بعدما عدت من عزاء أحد أعز أصدقائي حزينا، شاهدت هدف محمد زيدان الثاني مع ماينتس وفوجئت به يضع في فمه "بزازة" احتفالا بهدفه فازداد حزني وشعرت بالغثيان لدقائق. فقد تذكرت على الفور المثل الشعبي "اللي عنده دم.. أحسن من اللي عنده عزبة" والذي يقدر الشخص الذي يشعر بالآخرين ويفضله على من يملك المال دون أن يحس بمن حوله. لم يطلب أحد من زيدان أن يقف يبكي في أرض الملعب عقب تسجيل هدف، لكن كان يجب عليه مراعاة قلوب المصريين المحروقة على شهداءهم، فأغلب رواد الانترنت ومتابعي القنوات الفضائية يعلمون أنك سجلت هدفا في اللحظة نفسها وليس بعد شهر. احتفال مثل هذا قد يفقدك تعاطف البعض، ويدع الفرصة لكل منتقديك لسن سكاكينهم، خاصة عندما يتذكرون تصرفاتك الغريبة طوال مشوارك. أدرك أن فرحة تسجيل هدف هي لحظة انفعال مفاجئة ولا يجب أن نقارنها بالدقيقة الحداد التي وقفها أكبر الفرق الأوروبية خلال الأسبوع الماضي لسابق ترتيبها، ولكن ألا يخطط اللاعب لهذه اللحظة قبل المباراة بعدة سيناريوهات حسب حالته؟ ولا استطيع منعه من إهداء الهدف لإبنه بوضع "البزازة" في فمه، ولكن "مش وقته يعني" فالمباريات المقبلة كثيرة وستكون في ظروف أفضل لاحتفال مثل هذا أو غيره. تخيل لو سجل زيدان هدفه ورفع قميصه لنجد صورة الطفل "انس محيي الدين" كناية عن شهداء مذبحة بورسعيد لكان رد فعل المصريين تغير إلى النقيض، فالشعب المصري شعب "عاطفي" بطبعه. من متابعتي لزيدان عن قرب طوال سنوات احترافه حللت تصرفاته الغريبة بأنه بني آدم "غلبان" يتصرف في كثير من الأحيان على سجيته، ويفرط في البساطة التي يراها البعض "أحد درجات العبط". قد يكون هذا بسبب النقلة الثقافية التي شهدتها حياته، فقد تحول فجأة من شاب مراهق لم يتخط ال16 عاما كل ما يدركه هو شوارع بورسعيد، إلى نجم كرة يتهافت حوله الكثيرون في مصر وأوروبا. فزيدان صرح في اليوم التالي لمأساة بورسعيد أنه مصدوم لما حدث في الملعب الذي شهد أجمل أيام حياته، وعندما سجل أول أهدافه لماينتس بعدها بساعات طار فرحا نحو الجماهير وقبل شعار النادي مما أثار سخط مشجعي كرة القدم في مصر. والمدهش أن إبن بورسعيد خرج بعدها ليؤكد أن ضحايا المذبحة كانوا في قلبه وقت احتفاله بالهدف، وأنه أشار إلى السماء من أجلهم، "هأأو"! يا زيزو.. لسنا ساذجين للدرجة التي جعلتك تتصور أن عقول الشباب المصري قد تصدق كلامك الذي لا يخيل "على العيل الصغير". وأتمنى ألا تخرج بكذبة أخرى لتبرر احتفال البزازة، وتربطه بالأحداث في مصر. وأخيرا.. لن يهمنا لو وضعت "بزازة" أو حتى .... في فمك، ولكن ما نريده هو أن تكون قدر المسؤولية على تصرفاتك مهما كانت "تفاهتها" وألا تحاول تبريرها وتجميلها بشكل مذري يستهبل ذكاء المتلقي. تابعوني على تويتر: http://twitter.com/7elmy7elmy وعلى فيس بوك: www.facebook.com/7elmy7elmy