار). وبالعودة إلى بداية المشكلة سنجد أنه بعد أسبوع من الواقعة لجأ اتحاد الكرة إلى حجة لتأجيل قراره أسماها القصاص للشهداء مشيرا إلى انتظاره لقرار النيابة من أجل اتخاذ القرار المناسب في حق المصري بناء على ما تم تمهيده من نظريات المؤامرة. والواقع يقول أن المؤامرة موجودة ولكنها لا تعفي المصري من المسؤولية حتى لو لم تتم إدانة أي مسؤول منه من قبل النيابة، فالمادة (7) من الفصل الأول للوائح الفيفا تتيح عقاب أي مسؤول (اتحاد أو نادي) حدثت مخالفات في مسؤوليته التنظيمية سواء كانت عن عمد أو نتيجة إهمال. وتنص الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه يتوجب على الاتحاد المحلي أو النادي الذي يستضيف المباراة إلغاء المباراة أو المطالبة بنقلها في حال وجد أن هناك خطورة على حياة المتواجدين في الاستاد أو لأسباب تتعلق بالسلامة وهو ما يدين المصري أيضا. (طالع الصورة أعلى المقال) فالمادة 65 من الفصل الثاني تحدد مسؤولية منظم المباراة بالتفصيل وتحمله مسؤوليات سلامة جميع عناصر اللعبة من لاعبين وحكام ومسؤولين وجماهير قبل وبعد المباراة. وهو البند الذي عوقبت مصر بسببه بالحرمان من ملعبها لمباراتين بعد الاعتداء على منتخب الجزائر في المطار رغم أن ذلك تم قبل المباراة وليس في حدود تنظيمهم.
المسؤولية كما تنص الفقرة (أ) من المادة 67 من نفس الفصل والتي تحمل عنوان "المسؤولية عن سلوك الجماهير" على أن النادي أو الاتحاد المستضيف هو المسؤول عن أي تصرف غير لائق من أحد مشجعيه سواء كانت هذه الأفعال تحت سيطرته أو لا، وهو ما يعرضه لمزيدا من العقوبات في حال وجود اخترقات خطيرة لقواعد السلامة. وشرحت المادة (ج) من نفس المادة تلك الانتهاكات موضحة أنها استخدام العنف ضد الجماهير المنافسة أو إلقاء الحجارة أو الألعاب النارية أو الإهانة بهتافات وشعارات مسيئة وصولا إلى اقتحام الجماهير للملعب. الخلاصة: اتحاد الكرة المصري يضلل الرأي العام بإشاعة عدم وجود بند يسمح بهبوط المصري أو عدم مسؤولية إدارة النادي البورسعيدي عن ما جرى بحجة الانفلات الأمني وأخيرا باختراع عقوبة ليست موجودة لخداع الجماهير ثم العودة في القرار بعد رفض الفيفا. اتحاد الكرة والحكومة المصرية اللذان يجب محاسبتهما أيضا على ما جرى في بورسعيد وفقا لقواعد الفيفا نفسها يريدان إنهاء الأزمة بأزمة أكبر ستدخل مصر في دوامات أخرى من الصراعات والمشاكل. طالع لوائح العقوبات بالفيفا بالكامل بالضغط هنا ملحوظة أخيرة: عندما وقعت حادثة هيلسبرو في إنجلترا بمباراة ليفربول ونوتنجام فورست التي راح ضحيتها 96 شخصا نتيجة تدافع جماهير الحمر تم تغيير نظام الاستادات والمدرجات بالكامل لتصبح بدون أسوار تفاديا لتكرار الأمر، ولكن في مصر لا نتعلم من كوارثنا ونريد فقط استكمال النشاط من أجل "السبوبة" دون أي خطوة فعلية للإصلاح على الأرض. للتواصل مع الكاتب عبر تويتر Sherif7assan