الاحتفالية التي أقامها نادي فلنسبورج الألماني منذ أيام لوداع أحمد الأحمر مع انتهاء فترة إعارته لصفوف الفريق لم تكن في مخيلة اللاعب وهو يطرق عامه ال13. فهو إن كان سطع وتألق في عمره ال12، لكن ببلوغه عامه ال13 واجهته مشاكل جديدة. ففي قوانين اللعبة، يلعب ناشئو كرة اليد في البداية على ملاعب صغيرة الحجم، على أربعة أشواط لكل مباراة، كل شوطين يلعب فيها خمسة لاعبين (أربعة لاعبين وحارس مرمى) مختلفين عن الشوطين الآخرين. تتغير قواعد اللعب وكمية اللاعبين المشاركين مع وصول اللاعبين لعمر 13 عاما، إذ ينتقلوا إلى الملعب والمرمى الأكبر حجما الذي يلعب فيه الكبار. وتتحول تشكيلة الفريق إلى سبعة لاعبين فقط (ستة لاعبين وحارس مرمى) في التشكيلة الاساسية وينتقل بعض المتألقين في سن صغيرة إلي مقاعد البدلاء. ومع انتقال اللعبة لملعب جديد، تتغير متطلباتها، وكحال كل الفرق يتحول كثيرون لمقاعد البدلاء حينما لا تتوافر فيهم المواصفات التي تخدم المتطلبات الجديدة، وهو ما حدث مع الأحمر، الذي لم يرث بنية والده الضخمة التي كفلت له في ملاعب كرة اليد لقب "البلدوزر". ويروي الفتى الذهبي لكرة اليد المصرية: "مع وصولي لسن 13 عاما، وانتقال الفريق للملعب الأكبر الذي له متطلباته الذي يتطلب لاعبين أطول واكبر حجما مما كنت عليه وقتها لم أعد حتى قادرا على الوصول للمرمى، وهو ما دفع المدربين للاستعانة بي في مركز الجناح الأيمن في طرف الملعب لفترات طويلة". "ومع بلوغي عامي ال16، بدأت تنفيذ فكرة تصعيد الناشئين للمشاركة مع المراحل العمرية الأكبر سنا، للاستفادة منهم واكسابهم الخبرات". "هذا ما أعادني لأول فريق لعب له قبل تكوين فريقه." "فرغم بنياني الضعيف وقتها تم تصعيدي للفريق الأكبر سنا لأشارك معهم في بطولة الجمهورية، وحينها كان الاتحاد قد بدأ تشكيل منتخب للجيل الأكبر مني بقيادة الكابتن حاتم نجاح". "حينما شاركت مع الفريق الأكبر في بطولة الجمهورية، وساهمت مع فريقي في الصعود للنهائيات، طلبني مدرب المنتخب للانضمام للفريق، كان يحملني مسؤوليات كبيرة رغم أنني كنت من أصغر المنضمين للمعسكر". شعرت بالاستنزاف "كنت أشارك في أكثر من مران يوميا، وأصبحت أجد صعوبة كبرى في تحصيل دروسي، خاصة حينما انضممت للمنتخب، فمران المنتخب كان قويا وصعبا على الفريق بأكمله، وعلى بصورة خاصة لأنني لم أكن بالقوة الجسدية التي يملكها من هم أكبر مني فاستنزف قواي بصورة كبيرة". "أصبحت أحتاج فترات أطول للتعافي من الارهاق، ولم أعد قادرا على بذل أي مجهود إضافي وهو ما ظهر تأثيره على تحصيلي الدراسي". "لم أعد حتى قادرا على حضور دروسي، وكنت وقتها في الثانوية العامة، وبدأ مستواي الدراسي في الهبوط، وبالكاد أهلني مجموعي لدخول كلية التربية الرياضية، لكني لم أكن أبالي كثيرا – كحال الكثيرين- خاصة حينما شاركت مع المنتخب للمرة الأولى في البطولة العربية للشباب عام 2000 في سوريا". "كان المدرب متخوفا بشدة من الاعتماد على رغم ضمي للفريق خوفا من عدم قدرتي على منافسة الكبار رغم اعترافه بقدراتي الجيدة". -- استمر هذا الوضع قائما لعامين، يشارك الأحمر بصورة أساسية مع فريقه "الناشئين"، والفريق الأكبر "الشباب"، وعلى استحياء مع منتخب الشباب، حتى رحل حاتم نجاح عن قيادة الفريق وتولى عماد إبراهيم قيادة المنتخب بصورة مؤقته حتى إسناد مهمة الفريق لمدير فني أجنبي استعدادا لخوض الفريق بطولة إفريقيا للشباب في بنين عام 2002. - ويروي الأحمر "سافرنا مع كابتن عماد إلى سويسرا للمشاركة في إحدى البطولات الدولية في 2001، في تلك البطولة بدأ الاعتماد عليّ وثقتي في نفسي تتصاعد، خاصة مع اندماجي مع الفريق الذي ظللت بين صفوفه لفترة طويلة، وبدأت في المشاركة ما بين مركزي الجناح والظهير الأيمن، وقدمت بطولة جيدة إلى حد كبير". "عقب العودة من بطولة سويسرا فوجئت بمكالمة هاتفية من كابتن عماد يطالبني بالحضور فورا لمعسكر المنتخب، لأقابل المدير الفني الدنماركي الجديد لمنتخب الشباب وقتها كيرت نيلسون الذي اختاره اتحاد اليد خلفا لحاتم نجاح ليقود الفريق في البطولة الإفريقية". "ما علمته بعد ذلك، أن نيلسون، قابل فور توليه قيادة الفريق معظم أعضاءه، وبعد تقديمه للاعبين لم يجدني فسأل عن اللاعب ذو القميص رقم 5 وهو رقم قميصي وقتها مع منتخب الشباب، فهو حسبما علمت كان يتابع مباريات دورة سويسرا الودية فطلب مقابلتي، فطلبني عماد للحضور مباشرة". مالاريا! "اجتمعت بنيلسون وشعرت باهتمام كبير من جانبه رغم أني كنت مازلت من أصغر عناصر الفريق، واشعرني بمسؤولية كبيرة وزاد من اعتماده علي، كنت في هذا الوقت الي جانب محمود كرم لاعب الاهلي وكريم بدر لاعب الطيران في مركزي الجناح والظهير الأيمن في الفريق". "وبالفعل، شاركت مع الفريق في بطولة إفريقيا، ومع المباراة قبل الأخيرة أمام الجزائر بدأت اشعر بأعراض المرض" "اكتشفوا إصابتي بالملاريا قبل المباراة النهائية بيومين، حاول طبيب الفريق مداواتي بكافة الطرق، وبالفعل شاركت قدر المستطاع في المباراة الأخيرة، ورغم الخسارة أمام تونس، حينما عدت إلى القاهرة شعرت بأن مجهودي لم يذهب سدى". |فور عودتي قابلوني بقرار المدير الفني للمنتخب الأول وقتها محمد الألفي بتصعيدي للمشاركة مع الفريق في مباراة ودية أمام المنتخب الفرنسي أقيمت بمناسبة العيد القومي لمحافظة ليون ولم أكن وقتها تجاوزت عامي ال18، حيث سجلت ظهوري الأول مع الكبار". -- ثورة حسن مصطفى! في 2001 سجل المنتخب المصري ظهورا تاريخيا له وللمنتخبات العربية بحصوله على المركز الرابع في بطولة العالم للكبار، تلك البطولة التي وضعت كرة اليد المصرية على الخريطة العالمية، ووضعت اللعبة على خريطة اهتمامات الجماهير المصرية ورفعت من آماله بالنسبة للعبة، وهو ما جعل ما حدث في 2003 مفاجئا للغاية. المنتخب المصري الأول شارك في بطولة العالم التالية في 2003 في البرتغال، وحصد المركز ال15 وهو ما دفع حسن مصطفى رئيس الاتحاد المصري والدولي للعبة لإقالة اليوغسلافيزورانزيفكوفيتش واستبداله بالألماني أوفي لوميل، ووضع آمالا كبيرة على إحلال وتجديد الفريق الأول مستعينا بمنتخب الشباب. خطط مصطفى للشباب لم تستمر طويل، خاصة حينما شارك منتخب في كأس العالم للشباب التي استضافتها البرازيل في العام ذاته واستقر في المركز العاشر، وهو ما زاد من غضب حسن مصطفى واعتبرها فضيحة مدوية لكرة اليد. -- ويروي الأحمر كواليس بطولة الشباب في البرازيل التي زادت من سخط مصطفى في هذا العام. "المدير الفني دنماركي، يفضل اللعب بطريقة 6-0 وهي الطريقة التي تدربنا عليها طوال فترات الإعداد، حينما بدأنا المشاركات في البطولة، لم تنجح الطريقة وقدمنا مباريات غاية في السوء أمام منتخبات متواضعة، وهو ما دفع المدير الفني لتعديل طريقة اللعب". "تعديل الطريقة في وسط البطولة زاد الأمر سوء". "أصبحنا نلعب بطريقة لم نتدرب عليها جيدا، ولم نخطط للعب لها طوال فترات الاعداد، فقدنا التناغم وبدأنا في الانهيار، المركز المتدني ما زاد من حنق حسن مصطفى وأقال نيلسون فور العودة من البرتغال، وخضع بعض اللاعبين للتحقيق لعدم التزامهم في المعسكر، وتم إيقاف البعض لأجل غير مسمى ولكن مع عودتي إلى مصر كانت في انتظاري مفاجأة جديدة".