لم يقتصر دورهم خلال الثورة على "قلناها زمان للمستبد" و"مش ناسيين التحرير" بل امتد ليصل إلى ميدان التحرير مكتسبا صفة الفعالية. يحلوا للبعض تسميتهم بال"جناح العسكري للثورة" ولكنهم يفضلون تسمية "مقاتلو الحرية" ويفتخرون بسخرية من مسمى "بلطجية ميدان". تخطى الأمر بالنسبة للأولتراس "أهلاوي ووايت نايتس" حدود المدرجات خلال الثورة المصرية، رغم إصرارهم على الحفاظ على هويتهم الكروية والابتعاد عن لعبة "السياسة القذرة" على حد تعبيرهم. تمكن FilGoal.com من التواصل مع عضوين بارزين في مجموعتي أولتراس "أهلاوي" و"وايت نايتس" في حوار ثوري بعيدا عن الكرة. الانتقام من الشرطة! الغريب في الأمر أن المجموعتين اللتين طالما تتواجها بندية داخل الملعب جاءت إجابت عضويها واحدة بنسبة تقترب إلى الكمال، كون عقلية الأولتراس تأسست على نبذ الظلم وعشق الكفاح الثوري وقائمة على المطالبة بالحرية والعدالة الإجتماعية. وعن قرار النزول للميدان وكيف تم اتخاذه قال رجل أولتراس أهلاوي "نحن مجموعة مكونة من أفراد، لكل واحد منا حرية اتخاذ القرار والمشاركة من عدمها، ولكننا لا نتخذ قرار النزول لمجموعة، خاصة أننا مجموعة رياضية في المقام الأول ولسنا بحزب سياسي". وهو النسق ذاته الذي سارت عليه تصريحات عضو أولتراس "وايت نايتس" الذي أكد أنه "بطبيعة الحال حينما نلتقى في الميدان نجتمع كأفراد، فنحن أصدقاء قد نتفق أو نختلف في توجهاتنا السياسية ونجتمع فقط في انتماءنا الرياضي". ورغم أن أعضاء التنظيمين يفصلهما صراع محتدم بين جنبات مدرجات المستطيل الأخضر، فانهما عملا في تناغم ميداني نادر رفضا وصفه بأنه يستهدف "الانتقام من الشرطة". ودائما ما تقع الاشتباكات التي تصل لحد الدموية بين أفراد المجموعتين ورجال الشرطة ما ينتج عنه إصابات في الجانبين واعتقال الكثيرين.
واشترك الثنائي في تعليل هذا الرفض بأن أعضاء التنظيمين لا يخططا لأي إجراءات انتقامية مستدركين على لسان عضو أولتراس "وايت نايتس": "لا نسعى للعنف مع الشرطة وأجهزة الأمن، فنحن لسنا ببلطجية". وأكمل عضو أولتراس أهلاوي "العنف في المدرجات ليس أولتراسيا، فما يحدث من اشتباكات مع الأمن مجرد رد فعل لأسلوب عنيف يتم التعامل به معنا". وأتبع رجل الأولتراس الأحمر"إلا أن الجهاز الأمني هو دائما ما يبادر بالهجوم علينا والاعتداء وهو الأمر الذي نقابله بالرد الذي أحيانا ما يكون مشابها للأسلوب الذي يتعاملون به معنا، وهو العنف". وأردف: "حصر أمر نزولنا للميدان في الانتقام من الشرطة غير مقبول ويعد بمثابة التشكيك في وطنيتنا وهدفنا الأساسي من النزول وهو نصرة مصر". وحول نيتهم المستقبلية في التعامل مع الأمن في حال إصلاح جهاز الشرطة كان الرد من رجل أولتراس وايت نايتس"بالطبع سنتعاون معهم بكل ما أوتينا من قوة، فنحن لسنا من هواة إثارة الشغب والاشتباك مع أبناء نفس الوطن، ولكننا فقط نطلب منهم التعامل معنا بآدمية، دون إهانة أو عنف، فكل ما نسعى له هو تشجيع نادينا في المدرجات والتظاهر السلمي في الميدان". جحيم محمد محمود خمسة أيام ساخنة عاشتهم مصر في الفترة من 19 نوفمبر كان شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير هو بطلها الأبرز، اشتباكات دامية بين قوات الأمن والثوار أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء وأنهار من الدماء الطاهرة، وكان الأولتراس حاضرون وبقوة تلك الأحداث يحمون الميدان بحماس شديد وحناجر تزأر بأسم مصر وشماريخ تنشر بلهيبها ضوء الحرية. وحول التنظيم الدقيق للمجموعة في الشارع موقع الأحداث أجاب الأولتراس الأحمر"التنظيم كان سمة سائدة في الميدان ككل، ولم يكن لنا الدور الأبرز فيه، فالمواجهات تحدث في الخطوط الأمامية، فمن كان يشعر بالتعب من الغاز المسيل للدموع أو يصاب من الخراطيش والرصاص المطاطي كان يرجع للخلف للراحة أو العلاج ويحل محله ثائر أخر ليستمر الكفاح". وأضاف مشجع الأبيض"في الخلف على حدود الميدان كانت الفتيات وعدد من الشباب ينتظرون من تلتهب عيناه من الغاز برشاشات الخميرة ومضاد الحموضة لنجدته من التأثير الحارق، فيما كانت الدراجات النارية تنتظر المصابين لتصحبهم للمستشفيات الميدانية، وهو الأمر الذي يعكس تنظيم شديد بطله ثوار مصر بوجه عام بما فيهم الأولتراس". الصغار في المقدمة
وكما لاحظ البعض أن ثوار الخطوط الأمامية وخاصة خلال الأحداث الأخيرة كانوا من الشباب صغار السن لا تتجاوز أعمارهم ال16 أو 17 عاما، وهى الظاهرة التي أكسبت الميدان معارضين كثيرين ليس لما يطمح الشباب لتحقيقه، ولكن على الدماء الشابة التي تسيل. وحول دور الأولتراس في تلك الظاهرة جاءت الإجابة من عضو أولتراس الأبيض "دائما ما نحرص على سلامة أعضائنا وكل من يلتف حولنا خلال الأحداث، نسعى دائما لإبعاد الأعمار الصغيرة عن الخطوط الأمامية ولكن حماس الشباب المصري قد يصعب السيطرة عليه في بعض الأحيان". وأضاف عضو أولتراس وايت نايتس" يلتف حولنا الكثيرين من مختلف الأعمار، وهو الأمر الذي يزيد من مسؤوليتنا ولكننا نتعامل دائما بمبدأ المجد للكيان والكيان في الميدان هو مصر". واستشهد أحد أعضاء الرابطة البيضاء شهاب الله أحمد ذو ال16 عاما إثر تلقيه طلق ناري في صدره خلال أشتباكات "محمد محمود" يوم 21 نوفمبر. أولتراس سياسي! "لا" كلمة خرجت من الأفواه كرد قاطع وحاسم على سؤال حول إمكانية مشاركة الأولتراس في الحياة السياسية. وبرر هذا الرد الفوري مشجع نادي القرن في القارة السمراء ب"قذارة السياسة قد تشوه صورة من يخوض فيها، وهو الأمر الذي لا نريده تماما بعد الصورة الإيجابية التي رسمناها". وكانت بعض الأصوات داخل الميدان قد طرحت فكرة تنظيم شباب الأولتراس لحزب سياسي اعتمادا على شعبيتهم الواسعة وصورتهم الإيجابية في أذهان شريحة كبيرة من المواطنين. وأوضح عضو الرابطة التي تقف دائما خلف وصيف الدوري الممتاز "عقلية الأولتراس ضد الظهور الإعلامي والشهرة، فنحن نعمل في صمت ومستعدين لمواصلة العمل في صمت من أجل مصر والتعاون مع أي مسؤول أو جهة ترغب في هذا". وأتم الثنائي "لن نخوض في السياسة ولن نسعى خلف الشهرة فالمجيد لكيان الدولة وهو ما سنسعى لخدمته دائما دون النظر لأي مصلحة من خلف ذلك".