أضواء لا تعمل بكامل طاقتها، المدرجات جاهزة، أعلام البارسا موجودة كما يريدها المخرج في مكانها، دكة البدلاء تم تلميعها جيداً (حتى لو كانت من الألمونيوم الرخيص)، زوج من الكومبارس ينعزلان عن بقية رفاقهما بالتدخين في الرواق، عامل يشكو من أن قطعة من أرضية الملعب غير مثبتة بشكل جيد (رغم شراء طبقة بلاستيكية جديدة في ظل الميزانية الجديدة). في غرفة خلع الملابس بيب بلاثا يجلس على مقعده أمام المرآة في تركيز شديد، يعلم أنه اليوم الأول لوضع الصلعة الجديدة، يبدو متوتراً قليلاً، يحاول أن ينشغل عن هذا بمراجعة جمل الحوار مع جاره في الغرفة توني ألبا، توني يبدو عليه التوتر في مقعده أيضاً، يحاول أن يصبح جاهزاً لوضع الباروكة الرمادية والأنف المدببة، يحاول أن يتدرب على لهجته البرتغالية بكلمات متقطعة أقرب "للبرطمة"، يتأمل البدلة الجديدة التي سيرتديها اليوم، لا يستطيع أن يمتلك نفسه من الضحك أيضاً عندما يتأمل بيب بلاثا وقد فرغ من وضع "الصلعة" و "البلوفر الجديد". هناك طرق على الباب يكشف لاحقاً عن دخول مساعد المخرج الذي يخبر من في الغرفة أن بيب جوارديولا وجوزيه مورينيو سيبدأن مشهدهما بعد خمس دقائق فقط "مشهد رقصة الفالس"، بلاثا وألبا يهمان بالإنتهاء من الرتوش الأخرة قبل أن يخرجا من الباب المكتوب عليه "فريق عمل كراكوفيا ممنوع الإزعاج". برنامج كراكوفيا يدخل موسمه الرابع هذه الأيام وسط نجاح كبير، فمنذ إستقلاله عن برنامج "بولونيا" (بولندا) الفكاهي المعني بالشأن العام الكتالوني في خريف 2008 وهو يحقق نسبة مشاهدة تصل إلى 34% من مجموع المشاهدين ليلة الإثنين في كاتالونيا على قناة "تي في 3 "، البرنامج الذي بدأ من مجرد إسكتش أسبوعي إلى أهم صوت مصاحب للنشاط الكروي في إسبانيا، مزيج غريب يماثل المزيج الذي يحتويه الإسم (كراكوفيا تجمع بين كلمة كراك التي تعني "النجم الحريف" بين إسم بلدة كراكوفيا البولندية ، والذي يتسق مع تاريخ البرنامج بارتباطه ببرنامج بولونيا). عالم كراكوفيا فيه قدر كبير من الفظاظة، والحدة، القليل من اللباقة وبعض قلة الأدب والكثير من التهريج، جاهزون لتحقيق أغراضهم بأي ثمن، صورة لكيف ترى كاتالونيا نفسها؟ كيف ترى كاتالونيا البارسا؟ ما الذي تمثله لهم مدريد وفريقها الملكي؟ لماذا يحب الناس كرة القدم إلى هذا الحد؟ إنه عالم يحستي فيه الملائكة والشياطين القهوة جنباً إلى جنب في سلام ووئام. إرتباط إنطلاق كراكوفيا في نسخة المستقلة بقدوم بيب جوارديولا إلى منصبه في البارسا هو إرتباط توأمة في المقام الأول، بيب الذي يجسده بيب أخر هو (بيب بلاثا) هو حكيم عالم كراكوفيا، فيلسوفه الأول، هو أستاذ الكليشهات، يبدو كشخصية قادمة من العهد القديم، يكشف ما وراء الغيوم، إنه تصور قريب للغاية مما يصوره أكبر الكتاب المدريدين في مقدمتهم خيسوس ألكايدي، والذي يضع بيب دوماً (ساخراً) في صورة أحد القديسيين، بل إن أخر مقالة له هاجم فيها إزدواجية مؤسسة البارسا بالكامل في شكواهم الموسمية مع موضوع التحكيم أو موضوع قطر فاوندشن. لكن كراكوفيا ومن خلفها مؤسسة تلفزيون كاتالونيا تعلم أن بيب هو فخر الإقليم، هو منتج محلي، هو أناني ولكن هذا في صالح فريقه بل كاتالونيته في المقام الأول، قد يبدو متعجرفا، لديع نزعة دائمة للسيطرة، حتى في المؤتمرات الصحفية، ذلك الحرص الكامل للتواصل حتى بالهيروغيلفية، أو بشفرة موريس. أو في قدرته في التحكم في لاعبيه عن بعد، كما هو الحال مع كارليس بويول، والذي يبدو هنا ذلك الفتى الكتالوني الريفي صاحب العالم الغلق على نفسه. أو بمنعهم من المبالعة في الإحتفال بأي لقب، حتى لو كان لقب دوري أبطال أوروبا فلسفة جوارديولا التي تعتمد في جزء كبير منها على التواضع، وعلى إظهار قدر كبير من الإحترام لخصومه تثير علامات إستفهام كبيرة حول إقتناع بيب نفسه بالصورة التي يحاول تسويقها، بل هناك السؤال الأكبر عن وجود هذه المبادئ أصلاً في عالم كرة القدم من عدمها؟ ما بين إنتهازية الصحفيين، وبين عدمية كرة القدم في قالبها الحديث، متابعة مورينيو أو القذافي هي أمتع من متابعة ما يقوله جوارديولا؟ كما هو حال ذلك المؤتمر الصحفي قبل لقاء البارسا وأرسنال في دوري الأبطال الموسم الماضي (كراكوفيا لا تفوت الفرصة للتخبيط في ريال مدريد كفريق لا ينجز ولا يمتع) فريق بيب هو فريق المهرة، السحرة، في مواجهة أشرار أو حمقى الريال "إحذروا من إستفزازات لاعبي الريال" هذا ما يقوله جوارديولا للاعبيه (قبل نحو خمسة أشهر من شهر الكلاسيكو في أبريل من العام التالي)، إنييستا هو هو نموذج البراءة والقدرات الخارقة، ميسي يسجل دون أن يقصد، حالة الثأر الدائم بين مورينيو والبارسا و العكس. قبل خمسة أشهر من حدوث أول خلاف علني بين جوارديولا وساندرو وسيل رئيس البارسا (بشأن موقفهما من الرئيس السابق لابورتا) كانت الأمور في كراكوفيا على نفس القدر من التوتر، خاصة فيما يتعلق بأمر تجديد عقد المدير الفني الشاب، الاعتقاد السائد في أوساط الكرة الإسبانية أن بيب هو الذي يحكم فعلياً في البارسا، وأن استمرار روسيل مرهون باستمرار فيلسوفه، وهو ما يبدو جلياً في لعبة المفاوضات التي أذاعتها كراكوفيا في أبريل الماضي (الإنتباه لعدد الأقفال على باب منزل جوارديولا) ، بعيداً عن بيب وإرتباط برشلونة بالشأن السياسي أمر لا يغيب عن عالم كراكوفيا، حتى لو تمثل هذا في سؤال بسيط من سيدو كيتا لبويول أثناء صافرات الإستهجان التي أظهرها مشجعو البارسا وفريق أتليتك بلباو الباسكي أثناء عزف السلام الوطني الإسباني، إنه واحد من ضمن أسئلة عديدة لا يعرف أحد لها إجابة في كرة القدم الإسبانية وربما الأوروبية. فريق برشلونة ربما يضم شخصيات متناقضة، متباينة غريبة الأطوار، ولكنها عائلة واحدة، ظريفة خفيفة الدم أثناء إحتفال البارسا السنوي بالكامب نو، ميسي هنا يطرح أكبر مخاوف جمور البارسا على الإطلاق (وهو ما أشار إليه مجدداً في حوارات صحفية هذا الأسبوع). في المقابل، عالم كراكوفيا لا يعترف بإنتماء لاعبي ريال مدريد لعالم للرياضة بأي شكل من الأشكال، هم مجموعة من المهرجين، المدللين، أقرب لعارضي الأزياء أكثر من كونهم لاعبي كرة، يمثلون كل ما يعنيه المال وتمثله الشهرة من شرور، ولس هناك أفضل من كريستيانو رونالدو ليصبح مرمى السهام ممثلاً في برونو أورو (الذي أصبحت لديه شعبية طاغية بين حتى محبي الريال بسبب تجسيده لهذا الدور). في كراكوفيا وقبل تصريحات رونالدو الشهيرة في زغرب بنحو ستة أشهر، كان "كريستيانو" مولعاً بنفسه، حتى في موعده الخاص جداً في أعياد الفالانتين، رونالدو بالنسبة لكراكوفيا هو ريال مدريد، حتى في تصويرهم لشخصية فلورنتينو بيريث هو مجرد شخص جشع محب للمال، ليس لديه فكرة عن كرة القدم. وجود مورينيو هو سبب إضافي لجعل عدد ساعات عمل كتاب كراكوفيا أكثر، فالمدرب البرتغالي عابس الوجه، متذمر، لديه مشاكل عديدة مع نفسه، شعور كامل بالنقص، يلوم الجميع على التحكيم، يلوم كل شيء على الحكام (بما في ذلك فشل علاقته الحميمية بزوجته)، لا يدخر وسعاً لتقديم نصائح لعدو سابق مثل أليكس فرجسون سعياً للفوز عل البارسا في نهائي دوري أبطال أوروبا.
*لا كينييلا: القائمة الأسبوعية الخاصة بالمباريات التي يحق المراهنة على نتائجها في إسبانيا ، القائمة مكونة من 10 مباريات في الليجا ، و5 مباريات من القسم الثاني (لا سيجوندا). ريال مدريد يبدو تحت قيادة مورينيو وكأنه مدرسة إعدادية، شعارها عدم تحمل المسؤولية والمراهقة الكروية في إستعارة من المؤتمر الصحفي الشهير المعروف ب"مؤتمر لماذا؟" هو مجرد رجل غارق في أحلامه، تطمسه تناقضاته، هو رجل تغمره الغيرة من شخص واحد، لديه تعامل واحد مع الصحفيين. حتى برنامج بونتو بيلوتا على قناة إنترإيكونوميا الذي يدعي البعض بأنه يمتلك أجندة مدريدية لم يفلت من كراكوفيا، البرنامج الذي يقدمه الكاتالوني جوسيب بيدرارول هو عبارة عن "مصطبةأسبوعية " يتحدث فيها خبراء الكرة عن تقييمهم لليجا، وهي من وجهة نظر عشاق البارسا هدفها الوحيد الدفاع عن ريال مدريد بأي ثمن، هذه المرة نطق إسم فابريجاس يمثل مشكلة حقيقة لتوماس رونثيرو الصحفي المعروف وأحد أهم المدريدين علناً. كراكوفيا مازال يحقق أفضل نسب المشاهدة من بين البرامج الفكاهية على محطات التلفاز الإسبانية، مازالت حلقات السخرية من صراع الأجيال الذي يشغل بال كرويف ومن حوله موجود، جشع بيريث، الاستقطاب الإعلامي المفتعل بين كبيري اللعبة، مغامرات شاكيرا وبيكيه، كاسياس وسارة كاربونيرو، سطحية جوتي، ولكن الأهم هي التاكيد على الرسالة النهائية "مع حبي ولكن من كاتالونيا فقط". أهداف لا كينييلا هذا الأسبوع 6 - هدف بيدرو ليون في مالاجا (الدوري الإسباني) مر عام بالتمام والكمال من سخرية مورينيو منه في ريال مدريد، بيدرو ليون "يرقع" هذا الصاروخ في مرمى مالاجا مفتتحاً التسجيل في واحدة من أفضل مباريات موسم الليجا، حلاوة الهدف تأخذ بعداً أخر مع حقيقة أن اللمسة الأولى للكرة كادت تفقده إستحواذها. 5- رونالدو في آياكس (دوري أبطال أوروبا) أفضل هدف مدريدي هذا الموسم، ذللك المزيج الرائع بين هجمات دوري الرابطة الأمريكية لكرة السلة في سرعتها، وبين الرجبي في ذلك الإنسجام التام والجماعي بشكل أفقي، التطبيق الحي لمقولة سيزار ميونتي بأن كرة القدم بها ثلاث عناصر أساسية (المساحات، الزمن، المخادعة). 4- إيجور جابيلوندو في باريس سان جيرمان (الدوري الأوروبي) رؤية بلباو وهو يقوم بهذه النوعية من الألعاب كرؤية لاعب جودو يقوم بحركة جمبازية، قدم جابيلوندو المعلقة في الهواء في محاولة للحاق بالكرة تذكر الجميع ولو لوهلة بقاموس يوهان كرويف الخاص. 3- هدف مارتينيز في بلباو (الدوري الإسباني) شابي ألونسو (لاعب سوسيداد السابق) وصف هذا الهدف في حسابه بتويتر بأنه أفضل هدف عرفه ملعب أنويتا في تاريخه، إنها الدقة يا عزيزي من إينييجو مارتينيز. 2- إيرين ديرديوك في فولفسبرج (الدوري الألماني) رقصة خاصة من ديرديوك، يبدو وكأنه يبغي إثبات شيء ما لنفسه، التحكم في كرة ساقطة، يتبعها بمناورة لمدافع خصم، ثم الخلفية المزدوجة أمام أعين حارس مسكين. 1- جوليو بابتيستا في خيتافي (الدوري الإسباني) تلك المباراة المجنونة كان يجب أن تنتهي على هذا النحو ، تلك اللمسة الثانية من روندون هي نصف جمال الهدف ، تلك النظرة إلى بابتيستا ، ذلك الحسم من البرازيلي الوحش في قراره بلعب الكرة على هذا النحو في الدقيقة الأخيرة ، النتيجة واحد من أفضل أهداف الموسم في الليغا إلى حد الآن.