الصين تدعو لاتخاذ إجراءات ملموسة لدفع حل الدولتين ووقف إطلاق النار بغزة    من هم «بنو معروف» المؤمنون بعودة «الحاكم بأمر الله»؟!    أول رواية كتبها نجيب محفوظ وعمره 16 سنة!    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    انتخابات مجلس الشيوخ.. الآليات والضوابط المنظمة لتصويت المصريين فى الخارج    "الزراعة" تنفيذ 286 ندوة إرشادية والتعامل مع 5300 شكوى للمزارعين    وزارة التموين تنتهى من صرف مقررات شهر يوليو 2025 للبقالين    ميناء سفاجا ركيزة أساسية في الممر التجاري الإقليمي الجديد    عبدالغفار التحول الرقمي ركيزة أساسية لتطوير المنظومة الصحية    وزير الإسكان يُصدر قرارًا بإزالة 89 حالة تعد ومخالفة بناء بمدينة الشروق    قبول دفعة جديدة من الأطباء البشريين الحاصلين على الماجستير والدكتوراه للعمل كضباط مكلفين بالقوات المسلحة    تنسيق الجامعات.. تفاصيل الدراسة ببرنامج الهندسة الإنشائية ب"هندسة حلوان"    إدارة الطوارئ في ولاية هاواي الأمريكية: إغلاق جميع المواني التجارية بسبب تسونامي    محمد السادس: مستعدون لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    تحليل جديد: رسوم ترامب الجمركية سترفع نفقات المصانع الأمريكية بنسبة 4.5%    الخارجية الأمريكية: قمنا بتقييم عواقب العقوبات الجديدة ضد روسيا علينا    33 لاعبا فى معسكر منتخب 20 سنة استعدادا لكأس العالم    لم نؤلف اللائحة.. ثروت سويلم يرد على انتقاد عضو الزمالك    إصابة طفل نتيجة هجوم كلب في مدينة الشيخ زايد    انخفاض تدريجي في الحرارة.. والأرصاد تحذر من شبورة ورياح نشطة    جدول امتحانات الشهادة الإعداية 2025 الدور الثاني في محافظة البحيرة    البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب «جنوب شرق الحمد»    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بإحدى الترع بمركز سوهاج    حفل جماهيري حاشد بالشرقية لدعم مرشح حزب الجبهة بالشرقية    ليلى علوي تعيد ذكريات «حب البنات» بصور نادرة من الكواليس    فقد الوعي بشكل جزئي، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان لطفي لبيب    عزاء شقيق المخرج خالد جلال في الحامدية الشاذلية اليوم    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    قافلة طبية توقع الكشف على 1586 مواطنا في "المستعمرة الشرقية" بالدقهلية (صور)    محافظ الدقهلية:1586 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية المستعمرة الشرقية بلقاس    فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية للقبول بكلية الهندسة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    الخارجية الباكستانية تعلن عن مساعدات إنسانية طارئة لقطاع غزة    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدب المونديال - بين الشمس والظل (2).. من سجن غاندي إلى حرب استقلال الجزائر
نشر في في الجول يوم 06 - 06 - 2018

تعشق كرة القدم وانجرفت نحو مشاهدة المباريات بشراهة مُهملا القراءة ومطالعة الكلمات؛ أو أدمنت القراءة والإطلاع ليل نهار مفوتا على نفسك فرصة الاستمتاع بمشاهدة كرة القدم؟ لا مشكلة.
أدب كرة القدم يفتح جسرا آمنا بين الشاطئين، ويجعل كرة القدم مقروءة، والقراءة ملعوبة بوصفها لواحدة من أكثر الألعاب الجماعية شعبية على مستوى العالم.
FilGoal.com يقدم سلسلة "أدب المونديال"، ويقتبس أبرز الكلمات التي كُتبت عن كرة القدم، وفي هذا الحلقة ضيفنا سيكون كتاب "كرة القدم بين الشمس والظل" من تأليف الكاتب الأوروجوائي إدواردو جاليانو وترجمة صالح علماني.
مُتشبعا بأفكاره اليسارية ورؤيته الحالمة وشغف اللاتينيين بكرة القدم دوٌن جاليانو عن اللعبة بكلمات مبتكرة وأوصاف مبدعة تشرح الكثير والكثير وتضعك في الصورة كما لم يضعك أحدا من قبل. زاوية أخرى من الصورة ستراها كنت قد غفلت عنها.
"كرة القدم بين الشمس والظل" واحد من أشهر أدبيات كرة القدم وفيه يستعرض جاليانو نظرته إلى اللعبة كما لم ينظر أحد إليها، ويستفيض في وضع تصوراته عن الكرة وعناصرها كاللاعب والمدرب والحكم والجماهير والملاعب وغيرها من عوامل مؤثرة.
وكي لا يطول الحديث فقد اقتبسنا لكم بعضا من روايات الكاتب اليساري عن بطولات المونديال المختلفة، والتي استعرض جاليانو فيها تاريخ الكأس الذهبية منذ 1930 وحتى 1994.
_ _
شاهد الجزء الأول.. (بين الشمس والظل (1).. الكرة كراية أمة وقصص عن القوى الخفية)
تاريخ نسخ المونديال كما لم تعرفهما من قبل. يضعك جاليانو في الأجواء كأنك عايشتها.
يستعرض جاليانو قبل كل نسخة من البطولات المختلفة ما يشبه تأريخا لأبرز أحداث العالم في ذلك التوقيت لتتعايش مع مستجدات الأحداث والوقائع قبل كل بطولة كأنك في زمانها.
مونديال 1930
"زلزال يهز جنوب إيطاليا ويدفن ألف وخمسمئة من أبناء نابولي. مارلين ديتريش تمثل الملاك الأزرق، ستالين يستكمل اغتصابه للثورة الروسية، وينتحر الشاعر فالديمير ماياكوفسكي. الإنجليز يزجون الماهاتما غاندي في السجن لأنه كان قد شل الهند بأسرها في مطالبته بالاستقلال والوطن.
وتحت راية الاستقلال نفسها أيضا كان أغوسطو ثيسر ساندينو يستنهض فلاحي نيكاراجوا في بلاد الهند الأخرى، هندنا، وكان جنود المارينز الأمريكيون يحاولون هزيمته بالجوع، وذلك بإشعالهم النار في المحاصيل.
كان هناك في الولايات المتحدة من يرقصون رقصة بوجي وجي المحدثة، ولكن انشراح سنوات عقد العشرينيات المجنونة انهار تحت ضربات أزمة عام 29 الاقتصادية. فبورصة نيويورك كانت قد سقطت سقوطا رأسيا وقلبت في سقوطها الأسعار العالمية وراحت تجر إلى الهاوية عددا من الحكومات الأمريكية اللاتينية.
ففي هوة الأزمة العالمية، أدى انهيار أسعار القصدير إلى سقوط الرئيس هيرناندو سيليس في بوليفيا، ونصب مكانه جنرال، بينما أدى انهيار أسعار اللحم والقمح إلى سقوط الرئيس هيبوليتو يريجوين في الأرجنتين، واستقر في مكانه جنرال آخر. وفي جمهورية الدومينيكان، فتح انهيار أسعار السكر مرحلة طويلة من دكتاتورية الجنرال (أيضا) رافائيل ليونيداس تروخييو الذي دشن سلطته بتعميد عاصمة البلاد ومينائها باسمه.
وفي أوروجواي، سيقع الانقلاب العسكري بعد ثلاث سنوات من ذلك. أما في عام 1930 فلم يكن للبلاد أسماع وأنظار سوى تلك المسلطة على بطولة العالم الأولى بكرة القدم. فانتصارات أوروجواي في الدورتين الأولمبيتين الأخيرتين، في أوروبا، جعلت منها المضيف الذي لا بد منه للبطولة العالمية الأولى.
اثنتا عشرة دولة وصلت إلى ميناء مونتيفيديو. لقد كانت أوروبا كلها مدعوة، ولكن أربعة فرق أوروبية فقط اجتازت المحيط باتجاه هذه الشواطئ الجنوبية. افتتحت اوروجواي بالطبول والصنوج استادا ضخما بني في ثمانية أشهر وأطلق عليه اسم «استاد الذكرى المئوية»، احتفالا بمئوية الدستور الذي رفض قبل قرن من الزمان منح الحقوق المدنية للنساء والأميين والفقراء.
لم تكن المدرجات تتسع لرأس دبوس حين تنافست أوروجواي والأرجنتين في المباراة النهائية. لقد كان الاستاد بحرا من قبعات القش. وكان المصورون كذلك يعتمرون القبعات ويستخدمون آلات تصوير ذات ثلاث قوائم. وحراس المرمى كانوا يضعون قبعات وكان الحكم يتباهى بسروال فضفاض أسود يغطي ركبتيه.
لم تستحق المباراة النهائية لمونديال1930 أكثر من عمود من عشرين سطرا في صحيفة جازيتا ديلو سبورت الإيطالية"
_ _
مونديال 1934
"كان جوني ويسمولر يطلق أولى صرخاته الطرزانية، وظهر في الأسواق أول مزيل اصطناعي للعرق، وأقدمت شرطة لويزيانا على قتل بوني أند كليد بالرصاص. وكانت بوليفيا وباراجواي، أفقر بلدين في أميركا الجنوبية، تنزفان في نزاع على بترول منطقة تشاكو باسم شركتي ستندر أويل وشل.
وساندينو الذي كان قد انتصر على قوات المارينز في نيكاراغوا يسقط صريعا في كمين، ويبدأ حكم سلالة قاتله سوموزا. وينطلق ماو في المسيرة الكبرى للثورة في الريف الصيني. وفي ألمانيا، يجري تنصيب هتلر فوهررا للرايخ الثالث، ويُصدر قانون الدفاع عن العرق الآري الذي يفرض تعقيم خصوبة المرضى الوراثيين والمجرمين، بينما يفتتح موسوليني في إيطاليا بطولة العالم الثانية.
ملصقات البطولة كانت تعرض رسما لهرقل وهو يرفع يده بالتحية الفاشية وعند قدميه كرة. لقد كان مونديال 1934 في روما بالنسبة للدوتشي مناسبة كبرى للدعاية. وقد حضر موسوليني كل المباريات من فوق منصة الشرف، وكان يشمخ بذقنه باتجاه المدرجات الممتلئة بذوي القمصان السوداء، بينما لاعبو الفريق الإيطالي الأحد عشر يهدون إليه انتصاراتهم براحاتهم المبسوطة عاليا.
ولكن الطريق إلى اللقب لم يكن سهلا والمباراة بين إيطاليا وإسبانيا كانت الأقسى في تاريخ المونديالات: فقد استمرت المعركة 210 دقائق وانتهت في اليوم التالي، حين أصبح عددا من اللاعبين خارج المعركة، إما بسبب جراح الحرب أو لأنهم لم يعودوا قادرين على المزيد. وفازت إيطاليا رغم خروج أربعة من لاعبيها، بينما أنهت إسبانيا اللعب وقد نقص فريقها سبعة لاعبين.
وكان بين الإسبان الجرحى أفضل لاعبين: المهاجم لانجارا وحارس المرمى ثامورا الذي كان يُنوم خصومه مغنطيسيا في الملعب. وفي استاد النادي الوطني الفاشي، تنافست إيطاليا على البطولة النهائية ضد تشيكوسلوفاكيا. وفازت في التمديد 21.
وقد ساهم لاعبان أرجنتينيان ُمنحا الجنسية اإليطالية حديثا بدورهما في الفوز: فقد سجل أورسي الهدف الأول بتضليل حارس المرمى، وأمن الأرجنتيني الثاني، جوايتا، تمريرة الهدف الثاني الذي سجله شيافي مقدما كأس العالم لأول مرة بذلك لإيطاليا.
شارك في مونديال 1934 ستة عشر بلدا، اثنا عشر بلدا أوروبي، وثلاثة بلدان أمريكية، وكانت مصر هي الممثل الوحيد لبقية العالم. أما فريق أورجواي، بطل العالم، فقد رفض السفر إلى إيطاليا التي لم تكن قد حضرت المونديال الأول في مونتيفيديو".
_ _
مونديال 1938
"ماكس ثيلر يكتشف اللقاح المضاد للحمى الصفراوية. تولد الصورة الملونة، والت ديزني يقدم بياض الثلج (سنو - وايت)، ايزنشتاين يصور فيلم الكسندر نيفيسكي والنايلون الذي اخترعه حديثا بروفسور من هارفرد، يبدأ بالتحول إلى مظلات جوية وجوارب نسائية.
ينتحر الشاعران الأرجنتينيان ألفونسينا ستوريني وليوبولدو لوجونيس. ويؤمم الثارو كارديناس البترول في المكسيك ويواجه الحصار الاقتصادي ومظاهر غضب القوى الغربية الأخرى. أورسون ويلز يخترع غزوا يقوم به المرتزقة للولايات المتحدة ويبثه عبر الإذاعة ليخيف عديمي الحذر، بينما تطلب ستندر أويل من الولايات المتحدة غزو المكسيك فعليا لمعاقبة مدنس المقدسات كارديناس وقطع دابر النموذج السيء الذي يمثله.
في إيطاليا يجري تحرير بيان حول العرق، وتبدأ الهجمات المعادية للسامية، ألمانيا تحتل النمسا، وينهمك هتلر في اصطياد اليهود والتهام الأراضي. الحكومة الإنجليزية تعلم المواطنين كيفية الوقاية من الغازات السامة وتأمرهم بتخزين الأغذية. فرانكو يحاصر أخر مواقع الجمهورية الإسبانية والفاتيكان يعترف بحكومته.
الشاعر ثيسر باييخو يموت في باريس، وربما تحت رذاذ من المطر، بينما ينشر سارتر الغثيان. وهناك في باريس، حيث يعرض بيكاسو لوحته جيرنيكا مشهرا بزمن العار، يجري افتتاح البطولة العالمية الثالثة بكرة القدم في ظل الحرب المترصدة الآتية. في استاد كولومبس، يشوط رئيس فرنسا ألبير ليبرو ضربة البدء: سدد قدمه نحو الكرة، ولكنه ضرب الأرض.
كانت هذه البطولة، مثل سابقتها، بطولة أوربية. فقد شارك في مونديال 1938 بلدان اثنان من أميركا فقط، وأحد عشر بلدا أوروبيا أما منتخب إندونيسيا التي كانت ما تزال تسمى الهند الهولندية، فقد وصل إلى باريس كممثل وحيد لبقية الكوكب الأرضي.
ضمت ألمانيا إلى فريقها خمسة لاعبين من النمسا التي كانت قد ألحقتها بها للتو. ونزل الفريق الألماني الذي تعزز بهذه الصورة مزدهيا بأنه فريق لا يُهزم، واضعا على صدره الصليب المعقوف وكل رموز السلطة النازية، ولكنه تعثر وسقط أمام الفريق السويسري المتواضع. وقد وقعت هذه الهزيمة الألمانية قبل أيام قليلة من تعرض التفوق الآري لضربة قاسية في نيويورك، حين هزم الملاكم الأسمر جو لويس البطل الجيرماني ماكس شملينج.
جاءت المباراة النهائية التي تنافست فيها إيطاليا ضد المجر. وكان الفوز بالنسبة إلى موسوليني مسألة من مسائل الدولة. ففي اليوم السابق للمباراة تلقى اللاعبون الإيطاليون برقية من روما مؤلفة من ثلاث كلمات: الفوز أو الموت. ولم تكن هناك حاجة للموت، لأن إيطاليا كسبت 4/2.
وفي اليوم التالي ارتدى الفائزون الزي العسكري في المراسم الاحتفالية التي ترأسها الدوتشي. وقد امتدحت صحيفة جازيتا دلو سبورت الإيطالية يومئذ «تفوق الرياضة الفاشية في هذا الفوز العرقي». وقبل ذلك بقليل كانت الصحافة الرسمية الإيطالية قد احتفلت بهزيمة المنتخب البرازيلي: «نحيي فوز إيطاليا الذكية على قوة الزنوج الهمجية»".
_ _
مونديال 1950
"ميلاد التلفزيون الملون، والحاسبات تحقق ألف عملية جمع في الثانية. مارلين مونرو تطل من هوليود. فيلم للويس بونويل، المنسيون، يفرض نفسه في مهرجان كان. نيرودا ينشر النشيد الشامل، وتظهر الطبعة الأولى من رواية الحياة القصيرة لأونيتي، ومن متاهة العزلة لأوكتافيو باث.
ألبيزو كامبوس الذي طالما ناضل من أجل استقلال بويرتوريكو، يُحكم عليه في الولايات المتحدة بالسجن تسعة وسبعين عاما، واش يسلم سلفاتوري جيوليا رجل العصابات الأسطوري في جنوبي إيطاليا، فيخر صريعا برصاص الشرطة. وفي الصين تبدأ حكومة ماو خطواتها الأولى بمنع تعدد الزوجات وبيع الأطفال.
القوات الأمريكية تتدخل بالدم والنار في شبه الجزيرة الكورية، متشحة براية الأمم المتحدة، بينما لاعبو كرة القدم يهبطون في ريو دي جانيرو للتنافس على كأس العالم بعد توقف طويل خلال سنوات الحرب العالمية.
سبعة بلدان أمريكية وستة بلدان أوروبية خارجة من بين أنقاض الحرب، تشارك في البطولة البرازيلية في عام 1950. الفيفا تمنع ألمانيا من اللعب. وبريطانيا تحضر البطولة العالمية لأول مرة. فحتى ذلك الحين لم يكن الإنجليز يصدقون بأن تلك المناوشات تستحق اهتمامهم.
المنتخب الإنكليزي سقط مهزوما أمام الولايات المتحدة، صدق أو لا تصدق، وهدف الفوز الأمريكي لم يكن من صنع الجنرال جورج واشنطن وإنما من صنع هجوم وسط هاييتي وزنجي يدعى الري جايتجنز.
البرازيل وأوروجواي تنافستا على النهائي في ماراكانا. وكان الفريق المضيف يدشن أضخم ملعب في العالم. كانت البرازيل واثقة من الفوز وكانت المباراة النهائية احتفالا واللاعبون البرازيليون الذين حطموا كل الخصوم بأهداف عديدة، تلقوا عشية المباراة ساعات ذهبية كتب على ظهرها: إلى أبطال العالم. وكانت الصفحات الأولى من الصحف قد طبعت مقدما.
أعدت العربة الكرنفالية الضخمة التي ستتقدم مواكب الاحتفال، وكان قد بيع نصف مليون قميص مزينة بشعارات كبيرة تحيي الفوز البرازيلي الذي لا ريب فيه. عندما سجل البرازيلي فرياسا أول هدف، انفجر دوي مئتي ألف صرخة وهزت ألعاب نارية كثيرة جنبات الاستاد الهائل. ولكن شيافينو سجل بعد ذلك هدف التعادل، ثم جاءت رمية عابرة من جيجيا لتسلم البطولة إلى الأورجواي التي أنهت المباراة بالفوز 2/1 .
عندما جاء هدف جيجيا دوى الصمت في استاد ماراكانا، الصمت الأشد دويا في تاريخ كرة القدم، والموسيقي آري باروسو، مؤلف موسيقى أكواريال دو برازيل، الذي كان ينقل المباراة بالإذاعة إلى كل البلاد، قرر التخلي إلى الأبد عن مهنة المعلق في كرة القدم.
بعد صافرة النهاية، حدد المعلقون البرازيليون الهزيمة على أنها أسوأ مأساة في تاريخ البرازيل. وكان جول ريميه يطوف الملعب تائها ً في وهو يحتضن الكأس الذي يحمل اسمه. كان في جيب ريميه الخطاب الذي كان قد كتبه لتكريم البطل البرازيلي.
لقد فرضت الأوروجواي نفسها بصورة نظيفة: فمنتخب السيليستي كان قد اقترف أحد عشر خطأ ومنتخب البرازيل واحدا وعشرين".
_ _
مونديال 1954
"تطلق يد فيلليني السحرية جيلسومينا وزامبانو فينطلقان للتهريج في فيلم الطريق دون تسرع، بينما يتكرس فرانجيو بأقصى سرعة بطلا للعالم في سباق السيارات للمرة الثانية. ويجرب جوناس سالك اللقاح المضاد لشلل الأطفال. وفي المحيط الهادي يجري تفجير أول قنبلة هيدروجينية. وفي فيتنام، يوجه الجنرال جياب ضربة قاضية إلى الجيش الفرنسي في معركة ديان بيان فو الصاعقة. وفي الجزائر، وهي مستعمرة فرنسية أخرى آنذاك، تبدأ حرب الاستقلال.
الجنرال ستروسنير يُختار رئيسا لأوروجواي في منافسة صاخبة ضد لا أحد. وفي البرازيل يشتد حصار العسكريين ورجال الأعمال، السلاح والمال، ضد الرئيس جيتوليو فارجاس الذي يعمد بعد ذلك بقليل إلى تمزيق قلبه برصاصة. طائرات أمريكية تقصف جواتيمالا بمباركة من منظمة الدول الأمريكية.
ويتقدم نحو جواتيمالا جيش مصنوع في الشمال ليغزو ويقتل وينتصر. وبينما كان يُعزف في سويسرا النشيد الوطني لستة عشر بلدا في افتتاح البطولة العالمية الخامسة بكرة القدم، كان المنتصرون في غواتيمالا ينشدون نشيد الولايات المتحدة محتفلين بسقوط الرئيس أربنز ومؤكدين أنه لم يكن هناك شك في أيديولوجيته الماركسية اللينينية، لأنه كان قد تجرأ على الدخول إلى أراضي شركة يونايتد فروت.
في مونديال 1954 شارك أحد عشر فريقا أوروبيا وثلاثة فرق أمريكية، إضافة إلى تركيا وكوريا الجنوبية. وقد دشنت البرازيل القميص الأصفر ذا الياقة الخضراء، نظرا لأن القميص السابق، أبيض اللون، كان شؤما في ماراكانا على البرازيل.
ولكن اللون الكناري الجديد لم يعط مفعوله على الفور: فقد خسرت البرازيل أمام المجر في مباراة عنيفة، ولم تتمكن من الوصول إلى نصف النهائي. وقد تقدم الوفد البرازيلي بشكوى إلى الفيفا ضد الحكم الإنجليزي الذي عمل «على خدمة الشيوعية العالمية ضد الحضارة الغربية والمسيحية».
كانت المجر هي المدلل الأكبر في هذه البطولة. فمنذ أربع سنوات كان فريق بوشكاش، وكوكسيس، وهيديكوتي الساحق ينتقل من انتصار إلى آخر. وقبل البطولة بقليل، كان قد هزم إنجلترا 7/1 .ولكن هذه البطولة على كأس العالم كانت مرهقة. فبعد المواجهة القاسية مع البرازيليين، جرب المجريون قواهم ضد فريق الأوروجواي.
وقد لعبت المجر والأوروجواي حتى الموت، دون رحمة، واستنفد الفريقان كلاهما إلى أن حسم نتيجة المباراة هدفان سجلهما كوكسيس في التمديد. وكانت مباراة النهاية ضد ألمانيا. كانت المجر قد هزمتها في بداية المونديال هزيمة منكرة 8/3، وأصيب في تلك المباراة القائد بوشكاش وخرج من اللعب.
أما في المباراة النهائية، فقد عاد بوشكاش للظهور، وكان يلعب بمشقة، وبساق واحدة فقط، وكان يقود فريقا لامعا ولكنه مستنفد. والمجر التي كانت متقدمة 2/صفر انتهت إلى الخسارة 3/2 وحققت ألمانيا لقبها العالمي الأول. وأحرزت النمسا المكان الثالث. وأوروجواي الرابع".
يُتبع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.