تحدثت في الجزء الأول من المقال عن التحديات التي ستواجه بوب برادلي المدير الفني الجديد للمنتخب المصري والتي تتمثل في عدد من الظروف التي سيصطدم فيها بالنظام المتهالك للكرة المصرية، ولاعبين تعودوا على التدليل، وغيرها من المعوقات. والآن جاء الدور على الجانب المشرق من تولي برادلي لتدريب المنتخب، أزعم أن صاحب ال53 عاما بات يعلم كل صغيرة وكبيرة عن الكرة المصرية، فالمتابع لمشواره سيكتشف بسهولة أنه رجل عملي ولا يعرف التهاون. فالرجل حدد هدفه منذ بداية المفاوضات معه وهو "التأهل لكأس العالم 2014"، وبادر بتقديم خطته لاتحاد الكرة دون أن يطلب منه أحدا ذلك. ما يزيد تفاؤلي هو أن برادلي أكد لدى وصوله القاهرة أنه سيتواجد في مصر بشكل دائم وسيعمل جاهدا على حضور كل مباريات الدوري في الاستاد لكي يشاهد اللاعبين علي الطبيعة من أجل معرفة مستواهم الحقيقي. كما أصر على أنه يهدف إلى زيادة معدلات اللياقة البدنية للاعبين المصريين عن طريق تنفيذ برنامج بدني متكامل خلال الفترة القادمة، ربما نصل لتحقيق أحد أضلاع كرة القدم الحقيقة وهو الأداء القوي بمجهود وفير. سنحت لي فرصة التحدث مع جرانت وال أحد صحفيي جريدة نيويورك تايمز الأمريكية الشهيرة الذي أخبرني بأن برادلي "لديه مؤهلات النجاح مع منتخب مصر فهو يؤدي بشكل جيد في الدورات المجمعة وكذلك مراحل التصفيات المختلفة". وحول قدرة بوب على التكيف مع أجواء الكرة المصرية يرى جرانت أن برادلي "يستطيع الحصول على أفضل النتائج مع المواهب المصرية فكل ما يحتاجه هو السعي للفوز لإرضاء الجماهير، على عكس الكرة الأمريكية التي لا تلقى الاهتمام نفسه من الشعب الأمريكي". ورغم أنني لا أحبذ الاعتماد على الأرقام في توقع ما سيقدمه اللاعب أو المدرب في مكانه الجديد، إلا أنني لابد وأن أذكر أن أرقام برادلي تصب في مصلحته كثيرا قبل بداية المشوار مع الفراعنة. فالمنتخب الأمريكي لعب تحت قيادته 33 مباراة ودية، فاز في 13، وتعادل في 9، وخسر 11 لقاء، فيما تفوق على صعيد المباريات الرسمية، إذ لعب 39 مباراة رسمية، فاز في 27، وتعادل في ثلاثة فقط، وانهزم تسع مرات فقط. يتميز برادلي بقدرته على التقاط المواهب المدفونة، وأبرز الأمثلة هو المهاجم الأمريكي العملاق جوزي ألتيدور الذي استهل مبارياته مع المنتخب الأول حين كان عمره 18 عاما فقط.
الرجل حدد هدفه منذ بداية المفاوضات معه وهو "التأهل لكأس العالم 2014" والفرصة متاحة أمامه في إبراز المواهب الشابة التي يعج بها منتخب مصر الأوليمبي (جزء كبير من منتخب الشباب السابق) وصهرها مع أصحاب الخبرة، أضف إلى ذلك أي لاعب قد يظهر على الساحة في الفترة القادمة. أثناء بحثي عن تصريحاته قلما وجدته يتحدث عن لاعب بعينه وأنه كان السبب في الفوز أو ما شابه ولكنه يتحدث دائما عن فريق جماعي ببدلاءه، "الحصول على قائمة نهائية مكونة من 23 لاعبا نعتمد عليهم هو واحدة من أهم خطوات النجاح، وهذا مهم لكي نبني الفريق". كما أن برادلي يهتم دائما باللاعبين الذين يقدمون مستويات مميزة أكثر من الأسماء اللامعة، فهو لم يتوان في استبعاد النجم لاندون دونافان "أبو تريكة بتاعهم" عندما تهاون رغم أنه أهم لاعبيه على المستويين الفني والمعنوي. ذكرت أنني سأتحدث عن مشواره في الدور الأول لكأس العالم للقارات والذي يحتاج لأن نرفع له القبعة على ما فعله، فبرادلي بعد أن خسر أول مباراتين من البرازيل وإيطاليا، دخل مباراته الثالثة أمام منتخب مصر - الذي أبهر العالم أمام السليساو والأتزوري - وهو يحتاج لأمرين كي يحقق تأهلا مستحيلا لنصف النهائي. أولهما هو الفوز على هذا المنتخب المبهر بثلاثة أهداف دون اهتزاز شباكه بأي هدف، مع انتظار أن تسجل البرازيل المتأهلة قبل المباراة ثلاثة أهداف في مرمى إيطاليا دون قبول أي هدف. الرجل زرع في قلوب لاعبيه أن المستحيل قد يحدث وأن عليهم بذل أقصى مجهود أمام مصر في انتظار أن تلعب الأقدار دورا وتأخذ بيدهم نحو نصف النهائي، وكان له ما أراد حين فشل 22 لاعبا مصريا وإيطاليا في هز شباك المنافس لتنتهي المباراتين بفوز أمريكا على مصر 3-0، وخسارة إيطاليا 3-0. أخيرا.. لا يسعنا سوى التفاؤل بقدرة الرجل على تحقيق ما فشل فيه غيره بالتأهل لكأس العالم بل والوصول لأدوار متقدمة، لما لا ودولة مثل مصر لا تقل على الإطلاق عن غانا التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التأهل لنصف نهائي المونديال لولا يد سواريز. "في أول يوم في التدريب لا نزرع في اللاعبين فكرة أن نكون أفضل قليلا من العام الماضي، ولكننا نزرع فيهم أننا نخطو اليوم أول خطوة نحو الفوز بالبطولات" قالها بوب برادلي ذات يوم. تابعوني على تويتر: http://twitter.com/7elmy7elmy وعلى فيس بوك: www.facebook.com/7elmy7elmy