تتأثر كرة القدم شأنها شأن باقي أمور الحياة بالجوانب المالية. يركض الجميع وراء حلم الثراء وهو حق مشروع بالطبع. لاعبون وإداريون ومدربون يسعون لتأمين مستقبلهم بتوقيع عقود تدر عائد مادي كبير. في حالة المدربين يمكنك تحقيق ذلك بربح بطولات تثقل سيرتك الذاتية أو بتولي تدريب فريق مالكه ذو شأن كبير في عالم الاستثمار أو البترول أو ببساطة أن تكون رافاييل بينيتث. منذ عام 2010 حتى الأيام الأولى من عام 2016 درب الإسباني خمسة فرق في ثلاثة دوريات مختلفة وأقيل من تدريب ثلاثة منها. يحدث هذا للكثير من المدربين لكن القصة لا تنتهي هنا. في عام 2010 كان بينيتث مدربا لليفربول. النادي الذي يتولى قيادته منذ عام 2004 لكنه أقيل من منصبه في نهاية الموسم، تحديدا يوم الثالث من يونيو 2010 لسوء النتائج بعد احتلال ليفربول للمركز السابع وفشله في الوصول لدوري أبطال أوروبا كما فشل الفريق في تحقيق أي بطولة منذ الفوز بدوري أبطال أوروبا عام 2005 وفقدان ثقة جماهير الفريق وإدارته. حصل بينيتث على مبلغ يقدر ب5 مليون جنيه إسترليني بعد فسخ عقده بالتراضي مع ليفربول كتعويض عن المدة المتبقية من تعاقده. ثم تولى الإسباني تدريب إنتر ميلان الإيطالي خلفا لموسم تاريخي حقق الفريق فيه ثلاثية أسطورية مع الرجل الاستثنائي جوزيه مورينيو. وبدأ بينيتث مهمته مع النيراتزوري في السابع من يونيو أي بعد إقالته من تدريب ليفربول بأربعة أيام فقط! لم تستمر رحلة بينيتيث مع إنتر سوى 25 مباراة. وبالرغم من تحقيقه لبطولتي كأس العالم للأندية والسوبر الإيطالي إلا أن ماسيمو موراتي رئيس بطل أوروبا وقتها قرر إقالته بعد مرور ستة أشهر فقط على توليه منصب المدير الفني للفريق تحديدا يوم الثالث والعشرون من ديسمبر لعام 2010 لتوتر علاقته مع لاعبي الفريق وسوء النتائج التي أدت لفقدان إنتر للقب الدوري الذي حققه لخمسة أعوام على التوالي للغريم إيه سي ميلان. حصل بينيتيث على مبلغ يقدر ب3 مليون جنيه إسترليني كتعويض بعد إقالته من تدريب إنتر. توقف رافا عن التدريب لمدة سنتين تقريبا قبل أن يعود لتدريب تشيلسي منتصف موسم 2012/2013 خلفا للإيطالي روبيرتو دي ماتيو. وقاد بينيتيث الفريق الإنجليزي وبطل أوروبا وقتها أيضا للفوز ببطولة الدوري الأوروبي وتحقيق المركز الثالث في الدوري. لكنه لم يستمر سوى ستة أشهر بسبب سوء علاقته مع جمهور الفريق الإنجليزي الذي لم يتقبله أبدا بسبب تصريحاته المسيئة وقتما كان على رأس الجاهز الفني لليفربول. تولى بعدها الإسباني تدريب نابولي وقاده لمدة سنتين وحقق كلا من كأس إيطاليا وكأس السوبر الإيطالي مرة ووصل لدوري أبطال أوروبا مرة قبل أن يفشل في الوصول لنسخة هذا العام بعد خسارته من لاتسيو في المباراة الأخيرة للموسم المنقضي ليحتل المركز الرابع. وبالرغم من أن فترة بينيتث مع نابولي كانت ناجحة نسبيا إلا أنه رحل بانتهاء عقده بعد أن تلقى عرضا لتدريب ريال مدريد. في النهاية من الصعب أن ترفض عرضا من العملاق الإسباني. كان ريال مدريد قدد توج أخيرا بالنجمة العاشرة بعدما حقق بطولة أوروبا موسم 2013/2014 لكن ذلك لم يشفع للإيطالي أنشيلوتي بعدما خرج خالي الوفاض في الموسم التالي. وبدأ عهد بينيتث مع ريال مدريد بعدما اختاره فلورنتينو بيريز مدربا للملكي الأبيض. وفي سيناريو اعتاد بينيتث عليه أقيل بعد ستة أشهر من توليه قيادة ريال مدريد (1 يوليو 2015 – 4 يناير 2016) بعد خسارته للكلاسيكو برباعية دون رد وخروج الفريق من كأس إسبانيا –وإن كان السبب خطأ إداريا- واحتلال الفريق للمركز الثالث في ترتيب الليجا الإسبانية بعد برشلونة وأتليتكو مدريد. كما سخرت منه جماهير الفريق الإعلام الإسباني ووصفوه ب"السمين" نظرا لزيادة وزنه الملحوظة وانتشرت تقارير تفيد أن رئيس الفريق الملكي فلورنتينو بيريز طلب منه القيام بحمية لإنقاص وزنه. وكانت إدارة مدريد قد جددت الثقة في رافا بعد خسارة الكلاسيكو لكن بعد اجتماع لمجلس الإدارة نهاية ديسمبر تم سحب الثقة من بينيتث وتقرر الاستغناء عنه بعد 25 مباراة فقط بعدما فقد السيطرة على غرفة الملابس وخرجت أخبار عن عدم ارتياح كريستيانو رونالدو لطريقة اللعب كما حدثت خلافات بينه وبين جيمس رودريجيز الذي اشتكى من جلوسه احتياطيا وإيسكو الذي تم إيقافه بعدما شوهد مبتسما بعد هدف تلقاه ريال مدريد في مباراة رايو فاليكانو. وتشير التقارير الصادرة من إسبانيا أن بينيتث سيحصل على ما يقدر ب7 ملايين جنيه إسترليني بعد فسخ عقده مع مدريد. وبحساب ما حصل عليه بينيتث جراء إقالاته في السنوات الخمس الأخيرة نجد أن المجموع هو 15 مليون جنيه إسترليني أي ما يعادل 20 مليون يورو! وهو تقريبا ثلاثة أضعاف ما حصل عليه مع نابولي خلال سنتين بعدما كان مرتبه السنوي 3.5 مليون يورو! وصرح بينيتث بعد إقصاؤه من تدريب ريال مدريد برغبته في العودة للتدريب في إنجلترا مجددا خصوصا في ظل حركة تغيير المدربين المنتظر حدوثها في الصيف في أندية مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي ولما لا تشيلسي مجددا. ربما كان بينيتث ذكيا كفاية ليحصد دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي ويقود فالنسيا في سنوات مجده، وربما أصبح أكثر ذكاء بتقدم العمر وأصابه الكسل ففضل أن يحصل على أمواله بدون أن يبذل الكثير من الجهد معتمدا على التعويضات التي يحصل عليها. في كل الأحوال الجميع ينتظر مغامرة رافا الجديدة في إنجلترا أو في حالته الاستثنائية "إقالته الجديدة".