قبل ستة أشهر من الآن ، لو قال أحد المواطنين السوريين لصديقه إن فريق الكرامة سوف يتأهل إلى المباراة النهائية لبطولة دوري أبطال آسيا لوصفه صديقه بالجنون ، بل وربما قام بالاتصال بمستشفى الأمراض العقلية بمدينة دمشق وطلب منهم احتجاز صديقه والكشف على قواه العقلية. فالكرامة قبل انطلاق البطولة لم يكن مؤهلا على الإطلاق للتأهل حتى لدور الثمانية ، وكل الشواهد كانت تدل على ذلك ، فمستوى الكرة السورية يعد أقل كثيرا من مستوى الكرة في باقي الدول الأسيوية سواء الخليجية أو دول شرق آسيا ، وفي البداية دعونا نوضح نظام بطولات الأندية في قارة آسيا حتى تكون الأمور واضحة أمام الجميع نظرا لأنها تختلف قليلا عن نظام بطولات الأندية في قارة أفريقيا. في أفريقيا تقام بطولتين هما دوري أبطال أفريقيا وكأس الكونفيدرالية الأفريقية ، ويشارك في كلا البطولتين أندية من جميع دول القارة من أقوى الدول وحتى أضعفها ، فدولة مثل مصر على سبيل المثال يشارك منها فرق في البطولتين ، ودولة مثل جيبوتي أيضا يشارك منها فرق في البطولتين ، أما الحال في قارة آسيا فمختلف بعض الشيء ، فبطولة دوري الأبطال الأسيوي يشارك بها فرقا من دول المستوى الأول فقط أمثال اليابان والسعودية والصين وكوريا وقطر ولا يشارك بها أي فرق من دول المستوى الثاني ، أما هذه الدول فتشارك فرقها في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي فقط أمثال الاردن ولبنان وسنغافورة وماليزيا وهونج كونج ولا يشارك فيها أي فريق من دول المستوى الأول. وعذرا لهذه المقدمة الطويلة ، ولكنها توضح أن الفرق السورية كانت حتى عامين ماضيين ضمن فرق المستوى الثاني وهي الفرق التي تشارك في كاس الاتحاد الآسيوي فقط ، ولم يكن باستطاعة أي فريق سوري أن يشارك في البطولة الأكبر والأهم وهي بطولة دوري الأبطال الآسيوي ، ولكن في العام قبل الماضي حدثت طفرة في مستوى الأندية السورية عندما تأهل فريقا الوحدة والجيش السوريين معا إلى المباراة النهائية لكأس الاتحاد ، ووقتها قرر الاتحاد الآسيوي تصعيد الفرق السورية ضمن فرق المستوى الأول والسماح لها بالمشاركة في بطولة دوري أبطال آسيا بداية من الموسم الماضي. في الموسم الماضي كانت أول مشاركة للفرق السورية في دوري أبطال آسيا ، وكانت مشاركة متواضعة للغاية ، حيث شارك فريقا الوحدة والجيش ، وودعا البطولة من دورها الأول بعدما احتلا المركز الرابع والأخير كل في مجموعته ، ولم يحقق الجيش سوى فوز وحيد وتعادل وحيد مقابل أربع هزائم ، بينما ودع الوحدة البطولة بست هزائم في جميع مبارياته. اما هذا الموسم فكانت المشاركة الثانية للكرة السورية في البطولة ، وشارك فريقا الاتحاد والكرامة ، وودع الاتحاد البطولة مبكرا من دورها الأول بعدما احتل المركز الثالث في مجموعته ، أما الكرامة فحقق ما يشبه المعجزة التي لم يكن يتوقعها أشد المتفائلين في سوريا.
وأطاح بالقادسية أيضا فالقرعة وضعت الكرامة في أصعب مجموعات البطولة مع فرق عتيدة هي الوحدة الإماراتي والغرافة القطري وصابا باتري الإيراني ، وجميع هذه الفرق تتفوق على الكرامة بالاسم والتاريخ والمستوى الفني أيضا ، وتوقع الجميع أن يكون الكرامة هو بوابة العبور للفرق الثلاثة إلى الدور الثاني ، وأن يكون هو "حصالة" المجموعة ، ولكن الكرامة خاض مشوار البطولة بقوة وحماس وبدأ في تفجير المفاجأت الواحدة تلو الأخرى. في البداية التقى الكرامة على ملعبه مع الوحدة ، وانتهى الشوط الأول بتقدم الوحدة 1-0 ، إلا أن الكرامة نجح في تحويل تأخره إلى فوز ثمين 2-1 في الشوط الثاني ، ونجح في تسجيل هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة ، وفي المباراة الثانية التقى الكرامة خارج ملعبه مع صابا باتري ، والغريب أن نفس سيناريو المباراة الأولى تكرر ، حيث تقدم صابا باتري بهدف في الشوط الأول ونجح الكرامة في تحويل النتيجة إلى فوز 2-1 في الشوط الثاني وأيضا سجل هدف الفوز في الوقت بدل الضائع من المباراة. في الجولة الثالثة التقى الكرامة خارج ملعبه مع الغرافة ، وخرج من هذه المباراة بهزيمة ثقيلة بأربعة أهداف نظيفة ، وظن الجميع أن الخسارة الكبيرة ستؤثر على معنويات لاعبيه وأنهم سيفقدون الأمل في التأهل ، ولكنهم أثبتوا عكس ذلك في لقاء الإياب مع الغرافة في الجولة الرابعة وعاودوا هوايتهم في تحويل تأخرهم بهدف إلى فوز ولكن هذه المرة بثلاثة أهداف. وفي الجولة الخامسة تلقى الكرامة هزيمته الثانية في المجموعة من الوحدة بنتيجة 4-2 ، وجاء لقائه الحاسم في الجولة الاخيرة مع صابا باتري الذي كان يكفيه التعادل لضمان التأهل إلى دور الثمانية ، ولكن الكرامة نجح في تحقيق المفاجأة وفاز بهدف نظيف ليتأهل لدور الثمانية عن جدارة واستحقاق على حساب ثلاثة فرق عريقة في كبرى مفاجأت البطولة. بعد ذلك لم تكن القرعة رحيمة بالكرامة